الأطراف السودانية تباشر مناقشة ملفات «الاتفاق النهائي»

«الآلية الرباعية» و«الترويكا» تحذران من محاولة تقويض العملية السياسية

جانب من مسيرة تطالب بالحكم المدني في الذكرى الرابعة لإسقاط نظام الرئيس المعزول عمر البشير 19 ديسمبر (رويترز)
جانب من مسيرة تطالب بالحكم المدني في الذكرى الرابعة لإسقاط نظام الرئيس المعزول عمر البشير 19 ديسمبر (رويترز)
TT

الأطراف السودانية تباشر مناقشة ملفات «الاتفاق النهائي»

جانب من مسيرة تطالب بالحكم المدني في الذكرى الرابعة لإسقاط نظام الرئيس المعزول عمر البشير 19 ديسمبر (رويترز)
جانب من مسيرة تطالب بالحكم المدني في الذكرى الرابعة لإسقاط نظام الرئيس المعزول عمر البشير 19 ديسمبر (رويترز)

بدأ العسكريون والمدنيون في السودان، أمس، المرحلة النهائية من العملية السياسية التي تيسرها الآلية الثلاثية الدولية؛ لحسم 5 قضايا أساسية، استعداداً للتوقيع على «الاتفاق النهائي» المنبثق «الاتفاق الإطاري» الذي وقّعته قيادة الجيش مع أحزاب سياسية، في 5 ديسمبر (كانون الأول)، ويقضي بانسحاب العسكريين من العمل السياسي ونقل السلطة إلى المدنيين.
شارك في حفل إطلاق المرحلة النهائية، رئيس مجلس السيادة قائد الجيش الفريق عبد الفتاح البرهان، ونائبه محمد حمدان دقلو «حميدتي»، وقادة ورؤساء تحالف «الحرية والتغيير» الذي يضم أكبر أحزاب المعارضة.
من جانبها أعلنت «الآلية الرباعية» التي تضم أميركا والسعودية وبريطانيا والإمارات، ومعها هيئة «الترويكا» المكونة من دول غربية، رفضها أية محاولة لتقويض العملية السياسية تفادياً لإثارة مزيد من عدم الاستقرار في السودان. وقال السفير السعودي لدى الخرطوم علي بن حسن جعفر، الذي تلا بيان الآلية الرباعية ودول الترويكا، إن هذه العملية هي الأساس لقيام حكومة جديدة بقيادة مدنية تقود السودان، خلال فترة انتقالية تُتوَّج بالانتخابات.
وقال الفريق البرهان إن المؤسسة العسكرية ستخضع عاجلاً أم آجلاً للسلطة المدنية التي تأتي عبر الانتخابات، مضيفاً «نتمنى أن نرى قريباً تشكيل حكومة مدنية حقيقية تعبر عن رغبات الشعب السوداني».
وأبرز قادة أحزاب «الحرية والتغيير» المشارِكة في المباحثات، رئيس حزب الأمة القومي فضل الله برمة ناصر، ورئيس حزب المؤتمر السوداني عمر الدقير، وآخرون، كما شارك في الحفل الافتتاحي، أمس، سفراء كل من السعودية وأميركا وبريطانيا والنرويج، وقادة «الآلية الثلاثية»، وهم: فولكر بيرتس، وممثل الاتحاد الأفريقي محمد بلعيش، وممثل «إيقاد» إسماعيل وايس.
وقال السفير السعودي في الحفل: «نستمر في دعمنا بقوة لهذه العملية التي يقودها السودانيون في تنسيق وثيق مع الآلية الثلاثية المكوَّنة من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والإيقاد».
وأضاف ابن حسن جعفر: «ندعو جميع الأطراف للانخراط في العملية السياسية من أجل الوصول إلى اتفاق بأقصى سرعة؛ لمعالجة التحديات الأمنية والسياسية والاقتصادية والإنسانية، واستئناف الدعم والمساعدات الدولية، ولرفع مستوى التعاون بين حكومة السودان في المرحلة المقبلة مع الشركاء الدوليين».
وقال إن هذه الحوارات ستشمل الموقِّعين على الاتفاق وغير الموقِّعين عليه على حد سواء، وأن الباب سيظل مفتوحاً للمشاركة في هذه العملية السياسية، كما دعا القادة السودانيين لتأكيد المشاركة الفاعلة للمرأة والشباب والمجتمعات المهمّشة في جميع أنحاء السودان. وأضاف: «يدين أعضاء الرباعية والترويكا أية محاولات لتقويض هذه العملية السياسية بقيادة سودانية أو إثارة مزيد من عدم الاستقرار داخل السودان».
