«الرئاسي اليمني» يشكل «خلية أزمة» ويشدد على إنهاء التشوهات المصرفية

وسط استمرار الحوثيين في خنق الاقتصاد والاستحواذ على الموارد

مجلس القيادة الرئاسي اليمني يجتمع في الرياض مع رئيس الحكومة معين عبد الملك (سبأ)
مجلس القيادة الرئاسي اليمني يجتمع في الرياض مع رئيس الحكومة معين عبد الملك (سبأ)
TT

«الرئاسي اليمني» يشكل «خلية أزمة» ويشدد على إنهاء التشوهات المصرفية

مجلس القيادة الرئاسي اليمني يجتمع في الرياض مع رئيس الحكومة معين عبد الملك (سبأ)
مجلس القيادة الرئاسي اليمني يجتمع في الرياض مع رئيس الحكومة معين عبد الملك (سبأ)

وسط استمرار الميليشيات الحوثية في خنق الاقتصاد اليمني والاستحواذ على موارد المؤسسات، وتجويع ملايين السكان في مناطق سيطرتها، أمر مجلس القيادة الرئاسي في اليمن بتشكيل «خلية أزمة» برئاسة رئيس الحكومة معين عبد الملك لمتابعة التطورات الاقتصادية، مشددا على ضرورة إنهاء التشوهات النقدية في السوق المصرفية.
هذه التطورات تأتي في وقت تواصل فيه الميليشيات الحوثية رفض مقترحات تجديد الهدنة وتوسيعها بما في ذلك ملف صرف رواتب الموظفين، مع تهديد قادتها بتكرار الهجمات على موانئ تصدير النفط في المناطق المحررة، والتهديد باستئناف القتال نحو المحافظات الجنوبية.
وذكرت المصادر اليمنية الرسمية أن مجلس القيادة الرئاسي عقد في الرياض اجتماعاً برئاسة رئيسه رشاد محمد العليمي، وبحضور أعضاء المجلس سلطان العرادة، وعبد الرحمن المحرمي، وعبد الله العليمي، وعبر الاتصال المرئي، عيدروس الزبيدي، وطارق صالح، وفرج البحسني.
ونقلت وكالة «سبأ» أن الاجتماع كرس «لمناقشة الأوضاع الإنسانية، والاقتصادية والسياسات المطلوبة لمواجهة التحديات الراهنة، بما في ذلك الإجراءات والخيارات الحكومية التي قادت إلى الحد من آثار التداعيات الكارثية للهجمات الإرهابية الحوثية على المنشآت النفطية، وحرية التجارة العالمية».
وبحسب الوكالة «عرض رئيس مجلس الوزراء معين عبد الملك، موجزاً حول السياسات الرامية إلى الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي، والنقدي، والخدمي، والسلعي، والإبقاء على عجز الموازنة العامة عند مستوياتها الآمنة، وبما يمنع أي آثار جانبية على الفئات الاجتماعية الضعيفة».
واستمع مجلس القيادة الرئاسي اليمني، إلى مقترحات وإحاطات إضافية من رئيس الفريق الاقتصادي في الحكومة حسام الشرجبي، ومحافظ البنك المركزي أحمد غالب، ووزيري المالية والنفط، سالم بن بريك، وسعيد الشماسي بشأن المقاربات المنسقة مع الجهات المعنية للمحافظة على مسار الإصلاحات الاقتصادية والخدمية، وتمكين الدولة وسلطاتها المحلية من تحصيل كافة مواردها السيادية.
وطبقا لما ذكره الإعلام الرسمي «أشاد مجلس القيادة الرئاسي بالإصلاحات المهمة في المنظومة المالية، التي ستمكن الحكومة قريباً من استيعاب كافة التعهدات الاقتصادية الواعدة من دول تحالف دعم الشرعية وفي المقدمة المملكة العربية السعودية، ودولة الإمارات العربية المتحدة، ومن الشركاء الدوليين في مختلف المجالات».
وشدد مجلس الحكم اليمني على «إنهاء التشوهات النقدية في أسعار الصرف، بما في ذلك وقف المضاربة، واستنزاف الاحتياطي من العملات الصعبة، والسيطرة على قيمة العملة الوطنية التي حققت استقراراً نسبياً خلال الفترة الماضية».
وأفادت المصادر الرسمية بأن مجلس القيادة الرئاسي «أكد دعمه للسياسات الحكومية والمضي قدماً في تنفيذ قرار مجلس الدفاع الوطني بتصنيف ميليشيات الحوثي، منظمة إرهابية، واتخاذ كافة الإجراءات لتجفيف مصادر تمويلها، وتأمين المنشآت الوطنية وردع أي تهديدات إجرامية لمصالح المواطنين والسلم والأمن الدوليين بدعم ومساندة تحالف دعم الشرعية».
