اكتشاف آلية جديدة قد تساعد بإيجاد علاجات لهشاشة العظام

اكتشاف آلية جديدة قد تساعد بإيجاد علاجات لهشاشة العظام
TT

اكتشاف آلية جديدة قد تساعد بإيجاد علاجات لهشاشة العظام

اكتشاف آلية جديدة قد تساعد بإيجاد علاجات لهشاشة العظام

اكتشف باحثون في الولايات المتحدة واليابان آلية جديدة تربط تصلب أنسجة الغضروف المرتبط بالعمر بقمع بروتين رئيسي مرتبط بطول العمر. حيث تعزز هذه النتائج فهم الآليات التي تؤدي إلى تدهور المفاصل التي تسبب هشاشة العظام، وفقًا لمؤلفي دراسة جديدة نُشرت اليوم (الثلاثاء) بمجلة «نيتشر كوميونيكيشنز»، حسب ما ذكر موقع «ميديكال إكسبريس» الطبي المتخصص.
ويؤدي تصلب المصفوفة المرتبط بالعمر في الغضروف المفصلي إلى بدء الإشارات الميكانيكية الناقلة للأمراض، ما ينتج عنه حدوث خلل وظيفي في الغضروف بالإضافة إلى اضطراب سلامته من خلال فرط «ميثيل كلوثو».
وفي الدراسة الجديدة، أظهر الباحثون أن زيادة تصلب المصفوفة خارج الخلية (وهي شبكة من البروتينات والجزيئات الأخرى التي تحيط وتدعم الأنسجة في الجسم) أدت إلى انخفاض ما يسمى «بروتين طول العمر» يسمى (كلوثو - α-Klotho) في غضروف الركبة بسبب التغيرات اللاجينية. وهذا الانخفاض أتلف الخلايا الغضروفية السليمة. وعلى العكس من ذلك، فإن تعريض الخلايا الغضروفية المسنة لمصفوفة أكثر ليونة خارج الخلية أعاد غضروف الركبة إلى حالة أكثر شبابًا.
ونظرًا لأن تصلب المصفوفة خارج الخلية هو سمة مميزة لشيخوخة الغضروف، فإن هذه النتائج توضح الدور الذي يلعبه كلوثو في تكوين هشاشة العظام، ويقدم أهدافًا علاجية محتملة جديدة لاستعادة صحة الغضروف.
فقد لاحظ الباحثون أيضًا أن نتائجهم قد تكون قابلة للتطبيق على الخسائر التي تسببها العوامل اللاجينية الناتجة عن الشيخوخة على الأنسجة الأخرى في جميع أنحاء الجسم.
وفي توضيح أكثر لهذا الأمر، يقول الدكتور فابريسيا أمبروسيو المدير الافتتاحي لمركز «أتلانتيك تشارتر ديسكفري» لاستعادة العضلات والهيكل العظمي بمعهد «شوين آدمز» للأبحاث بشبكة سبولدينج لإعادة التأهيل عضو كلية العلوم الطبية والطب الفيزيائي وإعادة التأهيل بكلية الطب بجامعة هارفارد «ان هذا البحث يعزز فهمنا الآلي لسبب حدوث هشاشة العظام في المقام الأول، ويمهد الطريق لتطوير علاجات لمنع هذه التغييرات. ومثل هذه العلاجات مهمة لأنه لا توجد حاليًا علاجات معدلة لمرض هشاشة العظام. ونظرًا لأن تصلب المصفوفة هو سمة من سمات الأنسجة القديمة في جميع أنحاء الجسم، فإننا نتوقع أن هذه النتائج قد تكون لها أيضًا آثار تتجاوز إصلاح الغضاريف في مجال أبحاث الشيخوخة».

