سقوط نادر للثلوج عربياً يثير تساؤلات مناخية

خبراء يعدونه مناقضاً للتحذيرات من احترار الكوكب

سقوط نادر للثلوج في القاهرة
سقوط نادر للثلوج في القاهرة
TT

سقوط نادر للثلوج عربياً يثير تساؤلات مناخية

سقوط نادر للثلوج في القاهرة
سقوط نادر للثلوج في القاهرة

قد يبدو من غير المنطقي التساقط الغزير للثلوج في مناطق متفرقة من منطقة الشرق الأوسط، وفي أماكن لم تألف مثل هذه المشاهد من قبل، في الوقت الذي توصف فيه هذه المنطقة بأنها من أكثر مناطق العالم تأثراً بظاهرة الاحترار العالمي.
وقبل حلول الشتاء، أشارت دراسة مناخية نشرت في سبتمبر (أيلول) الماضي، وشارك في إعدادها «معهد ماكس بلانك للكيمياء» بألمانيا، و«معهد قبرص»، إلى أن منطقة الشرق الأوسط تزداد احتراراً مرتين أكثر من المعدل العالمي، غير أن سكان المنطقة فوجئوا مع حلول فصل الشتاء بهطول غزير للثلوج، وفي أماكن غير مألوفة، وهو ما أثار لديهم تساؤلات عن اجتماع الاحترار مع الثلوج.
وكانت هذه التساؤلات حاضرة وبقوة في العاصمة المصرية القاهرة، التي لم يألف سكانها مشهد سقوط الثلوج، غير أنهم كانوا على موعد معه مساء الأحد، وشهدت أيضاً مناطق متفرقة داخل مصر سقوطاً نادراً للثلوج، مثل مدينة العاشر من رمضان، التابعة لمحافظة الشرقية.
وشهدت منطقة جبل اللوز بالمملكة العربية السعودية، الاثنين، تراكماً للثلوج بشكل كبير أدى إلى صعوبة القيادة على الطريق، كما شهدت منطقة رأس النقب جنوب الأردن في اليوم نفسه تراكماً للثلوج بارتفاعات بسيطة.
وتساقطت الثلوج على مناطق في جنوب الكويت أوائل يناير (كانون الثاني)، في ظاهرة نادرة، لم تشهدها البلاد منذ نحو عقدين من الزمن، وقبل أيام تسببت الثلوج في قطع الطرق الرئيسية بلبنان.
وعلى عكس ما قد يبدو أنه غير منطقي اجتماع الثلوج مع كوكب آخذ في الاحترار، فإن حسن أبو النجا، المدير التنفيذي للشبكة العربية للتنمية المستدامة، يوضح أن هذه الثلوج نتيجة منطقية لتأثير تغير المناخ المكثف على دورة مياه الأرض.
ويقول أبو النجا لـ«الشرق الأوسط»، إن أحداث هطول الأمطار الشديدة، مصحوبة بتساقط الثلوج، هو بالضبط ما نتوقعه في عالم يزداد احتراراً، فمع ارتفاع درجة حرارة الكوكب، ترتفع درجة حرارة كل من المحيطات والغلاف الجوي، وتؤدي المحيطات الأكثر دفئاً إلى زيادة كمية الماء التي تتبخر في الهواء، ويمكن للهواء الأكثر دفئاً أن يحتفظ بمزيد من بخار الماء، الذي يطلقه في النهاية على هيئة ترسيب. ويضيف: «درجات الحرارة الأكثر دفئاً تعني أن المزيد من هطول الأمطار سوف يسقط على شكل مطر وثلوج».
ويقدم كونور سترومين، الباحث في العلوم البيئية بجامعة مينيسوتا الأميريكية، تشبيهاً لوصف هذه الظاهرة، قائلاً في تعليق كتبه قبل أيام على موقع «كورا» الأميركي: «أفضل طريقة لوصف هذه الظاهرة هي من خلال تشبيه لرجل يمشي مع كلب، فإذا كان بإمكانك تخيل مشاهدتهما من أعلى، فستلاحظ كيف يتعرج الكلب بشكل عشوائي في مسار لا يمكن التنبؤ به إلى حد كبير، لكن المالك يستمر في التحرك في الاتجاه نفسه تقريباً، وفي النهاية يعود مسار الكلب إلى المالك في النهاية».
وتابع: «في البيئة، فإن المناخ هو المالك والطقس هو الكلب، حيث يشير تغير المناخ إلى التغيير في الاتجاهات العالمية الواسعة التي يتم قياسها بشكل عام على أساس سنوي ومتوسط، فعلى سبيل المثال، خذ إحصاء الاحترار، ستجد أن هناك ارتفاعاً في متوسط درجة الحرارة العالمية حالياً بنحو 0.7 - 0.9 درجة مئوية منذ مطلع القرن العشرين، ومع ذلك، فإن بعض المناطق لا تزال تشهد تغيراً متوسطاً أقل، في حين أن مناطق أخرى تشهد بالفعل زيادة في متوسط درجات الحرارة في النطاق 1.5 - 2 درجة مئوية».
وأضاف: «الطقس هو نفسه إلى حد كبير، وبينما لا يزال المناخ دافئاً، تستمر تقلبات الطقس كما هي الحال دائماً، ومن خلال العمليات المناخية المعقدة، تصبح هذه التقلبات أكثر دراماتيكية كما نشهد هذا الشتاء، بينما يستمر المناخ في الاحترار، وهو أيضاً جزء من السبب في أننا سنرى المزيد من الظواهر الجوية المتطرفة مع تقدم تغير المناخ».


