قرار برلين تزويد كييف بدبابات «ماردر» «صفعة لموسكو»

شولتس يتعرض لانتقادات سياسية لتلكئه في إرسالها

دبابة «ليبارد 2» التي ترفض برلين إرسالها إلى أوكرانيا (إ.ب.أ)
دبابة «ليبارد 2» التي ترفض برلين إرسالها إلى أوكرانيا (إ.ب.أ)
TT

قرار برلين تزويد كييف بدبابات «ماردر» «صفعة لموسكو»

دبابة «ليبارد 2» التي ترفض برلين إرسالها إلى أوكرانيا (إ.ب.أ)
دبابة «ليبارد 2» التي ترفض برلين إرسالها إلى أوكرانيا (إ.ب.أ)

اعتبرت صحيفة «تاغس شبيغل»، الصادرة في برلين، أن قرار حكومة المستشار أولاف شولتس بتسليم دبابات «ماردر» الألمانية الصنع، لأوكرانيا، الذي جاء في الأيام الأولى من العام الجديد وبعد إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وقف إطلاق النار من جهة واحدة، «هو رسالة مزدوجة لكييف وموسكو مفادها أن ألمانيا والدول الغربية جادة في دعمها لأوكرانيا». ورأت الصحيفة أن هذه الخطوة تعد «صفعة بالنسبة لبوتين»، مشيرة إلى أنه «في الوقت الذي ترسل فيه روسيا المزيد من المُعدات القديمة إلى ساحة القتال، وفيما تنفذ ذخائرها وصواريخها تدريحياً، فإن أوكرانيا مستمرة في تسليح نفسها». وأضافت: «الجيش الأوكراني يتحسن، في حين الجيش الروسي يتراجع، وهذا ينطبق على عشرات الآلاف من الجنود الأوكران الذين سيحصلون على تدريب من الغرب في العام الحالي».
وأشارت الصحيفة إلى أن إعلان ألمانيا إرسال الدبابات «يُظهر أن بوتين كان مخطئاً في تقييمه للغرب، فهو ظنّ أن الشتاء البارد في أوروبا والضغط على موارد الطاقة سيؤديان إلى انهيار الغرب، ولكن التصميم السياسي وشراء الغاز المُسال وإن بأسعار أغلى والطقس المعتدل نسبياً، كلها لعبت دوراً ضد سيد الكرملين».
استغرقت ألمانيا 8 أشهر لاتخاذ قرار بتسليم دبابات «ماردر» الألمانية الصنع لأوكرانيا. ففي أبريل الماضي، أرسلت كييف فريقاً؛ على رأسه شقيق عمدة العاصمة، البطل العالمي السابق في الملاكمة فلاديمير كليتشكو، للقاء المستشار الألماني أولاف شولتس وحثّه على تزويد أوكرانيا بدبابات «ماردر». وبُعَيد الزيارة، أبلغت شركة «راينمتال» الألمانية التي تصنع الأسلحة، أن بإمكانها إرسال 100 دبابة «ماردر» خارجة عن الخدمة، لأوكرانيا، لكن مثلما غادر الفريق الأوكراني من دون الحصول على رد من شولتس، بقيت شركة «راينمتال» كذلك تنتظر رداً. وعندما لم يصل الرد، أرسلت طلباً رسمياً بعد وقت قليل من ذلك إلى مجلس الأمن الفدرالي الذي يرأسه شولتس، وهو فقط من يوافق على شحنات الأسلحة إلى الخارج. ولم تأت الموافقة لإرسال تلك الدبابات إلا قبل يومين. ورغم ذلك فقد بدأت على ما يبدو شركة «راينمتال» بصيانة الدبابات تمهيداً لإرسالها، وفقاً لصحيفة «دي فيلت».

