ما الذي تنتظره تركيا من تطبيع علاقاتها مع الأسد؟

مقاتلون من فصيل «أحرار الشام» المدعوم من تركيا في موقع عسكري بقرية تل جيجان شمال مدينة الباب بريف محافظة حلب يوم الأحد (أ.ف.ب)
مقاتلون من فصيل «أحرار الشام» المدعوم من تركيا في موقع عسكري بقرية تل جيجان شمال مدينة الباب بريف محافظة حلب يوم الأحد (أ.ف.ب)
TT

ما الذي تنتظره تركيا من تطبيع علاقاتها مع الأسد؟

مقاتلون من فصيل «أحرار الشام» المدعوم من تركيا في موقع عسكري بقرية تل جيجان شمال مدينة الباب بريف محافظة حلب يوم الأحد (أ.ف.ب)
مقاتلون من فصيل «أحرار الشام» المدعوم من تركيا في موقع عسكري بقرية تل جيجان شمال مدينة الباب بريف محافظة حلب يوم الأحد (أ.ف.ب)

تتصاعد التساؤلات في تركيا وخارجها وبين الدوائر المتابعة والمهتمة بالشأن السوري مع كل تصريح جديد يصدر عن أنقرة بشأن التقارب مع نظام الرئيس بشار الأسد حول الأهداف التي تدفع تركيا الآن إلى الاندفاع في خطوات التطبيع مع دمشق.
في أحدث هذه التصريحات، عبّر وزير الدفاع التركي خلوصي أكار عن أمله أن تسهم المحادثات بين تركيا وسوريا في إحلال السلام والاستقرار في المنطقة، مشيراً إلى أن تلك المحادثات، التي تأتي بعد قطيعة استمرت لأكثر من 11 عاماً، جرت بنيات حسنة ومن أجل إحلال السلام في المنطقة.
تصريحات أكار، الذي شارك في الاجتماع الثلاثي الذي جمعه مع نظيريه الروسي والسوري في موسكو في 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي بحضور رؤساء أجهزة مخابرات الدول الثلاث، جاءت عقب أول اجتماع لوزراء الحكومة التركية برئاسة الرئيس رجب طيب إردوغان في العام الجديد، مساء الاثنين، ليؤشر إلى استمرار حضور الملف السوري على طاولة الحكومة كإحدى الأولويات على أجندتها.
وكان إردوغان قد لمّح، الأسبوع الماضي، إلى أنه يمكن أن يلتقي الأسد والرئيس الروسي فلاديمير بوتين قريباً، عقب اجتماع ثلاثي لوزراء خارجية تركيا وروسيا وسوريا، لم يحدد مكانه أو موعده بعد، إلا أنه ربما يعقد خلال شهر يناير (كانون الثاني) الحالي، وفق تصريحات من أنقرة وموسكو. وفيما قال إردوغان إن الهدف من مثل هذا اللقاء هو تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة، واصل أكار، أمس، التأكيد على الهدف ذاته. إذ أعرب عن أمله في أن يحل السلام والاستقرار عن طريق اللقاءات المتبادلة.
وكرر الوزير التركي الحديث عن أهداف بلاده من السير في طريق التطبيع مع الأسد، ولخصها في السعي لإيجاد حلول دائمة لمشكلتي الإرهاب (وجود «وحدات حماية الشعب» الكردية، أكبر مكونات «قوات سوريا الديمقراطية - قسد» على الحدود التركية مع سوريا)، والهجرة (نزوح السوريين إلى تركيا)، وتهيئة الظروف المناسبة لعودة السوريين إلى بلادهم بشكل طوعي وآمن.

