نتنياهو يخشى زيادة العقوبات على «السلطة» الفلسطينية

رفض الاستجابة لمطالب وزرائه «لئلا تنهار»

«عميد الأسرى» المحرر كريم يونس الذي تسببت زيارة مسؤولين فلسطينيين له بمعاقبتهم (وفا)
«عميد الأسرى» المحرر كريم يونس الذي تسببت زيارة مسؤولين فلسطينيين له بمعاقبتهم (وفا)
TT

نتنياهو يخشى زيادة العقوبات على «السلطة» الفلسطينية

«عميد الأسرى» المحرر كريم يونس الذي تسببت زيارة مسؤولين فلسطينيين له بمعاقبتهم (وفا)
«عميد الأسرى» المحرر كريم يونس الذي تسببت زيارة مسؤولين فلسطينيين له بمعاقبتهم (وفا)

منع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو فرض عقوبات أكثر صرامة على السلطة الفلسطينية؛ خشية أن يقود ذلك إلى إضعافها بطريقة قد تؤدي إلى انهيارها في نهاية المطاف، واكتفى حالياً بمصادرة أموال فلسطينية وسحب تصاريح وبطاقات VIP من مسؤولين فلسطينيين، وشكّل فريقاً ضيقاً لإدارة الأمر.
وقال موقع «واي نت» الإسرائيلي إن نتنياهو عارض طلبات لوزراء في حكومته بإجراءات أكثر صرامة ضد السلطة، موضحاً أنه يجب التصرف بحذر حتى لا تنهار السلطة الفلسطينية.
وفي محاولة للسيطرة على التداعيات، أوعز نتنياهو إلى الحكومة بتعيين فريق محدود للنظر في الخطوات الواجب اتخاذها حيال السلطة والتعامل معها في حالات مشابهة في المستقبل، يضمه هو إلى جانب 4 وزراء آخرين هم: وزير الدفاع يوآف غالانت، ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش الذي يشغل أيضاً منصباً في وزارة الدفاع، ووزير الخارجية إيلي كوهين، ووزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر.
العقوبات التي أٌقرّها نتنياهو أبلغ بها الأميركيين الذين لم يكونوا راضين عنها، لكنهم امتنعوا عن إدانتها كذلك، بسبب فهمهم أن نتنياهو كان يستطيع اتخاذ خطوات أكثر صرامة ولم يقم بذلك. وعملياً دخلت العقوبات التي وافق عليها نتنياهو حيز التنفيذ، الأحد، بعدما صادق وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش على قرار مصادرة 139 مليون شيكل من أموال المقاصة الفلسطينية.
وقال نتنياهو، في جلسة الحكومة الأسبوعية، بعد قرار سموتريتش، إن حكومته بدأت تطبيق سياسة جديدة تجاه الفلسطينيين بسبب توجهها المعادي والمتطرف، إلى محكمة العدل الدولية، موضحاً أنها «حكومة جديدة بسياسة جديدة».
وتُعدّ مصادرة الأموال جزءاً من قرارات أوسع اتخذتها اللجنة الوزارية لشؤون الأمن القومي في الحكومة الإسرائيلية «الكابينيت»، ضد السلطة، رداً على نشاطها الدولي السياسي ضد إسرائيل، وآخره التوجه إلى محكمة العدل الدولية لطلب رأي استشاري حول ماهية الاحتلال.
وضمّت قائمة العقوبات، إلى جانب مصادرة الـ139 مليون شيكل (40 مليون دولار) «للمستهدفين من الإرهاب» من أموال الضرائب والجمارك التي تجبيها إسرائيل لصالح السلطة الفلسطينية، خصم أية مبالغ أخرى للسلطة تكون قيمتها بمقدار الأموال التي تدفعها السلطة الفلسطينية للأسرى الفلسطينيين وعائلات الشهداء في عام 2022، وتجميد خطط بناء للفلسطينيين في المنطقة ج، وسحب منافع لشخصيات مهمة تقود الصراع القضائي السياسي ضد إسرائيل واتخاذ إجراءات ضد منظمات في الضفة الغربية تدعم أية عمليات سياسية قضائية ضد إسرائيل.