ومنذ ذلك الحين، أرسلت «راينمتال» 40 دبابة «ماردر» من الـ100 إلى اليونان، في تبادل اتفقت عليه الحكومتان بعد إرسال أثينا 40 دبابة سوفياتية إلى أوكرانيا من مخزونها، مما يعني أن شركة الأسلحة الألمانية تبقى لديها 60 دبابة «ماردر» من التي كانت قد اقترحت إرسالها لأوكرانيا.
ولكن مع ذلك، ما زال من غير الواضح عدد دبابات الـ«ماردر» التي أعلن شولتس إرسالها لأوكرانيا بعد مكالمة هاتفية بينه وبين الرئيس الأميركي جو بايدن. وتعهّد خلالها الرجلان بإرسال المزيد من الأسلحة لكييف، وأيضاً ليس واضحاً متى سترسل تلك الدبابات وما إذا كانت ستخرج من مخزون الجيش الألماني أو شركة «راينمتال». هذه الفترة الطويلة التي استغرقها شولتس للموافقة على إرسال تلك الدبابات عرّضته لانتقادات داخلية كثيرة؛ ليس فقط من المعارضة، ولكن أيضاً من سياسيين من داخل الأحزاب الحاكمة، رغم الترحيب بالقرار.
ووصف النائب عن حزب «الخضر» أنطون هوفرايتر القرار بأنه جاء «متأخراً جداً جداً»، مضيفاً أن على الحكومة الآن إرسال دبابات «ليبارد 2» المتطورة، والتي ما زال شولتس يرفض إرسالها.
ويشارك حزب «الخضر» في الحكومة، ويدفع بشكل مستمر لاتخاذ موقف أقوى في دعم أوكرانيا أمام الحزب الاشتراكي المتردد أكثر، والذي يقود الحكومة الائتلافية. وقال النائب هوفرايتر إن ألمانيا بوصفها مصنِّعة لدبابات «ليبارد 2» عليها أن تتخذ المبادرة وتعلن إرسال هذه الدبابات لأوكرانيا، مضيفاً أن تدريب الجيش الأوكراني على استخدام الدبابات يجب أن يبدأ «على الفور». وكان شولتس قد أعلن، في بيان المكالمة بينه وبين بايدن والتي اتفقا فيها على إرسال المزيد من الأسلحة؛ من بينها دبابات «ماردر»، على تكثيف تدريب الجيش الأوكراني لاستخدام الأسلحة الأوروبية الصنع.
واقترحت نائبة من الحزب الليبرالي المشارك أيضاً في الحكومة الإئتلافية بوصفه شريكاً أصغر، إرسال دبابات «ليبارد 2» لأوكرانيا.
وقالت النائبة ماري-أغنيس شتراك-زيمرمان، التي تجلس في لجنة الدفاع البرلمانية، إنه «يجب ألا نخسر المزيد من الوقت» في حثّها الحكومة على إرسال «ليبارد 2». وكتبت، على «تويتر»، إن قرار إرسال دبابات ماردر «يبعث على الارتياح، رغم أنه جاء متأخراً جداً، ولكن لم يكن قد فات الأوان».
ووجّه حزب المعارضة الرئيسي «الاتحاد المسيحي الديمقراطي» الذي تنتمي إليه المستشارة السابقة أنجيلا ميركل، انتقادات لاذعة للحكومة.
وكتب النائب نوربرت روتغن، الذي يجلس في لجنة الخارجية بالبرلمان، أنه «من الجيد أن ألمانيا قررت أخيراً إرسال الدبابات تلك إلى أوكرانيا، ولكن لا يمكن أن نكون راضين عن الصورة التي ترسمها هذه السياسة الخارجية». وأضاف، على صفحته على «تويتر»: «ليس هناك أية إشارة للقيادة، مجدداً القرار يتخذ تحت الضغط وعندما لا يعود هناك أي طريق آخر».
وبالفعل تكررت هذه الانتقادات من الصحف الألمانية كذلك، والتي علقت على توقيت قرار شولتس، والذي جاء بعد يوم على إعلان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إرسال دبابات غربية الصنع. ولطالما كرر شولتس إنه يرفض إرسال أسلحة غربية الصنع لأوكرانيا متحججاً بأن الدول الغربية الأخرى لم تفعل ذلك بعد. وعلّقت واشنطن، قبل بضعة أسابيع، على الأمر، قائلة إن الأمر يعود للحلفاء لاتخاذ القرار بأية أسلحة يريدون إرسالها لأوكرانيا، في إشارة إلى أنها لم تضع أية خطوط حمراء حول عدم إرسال أسلحة غربية الصنع لكييف.
وكتبت صحيفة «دي فيلت» أن تبريرات مكتب شولتس لرفضه إرسال تلك الدبابات وأسلحة أخرى غربية الصنع «ليست منطقية وتتضارب». وتحدثت الصحيفة عن تحجج شولتس بأن مثل هذه الأسلحة يمكن أن تصعّد من الحرب، مشيرة إلى أن دبابات «ماردر» تستخدم «لنقل الجنود الذين يتنقلون حالياً في الصفوف الأمامية في مراكب عادية غير مدرعة».
وأشارت الصحيفة كذلك إلى إرسال ألمانيا في السابق قاذفات صواريخ لأوكرانيا لديها قدرات أعلى من دبابات الـ«ماردر». وتحدثت الصحيفة عن استخدام شولتس التكتيك نفسه الذي اتخذه في إرسال أسلحة في السابق لأوكرانيا، في اتخاذه قرار إرسال دبابات «ماردر». وأشارت إلى أن شولتز «يريد أن يتخذ موقفاً وسطياً لإرضاء الأطراف الداخلية في ألمانيا التي تطالب بإرسال المزيد من الأسلحة والأطراف الأخرى التي تعتبر أن إرسالها يطيل أمد الحرب».