دوافع التطبيع

أما لماذا الآن؟ وما دوافع تركيا للتحرك باتجاه التطبيع مع الأسد؟ وما العوامل التي تدفعها إلى ذلك؟ الإجابة عن هذه التساؤلات تكمن في أن هناك الكثير من المتغيرات والعوامل المحركة للرغبة التركية في إعادة العلاقات، كلياً أو جزئياً، مع نظام الأسد. فعلى مدى ما يقرب من 12 عاماً منذ وقوع «الثورة» على النظام، حدثت متغيرات دولية وإقليمية كثيرة دفعت تركيا إلى تغيير حساباتها بعدما بنت حساباتها منذ البداية على سقوط الأسد ونظامه بسرعة البرق.
وإذا كان الحراك التركي نحو التقارب مع الأسد قد بدا في ذروته في الأشهر الأخيرة، فإنه ليس كذلك في واقع الأمر، فقد بدأ بشكل غير رسمي عقب التدخل العسكري الروسي في سوريا عام 2015 لمساندة نظام الأسد، وهو ما حال دون سقوط هذا النظام وغيّر موازين القوى على الأرض. ويتلاقى هذا الموقف في بعض النقاط مع الموقف الأميركي، لا سيما فيما يتعلق بمواجهة التنظيمات الإرهابية والمجموعات المتشددة، وتحجيم التمدد الإيراني عبر مساندة النظام.
في الوقت ذاته كانت دفة السياسة الخارجية التركية تتحول شرقاً، لا سيما بعد شعور أنقرة بـ«الخذلان» من حلفائها الغربيين بعد محاولة الانقلاب الفاشلة التي شهدتها في 15 يوليو (تموز) 2016. فبينما وجدت حكومة إردوغان دعماً من جانب موسكو، لم تحصل على مثل هذا الدعم من جانب الولايات المتحدة وأوروبا بسبب اتساع نطاق الطوارئ والاعتقالات والتضييق على المعارضة وحرية التعبير، أو ما عده الغرب استغلالاً لمحاولة الانقلاب من جانب الرئيس التركي للقضاء على كل معارضيه بضربة واحدة، وفي مقدمهم حليفه السابق الداعية فتح الله غولن وحركة «الخدمة» التي صنّفتها أنقرة تنظيماً إرهابياً باسم «تنظيم فتح الله غولن» عقب محاولة الانقلاب.
يضاف إلى ذلك الامتعاض التركي من دعم الولايات المتحدة قوات «قسد»، التي يغلب على تكوينها «وحدات حماية الشعب» الكردية، التي تعدها أنقرة امتداداً سورياً لـ«حزب العمال الكردستاني»، المدرج على قوائم الإرهاب في تركيا والولايات المتحدة وأوروبا، والنظر إليها (أي «قسد») كحليف وثيق لواشنطن في الحرب على تنظيم «داعش» الإرهابي.
ورأت أنقرة بعد سنين من إعلان العداء لنظام الأسد والمطالبة بإسقاطه، أن البيئة الدولية والإقليمية تغيّرت، وأنه أصبح هناك ما يشبه «المزاج العام» لجهة القبول ببقاء نظام الرئيس السوري، لأنه أقل ضرراً من الإرهاب الذي عشش في بلاده.
ووجدت تركيا أن التمادي في التنسيق مع روسيا هو الحل في ظل تقلص الوجود الأميركي والإصرار على دعم «قسد»، وتهيأت لتركيا الظروف من خلال مشاركتها مع روسيا وإيران، كدول ضامنة لمسار آستانة، الذي بات يُنظر إليه على أنه البديل لمسار جنيف، وهو ما ضَمِن لتركيا تثبيت وجودها العسكري في مناطق خفض التصعيد في شمال غربي سوريا دون اصطدام مع النظام أو روسيا وإيران.
إقليمياً، اكتشفت تركيا أن عليها أن تعيد النظر في السياسات التي تبنتها منذ ما عُرف بـ«الربيع العربي»، وأن عليها أن تراجع علاقاتها المتدهورة في محيطها الإقليمي، فبدأت بالتحرك لتحسين علاقاتها إقليمياً بعدما اختفت من الصورة الأنظمة التي أتت بعد «الربيع» ودعمتها تركيا بكل قوة، فضلاً عن ازدياد الضغوط الاقتصادية عليها، ومحاولتها استعادة الاستثمارات الخليجية والأسواق العربية والطرق التي كانت متاحة للوصول السريع لبضائعها إلى الخليج وأفريقيا والتي تشكل سوريا إحدى نقاطها المهمة.