مقالات ذات صلة

علماء يستخرجون نواة جليدية عمرها أكثر من مليون سنة

علوم أشخاص يعملون في كهف تخزين في موقع يُدعى «ليتل دوم سي» في القارة القطبية الجنوبية (أ.ب)

علماء يستخرجون نواة جليدية عمرها أكثر من مليون سنة

أعلن فريق دولي من العلماء أنهم نجحوا في حفر واحدة من أعمق الحفر الجليدية حتى الآن، بعمق ميلين (2.8 كيلومتر) للوصول لطبقة جليدية في القارة القطبية.

«الشرق الأوسط» (روما)
ظواهر جوية حادة أثّرت على مناطق السعودية خلال عام 2024 (الأرصاد)

15 ظاهرة تجسّد واقع التغيرات المناخية في السعودية

كشف المركز السعودي للأرصاد عن 15 ظاهرة جوية حادة أثّرت على مناطق المملكة خلال عام 2024 وتجسّد بوضوح تأثير التغيرات المناخية التي تشهدها البلاد.

«الشرق الأوسط» (جدة)
يوميات الشرق الفيضانات المدمرة في البرازيل تسببت في مقتل أكثر من 80 شخصاً خلال مايو 2024 (رويترز)

تهجير 40 مليون شخص بسبب كوارث مناخية في 2024

أفادت دراسة دولية بأن عام 2024 شهد درجات حرارة قياسية تسببت في تغييرات جذرية بدورة المياه العالمية، مما أدى إلى فيضانات مدمرة وجفاف شديد في العديد من المناطق.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب يتحدث خلال فعالية في فينيكس بولاية أريزونا الأميركية... 22 ديسمبر 2024 (رويترز)

لماذا يطالب ترمب بجزيرة غرينلاند وقناة بنما؟

يسعى ترمب من خلال مطالبته بالسيطرة على جزيرة غرينلاند وقناة بنما، لتحقيق مصالح اقتصادية وأمنية كبيرة للولايات المتحدة، لا سيما على حساب الصين.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
علوم 5 قضايا مناخية رئيسة أمام المحاكم عام 2025

5 قضايا مناخية رئيسة أمام المحاكم عام 2025

دعاوى مشروعة للدول الفقيرة وأخرى ارتدادية من الشركات والسياسيين

جيسيكا هولينغر (واشنطن)

رحيل الإعلامية ليلى رستم يذكّر ببدايات التلفزيون المصري

الإعلامية المصرية ليلى رستم من جيل الرواد بالتلفزيون المصري (منصة إكس)
الإعلامية المصرية ليلى رستم من جيل الرواد بالتلفزيون المصري (منصة إكس)
TT

رحيل الإعلامية ليلى رستم يذكّر ببدايات التلفزيون المصري

الإعلامية المصرية ليلى رستم من جيل الرواد بالتلفزيون المصري (منصة إكس)
الإعلامية المصرية ليلى رستم من جيل الرواد بالتلفزيون المصري (منصة إكس)

رحلت الإعلامية المصرية ليلى رستم، الخميس، عن عمر يناهز 88 عاماً، بعد تاريخ حافل في المجال الإعلامي، يذكّر ببدايات التلفزيون المصري في ستينات القرن العشرين، وكانت من أوائل المذيعات به، وقدمت برامج استضافت خلالها رموز المجتمع ومشاهيره، خصوصاً في برنامجها «نجمك المفضل».

ونعت الهيئة الوطنية للإعلام، برئاسة الكاتب أحمد المسلماني، الإعلامية القديرة ليلى رستم، وذكرت في بيان أن الراحلة «من الرعيل الأول للإعلاميين الذين قدموا إعلاماً مهنياً صادقاً متميزاً وأسهموا في تشكيل ثقافة ووعي المشاهد المصري والعربي، حيث قدمت عدداً من البرامج التي حظيت بمشاهدة عالية وشهرة واسعة».

