توقف برنامج أول طائرة تعمل بالطاقة الشمسية برحلة حول العالم

بسبب عطل في البطارية أثناء رحلتها القياسية من اليابان إلى هاواي

طائرة تعمل بالطاقة الشمسية
طائرة تعمل بالطاقة الشمسية
TT

توقف برنامج أول طائرة تعمل بالطاقة الشمسية برحلة حول العالم

طائرة تعمل بالطاقة الشمسية
طائرة تعمل بالطاقة الشمسية

توقف برنامج أول طائرة تعمل بالطاقة الشمسية خلال محاولة القيام برحلة حول العالم لا يحرم الفريق المشرف على البرنامج من أن يحفر لنفسه اسما في السجلات القياسية العالمية الرسمية للملاحة الجوية، حسبما قاله مسؤولون بالجمعية القومية الأميركية للملاحة الجوية.
وقال أرت جرينفيلد مدير إدارة الأرقام القياسية والمنافسات بالجمعية القومية الأميركية للملاحة الجوية - التي تضاهي الاتحاد الدولي للملاحة الجوية الذي يتخذ من سويسرا مقرا له إنه على الرغم من أن توقف البرنامج تسعة أشهر يمثل انتكاسة لطاقم الطائرة إلا أنه لا يستبعد الفريق من تسجيل أرقام قياسية. وأضاف أن هذا التوقف يضاف فقط إلى الوقت المنقضي بدل الضائع دون استكمال هذا الإنجاز، حسب «رويترز».
وقال جرينفيلد، مستشهدًا بالسجلات التنظيمية الخاصة بالطائرات التي تعمل بالطاقة الشمسية إن لوائح التشغيل تنص على أن «أي وقت ينقضي على الأرض بين خطي البداية والنهاية يجوز أن يحتسب ضمن وقت الطيران». ومضى يقول إن فرقا لاحقة قد تنجز هذه المهمة في وقت أقصر لكن «الجميع يتذكرون أول من قام بالمحاولة».
كان الفريق المشرف على برنامج الرحلة قد قال خلال منتصف الرحلة إن الطائرة سولار «إمبالس 2» ستبقى في جزيرة هاواي تسعة أشهر على الأقل بسبب عطل طرأ على البطارية أثناء رحلتها القياسية من اليابان إلى هاواي التي استغرقت نحو 118 ساعة.
وقال الفريق إن الطائرة التجريبية المغزلية الشكل ذات المقعد الواحد ليس من المتوقع أن تواصل المرحلة القادمة من رحلتها - وهي الرحلة المقررة إلى فينكس بولاية أريزونا الأميركية التي تستغرق أربعة أيام بلياليها - قبل أواخر أبريل (نيسان) أو أوائل مايو (أيار) من العام المقبل.
وتحتاج الطائرة إلى وقت إضافي لإصلاح بطارياتها الأربع - التي تخزن الطاقة من الشمس نهارا لتوفير طاقة كهربية تمكنها من الطيران ليلا - التي تسمح لها بأن تظل محلقة طوال اليوم في رحلات جوية تقطع خلالها مسافات طويلة.
وعقب عمليات الإصلاح والاختبارات ستتمكن الطائرة من مواصلة رحلتها عبر المحيط الهادي خلال فصل الربيع القادم وفقا للظروف الجوية وعدد ساعات سطوع الشمس. وقال مسؤولون من الفريق المشرف على برنامج الرحلة إن درجة سخونة البطاريات زادت خلال إقلاعها المبدئي في 29 يونيو (حزيران) من ناجويا باليابان في طريقها إلى هاواي، وذلك في المرحلة الثامنة والحاسمة من رحلتها حول العالم. وأكد الفريق في بيان أن العطل لا يمثل «إخفاقا فنيا أو ضعفا في التكنولوجيا» لكن المشرفين على الرحلة أخطأوا في حساب ارتفاع درجات الحرارة المتوقع في الطائرة علاوة على الكم الملائم واللازم من العوازل وذلك وسط المناخ المداري أثناء مرحلة الصعود والإقلاع.
غير أن قائد الطائرة السويسري أندريه بورشبرج وفريقه نجحوا في استكمال مرحلة الرحلة من اليابان إلى هاواي وهبطت الطائرة بسلام قرب هونولولو في الثالث من الشهر الحالي بعد خمسة أيام بلياليها أو 117 ساعة و52 دقيقة في الجو.
وحطمت الرحلة الرقم القياسي العالمي السابق للطيران دون توقف وهو 76 ساعة للطيران المنفرد الذي سجله المغامر الراحل الأميركي ستيف فوسيت عام 2006 كما أنها سجلت رقما قياسيا عالميا جديدا في زمن ومسافة الطيران بطائرة تعمل بالطاقة الشمسية. ويسعى بورشبرج ومواطنه المشارك في تأسيس المشروع برتران بيكار إلى إتمام أول رحلة طيران حول الأرض بطائرة تعمل بالطاقة الشمسية على أن يتبادلا قيادة الطائرة في كل مرحلة. وتستمد الطائرة - التي تعادل في وزنها حافلة صغيرة - طاقتها من 17 ألف خلية شمسية تعيد شحن البطاريات تلقائيا.
وتحلق الطائرة على ارتفاع 8500 متر بسرعة تتراوح بين 48 إلى 97 كيلومترا في الساعة فيما مارس الطياران تدريبات على رياضة اليوجا والتأمل وكان كل منهما يغفو لمدة 20 دقيقة كل ثلاث ساعات في الرحلات الطويلة. وتصل مسافة الرحلة إلى 35 ألف كيلومتر وتهدف إلى إثبات إمكانية القيام برحلات جوية طويلة المدى بالاعتماد على الطاقة المتجددة. وبدأت الطائرة رحلتها من أبوظبي في الإمارات العربية المتحدة في التاسع من مارس (آذار) الماضي ومن المقرر أن تنتهي في أبوظبي أيضا. وتزن الطائرة 2300 كيلوغرام بما يعادل وزن سيارة عائلية لكن عرض جناحيها يماثل عرض جناحي طائرة كبيرة. واستغرق تصميم وبناء الطائرة 12 عاما. وانطلقت النسخة الأولى منها في 2009 محطمة الأرقام القياسية في المدى والارتفاع لطائرة مأهولة تعمل بالطاقة الشمسية.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».