وإلى جانب المتغيّرات الدولية والإقليمية، فهناك عوامل داخلية ضاغطة على إردوغان وحكومته، فمع تفاقم الأزمة الاقتصادية الداخلية في تركيا نجحت أحزاب المعارضة في إبراز ملف اللاجئين السوريين واستخدامه في تأجيج حالة الاستقطاب السياسي ونقله من المربع الإنساني إلى دائرة الصراع السياسي. وظهر توافق واسع بين أحزاب المعارضة على فكرة إعادة العلاقات مع نظام الأسد من أجل النجاح في تسوية ملف اللاجئين الذي بات إحراز تقدم فيه مطلباً شعبياً في تركيا، وهو ما دفع إردوغان إلى التحرك السريع لنزع هذه الورقة المؤثرة من أيدي المعارضة ومحاولة إحراز تقدم فيها حتى لا يفقد السلطة التي احتفظ بها على مدى 20 عاماً.
وعلى الرغم من أنه يوجد في تركيا ما يشبه الإجماع على قبول التطبيع مع الأسد، فإن هناك تسليماً بأنه لا يجب انتظار الكثير من هذا الأمر، لا سيما إذا كان من يقوده هو إردوغان، فباستثناء الانتهاء من ملف اللاجئين عبر الحصول على ضمانات من النظام، لا ترى الدوائر السياسية أنه يمكن أن يكون هناك ما يفيد على صعيد مكافحة الإرهاب والقضاء على تهديدات «الوحدات» الكردية عبر النظام الذي سلّم مفاتيح شمال سوريا لـ«العمال الكردستاني». ويشكك بعض الكتّاب المحسوبين على المعارضة، ومنهم الكاتب في صحيفة «قرار»، عثمان سرت، في إحراز نجاح فيما يتعلق بإعادة اللاجئين. إذ يقول سرت في هذا الإطار إنه «ليس هناك أي سبب لإقناع اللاجئين في تركيا بالعودة إلى سوريا، فحتى الذين هناك يعانون من الأزمة الاقتصادية. وليس هناك ما يَضمن أنه إذا انسحب الجيش التركي من شمال سوريا، لن يجد المدنيّون طريقاً للعبور إلى تركيا». وذهب إلى أن الاستعجال في خطوات التطبيع، حتى قبل اندلاع الحرب في أوكرانيا العام الماضي، «يدل على انعدام البصيرة، كما لو أن تركيا لم تراكم قوّة في وضعها الجيوسياسي بسبب موقفها من الحرب الأوكرانية، ولذلك تدفع تكلفة عالية لقرارات ظرفيّة تتطلب اتباع مسار ديناميكي، وأن الحكومة لا تنظر إلا إلى ما قد تقوم به روسيا من تأجيل ديون الطاقة إلى ما بعد الانتخابات، بينما المجتمع التركي أرهقته مسألة اللاجئين ويريد لهم العودة بأي ثمن لكن قدرة سوريا على الاستيعاب والحقائق على أرضها غير كافية لملء عناوين مثل: ها هي أولى خطوات التطبيع»، حسبما يقول سرت.
وفي الواقع، يسود اعتقاد لدى صانعي القرار في تركيا بأن عملية التطبيع مع النظام السوري ستأخذ وقتاً طويلاً، حتى لو عقد لقاء بين إردوغان والأسد قريباً، وأن العملية الجارية مع النظام ستكون ناجحة إذا تمكنت تركيا من خلالها من تحقيق أهدافها الرئيسية المتمثلة في التعاون لإنهاء تهديد «قسد» ومشروع إقامة دولة كردية على حدودها، وضمان مشروعية للوجود العسكري التركي في شمال سوريا عبر اتفاق مع روسيا والنظام على الاحتفاظ ببعض النقاط على غرار ما هو قائم في شمال العراق. وهذا الأمر مرفوض من جانب روسيا قبل النظام السوري. وعبّرت موسكو صراحة من قبل عن رغبتها في العمل بموجب اتفاقية أضنة للعام 1998 التي تسمح للقوات التركية بالتوغل في الأراضي السورية لمسافة 5 كيلومترات حال وجود خطر على أمن البلاد، بينما لا تثق أنقرة بقدرة النظام على السيطرة التامة على الحدود، وتوفير ضمانات تسهّل لتركيا إعادة اللاجئين.
ويرى مراقبون أن أي عملية لإعادة العلاقات مع نظام الأسد إلى طبيعتها كما كانت قبل 2011 لن تكون بالأمر السهل، رغم محاولات موسكو إحداث اختراق، وأن لقاء إردوغان والأسد على المدى القصير لن يخرج عن كونه «حملة دعاية روسية مستعجلة»، لأن الوزراء والمؤسسات الأخرى بحاجة إلى مناقشة الموضوع وعرضه على الرؤساء لتوضيح خطوط معينة، وخلافاً لذلك سيكون أي لقاء عاجل مجرد «مناسبة لالتقاط الصور»، حسبما قال المحلل التركي ليفنت كمال.


