التضخم المصري لأعلى مستوى في 5 سنوات... و«النقد الدولي» يتوقع تراجعه بعد عامين

بلغ 21.3 % بضغط من تخفيض الجنيه وارتفاع الأسعار

مصريون يشترون فاكهة في أحد أسواق القاهرة (إ.ب.أ)
مصريون يشترون فاكهة في أحد أسواق القاهرة (إ.ب.أ)
TT

التضخم المصري لأعلى مستوى في 5 سنوات... و«النقد الدولي» يتوقع تراجعه بعد عامين

مصريون يشترون فاكهة في أحد أسواق القاهرة (إ.ب.أ)
مصريون يشترون فاكهة في أحد أسواق القاهرة (إ.ب.أ)

في الوقت الذي استبعد فيه صندوق النقد الدولي انحسار موجة التضخم في مصر قبل عامين من الآن، أظهرت بيانات صادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر، أمس، أن تضخم أسعار المستهلكين في المدن ارتفع إلى 21.3 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) على أساس سنوي، مقابل 18.7 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني)، وهو ما يفوق توقعات المحللين.
ومعدل التضخم في ديسمبر هو الأعلى منذ ديسمبر 2017 عندما بلغ 21.9 في المائة. ويأتي ارتفاع التضخم بعد خفض قيمة العملة المحلية في أكتوبر (تشرين الأول)، ووسط قيود مستمرة على الواردات.
واستبعد صندوق النقد الدولي، أمس، انحسار موجة التضخم في مصر قبل عامين من الآن، متوقعاً تراجع التضخم إلى 7 في المائة في العام المالي 2024- 2025، حسب إيفانا هولر، رئيسة بعثة صندوق النقد الدولي إلى مصر، خلال مؤتمر صحافي افتراضي.
وقدرت إيفانا الفجوة التمويلية في مصر بنحو 17 مليار دولار، على مدار السنوات الأربع المقبلة. وأمام أزمة الدولار في مصر، وجهت الحكومة وزاراتها لخفض الإنفاق غير الضروري، حتى نهاية السنة المالية بنهاية يونيو (حزيران) المقبل، في الوقت الذي تحاول فيه مجابهة التضخم المرتفع، والضغوط المستمرة على عملتها.
وتضمن القرار الذي يحمل تاريخ الرابع من يناير (كانون الثاني)، ونشرته الجريدة الرسمية هذا الأسبوع، تأجيل أي مشروعات قومية جديدة لم يتم البدء فيها «ولها مكون دولاري واضح»، إلى جانب إلزام الجهات الحكومية بالحصول على موافقة وزارة المالية «بالترخيص بالصرف بالمكون الأجنبي، على أي من أوجه الصرف».
ولا تسري أحكام القرار على وزارات الصحة والداخلية والدفاع وديوان عام وزارة الخارجية، ولا على الجهات القائمة على تدبير السلع التموينية والمواد البترولية والغاز. وتشمل ضوابط الترشيد كافة أعمال السفر للخارج، إلا للضرورة القصوى، وبموافقة رئيس الوزراء. وتتضمن الأنشطة المصنفة على أنها احتياجات لا تحمل طابع الضرورة: أنشطة التسويق والمؤتمرات، إضافة إلى المنح وتدريب الموظفين. ولم يوضح القرار مقدار الأموال التي يمكن توفيرها. تأتي الخطوة في وقت لا تزال مصر تعاني فيه نقصاً في العملة الأجنبية، على الرغم من السماح بتعويم الجنيه.