وأعلن السفير السعودي ترحيب أعضاء الرباعية والترويكا بإنطلاق هذه المرحلة الثانية والأخيرة للعملية السياسية لاستعادة التحول الديمقراطي في السودان.
بدورها توقعت الآلية الثلاثية، في بيان، أمس، أن تخرج الحوارات بين الأطراف بتكوين مجموعات عمل ومؤتمرات لرسم خريطة طريق حول كل من القضايا التي سيجري النظر فيها في الاتفاق السياسي النهائي. وأشارت إلى أن المرحلة الثانية تنطلق بعقد مؤتمر يبدأ، اليوم الاثنين، ويستمر لمدة 4 أيام، يناقش خريطة طريق تجديد عملية تفكيك نظام الرئيس المعزول عمر البشير.
والقضايا المؤجَّلة من الاتفاق الإطاري هي: تفكيك النظام المعزول، وتقييم وتقويم اتفاقية جوبا للسلام الموقَّعة بين الحكومة والحركات المسلّحة في 2020، وملف الإصلاح الأمني والعسكري، بجانب العدالة الانتقالية، وإيجاد حل لمشكلة شرق البلاد، من خلال مشاورات واسعة مع المكونات السياسية والأهلية في الإقليم.
وينتظر أن تُجري الأطراف الموقِّعة حوارات ونقاشات مكثفة حول القضايا الخمس مع أصحاب المصلحة؛ بغرض التوصل إلى توافق عليها قبل التوقيع على الاتفاق النهائي.
وأكد بيان القوى الموقِّعة، في مستهل بدء المرحلة النهائية للعملية السياسية، المضي قدماً نحو استعادة المسار المدني الديمقراطي، للوصول إلى اتفاق سياسي نهائي وعادل، وفق ترتيبات دستورية متينة.
وأشار البيان إلى أن القوى الموقِّعة على الاتفاق الإطاري عملت مع الآلية الثلاثية بوتيرة عالية لاستكمال كل ترتيبات واستحقاقات انطلاق المرحلة النهائية للعملية السياسية، لتصميم رؤية متكاملة وخطة تنفيذية لتحقيق نجاح مؤتمرات ومجموعات العمل في القضايا الـ5 التي نصّ عليها الاتفاق السياسي الإطاري.
من جهة ثانية أعلنت الأطراف المدنية الموقِّعة على الاتفاق الإطاري، تعيين وزير شؤون رئاسة مجلس الوزراء السابق خالد عمر يوسف، متحدثاً رسمياً باسمها؛ لإطلاع الرأي العام ووسائل الإعلام على مستجدّات وتطورات العملية السياسية. ويرفض تحالف «الحرية والتغيير» مجموعة المجلس المركزي، بشدة أي اتجاه لإغراق العملية السياسية بقوى سياسية أو كيانات مناوئة للتحول المدني الديمقراطي في البلاد.
وفي موازاة ذلك، أعلنت «الكتلة الديمقراطية» الرافضة للتوقيع على الاتفاق الإطاري، إيقاف أية اتصالات غير رسمية مع مجموعة المجلس المركزي. وأبرز مكونات هذه الكتلة هي «حركة العدل والمساواة» بقيادة جبريل إبراهيم، و«حركة جيش تحرير السودان» بزعامة مني أركو مناوي، وفصيل من الحزب «الاتحادي الأصل».
وقال المتحدث باسم الكتلة مبارك أردول، في تصريحات صحافية، أمس: «ننتظر عقد لقاء مع القوى الموقِّعة على الاتفاق؛ العسكرية والمدنية، بحضور الأطراف الإقليمية والدولية لمراقبة الحوار». وبشأن لقاء الكتلة برئيس جهاز المخابرات المصرية اللواء عباس كامل، الأسبوع الماضي، أكد أردول أهمية دور مصر في تسهيل الحوار بين الأطراف السودانية.
وفي الخامس من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وقّع قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان، وقائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو «حميدتي»، مع تحالف المعارضة «الحرية والتغيير» اتفاقاً إطارياً لإنهاء الحكم العسكري وعودة الحكم المدني في البلاد، انضمت إليه قوى داعمة لعملية الانتقال، بينما قاطعتها «الكتلة الديمقراطية».