مقالات ذات صلة

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

العالم العربي أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

استبقت تركيا انعقاد الاجتماع الرباعي لوزراء خارجيتها وروسيا وإيران وسوريا في موسكو في 10 مايو (أيار) الحالي في إطار تطبيع مسار العلاقات مع دمشق، بمطالبتها نظام الرئيس بشار الأسد بإعلان موقف واضح من حزب «العمال الكردستاني» والتنظيمات التابعة له والعودة الطوعية للاجئين والمضي في العملية السياسية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
العالم العربي درعا على موعد مع تسويات جديدة

درعا على موعد مع تسويات جديدة

أجرت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا (جنوب سوريا) اجتماعات عدة خلال الأيام القليلة الماضية، آخرها أول من أمس (الأربعاء)، في مقر الفرقة التاسعة العسكرية بمدينة الصنمين بريف درعا الشمالي، حضرها وجهاء ومخاتير ومفاوضون من المناطق الخاضعة لاتفاق التسوية سابقاً وقادة من اللواء الثامن المدعوم من قاعدة حميميم الأميركية. مصدر مقرب من لجان التفاوض بريف درعا الغربي قال لـ«الشرق الأوسط»: «قبل أيام دعت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا، ممثلةً بمسؤول جهاز الأمن العسكري في درعا، العميد لؤي العلي، ومحافظ درعا، لؤي خريطة، ومسؤول اللجنة الأمنية في درعا، اللواء مفيد حسن، عد

رياض الزين (درعا)
شمال افريقيا مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

أجرى وزير الخارجية المصري سامح شكري اتصالات هاتفية مع نظرائه في 6 دول عربية؛ للإعداد للاجتماع الاستثنائي لوزراء الخارجية العرب بشأن سوريا والسودان، المقرر عقده، يوم الأحد المقبل. وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، السفير أحمد أبو زيد، في إفادة رسمية، الخميس، إن شكري أجرى اتصالات هاتفية، على مدار يومي الأربعاء والخميس، مع كل من وزير خارجية السودان علي الصادق، ووزير خارجية السعودية فيصل بن فرحان، ووزير خارجية العراق فؤاد محمد حسين، ووزير خارجية الجزائر أحمد عطاف، ووزير خارجية الأردن أيمن الصفدي، ووزير خارجية جيبوتي محمود علي يوسف. وأضاف أن «الاتصالات مع الوزراء العرب تأتي في إطار ا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي الأردن يوسّع مشاورات «عودة سوريا»