وتنفق مصر منذ سنوات إنفاقاً كبيراً على مشروعات عملاقة للبنية التحتية، تتضمن إنشاء عاصمة جديدة شرق القاهرة، وتوسيع شبكة الطرق، مما ساعد في الحفاظ على النشاط الاقتصادي خلال جائحة «كورونا»؛ لكنه أثار انتقادات.
ومع تعرض مصر لضغوط مالية في أوائل عام 2022، فرض البنك المركزي قيوداً على تمويل الواردات، مما تسبب في تكدس كبير للبضائع في المواني.
وكان إلغاء هذه القيود من بين الطلبات الأساسية لصندوق النقد الدولي، من أجل إقرار حزمة دعم مالي مدتها 46 شهراً، تمت الموافقة عليها في ديسمبر. كما تضمنت طلبات الصندوق إيجاد مرونة أكبر في سعر الصرف.
وبينما خفض صندوق النقد الدولي توقعاته لنمو الاقتصاد المصري إلى 4 في المائة في العام المالي الجاري، بدلاً من توقعاته السابقة في أكتوبر الماضي المقدرة بـ4.4 في المائة؛ توقع البنك الدولي في تقريره الذي صدر أمس بعنوان: «الآفاق الاقتصادية العالمية»، أن «يتباطأ النمو في مصر إلى 4.5 في المائة في السنة المالية 2022/ 2023 (يوليو «تموز» 2022- يونيو 2023) على الرغم من استمرار الاستفادة من الإصلاحات السابقة، إذ يؤدي ارتفاع معدل التضخم إلى تآكل الأجور الحقيقية، مما يؤثر على الاستهلاك المحلي».
وأضاف البنك الدولي: «من المرجح أيضاً أن يؤدي تراجع معدلات نمو الطلب الخارجي إلى الحد من أنشطة قطاعي الصناعة التحويلية والسياحة. ومن المتوقع أيضاً أن يؤدي تشديد سياسات المالية العامة والسياسات النقدية، بهدف كبح جماح التضخم المرتفع، والعجز الضخم في الحساب الجاري، إلى تقييد النمو بصورة أكبر».
وأظهر تقرير لخبراء صندوق النقد الدولي، صدر أمس، أنه بموجب خطاب نيات التزمت به مصر قبل الموافقة على قرض الصندوق الأخير البالغ 3 مليارات دولار، فإن الحكومة ستسمح لأسعار معظم منتجات الوقود بالارتفاع، حتى تتماشى مع آلية مؤشر الوقود في البلاد، لتعويض التباطؤ في مثل هذه الزيادات خلال السنة المالية الماضية.
وسيقدم صندوق النقد الدولي لمصر نحو 700 مليون دولار، في السنة المالية التي تنتهي في يونيو المقبل.
وذكر الخطاب أن البنك الدولي سيغطي 1.1 مليار دولار من فجوة التمويل المتبقية لهذا العام البالغة 5.04 مليار دولار، والبنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية 400 مليون دولار، والبنك الأفريقي للتنمية 300 مليون دولار، وصندوق النقد العربي 300 مليون دولار، وبنك التنمية الصيني مليار دولار، بينما ستغطي مبيعات الأصول العامة ملياري دولار.
وقالت مصر إنها حصلت على تأكيدات بأن ودائع من دول الخليج في البنك المركزي المصري بقيمة 28 مليار دولار، لن تستحق قبل سبتمبر (أيلول) 2026، ولن تُستخدم لشراء أسهم أو ديون.


