إلغاء برامج دعم اقتصادي يعيد التوترات إلى كينيا

المعارضة هددت باحتجاجات على مستوى البلاد

الرئيس الكيني ويليام روتو (إ.ب.أ)
الرئيس الكيني ويليام روتو (إ.ب.أ)
TT

إلغاء برامج دعم اقتصادي يعيد التوترات إلى كينيا

الرئيس الكيني ويليام روتو (إ.ب.أ)
الرئيس الكيني ويليام روتو (إ.ب.أ)

يتزايد الجدل والتوتر في الشارع الكيني والأوساط السياسية حول قرارات أصدرها الرئيس الكيني ويليام روتو، برفع الدعم عن الكهرباء منذ بداية العام، علاوة على غضب حيال تصريحات بإلغاء برنامج لدعم طلاب الجامعات.
وهدد زعيم الأقلية في الجمعية الوطنية الكينية، أوبيو واندي، أمس (الأربعاء)، بالدعوة إلى احتجاجات على مستوى البلاد إذا لم يقم روتو باستعادة مجلس قروض التعليم العالي الذي يُعرف ﺑ«HELB» والذي دشنه سلفه أوهورو كينياتا، «دون تطوير الآليات المناسبة لضمان استمرارية خدمات القروض الطلابية».
ومنذ مطلع العام الجديد، يتحمل المواطن الكيني زيادة في أسعار الكهرباء نسبتها 15 في المائة، بعد أن قرر الرئيس عدم تمديد دعم بمليارات الشلنات لهذا القطاع كان سلفه أوهورو كينياتا قد بدأه. ورفع الرئيس منذ سبتمبر (أيلول) الماضي الدعم عن أسعار المحروقات، ما تسبب في ارتفاع كبير في أسعار السلع، لا سيما أسعار الغذاء.
وحسب تقارير صحافية كينية، ستمثل تلك الزيادة ضربة قوية للمواطنين الذين يصارعون أيضاً مع ارتفاع غير مسبوق في أسعار الوقود والغذاء، وسط أسوأ موجة جفاف تضرب البلاد منذ 40 عاماً.
وفي خطابه بمناسبة العام الجديد، قال الرئيس ويليام روتو، إن الدعم المباشر لعدد من البرامج الحكومية كان «غير مستدام، ويؤدي إلى نتائج عكسية على الاقتصاد الكيني على المدى الطويل، وبالتالي كان لا بد من إلغائه».
وأشار روتو إلى أنه منذ توليه منصبه «كان عليه اتخاذ قرارات صعبة لا تحظى بشعبية، من أجل وضع البلاد على طريق التقدم». وقال روتو إن قراراته تستند إلى وعده للبلاد قبل انتخابه كرئيس، ببناء الاقتصاد من الأسفل إلى الأعلى، وإنه شرع في ذلك سعياً لضمان أن يكون الاقتصاد «قائماً على سياسات سليمة تصمد أمام اختبار الزمن». وكان من بين هذه القرارات الصعبة، وفقاً لما قاله الرئيس، التحرك لإلغاء دعم دقيق الذرة والكهرباء والمنتجات النفطية.
وفيما يخص دعم التعليم العالي وطلبة الجامعات، قال روتو: «بدلاً من أنظمة التمويل المختلفة، ستنشئ الحكومة «المجلس الوطني للمهارات والتمويل (NSFC) الذي سيدمج هيئات التمويل الحالية».
