هل تنجح مصر في مواجهة «السوق الموازية» للدولار؟

«الغرف التجارية» أشارت لحالة «ركود» بعد طرح شهادات الـ25 %

ارتبكت أسعار العملات في السوق الموازية (السوداء) للصرف في مصر بعد أن تراجع سعر تداول الدولار فيه (موقع البنك المركزي المصري)
ارتبكت أسعار العملات في السوق الموازية (السوداء) للصرف في مصر بعد أن تراجع سعر تداول الدولار فيه (موقع البنك المركزي المصري)
TT

هل تنجح مصر في مواجهة «السوق الموازية» للدولار؟

ارتبكت أسعار العملات في السوق الموازية (السوداء) للصرف في مصر بعد أن تراجع سعر تداول الدولار فيه (موقع البنك المركزي المصري)
ارتبكت أسعار العملات في السوق الموازية (السوداء) للصرف في مصر بعد أن تراجع سعر تداول الدولار فيه (موقع البنك المركزي المصري)

ارتبكت أسعار العملات في السوق الموازية (السوداء) للصرف في مصر، بعد أن تراجع سعر تداول الدولار فيه، رغم الارتفاع الرسمي.
وأصيبت السوق الموازية بشلل كامل في التعاملات المتأخرة من مساء الخميس وتعاملات صباح اليوم الجمعة، مع عروض كثيفة للبيع دون أدنى طلب شراء، ما أدى لانخفاض السعر الموازي ليبدأ في الاقتراب من السعر الرسمي الذي ارتفع إلى 27.16 في البنك المركزي المصري، وفق علاء عز، أمين عام اتحاد الغرف التجارية في مصر.
وخلال الأسابيع الماضية اتسعت الفجوة بين سعر الصرف الرسمي للجنيه مقابل الدولار، وسعره في السوق الموازية، إلا أنه مع إصدار بنكي الأهلي ومصر، المملوكين للدولة، شهادات إدخارية بعائد سنوي يصل إلى 25 في المائة، الأربعاء الماضي، لكبح التضخم، الذي تخطى 20 في المائة في البلاد، والسيطرة على استمرار ارتفاع الأسعار المتواصل، إلى جانب عدد من الإجراءات الحكومية الأخرى، انعكس ذلك لصالح سوق الصرف، وتراجع الإقبال على السوق الموازية».
وحسب بيان لأمين عام اتحاد الغرف التجارية، أوضح أن ذلك «أتى بعد انهيار الطلب من القطاع الخاص بسبب الإفراجات المتتالية التي قامت بها الحكومة والبنوك خلال الفترة الماضية، والتي تجاوزت 6.8 مليار دولار، والمتواكبة مع ارتفاع صافي الاحتياطي النقدي بمقدار 470 مليون دولار خلال شهر ديسمبر (كانون الأول)، ثم طرح البنك الأهلي وبنك مصر لشهادات ذات عائد سنوي غير مسبوق 25 في المائة، التي جذبت من يسعى لمخزن قيمة آمن بدلاً من مجازفة المضاربة بالدولار، الذي دفع من اشترى دولاراً من السوق السوداء بغرض المضاربة للتخلص منه بعد تحقيق خسائر لانخفاض سعر السوق السوداء حوالي 10 جنيهات خلال أسبوع».
وأكد أن التكامل بين السياسات النقدية والمالية والتجارية، واستخدام البنك المركزي لآليات مستحدثة للحد من التضخم، وتوالي الإفراجات عن مستلزمات الإنتاج والسلع، ستكون لها آثار واضحة في استقرار الأسعار في الفترة القصيرة المقبلة، والمتواكبة مع العديد من المبادرات للحكومة ممثلة في وزارة التموين والتجارة الداخلية ووزارة التجارة والصناعة ووزارة الزراعة مع اتحاد الغرف التجارية واتحاد الصناعات لتوفير السلع المخفضة في المرحلة الانتقالية، كمثال عملي لشراكة الحكومة والقطاع الخاص من أجل المواطن.