هذا وسحبت إسرائيل، الأحد، بطاقة الـVIP من وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي بعد عودته من رحلة خارجية دون إعطاء أي اعتبار لموقعه وصفته الاعتبارية.
واضطر المالكي للانتظار في دوره على المعابر الإسرائيلية مثل غيره من الفلسطينيين. وقال المستشار السياسي لوزير الخارجية أحمد الديك إن تنفيذ هذا الإجراء التعسفي يعدّ انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي والاتفاقيات والتفاهمات الموقَّعة بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني. وجرى سحب بطاقة الشخصيات المهمة من المالكي بعد إلغاء السلطات الإسرائيلية تصاريح 3 مسؤولين في منظمة التحرير وقيادة حركة فتح.
وكان وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت قد أمر بإلغاء تصاريح دخول إسرائيل، لكل من نائب الرئيس الفلسطيني محمود عباس في قيادة حركة فتح محمود العالول، وعضو اللجنتين التنفيذية لمنظمة التحرير، والمركزية لحركة فتح عزام الأحمد، ورئيس المجلس الوطني الفلسطيني روحي فتوح، بعد زيارتهم للأسير المحرَّر كريم يونس في بلدة عارة بمنطقة المثلث في إسرائيل، علماً بأنه أقدم أسير فلسطيني؛ فقد قضى 40 عاماً في السجون الإسرائيلية. وأوعز غالانت لمنسق عمليات الحكومة في الأراضي الفلسطينية غسان عليان، بسحب التصاريح، بعد تقييم أجراه مع جهاز الأمن العام «الشاباك» ومسؤولين آخرين. واحتجّت السلطة الفلسطينية على سلسلة الخطوات الإسرائيلية، وقال المالكي إن السلطة تدرس خطوات قانونية وسياسية للرد على إجراءات حكومة الاحتلال الإسرائيلي بعد لجوء دولة فلسطين إلى محكمة العدل الدولية. وأضاف أن «إجراءات الاحتلال مخالفة للقانون الدولي، وتأتي رداً على حق طبيعي يتيحه القانون لدولة فلسطين، للخلاص من الاحتلال المتواصل منذ عقود». ووفق المالكي، ستشن السلطة حملة موجهة للرأي العام الدولي ضد إسرائيل وسياساتها، وستطالب، في رسالة إلى وزارات الخارجية حول العالم، باتخاذ موقف واضح من تلك الإجراءات.
ومع تصاعد التوترات تبادل الطرفان رسائل لا تخلو من التهديد والتهدئة. وأفاد مسؤولون إسرئيليون كبار بأن إسرائيل حوّلت للفلسطينيين رسائل واضحة بتصعيد ردّها في مواجهة ما وصفوه بـ«الإرهاب الدبلوماسي» الذي تنوي السلطة الفلسطينية اعتماده.
وأبلغ مسؤولون إسرائيليون نظراءهم الفلسطينيين بأنه على الرئيس محمود عباس أن يفكر ملياً قبل أية خطوة سياسية أخرى ضد إسرائيل؛ لأن تل أبيب ستردّ بقسوة أكبر.
الرسالة لم تمر عبر المستوى السياسي، بل عبر كبار المسؤولين العسكريين الذي أوضحوا أيضاً للفلسطينيين أنهم ليست لديهم نية لإضعاف أو حل السلطة الفلسطينية.
وردّ المحيطون بعباس بقولهم إنهم «منزعجون للغاية» من التحرك الإسرائيلي، وأنه إذا كان هذا ما يبدو عليه الأسبوع الأول من الحكومة، فإنه «واضح إلى أين تهب الرياح».