وتعرّض روتو لانتقادات كبيرة جراء تلك التصريحات. وفي بيان آخر صدر الثلاثاء الماضي، رأى واندي أن ما أعلنه روتو سيؤثر بالسلب على الطلاب الذين يتم تمويلهم من الهيئة. وقال: «عندما تقوم بحل (HELB)، ماذا يحدث لطلاب الجامعات الفقراء الذين من المقرر أن يبدأوا الفصل الدراسي الجديد هذا الشهر؟ هل يؤجلون أيضاً دراستهم لمدة ستة أشهر؟».
وسابقاً، انتقد ائتلاف المعارضة المعروف باسم «وازيميو لا أوموجا»، بقيادة رئيس الوزراء السابق والمعارض التاريخي رايلا أودينغا، الرئيس روتو بشدة لإلغائه برامج الدعم، بموجب «القرار من أجل الوحدة» الذي أصدره الرئيس، ووصف أودينغا القرارات بأنها «ستجعل الحياة لا تطاق لغالبية الكينيين». وقال إن التحالف سيستمر في المطالبة باستعادة دعم الوقود والكهرباء والغذاء.
وتجاوز التضخم في كينيا منذ يونيو (حزيران) الماضي، النطاق المستهدف البالغ 2.5 - 7.5 في المائة، ما دفع لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي الكيني إلى رفع أسعار الفائدة المعيارية للحد من إنفاق المستهلكين.
ومنذ مايو (أيار) الماضي، رفعت لجنة السياسة النقدية سعر الفائدة القياسي بمقدار 175 نقطة أساس إلى 8.75 في المائة، ما يشير إلى قيام المقرضين برفع تكلفة الاقتراض.
وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط» رأى حسن إسحق، الصحافي المتخصص في شؤون القرن الأفريقي، أن قرارات الرئيس تلقى معارضة كبيرة على المستوى السياسي والشعبي. وقال: «الشعب الكيني يعاني بالفعل قبل هذه القرارات من ارتفاع الأسعار بوتيرة كبيرة، وذلك على خلفية آثار الحرب الروسية - الأوكرانية، وموجة الجفاف الكبرى التي ضربت البلاد».
وأضاف إسحق: «يسود القلق طلبة التعليم العالي وأهلهم بسبب إعلان الرئيس عن نيته إلغاء برنامج الدعم دون أن يوفر بديلاً محدداً واضح المعالم».
وأشار إسحق إلى أن المعارضة تنتقد الرئيس الذي لم ينفّذ أياً من وعوده التي أعلن عنها خلال حملته الانتخابية، والتي تضمنت حديثاً عن تحسين الاقتصاد وتقليل الأسعار. وقال: «دأب روتو على انتقاد الرئيس السابق كينياتا بسبب ما شهده عهده من ارتفاع في الأسعار، وتعهد بالقيام بإجراءات عاجلة في الأيام المائة الأولى من حكمه، بيد أن ما يحدث على الأرض الآن هو العكس».
ووصف خطاب المعارضة الكينية قائلاً: «المعارضة تروّج خطاباً للمواطنين الذين يعانون بشدة، مفاده أن الوعود التي قطعها روتو كانت هباءً، وسوف تستمر جميع قوى المعارضة في البلاد في إحراج الرئيس». وأكمل: «الشعب الكيني لا يستطيع أن يتحمل هذا العبء الاقتصادي الثقيل. وستتأثر شعبية الرئيس بشدة، لأن السياسات الجديدة تضر بالبسطاء، الذين يمثلون الأغلبية من الشعب».