فحص السبب الجذري لتلف الغضروف الذي لا يمكن إصلاحه

تحدث هشاشة العظام عندما يتيبس الغضروف في المفصل ويبدأ في الانهيار، ما يؤدي إلى إتلاف العظام الأساسية والألم والتورم والشعور بالتصلب.
هشاشة العظام هي الشكل الأكثر شيوعًا لالتهاب المفاصل؛ حيث تؤثر على ما يقرب من 32.5 مليون فرد في الولايات المتحدة وحدها (من المتوقع أن ترتفع المعدلات مع شيخوخة السكان واتجاهات السمنة).
ويمكن أن يتداخل مرض هشاشة العظام بشكل كبير مع قدرة الشخص على أداء المهام اليومية الروتينية؛ فحوالى نصف البالغين المصابين بهذه الحالة هم في سن العمل، ما يؤثر على قدرتهم على كسب لقمة العيش.
ولا توجد حاليًا علاجات لعكس تصلب هذا الغضروف والضرر الناتج عنه. فيما تهدف العلاجات مثل التمارين الرياضية وفقدان الوزن والعلاج الطبيعي والأدوية والحقن وجراحة استبدال المفاصل إلى تقليل الألم وتحسين الحركة. فيما يسعى الباحثون بشكل متزايد إلى فهم دور الوراثة اللاجينية بشكل أفضل، أو كيف يمكن للتغييرات في السلوكيات والبيئة مع تقدم الناس في العمر أن تغير كيفية عمل الجينات، ويمكن أن تؤثر على الأنسجة وعمليات المرض في جميع أنحاء الجسم.
وباستخدام تقنية مطياف الكتلة المتقدمة، رسم الباحثون مسار التغيرات الهيكلية والبروتينية في الفئران المصابة بالتهاب مفاصل الركبة على مدار حياتها ووفقًا للجنس. ثم قارنوا نتائجهم بالفهم الحالي لالتهاب مفاصل الركبة عند البشر.
كما وجد الباحثون أن «كلوثو» كان متورطًا بشكل كبير في العملية الجزيئية التي أدت إلى هشاشة العظام. وكان هذا العمل امتدادًا للدراسات السابقة التي أظهرت أن كلوثو يحمي الميتوكوندريا داخل العضلات الهيكلية ويلعب دورًا رئيسيًا في تجديد العضلات الهيكلية بعد الإصابة. لكن مع تقدم الناس في العمر، تنخفض مستوياته لديهم، ولهذا السبب يشار إليه على أنه بروتين طول العمر.
وفي هذا الاطار، كشف التحليل الجديد أنه عندما أصبحت أنسجة غضروف الركبة أكثر صلابة، تم قمع الجين الذي يرمز لكلوثو. ولقد تحقق الباحثون من ذلك في نماذج من الخلايا الغضروفية الصغيرة والكبيرة المسؤولة عن تكوين الغضاريف، والتي تم زرعها في بيئات مصممة لتقليد صلابة الأنسجة الصغيرة والكبيرة.
وبينما بدت الخلايا الغضروفية الصغيرة قديمة عند وضعها على سطح صلب بسبب فقدان كلوثو، إلّا ان الباحثين عندما قاموا بحماية الخلايا من الصلابة في بيئتهم لاحظوا صحة الخلايا الغضروفية، وذلك وفق ما افاد الدكتور هيروتاكا إيجيما الأستاذ المساعد بالمعهد للأبحاث المتقدمة وكلية الدراسات العليا للطب بجامعة ناغويا.
ومن المثير للاهتمام أيضا، أن تحليل الباحثين كشف أيضًا أن حدوث هشاشة العظام زاد في ذكور الفئران مع تقدم العمر، بينما لم تظهر إناث الفئران أي ظهور للمرض وتم الحفاظ على أنسجة الغضاريف بشكل عام. وتختلف هذه النتيجة غير المتوقعة عن الاستجابة التي لوحظت عند الأشخاص؛ حيث تكون النساء بعد انقطاع الطمث أكثر عرضة للإصابة بالتهاب مفاصل الركبة الحاد أكثر من الرجال. لكن هذه النتائج تتطلب مزيدًا من الدراسة، وفقًا لمؤلفي الدراسة، الذين يؤكدون «أن هناك مشروعا قيد التنفيذ في مختبر الدكتور أمبروسيو لفحص آثار انقطاع الطمث على التهاب مفاصل الركبة على المستوى الجزيئي».