مقالات ذات صلة

غانتس يؤيد صفقة مع نتنياهو تمنع حبسه وتضمن تخليه عن الحكم

شؤون إقليمية غانتس يؤيد صفقة مع نتنياهو تمنع حبسه وتضمن تخليه عن الحكم

غانتس يؤيد صفقة مع نتنياهو تمنع حبسه وتضمن تخليه عن الحكم

في اليوم الذي استأنف فيه المتظاهرون احتجاجهم على خطة الحكومة الإسرائيلية لتغيير منظومة الحكم والقضاء، بـ«يوم تشويش الحياة الرتيبة في الدولة»، فاجأ رئيس حزب «المعسكر الرسمي» وأقوى المرشحين لرئاسة الحكومة، بيني غانتس، الإسرائيليين، بإعلانه أنه يؤيد إبرام صفقة ادعاء تنهي محاكمة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، بتهم الفساد، من دون الدخول إلى السجن بشرط أن يتخلى عن الحكم. وقال غانتس في تصريحات صحافية خلال المظاهرات، إن نتنياهو يعيش في ضائقة بسبب هذه المحاكمة، ويستخدم كل ما لديه من قوة وحلفاء وأدوات حكم لكي يحارب القضاء ويهدم منظومة الحكم. فإذا نجا من المحاكمة وتم تحييده، سوف تسقط هذه الخطة.

نظير مجلي (تل أبيب)
المشرق العربي هدوء في غزة بعد ليلة من القصف المتبادل بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية

هدوء في غزة بعد ليلة من القصف المتبادل بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية

سادَ هدوء حذِر قطاع غزة، صباح اليوم الأربعاء، بعد ليلة من القصف المتبادل بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية، على أثر وفاة المعتقل خضر عدنان، أمس، مُضرباً عن الطعام في السجون الإسرائيلية، وفقاً لوكالة «الأنباء الألمانية». وكانت وسائل إعلام فلسطينية قد أفادت، فجر اليوم، بأنه جرى التوصل لاتفاق على وقف إطلاق النار بين فصائل فلسطينية والجانب الإسرائيلي، وأنه دخل حيز التنفيذ. وقالت وكالة «معاً» للأنباء إن وقف إطلاق النار في قطاع غزة «مشروط بالتزام الاحتلال الإسرائيلي بعدم قصف أي مواقع أو أهداف في القطاع».

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية بعد 75 عاماً على قيامها... إسرائيل بين النجاح الاقتصادي والفروقات الاجتماعية الصارخة

بعد 75 عاماً على قيامها... إسرائيل بين النجاح الاقتصادي والفروقات الاجتماعية الصارخة

بعد مرور 75 عاماً على قيامها، أصبح اقتصاد إسرائيل واحداً من أكثر الاقتصادات ازدهاراً في العالم، وحقّقت شركاتها في مجالات مختلفة من بينها التكنولوجيا المتقدمة والزراعة وغيرها، نجاحاً هائلاً، ولكنها أيضاً توجد فيها فروقات اجتماعية صارخة. وتحتلّ إسرائيل التي توصف دائماً بأنها «دولة الشركات الناشئة» المركز الرابع عشر في تصنيف 2022 للبلدان وفقاً لنصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، متقدمةً على الاقتصادات الأوروبية الأربعة الأولى (ألمانيا والمملكة المتحدة وفرنسا وإيطاليا)، وفقاً لأرقام صادرة عن صندوق النقد الدولي. ولكن يقول جيل دارمون، رئيس منظمة «لاتيت» الإسرائيلية غير الربحية التي تسعى لمكافحة ا

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية مكارثي يتعهد دعوة نتنياهو إلى واشنطن في حال استمر تجاهل بايدن له

مكارثي يتعهد دعوة نتنياهو إلى واشنطن في حال استمر تجاهل بايدن له

أعلن رئيس مجلس النواب الأميركي، كيفين مكارثي، في تل أبيب، امتعاضه من تجاهل الرئيس الأميركي، جو بايدن، رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو وامتناعه عن دعوته للقيام بالزيارة التقليدية إلى واشنطن. وهدد قائلاً «إذا لم يدع نتنياهو إلى البيت الأبيض قريباً، فإنني سأدعوه إلى الكونغرس». وقال مكارثي، الذي يمثل الحزب الجمهوري، ويعدّ اليوم أحد أقوى الشخصيات في السياسة الأميركية «لا أعرف التوقيت الدقيق للزيارة، ولكن إذا حدث ذلك فسوف أدعوه للحضور ومقابلتي في مجلس النواب باحترام كبير. فأنا أرى في نتنياهو صديقاً عزيزاً.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية المواجهة في إسرائيل: شارع ضد شارع

