انتقادات جديدة للقيادة العسكرية الروسية مع ارتفاع حصيلة قتلى الهجوم الأوكراني

المراسل الحربي المقرب من بوتين يعتبر قصة الهواتف المحمولة «غير مقنعة للغاية»

أحد التجمعات التي سمح لها للتعبير عن غضبها في سامارا بعد الضربة الأوكرانية التي أسفرت عن مقتل أكثر من 90 جندياً تجمعوا في مبنى واحد في ماكيفكا بشرق أوكرانيا (أ.ف.ب)
أحد التجمعات التي سمح لها للتعبير عن غضبها في سامارا بعد الضربة الأوكرانية التي أسفرت عن مقتل أكثر من 90 جندياً تجمعوا في مبنى واحد في ماكيفكا بشرق أوكرانيا (أ.ف.ب)
TT

انتقادات جديدة للقيادة العسكرية الروسية مع ارتفاع حصيلة قتلى الهجوم الأوكراني

أحد التجمعات التي سمح لها للتعبير عن غضبها في سامارا بعد الضربة الأوكرانية التي أسفرت عن مقتل أكثر من 90 جندياً تجمعوا في مبنى واحد في ماكيفكا بشرق أوكرانيا (أ.ف.ب)
أحد التجمعات التي سمح لها للتعبير عن غضبها في سامارا بعد الضربة الأوكرانية التي أسفرت عن مقتل أكثر من 90 جندياً تجمعوا في مبنى واحد في ماكيفكا بشرق أوكرانيا (أ.ف.ب)