مقالات ذات صلة

تقرير أممي يحذّر من تضخم الدين العام في المنطقة العربية

الاقتصاد أبراج وشركات وبنوك على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

تقرير أممي يحذّر من تضخم الدين العام في المنطقة العربية

حذّر تقرير أممي من زيادة نسبة خدمة الدين الخارجي في البلدان العربية، بعد أن تضخّم الدين العام المستحق من عام 2010 إلى 2023، بمقدار 880 مليار دولار في المنطقة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الاقتصاد مقر البنك المركزي المصري بالعاصمة الإدارية الجديدة (رويترز)

تحويلات المصريين بالخارج زادت بأكثر من 100 % في سبتمبر

أظهرت بيانات البنك المركزي المصري، اليوم الاثنين، أن تحويلات المصريين بالخارج ارتفعت لأكثر من مثليها على أساس سنوي في سبتمبر (أيلول) الماضي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد وزير البترول المصري كريم بدوي خلال حديثه في مؤتمر مؤسسة «إيجيبت أويل آند غاز» (وزارة البترول المصرية)

مصر: أعمال البحث عن الغاز الطبيعي بالبحر المتوسط «مبشرة للغاية»

قال وزير البترول المصري كريم بدوي إن أعمال البحث والاستكشاف للغاز الطبيعي في البحر المتوسط مع الشركات العالمية «مبشرة للغاية».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد ناقلة غاز طبيعي مسال تمر بجانب قوارب صغيرة (رويترز)

مصر تُجري محادثات لإبرام اتفاقيات طويلة الأجل لاستيراد الغاز المسال

تجري مصر محادثات مع شركات أميركية وأجنبية أخرى لشراء كميات من الغاز الطبيعي المسال عبر اتفاقيات طويلة الأجل، في تحول من الاعتماد على السوق الفورية الأكثر تكلفة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد سيدة تتسوق في إحدى أسواق القاهرة (رويترز)

«المركزي المصري» يجتمع الخميس والتضخم أمامه وخفض الفائدة الأميركية خلفه

بينما خفض الفيدرالي الأميركي أسعار الفائدة للمرة الثانية على التوالي يدخل البنك المركزي المصري اجتماعه قبل الأخير في العام الحالي والأنظار تتجه نحو التضخم

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

وزير المالية السعودي: ميزانية العام 2025 تستهدف مواصلة التوسع في الإنفاق الاستراتيجي

وزير المالية السعودي في مؤتمره الصحافي (الشرق الأوسط)
وزير المالية السعودي في مؤتمره الصحافي (الشرق الأوسط)
TT

وزير المالية السعودي: ميزانية العام 2025 تستهدف مواصلة التوسع في الإنفاق الاستراتيجي

وزير المالية السعودي في مؤتمره الصحافي (الشرق الأوسط)
وزير المالية السعودي في مؤتمره الصحافي (الشرق الأوسط)

قال وزير المالية السعودي محمد الجدعان إن ميزانية العام 2025 تستهدف مواصلة التوسع في الإنفاق الاستراتيجي على المشاريع التنموية وفق الاستراتيجيات القطاعية وبرامج رؤية المملكة 2030، واستمرار تنفيذ البرامج والمشاريع ذات العائد الاقتصادي والاجتماعي والبيئي المستدام، وتطوير بيئة الأعمال لتعزيز جاذبيتها، والمساهمة في تحسين الميزان التجاري للمملكة، وزيادة حجم ونوع الاستثمارات المحلية والأجنبية.

وشدد في مؤتمر صحافي، عقب إقرار مجلس الوزراء ميزانية العام المالي لعام 2025، على أن الحكومة استمرت في الإنفاق التوسعي لما يحمل من أثر إيجابي للمواطن.

وأضاف أن 3.7 في المائة هو النمو المتوقع بالاقتصاد غير النفطي بنهاية 2024، موضحاً أن الأنشطة غير النفطية ساهمت في الناتج المحلي بنسبة 52 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي. وقال إن مساهمة النفط في الناتج المحلي اليوم هو 28 في المائة. وأضاف أن الناتج المحلي الاسمي وصل إلى 4.1 تريليون ريال.

ورأى أن مساهمة الاستثمار الخاص في الاقتصاد عملية تحتاج للوقت، مشدداً على أن المؤشرات الاقتصادية تدعو إلى التفاؤل.

وقال: «هناك قفزة بعدد الشركات الصغيرة والمتوسطة بفضل الإنفاق الحكومي... نواصل الالتزام بالتحفظ عند إعداد الميزانية وأرقام الإيرادات دليل على ذلك».

ولفت إلى أن تغيرات هيكلية في اقتصاد المملكة بدأت تظهر نتائجها، كاشفاً أن 33 في المائة هي نسبة ارتفاع في الإنفاق على الاستراتيجيات وبرامح تحقيق «رؤية 2030».