الأردن يوسّع مشاورات «عودة سوريا»

أطلق الأردن سلسلة اتصالات مع دول عربية غداة استضافته اجتماعاً لبحث مسألة احتمالات عودة سوريا إلى الجامعة العربية، ومشاركتها في القمة المقبلة المقرر عقدها في المملكة العربية السعودية هذا الشهر. وقالت مصادر أردنية لـ«الشرق الأوسط»، إن اجتماع عمّان التشاوري الذي عُقد (الاثنين) بحضور وزراء خارجية مصر والسعودية والعراق والأردن وسوريا، ناقش احتمالات التصويت على قرار عودة سوريا إلى الجامعة العربية ضمن أنظمة الجامعة وآليات اعتماد القرارات فيها. وفي حين أن قرار عودة سوريا إلى الجامعة ليس مقتصراً على الاجتماعات التشاورية التي يعقدها وزراء خارجية مصر والسعودية والعراق والأردن، فإن المصادر لا تستبعد اتفاق

شؤون إقليمية الأسد ورئيسي يتفقان على «تعاون استراتيجي طويل الأمد»

الأسد ورئيسي يتفقان على «تعاون استراتيجي طويل الأمد»

بدأ الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي أمس (الأربعاء) زيارة لدمشق تدوم يومين واستهلها بجولة محادثات مع نظيره السوري بشار الأسد تناولت تعزيز العلاقات المتينة أصلاً بين البلدين. وفيما تحدث رئيسي عن «انتصارات كبيرة» حققتها سوريا، أشار الأسد إلى أن إيران وقفت إلى جانب الحكومة السورية مثلما وقفت هذه الأخيرة إلى جانب إيران في حرب السنوات الثماني مع إيران في ثمانينات القرن الماضي. ووقع الأسد ورئيسي في نهاية محادثاتهما أمس «مذكرة تفاهم لخطة التعاون الاستراتيجي الشامل الطويل الأمد». وزيارة رئيسي لدمشق هي الأولى التي يقوم بها رئيس إيراني منذ 13 سنة عندما زارها الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد.

«الشرق الأوسط» (دمشق)

«يعرقل جهود خفض التصعيد»... إدانات عربية وإسلامية لـ«العدوان» الإسرائيلي على إيران

فرق الإنقاذ تزيل الأنقاض أمام مبنى استهدفه هجوم إسرائيلي في العاصمة الإيرانية (أ.ف.ب)
فرق الإنقاذ تزيل الأنقاض أمام مبنى استهدفه هجوم إسرائيلي في العاصمة الإيرانية (أ.ف.ب)
TT

«يعرقل جهود خفض التصعيد»... إدانات عربية وإسلامية لـ«العدوان» الإسرائيلي على إيران

فرق الإنقاذ تزيل الأنقاض أمام مبنى استهدفه هجوم إسرائيلي في العاصمة الإيرانية (أ.ف.ب)
فرق الإنقاذ تزيل الأنقاض أمام مبنى استهدفه هجوم إسرائيلي في العاصمة الإيرانية (أ.ف.ب)

ندَّدت دول عربية عدة، بينها السعودية والإمارات وعمان ومصر، بالضربات الإسرائيلية التي طالت، الجمعة، أماكن مختلفة من إيران.

السعودية

أعربت المملكة العربية السعودية عن إدانتها واستنكارها الشديدين «للاعتداءات الإسرائيلية السافرة تجاه الجمهورية الإسلامية الإيرانية الشقيقة التي تمس سيادتها وأمنها وتمثل انتهاكاً ومخالفة صريحة للقوانين والأعراف الدولية».

الكويت

أعربت وزارة الخارجية الكويتية عن إدانة واستنكار دولة الكويت الشديدين للهجمات الإسرائيلية على إيران، في انتهاك صارخ لجميع القوانين والمواثيق الدولية، وبما يُعدّ اعتداء سافراً على السيادة الإيرانية ويعرِّض أمن واستقرار المنطقة للخطر.