البحث المستقبلي يهدف لمعالجة الفجوات العلاجية في الحالات المرتبطة بالعمر

ومع أحدث النتائج، يخطط الباحثون لدراسة ما إذا كانت هناك طرق للتدخل في عملية المرض التي تؤدي إلى هشاشة العظام، مثل سد المسار الذي يقمع كلوثو، حتى في مواجهة بيئة مصفوفة قاسية خارج الخلية. ويأملون في إمكانية استخدام النتائج التي توصلوا إليها لتطوير علاجات لهشاشة العظام وغيرها من الحالات التي تسببها الشيخوخة.
ويؤكد الدكتور أمبروسيو «نحن مهتمون بتقييم ما إذا كان التنظيم اللاجيني لكلوثو وعوامل طول العمر الأخرى بواسطة المصفوفة خارج الخلية قد يساعد في تفسير التدهور الوظيفي للأنسجة في جميع أنحاء النظام».


مقالات ذات صلة

انطلاق «قمة الرياض العالمية للتقنية الحيوية الطبية» الثلاثاء

الخليج النسخة السابقة من القمة شهدت توقيع 11 اتفاقية تعاون مع جهات عالمية (وزارة الحرس الوطني)

انطلاق «قمة الرياض العالمية للتقنية الحيوية الطبية» الثلاثاء

يرعى ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان النسخة الثالثة من «قمة الرياض العالمية للتقنية الحيوية الطبية» التي تنطلق أعمالها يوم الثلاثاء المقبل.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
صحتك رجل يمارس رياضة الركض أمام أحد الشواطئ (رويترز)

ممارسة النشاط البدني في هذه الأوقات تقلل خطر إصابتك بسرطان الأمعاء

أظهرت دراسة حديثة أن القيام بالنشاط البدني، مرتين في اليوم، في الساعة الثامنة صباحاً وفي الساعة السادسة مساء، قد يقلل خطر الإصابة بسرطان الأمعاء بنسبة 11 %.

«الشرق الأوسط» (برلين)
صحتك الأحماض الدهنية توجد بشكل طبيعي في عدة مصادر غذائية (الجمعية البريطانية للتغذية)

أحماض تساعد على الوقاية من 19 نوعاً من السرطان

كشفت دراسة أجرتها جامعة جورجيا الأميركية عن أن الأحماض الدهنية «أوميغا-3» و«أوميغا-6» قد تلعب دوراً في الوقاية من 19 نوعاً مختلفاً من السرطان.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
صحتك الزواج يقلل احتمالية الإصابة بالاكتئاب (رويترز)

دراسة: المتزوجون أقل عرضة للإصابة بالاكتئاب

كشفت دراسة جديدة أن الأشخاص غير المتزوجين قد يكونون أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب بنسبة 80 في المائة مقارنة بالمتزوجين.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك يلعب الضوء دوراً كبيراً في رفاهيتنا وصحتنا النفسية والعقلية (رويترز)

كيف يؤثر الضوء على صحتك العقلية؟

للضوء دور كبير في رفاهيتنا وصحتنا النفسية والعقلية. ولهذا السبب يميل كثير منا إلى الشعور بمزيد من الإيجابية في فصلَي الربيع والصيف.

«الشرق الأوسط» (لندن)

روبوتات ذكية تتفوق على البشر في مختبرات الدواء

تستخدم الروبوتات المتنقلة منطق الذكاء الاصطناعي لأداء مهام البحث الاستكشافي في مجال الكيمياء (جامعة ليفربول)
تستخدم الروبوتات المتنقلة منطق الذكاء الاصطناعي لأداء مهام البحث الاستكشافي في مجال الكيمياء (جامعة ليفربول)
TT

روبوتات ذكية تتفوق على البشر في مختبرات الدواء

تستخدم الروبوتات المتنقلة منطق الذكاء الاصطناعي لأداء مهام البحث الاستكشافي في مجال الكيمياء (جامعة ليفربول)
تستخدم الروبوتات المتنقلة منطق الذكاء الاصطناعي لأداء مهام البحث الاستكشافي في مجال الكيمياء (جامعة ليفربول)

طوّر باحثون من جامعة ليفربول الإنجليزية روبوتات متنقلة قادرة على الحركة تعمل بالذكاء الاصطناعي، ويمكنها إجراء أبحاث التركيب الكيميائي، وصناعة الدواء بكفاءة غير عادية.

وفي الدراسة المنُشورة في دورية «نيتشر»، الأربعاء، أظهر الباحثون كيف تمكنت تلك الروبوتات التي تستخدم الذكاء الاصطناعي في اتخاذ القرارات، من أداء مهام البحث الاستكشافي في الكيمياء بمستوى أداء البشر، ولكن في وقت أسرع بكثير.

