«إرهابي تينيسي».. أردني ولد في الكويت وكتب يريد «الشهادة قبل نهاية رمضان»

«ليلة رعب» في شاتانوغا.. والتحقيقات المبدئية كشفت وجود «شبكة داعشية شبابية أميركية»

رجل أمن يقف أمام أحد مركزين عسكريين بشاتانوغا في ولاية تينيسي تعرضا أمس لعملية إطلاق نار.. وفي الإطار منفذ العملية (إ.ب.أ)
رجل أمن يقف أمام أحد مركزين عسكريين بشاتانوغا في ولاية تينيسي تعرضا أمس لعملية إطلاق نار.. وفي الإطار منفذ العملية (إ.ب.أ)
TT

«إرهابي تينيسي».. أردني ولد في الكويت وكتب يريد «الشهادة قبل نهاية رمضان»

رجل أمن يقف أمام أحد مركزين عسكريين بشاتانوغا في ولاية تينيسي تعرضا أمس لعملية إطلاق نار.. وفي الإطار منفذ العملية (إ.ب.أ)
رجل أمن يقف أمام أحد مركزين عسكريين بشاتانوغا في ولاية تينيسي تعرضا أمس لعملية إطلاق نار.. وفي الإطار منفذ العملية (إ.ب.أ)