وقالت الخارجية الكويتية في بيان صحافي، اليوم (الجمعة): «جددت دولة الكويت دعوتها للمجتمع الدولي، وعلى وجه الخصوص مجلس الأمن، إلى تحمل مسؤولياتهما في وقف هذه الانتهاكات بما يحفظ أمن واستقرار المنطقة».

مصر

أدانت وزارة الخارجية المصرية، اليوم (الجمعة)، الهجوم الإسرائيلي على إيران، ووصفته بأنه «تصعيد إقليمي سافر بالغ الخطورة».

وقالت الخارجية المصرية في بيان إن الهجوم الإسرائيلي «انتهاك فاضح للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، وتهديد مباشر للأمن والسلم الإقليمي والدولي».

وأضافت أن القاهرة تتابع «بقلق بالغ التطورات الحالية المتسارعة، وتستنكر هذا العمل غير المبرَّر، الذي سيؤدي إلى مزيد من إشعال فتيل الأزمة ويقود إلى صراع أوسع في الإقليم وينتج عنه تداعيات غير مسبوقة على أمن واستقرار المنطقة، ويعرِّض مقدرات شعوب المنطقة لخطر بالغ، ويهدد بانزلاق المنطقة بأكملها إلى حالة من الفوضى العارمة».

وأكد البيان على أنه «لا توجد حلول عسكرية للأزمات التي تواجهها المنطقة، وإنما عبر الحلول السياسية والسلمية».

كما شددت الوزارة على أن «غطرسة القوة لن تحقق الأمن لأي دولة في المنطقة، بما في ذلك إسرائيل، وإنما يتحقق ذلك فقط من خلال احترام سيادة الدول ووحدة وسلامة أراضيها وتحقيق العدالة وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية».

مبنى تعرّض لقصف جوي إسرائيلي في شمال طهران (إ.ب.أ)

لبنان

وأشار الرئيس اللبناني جوزيف عون إلى أن الاعتداءات الإسرائيلية على إيران، فجر الجمعة، استهدفت الجهود الدولية للمحافظة على الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط.

وعدّ عون في بيان أن «الاعتداءات الإسرائيلية فجر اليوم (الجمعة) على إيران، لم تستهدف الشعب الإيراني فحسب، بل استهدفت كل الجهود الدولية التي تُبذَل للمحافظة على الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط والدول المجاورة وتفادي التصعيد فيها».

ورأى أن «مثل هذه الاعتداءات ترمي إلى تقويض كل المبادرات والوساطات القائمة حالياً لمنع تدهور الأوضاع، التي كانت قطعت شوطاً متقدماً، بهدف الوصول إلى حلول واقعية وعادلة تبعد خطر الحرب عن دول المنطقة وشعوبها».

ودعا الرئيس اللبناني «المجتمع الدولي إلى التحرك الفاعل والسريع لعدم تمكين إسرائيل من تحقيق أهدافها التي لم تعد خافية على أحد والتي تنذر، في حال استمرت، بأخطر العواقب».

وقدَّم عون «تعازيه إلى القيادة الإيرانية بالذين قضوا نتيجة الاعتداءات الإسرائيلية التي وقعت فجر اليوم من قياديين عسكريين ومدنيين، متمنياً الشفاء العاجل للمصابين».

الأردن

أدان الأردن أيضاً بشدة «العدوان الإسرائيلي» على إيران، مؤكداً أنه يهدد أمن المنطقة.

وأكدت الحكومة الأردنية، الجمعة، أن البلاد لن تسمح باستخدام مجالها الجوي ولن «تكون ساحة لأي صراع».

قطر

من جهتها، ندَّدت قطر بالهجوم الإسرائيلي على إيران، ووصفته بأنه «انتهاك صارخ لسيادة إيران وأمنها».