المواجهة في إسرائيل: شارع ضد شارع

بدأت المواجهة المفتوحة في إسرائيل، بسبب خطة «التعديلات» القضائية لحكومة بنيامين نتنياهو، تأخذ طابع «شارع ضد شارع» بعد مظاهرة كبيرة نظمها اليمين، الخميس الماضي، دعماً لهذه الخطة، ما دفع المعارضة إلى إظهار عزمها الرد باحتجاجات واسعة النطاق مع برنامج عمل مستقبلي. وجاء في بيان لمعارضي التعديلات القضائية: «ابتداءً من يوم الأحد، مع انتهاء عطلة الكنيست، صوت واحد فقط يفصل إسرائيل عن أن تصبحَ ديكتاتورية قومية متطرفة.

«الشرق الأوسط» (رام الله)

وسط دعوات لإقالة بن غفير... إسرائيل إلى أزمة دستورية

إيتمار بن غفير (إ.ب.أ)
إيتمار بن غفير (إ.ب.أ)
TT

وسط دعوات لإقالة بن غفير... إسرائيل إلى أزمة دستورية

إيتمار بن غفير (إ.ب.أ)
إيتمار بن غفير (إ.ب.أ)

تسببت عريضة قدمتها مجموعة من المنظمات غير الحكومية للمحكمة العليا بإسرائيل، مطالبةً فيها بإصدار أمر إقالة لوزير الأمن الوطني المنتمي لليمين المتطرف إيتمار بن غفير، في حدوث انشقاق داخل حكومة بنيامين نتنياهو، مما قد يزج بإسرائيل في أزمة دستورية.

وفي رسالة إلى نتنياهو، الأسبوع الماضي، طلبت المدعية العامة غالي باهراف ميارا من رئيس الوزراء أن يدرس إقالة بن غفير، مستندة إلى أدلة تشير لتدخله المباشر في عمليات الشرطة، واتخاذ قرارات الترقيات بداخلها بناء على أسباب سياسية.

وجاءت هذه الرسالة قبل أن تقدم باهراف ميارا رأيها إلى المحكمة العليا في الأسابيع المقبلة بشأن ما إذا كان ينبغي لها قبول العريضة التي قدمتها المنظمات غير الحكومية في سبتمبر (أيلول) والنظر فيها، أم لا.

وفي رسالتها التي نشرها مكتبها، أيدت باهراف ميارا الاتهامات التي ساقتها المنظمات غير الحكومية عن تدخل بن غفير شخصياً في الطريقة التي تعامل بها قادة الشرطة مع الاحتجاجات المناهضة للحكومة.

واستشهدت أيضاً برسالة من المفوض السابق للشرطة يعقوب شبتاي الذي ترك منصبه في يوليو (تموز)، والتي جاء فيها أن بن غفير أصدر تعليمات لكبار قادة الشرطة بتجاهل أوامر مجلس الوزراء بحماية قوافل المساعدات الإنسانية المتجهة إلى غزة.

وقد أثارت رسالة باهراف ميارا رد فعل حاداً من بن غفير الذي دعا علناً إلى إقالتها، قائلاً إن طلبها تُحركه دوافع سياسية. ونفى الوزير ارتكاب أي مخالفات.

وحصل بن غفير على مهام واسعة عندما انضم إلى ائتلاف نتنياهو في نهاية عام 2022، منها المسؤولية عن شرطة الحدود في الضفة الغربية المحتلة، على الرغم من إدانته في عام 2007 بالتحريض العنصري ضد العرب ودعم حركة (كاخ) اليهودية المتطرفة التي تصنفها إسرائيل والولايات المتحدة منظمة إرهابية.

وقد أدى (قانون الشرطة) الذي أقره الكنيست في ديسمبر (كانون الأول) 2022، وهو أحد الشروط التي وضعها بن غفير للانضمام إلى الائتلاف، إلى توسيع سلطاته على الشرطة والسماح له بوضع السياسات العامة، وتحديد أولويات العمل والمبادئ التوجيهية.

وقال بن غفير إن القانون سيعزز قوة الشرطة وقدرتها على مكافحة الجرائم، وزعم أن الشرطة في كل البلدان الديمقراطية تتبع وزيراً منتخباً. وقال منتقدون إن التعديلات منحت بن غفير سلطات شاملة على العمليات، وحوّلته إلى «رئيس للشرطة (بسلطات) مطلقة».