فيما لا يزال المحققون الأميركيون يواصلون بحثهم لكشف ملابسات عملية إطلاق النار على مركزين عسكريين للجيش الأميركي في ولاية تينيسي، أول من أمس، أكدت المعلومات الأولية أن المسلح من أصل أردني ومن مواليد الكويت، وقد قتل في الحادث 4 جنود من المارينز، وأصيب ثلاثة أشخاص بينهم شرطي ومجند في المارينز وعنصر من قوات البحرية. ويحقق المسؤولون في ما إذا كان «عملا إرهابيا محليا».
وأشارت المعلومات أيضا إلى أن الجاني محمد يوسف عبد العزيز (24 عاما) الذي قتل، ظهر يوم الخميس، أربعة من جنود المارينز في مكتب عسكري بشاتانوغا (ولاية تينيسي)، كتب في صفحته في موقع «فيسبوك» أنه يريد «(الاستشهاد) قبل نهاية شهر رمضان»، وصار واضحا أنه نفذ ما يريد في آخر يوم في شهر رمضان. وأشارت أيضا إلى أن عبد العزيز ولد في الكويت، وهاجر مع عائلته إلى الولايات المتحدة وهو صغير في السن، ثم حصل على الجنسية الأميركية. وأنه درس هندسة التربة، وكان يعمل في مدينة شاتانوغا. وأنه كان كتب في دليل تخريج طلاب مدرسة ريد رانك العليا، في شاتانوغا قبل أربعة أعوام: «يسبب اسمي هلعا على طول الولايات المتحدة. ماذا يسبب اسمك؟».
وأعلن مكتب التحقيقات الفيدرالي أن مطلق النار قد قتل خلال تبادل إطلاق نار مع الشرطة. وقال تلفزيون «سي إن إن»، صباح أمس، أن عبد العزيز، كتب في صفحته في موقع «فيسبوك» أنه يريد «الاستشهاد قبل نهاية شهر رمضان»، وصار واضحا أنه نفذ ما يريد في آخر يوم في شهر رمضان. وصباح أمس، قال تلفزيون «فوكس» (اليميني) إن عبد العزيز كان كثير الاتصالات مع شبان مسلمين آخرين، وإن شرطة مكتب التحقيقات الفيدرالية بدأت تحقيقات مع «عدد كبير من شبان مسلمين أميركيين» وردت أسماؤهم في سجلات عبد العزيز، أو كان عبد العزيز يتابع صفحاتهم، أو تعليقاتهم، في الإنترنت.
وأضاف التلفزيون أن التحقيقات المبدئية كشفت وجود «شبكة داعشية شبابية أميركية». وقالت صحيفة «شاتانوغا فري برس» أمس، إن المدينة «باتت ليلة رعب»، بعد الحادث الذي وقع في مركز لتعيين وتدريب قوات المارينز. وإن «عشرات» من الشرطة والمحققين يشتركون في التحقيقات.
من جهته، أعرب الرئيس باراك أوباما عن حزنه لمقتل الجنود. وقال إن هذه «ظروف مؤلمة». ووصف أوباما ما حدث بأنه «عمل إرهابي داخلي محتمل». وأضاف، في بيان صدر باسمه: «نظل لا نعرف كل التفاصيل. لكن نعرف أن مسلحا وحيدا على ما يبدو شن هذه الهجمات». وقال: «إنها ظروف مؤلمة أن يقتل هؤلاء الجنود، الذين خدموا وطننا بقيم عالية، بهذه الطريقة». وأكد أوباما أن شرطة «إف بي آي» ستتولى التحقيق في الهجوم. وأن وزارة الدفاع اتخذت كل الإجراءات لضمان أن «كل منشآتنا محمية، كما يجب، وباليقظة اللازمة».
وأعرب وزير الدفاع أشتون كارتر ووزير البحرية راي مابوس عن تعازيهما لعائلات الضحايا. أما وزارة الأمن الداخلي فأعلنت أنها أصدرت أوامر بتشديد الإجراءات الأمنية في «بعض المنشآت الفيدرالية، وذلك لأخذ الحيطة». وقال السيناتور بوب كروكر رئيس بلدية شاتانوغا إنه «حزين جدا». وقال: «هذا يوم صعب على سكان تينيسي وصلواتنا مع جميع المتضررين من هذه المأساة». وصرح رئيس بلدية تشاتانوغا اندي بيرك بأنه «من غير المعقول رؤية ما يحدث والطريقة التي يعامل بها أشخاص يخدمون بلدهم بكل اعتزاز»، مشيدا بسرعة استجابة أجهزة تطبيق القانون التي أدت إلى منع وقوع المزيد من القتلى.
وبدوره أوضح المدعي العام في المنطقة الشرقية في تينيسي بيل كيليان أنه يجري التحقيق في الهجمات باعتبارها «عملا إرهابيا داخليا»، إلا أن مسؤولين حذروا من التسرع في إطلاق الأحكام. وقال العميل الخاص في مكتب التحقيقات الفيدرالي، ايد رينولد: «نحقق في كل الأسباب الممكنة سواء كان الإرهاب، وما إذا كان ذلك الإرهاب داخليا أو دوليا، أو ما إذا كان عملا إجراميا». وتابع: «ليس لدينا أي فكرة عن الدافع خلف الهجوم»، مضيفا: «حاليا ليس لدينا أي دليل يربطه (مطلق النار) بأي مجموعة إرهابية دولية».
وبدورها، قالت المدعية العامة الفيدرالية لوريتا لينش إن مكتب التحقيقات الفيدرالي سيقود «تحقيقا يتعلق بالأمن القومي في هذا الاعتداء الشائن على عناصر من قواتنا العسكرية». ونقلت صحيفة «شاتانوغا فري برس» خلفية للحادث، جاء فيها أنه يشبه هجمات قاتلة على منشآت عسكرية أميركية في الماضي، من بينها هجوم في عام 2009 على قاعدة «فورت هود» (ولاية تكساس) أدى إلى قتل 13 شخصا، وقام به ضابط عسكري أميركي فلسطيني كان يعمل خبيرا عسكريا في الأمراض النفسية. وهجوم في عام 2013 على مركز للبحرية في واشنطن أدى إلى مقتل 12 شخصا (لم يتورط فيه مسلمون). وهجوم، قبل ثلاثة شهور، في دالاس (ولاية تكساس) قام به متطرفون على معرض لصور كاريكاتيرية للنبي محمد صلى الله عليه وسلم. ونقلت الصحيفة تصريحات أصدرها مكتب النائب العام في ولاية تينيسي بأنه يجري التحقيق في الهجوم باعتباره «عملا إرهابيا».
ويأتي إطلاق النار وسط مخاوف من انتشار عناصر يشنون اعتداءات بصفة منفردة في الولايات المتحدة، على الرغم من أن الدافع خلف حادث أول من أمس (الخميس) ليس واضحا حتى الآن. وتخرج عبد العزيز في جامعة تينيسي في تشاتانوغا، وحاز على شهادة في الهندسة. وكتبت الجامعة على موقع «تويتر»: «للأسف يبدو أن مطلق النار من خريجي جامعة تينيسي في عام 2012»، معربة عن تضامنها مع ضحايا «المأساة». ووصفت امرأة ارتادت المدرسة ذاتها مع عبد العزيز الشاب بأنه هادئ و«محب».
وقالت كاغان واغنر لصحيفة «تشاتانوغا تايمز»: «كان محبا ومضحكا وطيبا.. لم أكن لأعتقد أبدا أن يكون هو منفذ الهجوم». وكتب عبد العزيز على مدونة الاثنين أنه «لا يجدر أن يفوت المسلمون فرصة الخضوع لله»، وفق ما نقل موقع «سايت» المختص بالمجموعات المتطرفة.
وأكدت قوات المارينز مقتل جميع العسكريين الأربعة في مركز لاحتياطيي البحرية والمارينز. وقبل 40 دقيقة أطلق المسلح ذاته النار في مركز للتجنيد على بعد عدة أميال. ونقل بيرك عن مسؤولين وصفهم للحادث بأنه «مرعب وعنيف إذ كان الرصاص يتطاير حولهم».



ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
TT

ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)

دفع تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً» إلى تساؤلات حول تأثير القرار على مستقبل التنظيم وعناصره. يأتي هذا في ظل تصاعد الصراع بين «قيادات (الإخوان) في الخارج» حول قيادة التنظيم. وقال باحثون في الحركات المتطرفة والإرهاب إن «قرار باراغواي أشار إلى ارتباط (الإخوان) بـ(تنظيمات الإرهاب)، وقد يدفع القرار دولاً أخرى إلى أن تتخذ قرارات مماثلة ضد التنظيم».
ووافقت اللجنة الدائمة بكونغرس باراغواي على «اعتبار (الإخوان) (تنظيماً إرهابياً) يهدد الأمن والاستقرار الدوليين، ويشكل انتهاكاً خطيراً لمقاصد ومبادئ الأمم المتحدة». جاء ذلك في مشروع قرار تقدمت به ليليان سامانيغو، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس المكوّن من 45 عضواً. وقال البرلمان في بيان نشره عبر موقعه الإلكتروني (مساء الخميس) إن «تنظيم (الإخوان) الذي تأسس في مصر عام 1928، يقدم المساعدة الآيديولوجية لمن يستخدم (العنف) ويهدد الاستقرار والأمن في كل من الشرق والغرب». وأضاف البيان أن «باراغواي ترفض رفضاً قاطعاً جميع الأعمال والأساليب والممارسات (الإرهابية)».
ووفق تقارير محلية في باراغواي، فإن باراغواي رأت في وقت سابق أن «(حزب الله)، و(القاعدة)، و(داعش) وغيرها، منظمات (إرهابية)، في إطار مشاركتها في الحرب على (الإرهاب)». وقالت التقارير إن «تصنيف (الإخوان) من شأنه أن يحدّ من قدرة هذه الجماعات على التخطيط لهجمات (إرهابية) وزعزعة استقرار الدول». كما تحدثت التقارير عن دول أخرى أقرت خطوات مماثلة ضد «الإخوان» من بينها، روسيا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين.
وتصنف دول عربية عدة «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً». وعدّت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية التنظيم «جماعة إرهابية منحرفة» لا تمثل منهج الإسلام. وذكرت الهيئة في بيان لها، نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2020، أن «(الإخوان) جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفُرقة، وإثارة الفتنة، والعنف، والإرهاب». وحذّرت حينها من «الانتماء إلى (الإخوان) أو التعاطف مع التنظيم».
كذلك أكد مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي أن كل مجموعة أو تنظيم يسعى للفتنة أو يمارس العنف أو يحرّض عليه، هو تنظيم إرهابي مهما كان اسمه أو دعوته، معتبراً «(الإخوان) تنظيماً (إرهابياً)».
وتحظر الحكومة المصرية «الإخوان» منذ عام 2014، وقد عدّته «تنظيماً إرهابياً». ويخضع مئات من قادة وأنصار التنظيم حالياً، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا يتعلق معظمها بـ«التحريض على العنف»، صدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن «المشدد والمؤبد».
وحسب الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، فإن «تصنيف باراغواي (الإخوان) يؤكد الاتهامات التي توجَّه إلى التنظيم، بأن تنظيمات العنف خرجت من رحم (الإخوان)، أو أنها نهلت من أفكار التنظيم»، لافتاً إلى أن «قرار باراغواي أشار إلى أن (الإخوان) وفّر الحماية لتنظيمات التطرف التي نشأت في الشرق والغرب». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار بعض الدول العربية في وقت سابق حظر (الإخوان) يعود إلى أمرين؛ الأول أن التنظيم مارس العنف، والآخر أن التنظيم وفّر الحماية لجماعات الإرهاب».
وفي وقت سابق أكدت وزارة الأوقاف المصرية «حُرمة الانضمام لـ(الإخوان)»، مشيرةً إلى أن التنظيم يمثل «الخطر الأكبر على الأمن القومي العربي». وفي فبراير (شباط) 2022 قالت دار الإفتاء المصرية إن «جميع الجماعات الإرهابية خرجت من عباءة (الإخوان)». وفي مايو (أيار) الماضي، قام مفتي مصر شوقي علام، بتوزيع تقرير «موثق» باللغة الإنجليزية على أعضاء البرلمان البريطاني يكشف منهج «الإخوان» منذ نشأة التنظيم وارتباطه بـ«التنظيمات الإرهابية». وقدم التقرير كثيراً من الأدلة على علاقة «الإخوان» بـ«داعش» و«القاعدة»، وانضمام عدد كبير من أعضاء «الإخوان» لصفوف «داعش» عقب عزل محمد مرسي عن السلطة في مصر عام 2013، كما لفت إلى أذرع «الإخوان» من الحركات المسلحة مثل «لواء الثورة» و«حسم».
وحول تأثير قرار تصنيف باراغواي «الإخوان» على «قيادات التنظيم في الخارج»، أكد الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، أن «قرار باراغواي سوف يؤثر بالقطع على عناصر التنظيم في الخارج، لأن التنظيم يزعم أنه ينتشر في دول كثيرة حول العالم، ومثل هذا القرار يؤثر على عناصر (الإخوان) الموجودة في باراغواي وفي الدول المجاورة لها، كما أن القرار قد يدفع دولاً أخرى إلى اتخاذ قرار مماثل ضد (الإخوان)».
يأتي قرار باراغواي في وقت يتواصل الصراع بين «قيادات الإخوان في الخارج» حول منصب القائم بأعمال مرشد التنظيم. ويرى مراقبون أن «محاولات الصلح بين جبهتي (لندن) و(إسطنبول) لحسم الخلافات لم تنجح لعدم وجود توافق حول ملامح مستقبل التنظيم». والصراع بين جبهتي «لندن» و«إسطنبول» على منصب القائم بأعمال المرشد، سبقته خلافات كثيرة خلال الأشهر الماضية، عقب قيام إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشد «الإخوان» السابق، بحلّ المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وقيامه بتشكيل «هيئة عليا» بديلة عن «مكتب إرشاد الإخوان». وتبع ذلك تشكيل «جبهة لندن»، «مجلس شورى» جديداً، وإعفاء أعضاء «مجلس شورى إسطنبول» الستة، ومحمود حسين (الذي يقود «جبهة إسطنبول»)، من مناصبهم.


بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.


واشنطن: مادورو غير شرعي

نيكولاس مادورو في 8 ديسمبر 2022 (رويترز)
نيكولاس مادورو في 8 ديسمبر 2022 (رويترز)
TT

واشنطن: مادورو غير شرعي

نيكولاس مادورو في 8 ديسمبر 2022 (رويترز)
نيكولاس مادورو في 8 ديسمبر 2022 (رويترز)

قالت الولايات المتحدة اليوم (الثلاثاء)، إنها ما زالت ترفض اعتبار نيكولاس مادورو الرئيس الشرعي لفنزويلا، وتعترف بسلطة الجمعية الوطنية المُشَكَّلة عام 2015 بعد أن حلت المعارضة «حكومتها المؤقتة».
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس للصحافيين: «نهجنا تجاه نيكولاس مادورو لا يتغير. إنه ليس الرئيس الشرعي لفنزويلا. نعترف بالجمعية الوطنية المُشَكَّلة عام 2015»، وفق ما أفادت به وكالة الصحافة الفرنسية.
ولدى سؤاله عن الأصول الفنزويلية، ولا سيما شركة النفط الفنزويلية في الولايات المتحدة، قال برايس إن «عقوباتنا الشاملة المتعلقة بفنزويلا والقيود ذات الصلة تبقى سارية. أفهم أن أعضاء الجمعية الوطنية يناقشون كيف سيشرفون على هذه الأصول الخارجية».