وعدَّت قطر أن الضربات الإسرائيلية على إيران «تعرقل الجهود الرامية إلى خفض التصعيد».

الإمارات

بدورها، أدانت الإمارات «بأشد العبارات» الاستهداف العسكري الإسرائيلي لإيران.

ودعت الإمارات مجلس الأمن إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لوقف إطلاق النار وإرساء الأمن والسلم الدوليين، وحثت أيضاً على ممارسة أقصى درجات ضبط النفس لتجنُّب المخاطر وتوسيع رقعة الصراع بعد الهجوم الإسرائيلي على إيران.

سلطنة عُمان

كما أعربت سلطنة عمان عن إدانتها الشديدة للعدوان العسكري الذي شنته إسرائيل على إيران، والذي استهدف منشآت سيادية وأوقع ضحايا.

وعدَّت سلطنة عمان، في بيان صادر عن وزارة الخارجية، أن «هذا العمل تصعيد خطير ومتهور يشكّل انتهاكاً صارخاً لميثاق الأمم المتحدة ومبادئ القانون الدولي، ويمثل سلوكاً عدوانياً مرفوضاً ومستمراً يقوّض أسس الاستقرار في المنطقة»، وفقاً لـ«وكالة الأنباء العمانية».

وأكدت أن «هذا الاعتداء يأتي في توقيت بالغ الحساسية، تتكثف فيه الجهود الدولية لاستئناف المفاوضات النووية بين إيران والولايات المتحدة؛ الأمر الذي يكشف بوضوح عن نية متعمَّدة لعرقلة المسار الدبلوماسي، وإشعال فتيل صراع أوسع ستكون له عواقب وخيمة على السلم الإقليمي والدولي».

وحمَّلت سلطنة عمان إسرائيل المسؤولية عن هذا التصعيد وتداعياته، ودعت المجتمع الدولي إلى اتخاذ موقف واضح وحازم لوقف هذا النهج الخطير، الذي يهدد بإقصاء الحلول الدبلوماسية وتقويض أمن المنطقة واستقرارها.

وجدَّدت وزارة الخارجية تأكيدها على موقف سلطنة عمان الثابت بأن الأمن لا يُبنى بالعدوان، وإنما بالحوار والوسائل السلمية، مع احترام سيادة الدول وتطبيق القانون الدولي والعدالة.

وكان الطيران الحربي الإسرائيلي قد شن فجر الجمعة سلسلة هجمات استهدفت عدداً من المناطق المدنية والعسكرية في إيران، وأدَّت إلى مقتل وإصابة عدد من المواطنين الإيرانيين، بينهم نساء وأطفال، إضافة إلى مقتل عدد من قادة القوات المسلحة الإيرانية، بينهم قائد «الحرس الثوري الإيراني» حسين سلامي، ورئيس الأركان الإيراني محمد باقري وعدد من العلماء النوويين الإيرانيين.

منظمة التعاون الإسلامي

وأدانت منظمة التعاون الإسلامي بأشد العبارات الاعتداءات الإسرائيلية السافرة على إيران، في انتهاك صارخ لسيادتها وأمنها وللقوانين والأعراف الدولية، داعيةً المجتمع الدولي ومجلس الأمن إلى تحمل مسؤوليته تجاه هذا العدوان، الذي يهدد بتقويض الأمن والسلم والاستقرار في المنطقة بأكملها، والتحرك العاجل والحازم لوقفه.

مجلس التعاون الخليجي

و أعرب جاسم البديوي، أمين عام مجلس التعاون الخليجي، عن إدانة واستنكار المجلس للاعتداءات الإسرائيلية تجاه إيران، التي تمثل انتهاكاً صريحاً للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، مُطالباً المجتمع الدولي ومجلس الأمن بتحمّل مسؤولياته نحو الوقف الفوري لهذا العدوان، وتجنّب التصعيد الذي قد يشعل فتيل صراع أوسع، ستكون له عواقب وخيمة على السلم الإقليمي والدولي.