وأشار أمين عام اتحاد الغرف التجارية إلى أنه مع فتح عدد كبير من فروع بنك مصر والبنك الأهلي أثناء العطلة الأسبوعية لإصدار شهادات الـ25 في المائة، فمن المتوقع أن يتهافت من قام بالمضاربة والخسارة على سرعة تحويل الدولار إلى جنيه لشراء الشهادات أثناء العطلة بسعر إقفال الخميس 27.16 جنيه للدولار، لتوقع انخفاض السعر إلى مستواه السابق بعد إجازات البنوك يوم الاثنين المقبل وتحمل خسائر إضافية.
إلى ذلك، أعرب محمد الإتربي، رئيس بنك مصر ورئيس اتحاد بنوك مصر، عن توقعاته بانخفاض معدلات التضخم وذلك مع الوقت، لافتاً إلى إصدار الشهادات الجديدة 25 في المائة لفترة محدودة واستهداف تخفيض التضخم.
وقال، في تصريحات متلفزة، «نتوقع انخفاض معدلات التضخم ولكن الأمر يحتاج إلى وقت»، مشيراً إلى «إصدار الشهادات الجديدة 25 في المائة لفترة محدودة وتستهدف تخفيض التضخم، وأننا وصلنا إلى 24 مليار جنيه خلال يومين من طرحها». وذكر الإتربي أن بنكي مصر والأهلي سيتحملان التكاليف العالية للشهادات الجديدة، كما أنهما سيتحملان انخفاض الأرباح في سبيل دعم الاقتصاد الوطني، ولن يرفعا أسعار الاقتراض.
من جانبه، أعزى الدكتور أشرف غراب، الخبير الاقتصادي، نائب رئيس الاتحاد العربي للتنمية الاجتماعية بمنظومة العمل العربي بجامعة الدول العربية لشؤون التنمية الاقتصادية، انخفاض سعر الدولار في السوق الموازية بشكل مباشر إلى قيام طرح بنكي الأهلي ومصر بطرح شهادة ادخارية مدتها عام واحد بفائدة 25 في المائة تصرف بنهاية المدة، قائلاً لـ«الشرق الأوسط»: «هذه الشهادات طرحت بفائدة عالية لكي تساهم في الحفاظ على الحصيلة الدولارية، وذلك لاجتذاب تحويلات المصريين العاملين بالخارج بدلاً من تحويلها للسوق السوداء، إضافة إلى أنها آلية لسحب السيولة الزائدة من الأسواق لكبح جماح التضخم ومواجهة ارتفاع الأسعار، وتقليل عمليات الطلب الترفيهية، إضافة لتعويض المواطن عن تراجع العملة المحلية».
ويشرح غراب تأثير تلك الخطوة على السوق الموزاية، قائلاً: «هناك عدد من الأهداف تقف وراء طرح هذه الشهادات، في مقدمتها كبح معدلات التضخم المرتفعة، وتعويض المواطنين عن المدخرات التي تأثرت بالسلب الفترة السابقة، إضافة إلى تشجيع المواطنين الحائزين على الدولار للجوء لبيعه ثم الاستثمار بالجنيه المصري في هذه الشهادات بعائد مرتفع، وهو أعلى من الاستثمار في الدولار، وبالتالي تكون هناك إمكانية للقضاء على جزء كبير من الاتجار بالعملة في السوق السوداء».
ولفت الخبير الاقتصادي إلى أنه بعد قرار البنك المركزي المصري بإلغاء الاعتمادات المستندية والعودة لمستندات التحصيل، زاد الطلب على الاستيراد، وبالتالي يزيد الطلب على الدولار، ولذلك زاد سعر صرف الدولار مقابل الجنيه، وذلك من أجل القضاء على السوق السوداء للعملة الصعبة والسيطرة عليها.


