«تشارلي» تروي سيرة «الصعلوك» برؤية استعراضية موسيقية

المسرحية المصرية يبدأ عرضها في موسم الرياض

«تشارلي» مسرحية استعراضية غنائية (الشرق الأوسط)
«تشارلي» مسرحية استعراضية غنائية (الشرق الأوسط)
TT

«تشارلي» تروي سيرة «الصعلوك» برؤية استعراضية موسيقية

«تشارلي» مسرحية استعراضية غنائية (الشرق الأوسط)
«تشارلي» مسرحية استعراضية غنائية (الشرق الأوسط)

بعد عام من التحضيرات والبروفات، يشهد موسم الرياض رفع الستار أخيراً عن المسرحية الموسيقية «تشارلي» التي تعرض لعشر ليالٍ، بداية من 11 يناير (كانون الثاني) الحالي، ومن المتوقع أن تقوم بجولة في بعض المدن السعودية، قبل أن تعود لتبدأ عروضها بالقاهرة أول فبراير (شباط) المقبل.
ويمزج العرض بين الموسيقى والغناء والاستعراضات التي يشارك بها محمد فهيم وأيمن الشيوي ونور قدري، وعدد كبير من الممثلين والممثلات الشباب الذين أذهلوا حضور «البروفة الرئيسية» التي أقامها فريق العمل بالقاهرة قبل سفره إلى السعودية، وحضرتها «الشرق الأوسط».
كانت النجمة شيريهان قد حضرت إحدى بروفات العرض، وكتبت على موقع التدوينات القصيرة «تويتر»: «ماذا كنت سأقول إن لم تعجبني بروفة العرض؟ وماذا كنت سأفعل؟ وأنا لا يمكن أن أذبح موهبة وأنا لست ناقدة؟ موافقتي على مشاهدة (تشارلي شابلن) والذهاب كانت تجربة صعبة لي وليست لهم، وهم لا يعلمون، وحمداً لله أنقذتني موهبتهم لأنهم فعلاً أبدعوا جميعاً».
حياة «تشارلي شابلن» التي شهدت عذابات الطفولة وإصراره على تحقيق ما يحلم به، وموهبته التي تفجرت مبكراً، لتصبح أعماله على قائمة أعظم أفلام مرت في تاريخ السينما العالمية، تستعرضها المسرحية التي تكمن صعوبتها في تحويل مواقف درامية معقدة لحوار شعري يتمتع بالسلاسة على لسان أبطاله، كتبه المؤلف د. مدحت العدل الذي تحمس كثيراً لشخصية شابلن، معتبراً أنه حقق أحد أحلامه بهذا العرض.
ويقول العدل لـ«الشرق الأوسط»، «طوال عمري أحلم بشارلي شابلن، لأنني أراه فناناً عالمياً طور من صناعة السينما بشكل مذهل، غير أنه لم ينل ما يستحقه، لأن أغلب الجمهور لا يعرف منه سوى أنه الممثل الذي يضحكهم، وقد تلاقت أحلامي مع المخرج أحمد البوهي الذي درس المسرح في (الكوميدي فرانسيز)، وقدم عروضاً في (بردواي)، ومع الفنان الشاب محمد فهيم بطل العرض، لنقدم عرضاً موسيقياً عن شارلي شابلن، وتحمس له صاحبا (سي سينما)، أحمد فهمي وهاني نجيب، اللذان قاما بإنتاجه، ولم يبخلا على العرض بأي شيء، مثلاً التوزيع الموسيقي لنادر حمدي قام بتسجيله في باريس ومقدونيا من خلال (أوركسترا باريس السيمفوني)، وكنت قد طرحت فكرة العرض منذ عام خلال تقديمي لمحاضرات في السيناريو بالمملكة العربية السعودية، ووجدت ترحيباً كبيراً وإعجاباً زاد من حماسي».

ملصق المسرحية (الشرق الأوسط)