ونقلت المصادر أن مجلس الحكم اتخذ «عدداً من القرارات ذات الصلة، شملت تشكيل خلية أزمة برئاسة رئيس الوزراء وعضوية عدد من الوزراء المعنيين ومحافظ البنك المركزي، لمتابعة التطورات الاقتصادية والمالية والنقدية، واتخاذ المعالجات الفورية بشأنها».
كما وجه مجلس القيادة الرئاسي الحكومة بالعمل على «تقديم التسهيلات اللازمة للقطاع الخاص وحمايته باعتباره شريكاً رئيساً في التنمية والإصلاح الاقتصادي الشامل، بما في ذلك تبسيط الإجراءات في كافة المنافذ السيادية، ومكافحة التهريب ومنع تحصيل أي رسوم غير قانونية».
كما وجه الحكومة باستمرار «دفع حصة السلطات المحلية في المحافظات خلال السنة المالية الجديدة، وبما يمكنها من الوفاء بالتزاماتها، وتوفير الخدمات الأساسية للمواطنين».
في غضون ذلك اتهم وزير الإعلام في الحكومة اليمنية الميليشيات الحوثية بأنها هي السبب في كل الأزمات الإنسانية والاقتصادية من خلال رفضها كل المقترحات الرامية إلى تحسين الأوضاع وصرف الرواتب.
ووصف الوزير اليمني الحضور الباهت لأتباع الميليشيات في مظاهرة الجمعة الماضي بأنه «يؤكد حالة الانكشاف السياسي الذي باتت تعانيه، بعد سقوط كافة شعاراتها بما فيها أكذوبة الحصار، والقناعات التي تشكلت لدى الرأي العام اليمني والدولي بمسؤوليتها الكاملة عن الأوضاع الاقتصادية والإنسانية المتردية في اليمن».
وقال الإرياني في تصريحات رسمية إن «الأحداث التي تلت إعلان الهدنة الإنسانية في أبريل (نيسان) الماضي، ورفض ميليشيا الحوثي تنفيذ التزاماتها بما في ذلك فتح الطرق الرئيسية بين المحافظات، ورفع الحصار عن تعز، وتخصيص إيرادات المشتقات النفطية في ميناء الحديدة لدفع مرتبات الموظفين، أكدت للقاصي والداني أن ‎الحوثي هو العدوان والحصار».
واتهم الوزير اليمني الميليشيات بأنها «أفرغت بنود الهدنة الإنسانية من مضمونها، ووضعت العراقيل أمام جهود توسيعها وتثبيتها برفضها تمديدها في أكتوبر( تشرين الأول) 2022، وقوضت دعوات التهدئة وإحلال السلام، وقابلتها بتنظيم عروض عسكرية استفزازية، وتصعيد خطابها العدائي، وأنشطتها الإرهابية التي تهدد السلم والأمن الإقليمي والدولي».
وأوضح الإرياني أن الميليشيات «استغلت حالة اللاحرب واللاسلم السائدة منذ انتهاء الهدنة لتوسيع سياساتها القمعية بحق المواطنين في مناطق سيطرتها، من مصادرة للأموال والممتلكات، وفرض مدونة سلوك للموظفين، وقيود على تنقل النساء، وجبايات غير قانونية على الشركات والأفراد، ومضاعفة الأعباء على كاهل المواطنين».
وأشار الوزير اليمني إلى تصعيد الميليشيات الأخير وانتهاكاتها المتمثلة في «شن حملة اختطافات وملاحقة للإعلاميين والصحافيين ومشاهير منصات التواصل الاجتماعي، وإصدار أوامر إعدام بحق معارضين في محافظتي صعدة والمحويت»، وقال: «ذلك يؤكد حالة الرعب والهستيريا التي انتابت الميليشيات بعد ارتفاع الأصوات المنادية بالانتفاضة الشعبية».
ووصف وزير الإعلام اليمني تنامي حالة الاحتقان والغضب الشعبي ضد الميليشيات بأنها «نتيجة طبيعية لممارسات المليشيا الحوثية، بعد أن بات الجميع بمن فيهم من انخدعوا بشعاراتها، على قناعة تامة بفشلها وفسادها، ومسؤوليتها عن الأوضاع التي آلت إليها البلاد، وافتقادها لأي مشروع وطني، وأنها مجرد أداة قذرة تدار بالريموت كنترول من إيران» وفق تعبيره.