مقالات ذات صلة

التضخم يظهر بوضوح على موائد المصريين

الاقتصاد امرأة تتسوق في أحد متاجر العاصمة المصرية القاهرة (رويترز)

التضخم يظهر بوضوح على موائد المصريين

تستطيع أن تشعر بتضخم الأسعار في مصر بمجرد أن تجلس على مائدة إفطار أو غداء أو عشاء، إذ تقلص عدد الأصناف بدرجة كبيرة، كما انعكس هذا على موائد المطاعم أيضاً.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد حسام هيبة رئيس هيئة الاستثمار والمناطق الحرة يوقع مذكرة تفاهم مع وكالة ترويج الاستثمار الفرنسية بحضور حسن الخطيب وزير الاستثمار والتجارة الخارجية (هيئة الاستثمار المصرية)

شركات فرنسية لضخ استثمارات جديدة في السوق المصرية

تعهدت شركات فرنسية عدة بضخ استثمارات جديدة في السوق المصرية، خلال الفترة المقبلة، وذلك في قطاعات متنوعة أبرزها النقل والأغذية والدواء.

«الشرق الأوسط» (باريس)
الاقتصاد أبراج وفنادق وشركات على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

«المركزي المصري»: عجز حساب المعاملات الجارية يتسع إلى 20.8 مليار دولار

قال البنك المركزي المصري إن العجز في حساب المعاملات الجارية لمصر اتسع إلى 20.8 مليار دولار في العام المالي 2023 – 2024 من 4.7 مليار دولار في العام المالي السابق

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد سيدة تحمل رضيعها تمر بجانب تاجر فواكه في إحدى أسواق القاهرة (رويترز)

التضخم وارتفاع أسعار الطاقة... أكبر المعوقات أمام الشركات في مصر

أظهرت نتائج استبيان اقتصادي، انخفاض مؤشر أداء الأعمال في مصر خلال الربع الثاني من العام الجاري، من أبريل إلى يونيو الماضي، بمقدار 5 نقاط عن المستوى المحايد.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا بطرس غالي (رويترز)

بطرس غالي من «الدفاتر القديمة» إلى المشهد الاقتصادي المصري

أثارت عودة يوسف بطرس غالي، وزير المالية في حقبة الرئيس المصري الراحل حسني مبارك، وتعيينه ضمن هيئة استشارية تابعة لرئاسة الجمهورية، جدلاً واسعاً في مصر.

عصام فضل (القاهرة)

94 % من المهاجرين الأفارقة إلى اليمن من الجنسية الإثيوبية

غالبية المهاجرين قدِموا من أحد الموانئ الصومالية إلى السواحل الشرقية لليمن (الأمم المتحدة)
غالبية المهاجرين قدِموا من أحد الموانئ الصومالية إلى السواحل الشرقية لليمن (الأمم المتحدة)
TT

94 % من المهاجرين الأفارقة إلى اليمن من الجنسية الإثيوبية

غالبية المهاجرين قدِموا من أحد الموانئ الصومالية إلى السواحل الشرقية لليمن (الأمم المتحدة)
غالبية المهاجرين قدِموا من أحد الموانئ الصومالية إلى السواحل الشرقية لليمن (الأمم المتحدة)

كشف تقرير أممي حديث عن أن 94 في المائة من المهاجرين الأفارقة الواصلين إلى اليمن هم من حملة الجنسية الإثيوبية، وحل في المرتبة الثانية حملة الجنسية الصومالية، وأكد أن الإجراءات الأمنية التي اتخذتها الحكومة اليمنية ساعدت على خفض عدد الواصلين خلال النصف الثاني من العام الحالي بنسبة 8 في المائة.

ويقدم التقرير الصادر عن «منظمة الهجرة الدولية» والخاص بمراقبة تدفق اللاجئين إلى اليمن خلال الفترة بين أبريل (نيسان) ويونيو (حزيران) الماضيين، تحليلاً للملامح الديمغرافية والاجتماعية والاقتصادية للمهاجرين، بما في ذلك الخلفيات التعليمية، وأسباب مغادرة بلدهم الأصلي أو مكان إقامتهم المعتاد، ونيات السفر المستقبلية والحماية والتحديات التي يواجهونها في أثناء الرحلة.

العشرات من المهاجرين الأفارقة إلى اليمن لقوا مصرعهم غرقاً (الأمم المتحدة)

وحسب التقرير، فإن هناك طريقين رئيسيين للهجرة إلى اليمن يسلكهما المهاجرون: الأول، نحو محافظات شبوة وحضرموت والمهرة، والطريق الآخر نحو محافظتي لحج وتعز. وذكر أن الإجراءات الأخيرة التي اتخذتها السلطات اليمنية بحق المهربين على طول ساحل محافظة لحج تشكل تحولاً كبيراً يمكن أن يعيد تشكيل ديناميكيات الهجرة في المنطقة في المستقبل.

ووفق أداة مراقبة التدفق، التي تركز على العدد الإجمالي للمهاجرين، فقد تم تتبع 4984 مهاجراً دخلوا اليمن عبر سواحل محافظتي لحج وتعز في الربع الثاني من هذا العام. ويمثل هذا الرقم انخفاضاً بنسبة 8 في المائة مقارنةً بالربع السابق من نفس العام.

وبيَّنت منظمة الهجرة الدولية أن عملية المسح شملت 3392 مهاجراً في محافظات المهرة ولحج وعدن ومأرب وشبوة وحضرموت، وكانت غالبية المستجيبين من الشباب البالغين الذين تتراوح أعمارهم بين 17 و25 عاماً، ويشكلون 87 في المائة من العينة.

وأفاد 99 في المائة من المستجيبين بأن هجرتهم مرتبطة بأسباب اقتصادية، وكان معظمهم عازبين (86 في المائة)، وحصلوا على تعليم ابتدائي أو أقل (58 في المائة)، وكانوا عاطلين عن العمل في الوقت الحالي (93 بالمائة). وتبين أن 51 في المائة قدِموا من مناطق ريفية.

