أوباما أول رئيس أميركي يزور سجنًا.. سعيًا لإصلاح نظام الاعتقال

60 % من المساجين في البلاد من أصول أفريقية ولاتينية

جندي أميركي يأخذ صورة «سيلفي» لدى وصول الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى قاعدة للقوات الجوية الأميركية في مدينة أوكلاهوما أمس (أ.ف.ب)
جندي أميركي يأخذ صورة «سيلفي» لدى وصول الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى قاعدة للقوات الجوية الأميركية في مدينة أوكلاهوما أمس (أ.ف.ب)
TT

أوباما أول رئيس أميركي يزور سجنًا.. سعيًا لإصلاح نظام الاعتقال

جندي أميركي يأخذ صورة «سيلفي» لدى وصول الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى قاعدة للقوات الجوية الأميركية في مدينة أوكلاهوما أمس (أ.ف.ب)
جندي أميركي يأخذ صورة «سيلفي» لدى وصول الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى قاعدة للقوات الجوية الأميركية في مدينة أوكلاهوما أمس (أ.ف.ب)

أصبح باراك أوباما، أمس، أول رئيس أميركي يزور سجنا فيدراليا أثناء توليه الرئاسة، رغبة منه في إلقاء الضوء على الثغرات في نظام السجون الذي يعتبر بين الأكثر كلفة والأكثر اكتظاظا في العالم.
وتضم السجون الأميركية نحو 2.2 مليون سجين من النساء والرجال، مما يعني أكثر من مساجين 35 دولة أوروبية مجتمعة.
وخلال زيارته إلى سجن «الرينو» في أوكلاهوما، عبر أوباما عن دعمه لأحكام قضائية أكثر عدلا، فضلا عن دمج مهني أفضل للسجناء السابقين في الحياة العامة، بالإضافة إلى إجراءات أخرى.
وقال الرئيس الأميركي إن «معدل الإيداع في السجون لدينا أكثر أربع مرات من الصين»، مشيرا إلى أن السجون الآن مكتظة أربع مرات أكثر من عام 1980، ومرتين أكثر مقارنة مع الوضع منذ 20 عاما. وبالنتيجة فإن نحو ربع مساجين العالم يقبعون في السجون الأميركية، فيما تعد الولايات المتحدة أقل من خمسة في المائة من سكان العالم. وهناك نحو 71 ألف قاصر في السجون الأميركية.
وعلى رأس برنامج أعمال أوباما تعديل فترات السجن. وبحسب منظمة «هيومان رايتس ووتش» لحقوق الإنسان الدولية فإن قوانين «قاسية» تعود إلى عام 1980 أدت إلى ملء السجون الفيدرالية وسجون الولايات بمرتكبي جرائم، وغالبيتها من دون عنف.
وصرحت أستاذة القانون في جامعة تكساس ميشال ديتش بأن «أحكام السجن في الولايات المتحدة مدتها أطول بكثير مقارنة مع دول أخرى».
واتخذ أوباما موقفا من الأحكام غير المتجانسة، خصوصا في ما يتعلق بتجار المخدرات الذين لم يدخلوا هذا المجال سوى لفترة قصيرة، إلا أنهم يسجنون لسنوات. وأوضح أوباما «في قضايا عدة لا يتناسب العقاب مع الجريمة»، داعيا إلى إصلاحات واسعة في النظام القضائي من شأنها أن تمنح المدانين حق التصويت، وتقيد اللجوء إلى الحبس الانفرادي فضلا عن إنهاء فترة السجن الإلزامية.
وأشار الرئيس الأميركي إلى أنه «إذا كنت تاجر مخدرات على مستوى متدن، أو في حال انتهاكك لإطلاق السراح المشروط، فأنت في هذه الحالة مدين للمجتمع. وبالتالي عليك أن تحاسب على فعلك وتعوض عنه. ولكن ليس عليك أن تسجن 20 عاما».
وأشار أوباما إلى قضية ذات طابع عنصري، إذ إن الأميركيين من أصول أفريقية يعتقلون أكثر من البيض في القضايا ذاتها، كما تصدر بحقهم أحكام أكثر قسوة. ولهذه المسألة أيضا أرقام تثبتها، إذ إن الأميركيين من أصول أفريقية ولاتينية يشكلون 60 في المائة من المساجين في الولايات المتحدة، فيما لا يمثل البيض سوى نحو 30 في المائة.
ويقبع في السجون أميركي واحد من أصول أفريقية من أصل 35، ولاتيني واحد من أصل 88، أما بالنسبة للبيض فالمعدل هو سجين واحد من أصل 214 شخصا. وبحسب أوباما، فطفل واحد من أصل تسعة من أصول أفريقية يخسر أحد والديه للسجن.
وبسبب هذا الاكتظاظ الكبير فإن نظام السجون الأميركية مكلف جدا. وتبلغ ميزانية السجون 80 مليار دولار سنويا، أي ثلث ميزانية وزارة العدل. لكن هذا المبلغ الضخم لا يعني أن المساجين يتمتعون بأوضاع جيدة.
وكشف تقرير لمجلة «كولومبيا» للصحافة حول سجون ولاية إيلينوي عن انتشار القمل وغياب النظام الصحي والاكتظاظ، في حين «يقضي البعض فترة سجن بسبب انتهاء صلاحية ترخيص القيادة». وسعى أوباما إلى نشر التوعية في ما يتعلق بتأثير السجن الانفرادي، إذ يقبع السجناء في «زنزانة صغيرة لـ23 ساعة يوميا، وأحيانا لأشهر أو سنوات». وتساءل «في حال إطلاق سراح هؤلاء، كيف لهم أن يندمجوا في المجتمع؟».



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.