مقالات ذات صلة

غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

العالم العربي غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

وصف المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الخميس) اللقاء الذي جمعه برئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي في عدن بـ«المثمر والجوهري»، وذلك بعد نقاشات أجراها في صنعاء مع الحوثيين في سياق الجهود المعززة للتوصل إلى تسوية يمنية تطوي صفحة الصراع. تصريحات المبعوث الأممي جاءت في وقت أكدت فيه الحكومة اليمنية جاهزيتها للتعاون مع الأمم المتحدة والصليب الأحمر لما وصفته بـ«بتصفير السجون» وإغلاق ملف الأسرى والمحتجزين مع الجماعة الحوثية. وأوضح المبعوث في بيان أنه أطلع العليمي على آخر المستجدات وسير المناقشات الجارية التي تهدف لبناء الثقة وخفض وطأة معاناة اليمنيين؛ تسهيلاً لاستئناف العملية السياسية

علي ربيع (عدن)
العالم العربي الحوثيون يفرجون عن فيصل رجب بعد اعتقاله 8 سنوات

الحوثيون يفرجون عن فيصل رجب بعد اعتقاله 8 سنوات

في خطوة أحادية أفرجت الجماعة الحوثية (الأحد) عن القائد العسكري اليمني المشمول بقرار مجلس الأمن 2216 فيصل رجب بعد ثماني سنوات من اعتقاله مع وزير الدفاع الأسبق محمود الصبيحي شمال مدينة عدن، التي كان الحوثيون يحاولون احتلالها. وفي حين رحب المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ بالخطوة الحوثية الأحادية، قابلتها الحكومة اليمنية بالارتياب، متهمة الجماعة الانقلابية بمحاولة تحسين صورتها، ومحاولة الإيقاع بين الأطراف المناهضة للجماعة. ومع زعم الجماعة أن الإفراج عن اللواء فيصل رجب جاء مكرمة من زعيمها عبد الملك الحوثي، دعا المبعوث الأممي في تغريدة على «تويتر» جميع الأطراف للبناء على التقدم الذي تم إنجازه

علي ربيع (عدن)
العالم العربي أعداد اللاجئين الأفارقة إلى اليمن ترتفع لمعدلات ما قبل الجائحة

أعداد اللاجئين الأفارقة إلى اليمن ترتفع لمعدلات ما قبل الجائحة

في مسكن متواضع في منطقة البساتين شرقي عدن العاصمة المؤقتة لليمن، تعيش الشابة الإثيوبية بيزا ووالدتها.

محمد ناصر (عدن)
العالم العربي كيانات الحوثيين المالية تتسبب في أزمة سيولة نقدية خانقة

كيانات الحوثيين المالية تتسبب في أزمة سيولة نقدية خانقة

فوجئ محمود ناجي حين ذهب لأحد متاجر الصرافة لتسلّم حوالة مالية برد الموظف بأن عليه تسلّمها بالريال اليمني؛ لأنهم لا يملكون سيولة نقدية بالعملة الأجنبية. لم يستوعب ما حصل إلا عندما طاف عبثاً على أربعة متاجر.

محمد ناصر (عدن)
العالم العربي تحذيرات من فيضانات تضرب اليمن مع بدء الفصل الثاني من موسم الأمطار

تحذيرات من فيضانات تضرب اليمن مع بدء الفصل الثاني من موسم الأمطار

يجزم خالد محسن صالح والبهجة تتسرب من صوته بأن هذا العام سيكون أفضل موسم زراعي، لأن البلاد وفقا للمزارع اليمني لم تشهد مثل هذه الأمطار الغزيرة والمتواصلة منذ سنين طويلة. لكن وعلى خلاف ذلك، فإنه مع دخول موسم هطول الأمطار على مختلف المحافظات في الفصل الثاني تزداد المخاطر التي تواجه النازحين في المخيمات وبخاصة في محافظتي مأرب وحجة وتعز؛ حيث تسببت الأمطار التي هطلت خلال الفصل الأول في مقتل 14 شخصا وإصابة 30 آخرين، كما تضرر ألف مسكن، وفقا لتقرير أصدرته جمعية الهلال الأحمر اليمني. ويقول صالح، وهو أحد سكان محافظة إب، لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف، في ظل الأزمة التي تعيشها البلاد بسبب الحرب فإن الهطول ال

محمد ناصر (عدن)

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.