صورة إرشادية

أكدت منظمة الهجرة الدولية أن هذه النتائج لا تغطي المهاجرين الأفارقة الذين يعيشون في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، مع أن التقرير يهدف إلى تقديم صورة إرشادية وشاملة للمهاجرين والملف الشخصي للمستجيبين. وكانت العينة الإجمالية تتألف في الغالب من الذكور (95 في المائة من الإجمالي).

وأعاد المسح أسباب غياب الإناث عن الاستبيان إلى الصعوبة التي واجهها الباحثون في العثور على مسافرات من الإناث لإجراء المقابلات معهن، وهو ما يعني أن العينة ليست تمثيلية. وكان نحو 12 في المائة من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 14 و17 عاماً، وكان الذكور يشكلون 90 في المائة. ومثَّلت المهاجرات 5 في المائة من إجمالي 3392 من المهاجرين الذين تمت مقابلتهم.

غالبية المهاجرين قدِموا من أحد الموانئ الصومالية إلى السواحل الشرقية لليمن (الأمم المتحدة)

وكشفت نتائج هذا المسح عن أن 94 في المائة من المهاجرين هم من حملة الجنسية الإثيوبية، فيما كان حَمَلة الجنسية الصومالية 6 في المائة فقط، بعد أن كانوا يشكلون أغلبية المهاجرين إلى اليمن منذ بداية الصراع في الصومال، عقب انهيار الدولة عام 1990. وتبين أن نحو 507 من المسافرين يمتلكون جوازات سفر أو أشكالاً أخرى من بطاقات الهوية، في حين أن 352 منهم لا يحملون بطاقات هوية.

وأفاد غالبية المهاجرين الذين تمت مقابلتهم (96 في المائة) أنهم استخدموا الطريق الجنوبي الشرقي من ميناء باري في الصومال إلى سواحل محافظة شبوة اليمنية، فيما غادر أربعة في المائة فقط من ميناء أبّوك في جيبوتي إلى محافظة شبوة. وكان غالبية المهاجرين (61 في المائة) يعتزمون الهجرة إلى دول الخليج، حيث سلكوا طرقاً مختلفة داخل اليمن للوصول إلى هناك، بما في ذلك محافظات حضرموت وحجة وصعدة.

الهجرة من مناطق ريفية

تُظهر نتائج المسح الأممي أن 42 في المائة من المهاجرين غادروا المناطق الريفية في بلدانهم الأصلية بنيّة الذهاب إلى المناطق الريفية في بلد المقصد. بالإضافة إلى ذلك، خطط 7 في المائة ممن غادروا المناطق الريفية للذهاب إلى المناطق الحضرية (البلدات والمدن) في وجهتهم، وعلاوة على ذلك، غادر 28 في المائة من المهاجرين المناطق الحضرية للهجرة إلى المناطق الحضرية، وسافر 18 في المائة آخرون من المهاجرين من المناطق الحضرية بهدف الذهاب إلى المناطق الريفية في بلد المقصد.

هذه البيانات أظهرت أن نحو نصف المهاجرين الإثيوبيين (49 في المائة) بدأوا رحلتهم في المناطق الريفية، حيث كان 80 في المائة من إجمالي المهاجرين يعتزمون الوصول إلى مناطق ريفية أخرى. وعلاوة على ذلك، غادر غالبية المواطنين الصوماليين (80 في المائة) المناطق الريفية، حيث كان 94 في المائة من إجمالي المهاجرين يهدفون إلى الهجرة إلى المناطق الريفية في البلد الذي يقصدونه.

المهاجرون الأفارقة يعبرون إلى اليمن أحد أخطر طرق الهجرة في العالم (الأمم المتحدة)

ووفقاً لبيانات المهاجرين البالغ عددهم 4984 الذين تم تتبعهم خلال فترة المسح، كان 61 في المائة منهم من الرجال و23 في المائة من النساء و9 في المائة من الأولاد و7 في المائة من البنات اللاتي تقل أعمارهم عن 18 عاماً. ولا يتم إجراء مسح للأطفال الذين تقل أعمارهم عن 14 عاماً.

وكان 45 مهاجراً قد لقوا مصرعهم، واعتُبر 61 في عداد المفقودين مطلع الشهر الحالي عندما انقلب قاربان كانا يحملان نحو 300 مهاجر أفريقي عائدين من اليمن في طريقهم إلى جيبوتي.

وقالت منظمة الهجرة الدولية إن هذه المأساة هي الأخيرة في سلسلة من كوارث القوارب على طول طريق يُعد واحداً من أكثر الطرق ازدحاماً وأكثرها خطورة في العالم، وكثيراً ما يستخدمه اللاجئون والمهاجرون من أفريقيا.