مقالات ذات صلة

زيلينسكي: روسيا تنشر المزيد من القوات الكورية الشمالية في كورسك

أوروبا عربة عسكرية أوكرانية تحمل أسرى يرتدون الزي العسكري الروسي بالقرب من الحدود مع روسيا (أ.ف.ب) play-circle 00:45

زيلينسكي: روسيا تنشر المزيد من القوات الكورية الشمالية في كورسك

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، اليوم السبت، إن موسكو بدأت في إشراك «عدد ملحوظ» من القوات الكورية الشمالية.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا جنود أوكرانيون يستعدون لتحميل قذيفة في مدفع هاوتزر ذاتي الحركة عيار 122 ملم في دونيتسك أول من أمس (إ.ب.أ)

مسيّرات أوكرانية تهاجم منشأة لتخزين الوقود في وسط روسيا

هاجمت طائرات مسيرة أوكرانية منشأة للبنية التحتية لتخزين الوقود في منطقة أوريول بوسط روسيا.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (قناته عبر «تلغرام»)

زيلينسكي يدعو إلى  تحرك غربي ضد روسيا بعد الهجمات الأخيرة

دعا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الغرب إلى التحرك في أعقاب هجوم صاروخي جديد وهجوم بالمسيرات شنتهما روسيا على بلاده

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف (د.ب.أ)

الكرملين: التصريح الأخير لترمب بشأن أوكرانيا «يتماشى تماماً» مع الموقف الروسي

نوّه الكرملين الجمعة بالتصريح الأخير لدونالد ترمب الذي اعترض فيه على استخدام أوكرانيا صواريخ أميركية لاستهداف مناطق روسية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا القوات الأوكرانية تقصف مواقع روسية على خط المواجهة في منطقة خاركيف (أ.ب)

مسؤول كبير: أوكرانيا ليست مستعدة لإجراء محادثات مع روسيا

كشف أندريه يرماك رئيس مكتب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في مقابلة أذيعت في وقت متأخر من مساء أمس (الخميس) إن كييف ليست مستعدة بعد لبدء محادثات مع روسيا.

«الشرق الأوسط» (كييف)

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
TT

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)

وجهت الشرطة الفيدرالية الأسترالية اتهاماً لرجل يبلغ من العمر 36 عاماً بعرض رمز منظمة مصنفة «إرهابية» علناً، وذلك خلال مظاهرة في منطقة الأعمال المركزية بمدينة ملبورن في سبتمبر (أيلول) الماضي.

الرجل، المقيم في منطقة فيرنتري غولي، سيمثل أمام محكمة ملبورن الابتدائية في 6 مارس (آذار) المقبل؛ حيث يواجه عقوبة قد تصل إلى 12 شهراً من السجن إذا ثبتت إدانته، وفقاً لصحيفة «الغارديان».

جاءت المظاهرة ضمن فعاليات يوم وطني للعمل من أجل قطاع غزة، الذي نظمته شبكة الدعوة الفلسطينية الأسترالية في 29 سبتمبر الماضي، وشهد تنظيم مسيرات مماثلة في مختلف أنحاء البلاد احتجاجاً على التصعيد المتزايد للعنف في الشرق الأوسط.

وأطلقت الشرطة الفيدرالية الأسترالية بولاية فيكتوريا عملية تحقيق تحت اسم «أردفارنا»، عقب احتجاج ملبورن؛ حيث تلقت 9 شكاوى تتعلق بعرض رموز محظورة خلال المظاهرة.

ووفقاً للشرطة، تم التحقيق مع 13 شخصاً آخرين، مع توقع توجيه اتهامات إضافية قريباً. وصرح نيك ريد، قائد مكافحة الإرهاب، بأن أكثر من 1100 ساعة قُضيت في التحقيق، شملت مراجعة أدلة من كاميرات المراقبة وكاميرات الشرطة المحمولة، إضافة إلى مصادرة هواتف محمولة وقطعة ملابس تحتوي على رمز المنظمة المحظورة.

تأتي هذه الإجراءات بعد قرار الحكومة الفيدرالية الأسترالية في ديسمبر (كانون الأول) 2021 بتصنيف «حزب الله» منظمة إرهابية، ومع التشريعات الفيدرالية الجديدة التي دخلت حيز التنفيذ في يناير (كانون الثاني) 2024، التي تحظر عرض رموز النازيين وبعض المنظمات.

وقالت نائبة مفوض الأمن القومي، كريسي باريت، إن الادعاء يحتاج إلى إثبات أن الرمز المعروض مرتبط بمنظمة إرهابية وأنه قد يحرض على العنف أو الترهيب.

المظاهرة، التي استمرت في معظمها سلمية، جاءت بعد إعلان مقتل قائد «حزب الله» حسن نصر الله في غارة جوية إسرائيلية، وهو ما اعتبره العديد تصعيداً كبيراً في الصراع المستمر في الشرق الأوسط.

وفي وقت لاحق، نُظمت مظاهرات أخرى في سيدني وملبورن وبريزبين، وسط تحذيرات للمتظاهرين بعدم عرض رموز محظورة.