أساليب حديثة للقضاء على أنواع شرسة من حشرة العثة الماسية

تسبب أضرارًا خطيرة لمحاصيل الكرنب

حشرة العثة الماسية
حشرة العثة الماسية
TT

أساليب حديثة للقضاء على أنواع شرسة من حشرة العثة الماسية

حشرة العثة الماسية
حشرة العثة الماسية

ابتكر باحثون في بريطانيا أسلوبا يتضمن تعديلا جينيا للقضاء على أنواع شرسة من حشرة العثة (أبو دقيق) التي تسبب أضرارا خطيرة لمحاصيل الكرنب (الملفوف) واللفت والكانولا وأنواع أخرى على مستوى العالم.
ووصف الباحثون - من شركة أوكسيتيك التي تتعاون مع جامعة أكسفورد - الأسلوب الجديد بأنه صديق للبيئة ولا ينطوي على استخدام مبيدات ويتضمن إدخال جين في خلايا العثة الماسية الظهر أدى إلى تناقص أعدادها خلال التجارب الحقلية، حسب رويترز. وجرت تجربة أسلوب التعديل الجيني هذا لمكافحة البعوض المسبب لحمى الدنج؛ ما أدى إلى تناقص أعداده بنسبة تجاوزت 90 في المائة في تجارب أجريت في البرازيل وبنما وجزر كايمان. وقال نيل موريسون الباحث بشركة أوكسيتيك الذي أشرف على هذه الدراسة: «يفتح هذا البحث الحديث الباب على مصراعيه لزراعة مستقبلية تتضمن مكافحة الآفات بأساليب غير سامة ولا تشمل مبيدات حشرية».
وقال الباحثون عن الدراسة - التي وردت نتائجها في دورية «بيوميد سنترال بيولوجي» إن الأموال التي ينفقها المزارعون لمكافحة العثة ذات الظهر الماسي في محاصيل الخضراوات من الفصيلة الصليبية تتجاوز خمسة مليارات دولار سنويا.
وقال توني شيلتون أستاذ الحشرات بجامعة كورنيل بالولايات المتحدة الذي تعاون مع موريسون إن العثة تقاوم مبيدات الآفات التقليدية والعضوية.
وقال: «تمثل العثة ماسية الظهر مشكلة خطيرة لمزارعي ولاية نيويورك وفي شتى أرجاء العالم وفي كل حقل ومكان تزرع فيه خضراوات من الفصيلة الصليبية». وأضاف: «هذه العثة تغزو المحاصيل وتهاجمها فيما اكتسبت مقاومة من المبيدات الحشرية؛ لذا فنحن في حاجة ماسة لأدوات حديثة لتحسين طرق المكافحة». وتضمن البحث إجراء تعديل في جينات ذكور حشرة العثة التي تتزاوج لتنتج نسلا من الذكور فقط في التجارب الحقلية، ما أدى إلى تراجع هائل في أعداد الحشرة على مدى ثمانية أسابيع.
وقال العلماء إن أسلوب التعديل الجيني وعلى خلاف المبيدات الحشرية - التي تؤثر على مجموعة من الحشرات منها نحل العسل - متخصص في القضاء على أنواع معينة ولا يستهدف سوى آفات بعينها، كما أن الجين الذي أدخل في العثة غير سام؛ لذا فإنه لا يتسبب في أضرار للطيور التي تتغذى على هذه الحشرة.
ورحب خبراء مستقلون بهذه النتائج، مشيرين إلى أنها «خطوة للأمام» في المقاومة الصديقة للبيئة للأمراض الحشرية، ما يؤدي لتحسين الإنتاج الغذائي. ويعتزم شيلتون إجراء تجارب متابعة أخرى لاختبار الأسلوب الجديد - الذي وافقت عليه وزارة الزراعة الأميركية - في ظروف أكثر قسوة.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».