محمد فهيم الذي يجسد شخصية تشارلي شابلن، ويتماهى معها شكلاً ومضموناً، سبق وجسد شخصية الإخواني سيد قطب في الجزء الثاني لمسلسل «الجماعة»، فيما يؤدي الفنان أيمن الشيوي شخصية «إدغار هوفر» رئيس مكتب التحقيقات الفيدرالي، الذي سبق وأدى شخصيته النجم الأميريكي ليوناردو دي كابريو في فيلم «جيه إدغار»، وقد عاصر هوفر تسعة من رؤساء أميركا، وكان صاحب نفوذ قوي، وقام باستهداف شابلن واستقوى عليه، وهي الوقائع التي تناولها شابلن في رواية قصيرة استوحى منها فيلمه «أضواء المسرح».
ويؤكد د. مدحت العدل أنه تم توثيق كافة الأحداث التي أوردها في النص المسرحي، كما أعاد مشاهدة أفلامه الـ53 مما يطلق عليه «شابلنزم»، قائلاً: «قمنا كفريق عمل بمعايشة الحالة بشكل كامل».
تطرح المسرحية صورة مغايرة لتشارلي شابلن، بانحيازه للفقراء، ومواقفه السياسية، حسبما يؤكد العدل: «نقدم الإنسان الذي حول أحزانه لفن، وكيف انتقل من شخصية الصعلوك المتشرد الذي يضحك الناس إلى تبني قضايا عالمية، فهو أول من اكتشف أن الزعيم النازي (هتلر) كارثة على العالم حتى قبل أن تكتشف ذلك الولايات المتحدة، وقدمه في فيلم (الديكتاتور العظيم) قبل أن يتضح دور هتلر في الحرب العالمية الثانية، فقد كان شابلن يملك رؤية استشرافية لما سيحدث في العالم أكثر من السياسيين أنفسهم».
ويتابع قائلاً: «يظل شابلن أهم فنان في تاريخ السينما، وقد ارتقى فكره ليصبح أصدقاؤه من أهم العظماء في العالم، ويناطحهم رأساً برأس، ومن بينهم غاندي وتشرشل وأينشتاين، ويعد هو أول فنان كسر الحاجز الوهمي وخاطب الكاميرا، كما في فيلم (الديكتاتور العظيم)».
ويعد «تشارلي شابلن» فناناً عالمياً تعددت مواهبه، فهو ممثل وكاتب ومنتج ومؤلف موسيقي، حيث قام أيضاً بوضع موسيقى أفلامه، وقد ولد في جنوب لندن، وكان فيلم «الطفل» أول أفلامه الطويلة عام 1921، ومن أفلامه أيضاً «امراة باريس»، «حمى الذهب»، «الديكتاتور العظيم»، «السيرك»، «أضواء المدينة»، «الأزمنة الحديثة»، وحصل على جائزتي أوسكار الأولى عام 1929 عن فيلم «السيرك»، والثانية جائزة الأوسكار الفخرية عام 1972 لتأثيره الكبير في صناعة الصور المتحركة.


مقالات ذات صلة

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

يوميات الشرق رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً. فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه.

يوميات الشرق ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.

محمود الرفاعي (القاهرة)
يوميات الشرق معرض «أحلام الطبيعة» في ألمانيا

معرض «أحلام الطبيعة» في ألمانيا

زائرون يشاهدون عرضاً في معرض «أحلام الطبيعة - المناظر الطبيعية التوليدية»، بمتحف «كونستبلاست للفنون»، في دوسلدورف، بألمانيا. وكان الفنان التركي رفيق أنادول قد استخدم إطار التعلم الآلي للسماح للذكاء الصناعي باستخدام 1.3 مليون صورة للحدائق والعجائب الطبيعية لإنشاء مناظر طبيعية جديدة. (أ ب)

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق «نلتقي في أغسطس»... آخر رواية لغارسيا ماركيز ترى النور العام المقبل

«نلتقي في أغسطس»... آخر رواية لغارسيا ماركيز ترى النور العام المقبل

ستُطرح رواية غير منشورة للكاتب غابرييل غارسيا ماركيز في الأسواق عام 2024 لمناسبة الذكرى العاشرة لوفاة الروائي الكولومبي الحائز جائزة نوبل للآداب عام 1982، على ما أعلنت دار النشر «راندوم هاوس» أمس (الجمعة). وأشارت الدار في بيان، إلى أنّ الكتاب الجديد لمؤلف «مائة عام من العزلة» و«الحب في زمن الكوليرا» سيكون مُتاحاً «عام 2024 في أسواق مختلف البلدان الناطقة بالإسبانية باستثناء المكسيك» و«سيشكل نشره بالتأكيد الحدث الأدبي الأهم لسنة 2024».

«الشرق الأوسط» (بوغوتا)

«ودارت الأيام»... مسرحية مصرية تُحذّر من «تضحيات الزوجة المفرِطة»

الديكور جزء أساسي من مفردات العمل (إدارة مهرجان القاهرة للمونودراما)
الديكور جزء أساسي من مفردات العمل (إدارة مهرجان القاهرة للمونودراما)
TT

«ودارت الأيام»... مسرحية مصرية تُحذّر من «تضحيات الزوجة المفرِطة»

الديكور جزء أساسي من مفردات العمل (إدارة مهرجان القاهرة للمونودراما)
الديكور جزء أساسي من مفردات العمل (إدارة مهرجان القاهرة للمونودراما)

حين أطلق صُنّاع أغنية «ودارت الأيام» تحفتَهم الغنائية الخالدة عام 1970 لتصبح واحدة من روائع «كوكب الشرق» أمّ كُلثوم، ربما لم يخطر على بالهم أنها سوف تصبح اسماً لواحد من العروض المسرحية بعد مرور أكثر من نصف قرن.