مقالات ذات صلة

تجدد احتجاجات المعارضة في كينيا

العالم تجدد احتجاجات المعارضة في كينيا

تجدد احتجاجات المعارضة في كينيا

تراوح الأزمة السياسية في كينيا في مكانها، بعد عودة احتجاجات المعارضة إلى الشوارع، وتجميد «حوار وطني» مزمع، تختلف المعارضة والرئيس حول طريقته وأهدافه. وانطلقت، الثلاثاء، موجة جديدة من الاحتجاجات، وأطلقت الشرطة الكينية الغاز المسيل للدموع على مجموعة من المتظاهرين في العاصمة نيروبي. ووفق وسائل إعلام محلية، شهد الحي التجاري المركزي انتشاراً مكثفاً للشرطة، وأُغلق عدد كبير من المتاجر، كما انطلق بعض المشرعين المعارضين، في مسيرة إلى مكتب الرئيس، لـ«تقديم التماس حول التكلفة المرتفعة، بشكل غير مقبول، للغذاء والوقود والكهرباء»، ومنعتهم الشرطة من الوصول للمبنى وفرقتهم باستخدام الغاز المسيل للدموع.

العالم تنامي «المعتقدات الشاذة» يثير مخاوف في كينيا

تنامي «المعتقدات الشاذة» يثير مخاوف في كينيا

تعيش كينيا حالة من الذعر مع توالي العثور على رفات في مقابر جماعية لضحايا على صلة بجماعة دينية تدعو إلى «الصوم من أجل لقاء المسيح»، الأمر الذي جدد تحذيرات من تنامي الجماعات السرية، التي تتبع «أفكاراً دينية شاذة»، خلال السنوات الأخيرة في البلاد. وتُجري الشرطة الكينية منذ أيام عمليات تمشيط في غابة «شاكاهولا» القريبة من بلدة «ماليندي» الساحلية، بعد تلقيها معلومات عن جماعة دينية تدعى «غود نيوز إنترناشونال»، يرأسها بول ماكينزي نثينغي، الذي قال إن «الموت جوعاً يرسل الأتباع إلى الله». ورصد أحدث التقديرات ارتفاع عدد ضحايا «العبادة جوعاً» إلى 83، وسط تزايد المخاوف من احتمال العثور على مزيد من الجثث. ووف

العالم عودة الاحتجاجات في كينيا... هل تُفاقم الأوضاع؟

عودة الاحتجاجات في كينيا... هل تُفاقم الأوضاع؟

رغم التحضيرات الجارية لمباحثات من المقرر إجراؤها بين الحكومة والمعارضة، يستمر التوتر السياسي في الهيمنة على المشهد بعد قرار المعارضة باستئناف الاحتجاجات، وهو ما يراه خبراء «تهديداً» لمساعي احتواء الخلافات، ومنذراً بـ«تصاعد المخاطر الاقتصادية». وأعلنت المعارضة الكينية عن عودة الاحتجاجات غداً (الأحد)، بعد 10 أيام من موافقة زعيم المعارضة رايلا أودينغا، على تعليقها وتمهيد الطريق لإجراء محادثات مع الرئيس ويليام روتو. وفي تصريحات تناقلتها الصحف الكينية، (الجمعة)، قال أودينغا، في اجتماع لمؤيديه في نيروبي، إن «التحالف سيواصل التحضير للمفاوضات، لكن الحكومة فشلت حتى الآن في تلبية مطالبها»، مشيراً إلى ما

العالم كينيا: تصاعُد الاضطرابات الاقتصادية وسط مخاوف من عودة الاحتجاجات

كينيا: تصاعُد الاضطرابات الاقتصادية وسط مخاوف من عودة الاحتجاجات

في ظل أزمة سياسية تعمل البلاد على حلها بعد تعليق احتجاجات قادتها المعارضة، ما زالت الأزمات الاقتصادية في كينيا تشكل مصدراً للتوتر والاضطرابات.

أفريقيا كينيا: تصاعد الاضطرابات الاقتصادية وسط مخاوف من عودة الاحتجاجات

كينيا: تصاعد الاضطرابات الاقتصادية وسط مخاوف من عودة الاحتجاجات

في ظل أزمة سياسية تعمل البلاد على حلها بعد تعليق احتجاجات قادتها المعارضة، ما زالت الأزمات الاقتصادية في كينيا تشكل مصدراً للتوتر والاضطرابات.


الجدعان: السعودية تدعم تطبيق مبادرة الإطار المشترك لمعالجة الديون

وزير المالية السعودي محمد الجدعان ومحافظ البنك المركزي أيمن السياري خلال اجتماع وزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية لمجموعة العشرين (وزارة المالية)
وزير المالية السعودي محمد الجدعان ومحافظ البنك المركزي أيمن السياري خلال اجتماع وزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية لمجموعة العشرين (وزارة المالية)
TT

الجدعان: السعودية تدعم تطبيق مبادرة الإطار المشترك لمعالجة الديون

وزير المالية السعودي محمد الجدعان ومحافظ البنك المركزي أيمن السياري خلال اجتماع وزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية لمجموعة العشرين (وزارة المالية)
وزير المالية السعودي محمد الجدعان ومحافظ البنك المركزي أيمن السياري خلال اجتماع وزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية لمجموعة العشرين (وزارة المالية)

