الممثل المغربي محمد البسطاوي: السينما ما زال ينقصها الاشتغال على مضامين تهم الشعب

أؤمن بالتخصص وأتمنى أن أبقى ممثلا

محمد البسطاوي
محمد البسطاوي
TT

الممثل المغربي محمد البسطاوي: السينما ما زال ينقصها الاشتغال على مضامين تهم الشعب

محمد البسطاوي
محمد البسطاوي

قدم الممثل المغربي محمد البسطاوي على مدار مشواره الفني ما يزيد على ثلاثين عملا سينمائيا، إضافة إلى الكثير من المسلسلات والمسرحيات الرائعة التي شارك فيها، ومن أبرز هذه الأعمال دوره في المسلسل التراثي «وجع التراب»، وأيضا المسلسل التاريخي «صقر قريش»، وفيلم «علال القلدة» الذي عرض عام 2003 وحصل على الجائزة الذهبية في مهرجان القاهرة للإذاعة والتلفزيون.
ومن أواخر الأعمال التي شارك فيها الفنان محمد البسطاوي فيلم «أياد خشنة» و«الصوت الخفي» الذي يشارك في المسابقة الرسمية لمهرجان الفيلم المغربي بطنجة.
وفي هذا السياق، ذكر البسطاوي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك أفلاما أخرى شارك فيها مثل فيلم «أغادير إكسبريس» من إخراج يوسف فاضل، وفيلم «الوشاح الأحمر» لمحمد اليونسي، مشيرا إلى أنها ستعرض في الدورة المقبلة للمهرجان. وحول مساره الفني في التمثيل قال: «أنا أومن بالتخصص، وأتمنى أن أبقى فقط ممثلا»، وعزا أهم المشكلات التي يعانيها الممثلون إلى الفراغ القانوني الذي يجب أن يحميهم ويضمن لهم الاستقرار وحياة أفضل. وبشأن مكانة السينما المغربية، أوضح البسطاوي أنه ما زال ينقصها الاشتغال على مضامين تهم الشعب المغربي، وقال: «يجب أن نسعى إلى سينما تميزنا عن غيرنا وتقدم صورة للمواطن المغربي»، مبرزا من جهة ثانية أن السينما الإيرانية أصبحت معروفة، وزاد قائلا: «الإيرانيون يؤمنون بأن السينما هي إحساس ويشتغلون على وتيرة مرتفعة».
وإليكم نص الحوار.
* بداية، ما آخر الأفلام التي شاركت فيها؟ وهل هناك جديد؟
- بالنسبة لمهرجان الفيلم بطنجة في دورته الـ15، هناك مشاركتي في فيلم «الصوت الخفي» للمخرج المغربي كمال كمال، الذي يشارك في المسابقة الرسمية، وهناك أفلام سينمائية أخيرة شاركت فيها وستشاهدونها الدورة المقبلة، مثل فيلم «أغادير إكسبريس» من إخراج يوسف فاضل، وفيلم «الوشاح الأحمر» لمحمد اليونسي.
* هل تجربتك ستقتصر فقط على التمثيل أم سنراك مستقبلا في الإخراج أو الإنتاج، كما فعل الكثير من الممثلين؟
- لا أبدا، أنا أومن بالتخصص، وأتمنى أن أبقى فقط ممثلا وأوفق بين زملائي وأكون محبوبا سواء من طرف الزملاء أو الجمهور، فإذا وصلت إلى هذه المكانة فذاك هو حلمي، وطموحي محدود في هذا الأمر، أما الإخراج فلا أعتقد يوما أنني سأعمل مخرجا أو منتجا أو أي شيء آخر مرتبط بالصناعة السينمائية.
فأنا أحب أن أبقى مقدما لشخصيات كثيرة، وأطلب من الله أن يوفقني في ذلك.
* موازاة مع فعاليات الفيلم المغربي في طنجة، ما مكانة السينما المغربية مقارنة بالسينما العالمية؟
- إذا تحدثنا عن السينما العالمية فإننا نتكلم عن خمس قارات وعدد كبير من الدول، وكل دولة تحتوي على سينما خاصة بها، والأكيد أن مستوى السينما متباين في العالم العربي. والسينما المغربية حاليا تتوجه لها الكاشفات وتسلط عليها الأضواء، لأن الدولة المغربية تساهم كثيرا في دعم الإنتاج، وقد وصل عدد الأفلام التي أنتجت السنة الماضية إلى 22 شريطا طويلا، إضافة إلى أفلام أخرى يجري إنتاجها وتحصل على جوائز ضمن أفلام ودول معترف بها عالميا في صناعة السينما.