وقال أربعة من قادة الشرطة السابقين وخبيران قانونيان لـ«رويترز» إن التغييرات التي أجراها بن غفير على الكيان الشرطي وثقافته قادت إلى تسييسه.

وقال أمونون الكالاي، وهو سيرجنت سابق في الشرطة استقال في 2021: «يحاول الوزير بن غفير من خلال سلطته الموافقة على التعيينات أو التدخل في الترقيات لخدمة مصالحه السياسية الخاصة».

ولم ترد شرطة إسرائيل ولا مكتب بن غفير على طلبات للتعليق على دور الوزير في تعيينات الشرطة أو التأثير في عملها.

وقاوم نتنياهو، الذي يواجه اتهامات بالفساد، دعوات سابقة لإقالة بن غفير. وإذا انسحب حزب عوتسماه يهوديت (القوة اليهودية) الذي يرأسه بن غفير من الائتلاف الحاكم، فلن يكون لدى نتنياهو إلا أغلبية ضئيلة. وإلى جانب المشكلات القانونية التي تواجه رئيس الوزراء، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة لاعتقاله، الخميس، بتهمة ارتكاب جرائم حرب في صراع غزة. ويصر نتنياهو على براءته من جميع التهم.

ويقول بعض الخبراء القانونيين إن إسرائيل قد تنزلق إلى أزمة دستورية إذا أمرت المحكمة العليا رئيس الوزراء بإقالة بن غفير ورفض ذلك، حيث ستظهر الحكومة وكأنها تضرب بقرارات القضاء عرض الحائط.

وقال عمير فوكس، وهو أحد كبار الباحثين في المعهد الإسرائيلي للديمقراطية، وهو مركز أبحاث مقره القدس: «لا نعرف ماذا سيحدث في مثل هذا الوضع». وأضاف أن هذا قد يضع إسرائيل «في موقف خطير للغاية».

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير (إ.ب.أ)

موقف متشدد من الاحتجاجات

في العام الماضي، استقال قائد شرطة تل أبيب عامي إيشد، وأشار لأسباب سياسية وراء قراره، وذلك بعد أن صرح علناً أنه لن يستخدم القوة ضد المتظاهرين المناهضين للحكومة، على الرغم من طلبات بن غفير بذلك. وفي بيان بثه التلفزيون، قال إيشد إن «المستوى الوزاري» كان يتدخل بشكل صارخ في عملية اتخاذ القرار المهني.

ولم يرد مكتب بن غفير علناً على تعليقات إيشد. وكانت المحكمة العليا قد أمرت بن غفير بالتوقف عن إعطاء تعليمات للشرطة حول كيفية استخدام القوة للسيطرة على الاحتجاجات في العام الماضي، قبل أن تعاود الأمر في يناير (كانون الثاني).

وقال قادة الشرطة الأربعة السابقون الذين تحدثوا إلى «رويترز»، إن ثمة تغييراً طرأ على عمل الشرطة تحت قيادة بن غفير. وأوضحوا أن الدليل على ذلك هو عدم تنفيذ الشرطة أي اعتقالات عندما اقتحم متظاهرون من اليمين مجمعين عسكريين في يوليو، بعد وصول محققين لاستجواب جنود في اتهامات بإساءة معاملة سجين فلسطيني.

وعلى النقيض من ذلك، اتخذت الشرطة إجراءات صارمة في مواجهة المظاهرات المناهضة للحكومة. وذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية في يونيو (حزيران) أن 110 أشخاص قُبض عليهم في إحدى ليالي الاحتجاجات، وهو رقم قياسي، ولم توجّه اتهامات إلا إلى شخص واحد منهم.

وقالت الشرطة، رداً على الانتقادات الموجهة إليها باعتقال أعداد كبيرة، إن سلوك بعض المتظاهرين اتسم بالعنف خلال الاحتجاجات، ومنهم من هاجموا قوات إنفاذ القانون وأشعلوا الحرائق.