أكد وزير المالية السعودي محمد الجدعان على أهمية معالجة الديون في البلدان منخفضة الدخل التي تمر بضائقة ديون عالية، مشيراً إلى دعم المملكة لجهود تعزيز تطبيق مبادرة الإطار المشترك لمعالجة الديون، وذلك لمواجهة التحديات التي تفرضها الديون على الاستدامة المالية واستقرار الاقتصاد الكلي. كلام الجدعان جاء في خلال الاجتماع الثالث لوزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية لمجموعة العشرين الذي انعقد خلال الفترة 25 و26 يوليو (تموز) تحت رئاسة البرازيل، في جلسة بعنوان «التمويل التنموي». وكان تم إطلاق مبادرة الإطار المشترك لمعالجة الديون من قبل مجموعة العشرين خلال رئاسة المملكة للمجموعة عام 2020؛ بهدف تخفيف الديون عن الدول الأكثر احتياجاً. وقال الجدعان إنه، ورغم التعافي الملحوظ في الاقتصاد العالمي، فإنه لا يزال أقل من مستوياته المأمولة، مسلّطاً الضوء على مكاسب التخطيط الاقتصادي بعيد المدى الذي تنعم به المملكة في ظل «رؤية2030»، كما أكّد أهمية التعاون متعدد الأطراف في التصدي للتحديات العالمية. وأشار إلى أن التمويل المستدام يتطلب العمل المنسق مع الأخذ بالاعتبار تطلعات الدول النامية للتقدم الاقتصادي، مؤكداً أهمية السماح للبلدان بتنفيذ نهج يتماشى مع سياساتها وإجراءاتها الوطنية، وأن تشمل الحلول المطروحة تقنيات احتجاز الكربون، وذلك خلال جلسة عنوانها «إتاحة التمويل لتحقيق أهداف المناخ والتنمية المستدامة». وأكد أن أهم عوامل استقرار ومتانة الاقتصادات ضد الصدمات العالمية هما التخطيط الاستراتيجي بعيد المدى والتنويع الاقتصادي، وهما ما تنعم بهما المملكة في ظل رؤيتها 2030.

هيكلة الديون

من جهته، رحب محافظ البنك المركزي السعودي أيمن السياري، بالتقدم المحرز في إعادة هيكلة الديون للدول منخفضة الدخل، وأكّد على دور المملكة في دعم الجهود الرامية إلى معالجة التحديات التي تواجه الاستدامة المالية والاستقرار الاقتصادي الكلي، بالإضافة إلى ضرورة رأس المال الخاص لتحقيق التنمية المستدامة، خلال جلسة بعنوان «تمويل التنمية: العلاقة بين تدفقات رأس المال والديون العالمية وإصلاحات بنوك التنمية متعددة الأطراف». وذكر السياري أنه يتعين على دول مجموعة العشرين مواصلة العمل لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، تفادياً لأي تداعيات سلبية قد تترتب في حال عدم تحقيق ذلك.

تنمية مستدامة

وأشار السياري خلال حديثه، إلى أن رأس المال الخاص ضرورة أساسية لتحقيق التنمية المستدامة، وأن بنوك التنمية متعددة الأطراف تؤدي دوراً هاماً في جذب الاستثمارات. وتابع «ونرحب بتركيز خارطة طريق مجموعة العشرين على جعل بنوك التنمية متعددة الأطراف تعمل كنظام متماسك ومرن، لتلبية احتياجات كل دولة مع الأخذ في الاعتبار التحديات العالمية». وأفاد السياري بأن لكل بنك من بنوك التنمية متعددة الأطراف خصائص مختلفة من الفرص والتحديات، وينبغي لكل بنك أن يصمم نهجه الخاص المناسب لتحقيق مهامه، وتعزيز كفاءته التشغيلية، وتفعيل قدرته المالية. وذكر أن المملكة تواصل دعم تنفيذ توصيات إطار العمل المشترك بين بنوك التنمية متعددة الأطراف لتحسين ميزانياتها العمومية.