* من أي جانب تتطور السينما المغربية وتحصل على جوائز مهمة؟ وهل ما تزال متأخرة عن مستوى العالمية؟
- على مستوى الصوت والصورة وغير ذلك، لكن ما زال ينقصنا في السينما المغربية الاشتغال على مضامين تهمنا كشعب، يجب أن نسعى إلى سينما تميزنا عن غيرنا وتقدم صورة للمواطن المغربي. وفي هذا السياق نجد السينما الإيرانية أصبحت معروفة بدليل أن وفدا قدم من هوليوود لزيارة إيران ولقاء المخرجين، لكي يكتشفوا طريقة اشتغالهم وتصويرهم، لأن الإيرانيين يؤمنون بأن السينما إحساس ويشتغلون على وتيرة مرتفعة، فتصبح لديهم المسألة كونية، وليس أن تكون البداية من الكوني وأنَّا نعيش في المغرب ونتجاوزه كأننا ننسلخ عن بيئتنا وواقعنا، وحينذاك لن يرضى عنا مجتمعنا، بيد أننا نرى أشياء الآخرين ولا تكون لنا القدرة على العمل مثلهم، لأننا لا نتوفر على إمكانياتهم ولا على ثقافتهم، لذلك كلما قمنا بأشياء نعيشها وقريبة منا يمكننا معالجتها بطريقة صحيحة ومعقولة.
* ما السينما التي تفضلها أو تقتدي بها في أدوارك؟
- أنا معجب كثيرا بكل رواد السينما، وما تزال هناك الكثير من الأفلام الخالدة في ذهني مثل فيلم «سارة» و«وشمة» و«حلاق درب الفقراء»، وهي روائع مغربية صنعت بأقل الإمكانيات.
* وماذا عن السينما العالمية؟
- أنا كثير المشاهدة والفرجة فيما يخص السينما العالمية، خاصة ما يهم تكويني أي التشخيص، وأعشق ذلك، في حين لا أحب الممثلين كثيرا بيد أني معجب بالذين يقدمون شخصيات متنوعة وتكون لديهم مصداقية ويكونون جديرين بالثقة، ويمكن القول إني لست متأثرا ولكن أشاهد وأعرف الطريقة التي يشتغلون بها، ومن هؤلاء أل باتشينو، روبرت دي نيرو، جون مالكوفيتش، دانيال دي لويس.
فعند مشاهدتهم نتمتع معهم ونتمنى أن نصل إلى مستواهم وأن نعمل بالطريقة التي يشتغل بها دانيال دي لويس، وهذا ليس بالأمر الصعب لا سيما حين يقدم لك السيناريو المناسب، وبالنسبة لي ما زلت لم ألعب أي دور من هذا القبيل.
* ما الأدوار التي تأمل أن تشخصها وتفتخر بها؟
- حلمي أن أقدم شخصية تاريخية، خاصة أن التاريخ المغربي غني وروافده متنوعة، ويمكن القول إنه إلى اليوم لم يتناوله أحد بجدية.
* انطلاقا من مسارك الفني في التمثيل، أين تكمن مشكلات الممثلين المغاربة؟
- أبرز المشكلات التي يعانيها الممثل المغربي اليوم هي الفراغ القانوني الذي يجب أن يحمي الممثل ويوفر له ظروف الاشتغال الملائمة، حيث يؤدي عمله في راحة واطمئنان وضمان لمستقبله.
* من بين المؤاخذات التي يكنها المشاهدون للسينما المغربية، أن نهاية الأفلام تكون غامضة أو بالأحرى بلا نهاية، فإلى أي حد تتفق مع ذلك؟
- لا يمكن قول ذلك على كل الأفلام، لكن بطبيعة الحال هناك فضوليون في التمثيل والإخراج والإنتاج، والأكيد أن الفضولي في أمر ما لن يتقنه جيدا، أما الذي يؤمن بقدراته ويجري تكوينات ويخوض تجارب من أجل تطوير أدائه في الصناعة السينمائية سيشتغل وستكون بداية أفلامه ونهايتها بشكل جيد.
* على ماذا تراهن السينما المغربية اليوم؟ على القاعات السينمائية أم الإنترنت؟
- المشكل القادم هو التكنولوجيا الحديثة والثورة الرقمية، وطبعا سيكون الرهان عليهما بشكل كبير.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».