الحرم القدسي

أدت تعيينات في مناصب عليا في الأشهر القليلة الماضية إلى تحول في قيادة الشرطة، فبعد أن وافقت الحكومة في أغسطس (آب) على مرشحه لمنصب مفوض الشرطة، دانييل ليفي، قال بن غفير إن المفوض الجديد سوف يتبع «أجندة صهيونية ويهودية»، ويقود الشرطة «وفقاً للسياسة التي وضعتها له».

ويشكل العرب ما يزيد قليلاً على 20 في المائة من سكان إسرائيل، ويتعرضون لمعدلات أعلى بكثير من جرائم العنف. ولم يحضر بن غفير ولا ليفي اجتماعاً دعا إليه نتنياهو في سبتمبر لمواجهة ارتفاع معدلات الجريمة في المجتمع العربي بإسرائيل.

وخفف أمير أرزاني، الذي تم تعيينه قائداً لشرطة القدس في فترة تولي بن غفير منصبه، قيود الوصول إلى المسجد الأقصى، في مكان يطلق عليه اليهود اسم جبل المعبد، وهو أحد أكثر الأماكن حساسية في الشرق الأوسط.

وقال أحد كبار المسؤولين سابقاً عن إنفاذ القانون في القدس لـ«رويترز»، إنه في السابق عندما كان يحاول الوزراء الوصول إلى الحرم القدسي لممارسة الطقوس اليهودية كان كبار الضباط يطلبون تصريحاً من وزارة العدل لاعتقالهم على أساس أن ذلك يشكل تهديداً للأمن الوطني.

وصعد بن غفير إلى الحرم القدسي عدة مرات منذ توليه منصبه دون أن يوقفه رجال الشرطة.

وقالت شرطة إسرائيل، في بيان، رداً على أسئلة من «رويترز» بشأن الإرشادات، إن أعضاء الكنيست يمكنهم طلب الوصول إلى الحرم القدسي عبر (حرس الكنيست)، وإن الموافقة تعتمد على تقييم أمني يجري في وقت قريب من موعد الزيارة المطلوبة.

وقال أحد المسؤولين السابقين، الذي خدم في فترة بن غفير وطلب عدم الكشف عن هويته بسبب الطبيعة الحساسة لمنصبه السابق، إن بن غفير لم يُمنع من الوصول إلى الحرم القدسي، حيث عُدّ أنه لا يشكل تهديداً.

أضرار طويلة الأمد

قال يوجين كونتوروفيتش، رئيس قسم القانون الدولي في منتدى كوهيليت للسياسات، وهو مركز أبحاث ذو توجه محافظ مقره القدس، إن الأمر الذي أصدرته المحكمة العليا لرئيس الوزراء بإقالة الوزير قد ينطوي على تجاوز لحدود السلطة القضائية.

وأضاف: «إذا لم يكن لرئيس الوزراء الاختيار بشأن الوزراء الذين يعينهم أو يقيلهم فهو ليس رئيساً للوزراء، بل مجرد دمية في يد المحاكم». وأضاف أن المدعية العامة لم تحدد قوانين بعينها انتهكها بن غفير.

وطعنت (الحركة من أجل جودة الحكم في إسرائيل)، وهي حملة تهدف إلى تعزيز معايير الديمقراطية، على قانون الشرطة لعام 2022 أمام المحكمة العليا.

وقال أوري هيس، المحامي في الحركة، إن القانون أعطى بن غفير سلطة خطيرة للتدخل في السياسة الإسرائيلية؛ لأنه يستطيع استخدام الشرطة لقمع المشاعر المناهضة للحكومة.

وذكر يوآف سيغالوفيتش، وهو عضو في الكنيست عن حزب معارض وضابط إنفاذ قانون سابق ترأس قسم التحقيقات والاستخبارات في الشرطة، إن التغييرات التي أجراها بن غفير يحتمل أن تسبب أضراراً لا رجعة فيها، وقد يستغرق تصحيحها سنوات.

وقال سيغالوفيتش: «ينبغي ألا يتمتع أي سياسي بسلطة على كيفية استخدام الشرطة؛ لأن الشرطة ليست مثل الجيش، فالشرطة تتعامل مع المواطنين؛ الشرطة تتعامل مع القضايا الأكثر حساسية».