وبينما تحفل الأغنية الشهيرة التي كتبها مأمون الشناوي، ولحّنها موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب، بالتفاؤل والنهاية السعيدة لجفوة قديمة بين حبيبَين التقيا بعد سنوات من الفراق، فإن المسرحية التي تحمل الاسم نفسه، وتُعرَض حالياً ضمن فعاليات مهرجان «أيام القاهرة للمونودراما الدّولي»، تحمل أجواءً حزينة مِلؤها الحسرة والأسى لزوجة تكتشف بعد فوات الأوان أنها خسرت كل شيء، وأن تضحياتها الزوجية عبر أحلى سنوات العمر ذهبت أدراج الرياح.

حالات متناقضة من المشاعر والانفعالات (إدارة مهرجان القاهرة للمونودراما)

تروي المسرحية قصة زوجة تستيقظ فجأةً على نبأ وفاة زوجها، بيد أن المصيبة هذه لم تأتِ بمفردها، بل جرّت معها مصائب متلاحقة، ليُصبح الأمر كابوساً متكامل الأركان، فالزوج لم يَمُت في بيت الزوجية، بل في بيت آخر مع زوجة أخرى اقترن بها سراً قبل نحو 15 عاماً، لتكتشف البطلة أنها عاشت مخدوعة لسنوات طوال.

محاولة لاستعادة الماضي بلا جدوى (إدارة مهرجان القاهرة للمونودراما)

تلك الصّدمة العاطفية الكُبرى شكّلت نقطة الانطلاق الحقيقية للعرض المسرحي الذي أخرجه فادي فوكيه، حين تأخذ البطلة التي جسّدت شخصيتها الفنانة وفاء الحكيم، في استرجاع ذكريات رحلتها الزوجية التي اتّسمت بتنازلها عن كثيرٍ من حقوقها بصفتها زوجة وأنثى، كما تروي مواقف عدّة، تقبّلت فيها معاملة زوجها المهينة ونظرته الدُّونية لها، وأنانيته وتغطرسه؛ إذ لم يكن يفكر إلا في نفسه، وكان يتعامل مع زوجته كأنها خادمة مسخّرة لتلبية رغباته، وليست شريكة حياة لها حقوق كما أن عليها واجبات.

عدّ الناقد المسرحي د. عبد الكريم الحجراوي، مسرح المونودراما الذي ينتمي إليه العمل «من أصعب أنواع القوالب الفنية؛ لأنه يعتمد على ممثّل واحد في مواجهة الجمهور، مطلوب منه أن يكون شديدَ البراعة ومتعددَ المواهب من حيث التّشخيص، والمرونة الجسدية، والاستعراض، والتحكم في طبقات صوته»، مشيراً في حديث لـ«الشرق الأوسط» إلى أن هذا الممثل مُطالَب بالسيطرة على المتفرج، والإبقاء عليه في حالة انتباه وتفاعل طوال الوقت، ومن هنا تكمن الصعوبة، حيث لا وجود لشخصيات أخرى أو حوار.

ويضيف الحجراوي: «وجد ممثل المونودراما نفسه مطالَباً بالتعبير عن الصراع الدرامي بينه وبين الآخرين الغائبين، أو بينه وبين نفسه، فضلاً عن أهمية امتلاكه مرونة التعبير عن حالات مختلفة من المشاعر، والانفعالات، والعواطف المتضاربة التي تتدرّج من الأسى والحزن والشّجَن إلى المرح والكوميديا والسُّخرية، وهو ما نجحت فيه وفاء الحكيم في هذا العمل».

أداء تمثيلي اتّسم بالإجادة (إدارة مهرجان القاهرة للمونودراما)

ويُبرِز العمل الذي يُعدّ التجربة الأولى للمؤلفة أمل فوزي، كثيراً من محطات الخذلان والإحباط التي عاشتها الزوجة؛ فقد رفضت والدتها ذات الشخصية القوية، فكرة انفصالها عن زوجها في السنوات الأولى لحياتهما معاً، ومن ثَمّ رفضت الزوجة نفسها فكرة الانفصال بعد إنجاب أكثر من طفل، وتلوم البطلة نفسها بسبب قبولها لموضوع الزواج في سنٍّ صغيرة وهي لا تزال في بداية دراستها الجامعية، وعجزها عن التمرد بوجه زوجها حين رفض بإصرارٍ أن تُكمل دراستها، مخالِفاً بذلك وعدَه لها ولأسرتها أثناء فترة الخطوبة.

واللافت أن الزوجة لا تغار من الزوجة الثانية التي أنجبت هي الأخرى طفلاً من زوجهما المشترك، بل تلومُ نفسها على ضعف شخصيتها حيناً، وثقتها غير المبرّرة في زوجها أحياناً.