مقالات ذات صلة

الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

شمال افريقيا الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

كثَّفت المملكة العربية السعودية، جهودَها الدبلوماسية لوقف التصعيد في السودان، إلى جانب مساعداتها لإجلاء آلاف الرعايا من أكثر من مائة دولة عبر ميناء بورتسودان. وأجرى وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، أمس، اتصالات هاتفية، مع الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، ووزير الخارجية الجيبوتي محمود علي يوسف، بحث خلالها الجهود المبذولة لوقف التصعيد العسكري بين الأطراف السودانية، وإنهاء العنف، وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين، بما يضمن أمنَ واستقرار ورفاه السودان وشعبه.

شمال افريقيا «أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

نقلت سفينة «أمانة» السعودية، اليوم (الخميس)، نحو 1765 شخصاً ينتمون لـ32 دولة، إلى جدة، ضمن عمليات الإجلاء التي تقوم بها المملكة لمواطنيها ورعايا الدول الشقيقة والصديقة من السودان، إنفاذاً لتوجيهات القيادة. ووصل على متن السفينة، مساء اليوم، مواطن سعودي و1765 شخصاً من رعايا «مصر، والعراق، وتونس، وسوريا، والأردن، واليمن، وإريتريا، والصومال، وأفغانستان، وباكستان، وأفغانستان، وجزر القمر، ونيجيريا، وبنغلاديش، وسيريلانكا، والفلبين، وأذربيجان، وماليزيا، وكينيا، وتنزانيا، والولايات المتحدة، وتشيك، والبرازيل، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وهولندا، والسويد، وكندا، والكاميرون، وسويسرا، والدنمارك، وألمانيا». و

«الشرق الأوسط» (جدة)
شمال افريقيا مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

بعد 3 أيام عصيبة قضتها المسنة السودانية زينب عمر، بمعبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان، وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على غر

شمال افريقيا الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

أعلنت الأمم المتحدة، الخميس، أنها تحتاج إلى 445 مليون دولار لمساعدة 860 ألف شخص توقعت أن يفروا بحلول أكتوبر (تشرين الأول) المقبل من القتال الدامي في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع. وأطلقت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين هذا النداء لجمع الأموال من الدول المانحة، مضيفة أن مصر وجنوب السودان سيسجّلان أكبر عدد من الوافدين. وستتطلب الاستجابة للأزمة السودانية 445 مليون دولار حتى أكتوبر؛ لمواجهة ارتفاع عدد الفارين من السودان، بحسب المفوضية. وحتى قبل هذه الأزمة، كانت معظم العمليات الإنسانية في البلدان المجاورة للسودان، التي تستضيف حالياً الأشخاص الفارين من البلاد، تعاني نقصاً في التمو

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شمال افريقيا الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

وجّه الصراع المحتدم الذي يعصف بالسودان ضربة قاصمة للمركز الرئيسي لاقتصاد البلاد في العاصمة الخرطوم. كما عطّل طرق التجارة الداخلية، مما يهدد الواردات ويتسبب في أزمة سيولة. وفي أنحاء مساحات مترامية من العاصمة، تعرضت مصانع كبرى ومصارف ومتاجر وأسواق للنهب أو التخريب أو لحقت بها أضرار بالغة وتعطلت إمدادات الكهرباء والمياه، وتحدث سكان عن ارتفاع حاد في الأسعار ونقص في السلع الأساسية. حتى قبل اندلاع القتال بين طرفي الصراع في 15 أبريل، عانى الاقتصاد السوداني من ركود عميق بسبب أزمة تعود للسنوات الأخيرة من حكم الرئيس السابق عمر البشير واضطرابات تلت الإطاحة به في عام 2019.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)

احتجاز فرنسي في تونس بتهمة «تعريض الأمن القومي للخطر»

قوات أمنية في شوارع تونس العاصمة (أ.ف.ب)
قوات أمنية في شوارع تونس العاصمة (أ.ف.ب)
TT

احتجاز فرنسي في تونس بتهمة «تعريض الأمن القومي للخطر»

قوات أمنية في شوارع تونس العاصمة (أ.ف.ب)
قوات أمنية في شوارع تونس العاصمة (أ.ف.ب)

قال فنسنت جيسير، مدير أحد مختبرات البحوث في فرنسا، إن السلطات التونسية احتجزت قبل 12 يوماً طالب الدكتوراه الفرنسي، فيكتور ديبون، الذي يعمل في المختبر بتهمة «تعريض الأمن القومي للخطر»، مشيراً إلى أن السلطات الفرنسية تحاول التفاوض بشأن إطلاق سراحه. وأفاد إدوارد ماتالون، الذي يعمل أمين مكتبة ويقيم في باريس، وهو أحد أصدقاء ديبون (27 عاماً)، في تصريحات نقلتها وكالة «رويترز» للأنباء، بأن طالب الدراسات العليا الفرنسي ألقي القبض عليه قبل منتصف ليلة 19 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي بمنزله في إحدى ضواحي تونس، مع 3 من الأصدقاء كانوا يزورونه من فرنسا. وأضاف ماتالون أنه شخصياً أُطلق سراحه في اليوم ذاته بعد استجوابه.

من جانبه، قال جيسير مدير المعهد الفرنسي لبحوث ودراسات العالمين العربي والإسلامي في جامعة إيكس - مارسيليا إن الحادث «اعتداء على الحرية الأكاديمية». ولم يتسنَّ الوصول للسلطات التونسية حتى الآن للتعليق، كما لم ترد وزارة الشؤون الخارجية الفرنسية أيضاً على طلب للتعليق.

لكن عدداً من الحقوقيين التونسيين ربطوا الاعتقال بأطروحة دكتوراه ديبون، التي بدأها في عام 2022، على اعتبار أنها تتناول الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والمسارات الحياتية للذين شاركوا في الحركات الاجتماعية لثورة 2011 التي أطاحت بالرئيس السابق زين العابدين بن علي.