وتم تصميم الروبوتات المتنقلة التي يبلغ ارتفاعها 1.75 متر بواسطة فريق ليفربول لمعالجة 3 مشاكل أساسية هي: إجراء التفاعلات، وتحليل المنتجات، وتحديد ما يجب القيام به بعد ذلك بناءً على البيانات الناتجة. وقامت الروبوتات بأداء هذه المهام بطريقة تعاونية، حيث تناولت تلك المشكلات في 3 مجالات مختلفة تتعلق بالتركيب الكيميائي ذي الصلة باكتشاف الأدوية الصيدلانية.

وأظهرت النتائج أنه باستخدام الذكاء الاصطناعي، اتخذت الروبوتات القرارات الجديدة أو قرارات مماثلة للباحث البشري، ولكن في إطار زمني أسرع بكثير من الإنسان، الذي قد يستغرق ساعات كثيرة لاتخاذ القرارات نفسها. وأوضح البروفسور أندرو كوبر من قسم الكيمياء ومصنع ابتكار المواد بجامعة ليفربول، الذي قاد المشروع البحثي أن «البحث في التركيب الكيميائي مكلف ويستغرق وقتاً طويلاً، سواء في أثناء التجارب أو عند الحاجة إلى اتخاذ القرارات حول التجارب التي يجب القيام بها بعد ذلك، لذا فإن استخدام الروبوتات الذكية يوفر طريقة لتسريع هذه العملية».

وقال في بيان صادر الأربعاء: «عندما يفكر الناس في الروبوتات وأتمتة الكيمياء، فإنهم يميلون إلى التفكير في إجراء التفاعلات وما إلى ذلك، وهذا جزء منها، ولكن اتخاذ القرار يمكن أن يستغرق وقتاً طويلاً». وتابع: «هذه العملية تنطوي على قرارات دقيقة بناءً على مجموعات من البيانات الغزيرة. إنها مهمة تستغرق وقتاً طويلاً من الباحثين، ولكنها كانت مشكلة صعبة للذكاء الاصطناعي كذلك».

ووفق الدراسة، فإن اتخاذ القرار هو مشكلة رئيسية في الكيمياء الاستكشافية. فعلى سبيل المثال، قد يقوم الباحث بإجراء عدة تفاعلات تجريبية، ثم يقرر توسيع نطاق بعض من تلك التجارب التي تعطي نتائج تفاعل جيدة أو منتجات مثيرة للاهتمام فقط.

من جهته، قال سريرام فيجاياكريشنان، طالب الدكتوراه السابق في جامعة ليفربول، وباحث ما بعد الدكتوراه في قسم الكيمياء الذي قاد هذه التجارب: «عندما حصلت على الدكتوراه، أجريت كثيراً من التفاعلات الكيميائية يدوياً. غالباً ما يستغرق جمع البيانات التحليلية وفهمها الوقت نفسه الذي يستغرقه إعداد التجارب. وتصبح مشكلة تحليل البيانات هذه أكثر حدة. فقد ينتهي بك الأمر إلى الغرق في البيانات».

وأضاف: «لقد عالجنا هذا هنا من خلال بناء منطق الذكاء الاصطناعي للروبوتات. ويعالج ذلك مجموعات البيانات التحليلية لاتخاذ قرار مستقل، على سبيل المثال، ما إذا كان يجب المضي قدماً إلى الخطوة التالية في التفاعل أم لا». وأكد قائلاً: «إذا أجرى الروبوت التحليل في الساعة 3:00 صباحاً، فسوف يكون قد قرر بحلول الساعة 3:01 أي التفاعلات يجب أن تستمر. وعلى النقيض من ذلك، قد يستغرق الأمر ساعات من الكيميائي لتصفح وتحليل مجموعات البيانات نفسها».

وفي الختام، شدّد البروفسور كوبر على أنه «بالنسبة للمهام التي أعطيناها للروبوتات هنا، فقد اتخذ منطق الذكاء الاصطناعي القرارات نفسها تقريباً مثل الكيميائي خلال تعاطيه مع هذه المشاكل الكيميائية الثلاث في غمضة عين»، مضيفاً أن هناك أيضاً مجالاً كبيراً لزيادة قدرات الذكاء الاصطناعي في فهم هذه الظواهر الكيميائية.