والتحقت ليلى بالتلفزيون المصري في بداياته عام 1960، وهي ابنة المهندس عبد الحميد بك رستم، شقيق الفنان زكي رستم، وعملت مذيعةَ ربط، كما قدمت النشرة الفرنسية وعدداً من البرامج المهمة على مدى مشوارها الإعلامي، وفق بيان الهيئة.

ليلى رستم اشتهرت بمحاورة نجوم الفن والثقافة عبر برامجها (ماسبيرو زمان)

وتصدر خبر رحيل الإعلامية المصرية «التريند» على منصتي «غوغل» و«إكس» بمصر، الخميس، ونعاها عدد من الشخصيات العامة، والعاملين بمجال الإعلام والسينما والفن، من بينهم الإعلامي اللبناني نيشان الذي وصفها على صفحته بمنصة «إكس» بأنها «كسرت طوق الكلاسيكية في الحوار ورفعت سقف الاحترام والمهنية».

كما نعاها المخرج المصري مجدي أحمد علي، وكتب على صفحته بموقع «فيسبوك» أن المذيعة الراحلة «أهم مذيعة رأتها مصر في زمن الرواد... ثقافة ورقة وحضوراً يفوق أحياناً حضور ضيوفها».

واشتهرت ليلى رستم بلقب «صائدة المشاهير»؛ نظراً لإجرائها مقابلات مع كبار الشخصيات المؤثرة في مصر والعالم؛ مما جعلها واحدة من أعلام الإعلام العربي في تلك الحقبة، وقدّمت 3 من أبرز برامج التلفزيون المصري، وهي «الغرفة المضيئة»، «عشرين سؤال»، و«نجمك المفضل»، بالإضافة إلى نشرات إخبارية ضمن برنامج «نافذة على العالم»، وفق نعي لها نشره الناقد الفني المصري محمد رفعت على «فيسبوك».

الإعلامية المصرية الراحلة ليلى رستم (إكس)

ونعاها الناقد الفني المصري طارق الشناوي وكتب عبر صفحته بـ«فيسبوك»: «ودّعتنا الإعلامية القديرة ليلى رستم، كانت أستاذة لا مثيل لها في حضورها وثقافتها وشياكتها، جمعت بين جمال العقل وجمال الملامح»، معرباً عن تمنيه أن تقدم المهرجانات التلفزيونية جائزة تحمل اسمها.

ويُعدّ برنامج «نجمك المفضل» من أشهر أعمال الإعلامية الراحلة، حيث استضافت خلاله أكثر من 150 شخصية من كبار الأدباء والكتاب والصحفيين والفنانين، من بينهم طه حسين، وعبد الحليم حافظ، وأحمد رمزي، وفاتن حمامة وتوفيق الحكيم، كما أجرت مقابلة شهيرة مع الملاكم الأميركي محمد علي كلاي.

وأبرزت بعض التعليقات على «السوشيال ميديا» حوار الإعلامية الراحلة مع كلاي.

وعدّ رئيس تحرير موقع «إعلام دوت كوم» محمد عبد الرحمن، رحيل ليلى رستم «خسارة كبيرة» وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الإعلامية الراحلة كانت تنتمي إلى جيل المؤسسين للتلفزيون المصري، وهو الجيل الذي لم يكن يحتاج إلى إعداد أو دعم، لكن دائماً ما كان قادراً على محاورة العلماء والمفكرين والفنانين بجدارة واقتدار»، موضحاً أن «القيمة الكبيرة التي يمثلها هذا الجيل هي ما جعلت برامجهم تعيش حتى الآن ويعاد بثها على قنوات مثل (ماسبيرو زمان) ومنصة (يوتيوب) وغيرهما، فقد كانت الإعلامية الراحلة تدير حواراً راقياً يحصل خلاله الضيف على فرصته كاملة، ويبرز الحوار حجم الثقافة والرقي للمذيعين في هذه الفترة».

بدأ أول بث للتلفزيون المصري في 21 يوليو (تموز) عام 1960، وهو الأول في أفريقيا والشرق الأوسط، واحتفل بعدها بيومين بعيد «ثورة 23 يوليو»، وبدأ بقناة واحدة، ثم قناتين، ثم قنوات متعددة تلبي احتياجات شرائح مختلفة من المجتمع، ومع الوقت تطور التلفزيون المصري ليصبح قوة للترفيه والمعلومات، وفق الهيئة العامة للاستعلامات.

وشهدت بدايات التلفزيون ظهور إعلاميين مثَّلوا علامة بارزة فيما بعد في العمل التلفزيوني مثل أماني ناشد، وسلوى حجازي، وصلاح زكي وأحمد سمير، وكانت ليلى رستم آخر من تبقى من جيل الروَّاد المؤسسين.