أعلنت روسيا سلسلة من النكسات خلال هجومها الذي بدأ قبل أكثر من 10 أشهر في أوكرانيا، مع تزايد الضغوط على قياداتها العسكرية التي وواجهت انتقادات جديدة خلال الأيام الأخيرة، بعد تلقيها ضربات أوكرانية بصواريخ هيمارس ليلة رأس السنة، أسفرت عن مقتل أكثر من 90 جندياً على الأقل تجمعوا في مبنى واحد في ماكيفكا بشرق أوكرانيا.
وأثار الإعلان عن هذه الحصيلة الفادحة انتقادات جديدة للقيادة العسكرية على «عدم كفاءتها»، على لسان المراسلين الحربيين والمعلقين الروس، وذكرت وسائل الإعلام الروسية أن الضحايا جنود غير محترفين تمت تعبئتهم حديثاً. وأكدت هيئة الأركان العامة الأوكرانية أنها نفذت هذه الضربة، وأعلن قسم الاتصالات الاستراتيجية في الجيش الأوكراني أن الحصيلة أكبر مما أعلن عنه في صفوف الروس. وصب معظم مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي جام غضبهم على القادة العسكريين، وليس الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي لم يعلق حتى الآن على الهجوم.
وقالت وزارة الدفاع الروسية، أمس، إن 4 صواريخ أوكرانية أصابت ثكنة روسية مؤقتة في كلية مهنية في ماكيفكا القريبة من دونيتسك العاصمة الإقليمية التي تحتلها روسيا في شرق أوكرانيا، وأنّ استخدام جنودها هواتفهم النقّالة «السبب الرئيس» للضربة الصاروخية الأوكرانية. وبثّت الوزارة تسجيلاً مصوّراً قال فيه المتحدّث باسمها اللفتنانت جنرال سيرغي سيفريوكوف إنّ «عدد رفاقنا القتلى ارتفع إلى 89» بعد العثور على مزيد من الجثث تحت الأنقاض، في حين تحدثت الحصيلة السابقة عن 63 قتيلاً.
وأضاف سيفريوكوف: «هناك حالياً لجنة تحقّق لجلاء ملابسات ما حدث، لكن من الواضح منذ الآن أنّ السبب الرئيس... هو أنّ العسكريين شغّلوا واستخدموا على نطاق واسع هواتفهم المحمولة في منطقة تطالها أسلحة العدو، بما يتعارض مع حظر» استعمالها، ومن ثم نجحت القوات الأوكرانية في رصدهم واستهدافهم. وهذه أكبر حصيلة في هجوم واحد اعترفت بها موسكو منذ بدء الهجوم في فبراير (شباط) 2022، وتأتي بعد سلسلة من الانتكاسات العسكرية المحرجة التي منيت بها.
وقالت الوزارة إنه على الرغم من بدء تحقيق رسمي، فإن من الواضح أن السبب الرئيسي للهجوم هو الاستخدام غير القانوني للهواتف المحمولة من قبل الجنود. وقالت في بيان: «سمح هذا العامل للعدو بتعقب إحداثيات مواقع الجنود وتحديدها، ومن ثم توجيه ضربة صاروخية». لكن شكك سيميون بيجوف، وهو مراسل حربي روسي بارز منحه بوتين وسام الشجاعة في أواخر عام 2022، في الأسباب الذي سردتها الوزارة. وكتب بيجوف على تليغرام يقول إن أوكرانيا ربما تكون قد تمكنت من تحديد مواقع القوات الروسية عبر طائراتها المسيرة ومخابراتها، وليس بالضرورة من خلال الهواتف المحمولة. وقال: «قصة الهواتف المحمولة ليست مقنعة للغاية... نادراً ما أقول هذا، ولكن هذا هو الحال عندما يكون من الأفضل التزام الصمت على الأقل حتى نهاية التحقيق».
وأشار بيجوف إلى أن عدد القتلى سيرتفع، وأضاف: «لسوء الحظ سيستمر العدد في الارتفاع. البيانات المعلنة هي على الأرجح لمن جرى التعرف على هويتهم حتى الآن. قائمة المفقودين أطول من ذلك للأسف. لا يمكنني الكشف عن مصادري لكنني أعتبرها مصادر موثوقة». ولم يشر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الذي نادراً ما يتحدث عن ضربات عسكرية أوكرانية محددة، إلى الهجوم في خطاب مصور ألقاه، الثلاثاء. وقال الجيش الأوكراني إنه شن ضربة أسفرت عن تدمير عتاد روسي وربما تكون قد أدت إلى مقتل أفراد بالقرب من ماكيفكا، لكنه لم يعط مزيداً من التفاصيل.
ودعت مارغريتا سيمونيان، رئيسة قناة روسيا اليوم التي تتقدم وسائل الإعلام المروجة لسياسة الكرملين على الصعيد الدولي، إلى الإعلان عن أسماء الضباط الروس و«مدى مسؤوليتهم» فيما حصل. وكتبت على تليغرام: «حان الوقت لفهم أن الإفلات من العقاب لا يؤدي إلى اللحمة الاجتماعية. الإفلات من العقاب يؤدي إلى جرائم جديدة. وبالتالي، إلى الاستياء العام».
وأشاد الزعيم الانفصالي الموالي لروسيا دينيس بوشلين، «ببطولة» الجنود الذين نجوا من الضربة الأوكرانية، و«خاطروا بحياتهم لإنقاذ رفاقهم» من تحت الأنقاض. وقال بوشلين إن نائب قائد الفوج قُتل في الهجوم الصاروخي.
وقال الجيش الروسي إن الهجوم نُفذ باستخدام أنظمة صواريخ هيمارس التي حصلت عليها أوكرانيا من الولايات المتحدة؛ لتمكينها من توجيه ضربات في العمق، خلف خطوط الجبهة.
ذكر تقرير استخباراتي بريطاني أن تخزين الذخيرة بشكل غير آمن يتسبب في مخاطر للقوات الروسية. وقال التقرير البريطاني إنه بالنظر إلى حجم الضرر، فمن الواقعي أن نفترض أنه تم تخزين الذخيرة بالقرب من المركز، مما يكون قد تسبب في المزيد من الانفجارات خلال القصف. وذكر التقرير البريطاني أنه حتى قبل حرب أوكرانيا، كان الجيش الروسي معروفاً بتخزين ذخيرته بشكل غير آمن. ومع ذلك، فإن الحادث في ماكيفكا يظهر كيف أن «الممارسات غير المهنية» تسهم في ارتفاع عدد الضحايا.
على نحو غير معهود في روسيا، حيث تتكتم السلطات في أكثر الأحيان بشأن الخسائر العسكرية في أوكرانيا، تجمع نحو 200 شخص يوم الثلاثاء، في سامارا بوسط البلاد؛ حداداً على القتلى الذي يتحدر عدد منهم من المنطقة.
وقالت إيكاترينا كولوتوفكينا التي ترأس مجموعة من زوجات الجنود إن «الأمر صعب للغاية، إنه مخيف. لكن لا يمكن أن ننكسر. الحزن يوحدنا»، مع دعوتها إلى «الانتقام»، ولم يعلق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين علناً بعد على المأساة، لكنه أشرف، أمس الأربعاء، على انطلاق سفينة حربية مزودة بصواريخ جديدة تفوق سرعتها سرعة الصوت في مهمة في المحيط الأطلسي والمحيط الهندي والبحر الأبيض المتوسط. وقال بوتين خلال الحفل الذي حضره برفقة وزير الدفاع سيرغي شويغو من مكان غير محدد، وفق ما نقلت وكالات الأنباء الروسية: «أنا واثق من أن مثل هذه الأسلحة القوية ستحمي روسيا بشكل فعال من التهديدات الخارجية وتساعد على الدفاع عن المصالح الوطنية». وقال شويغو إن «طاقم السفينة سيتدرب على نشر أسلحة تفوق سرعتها سرعة الصوت وصواريخ عابرة بعيدة المدى»، وأشار إلى أن صواريخ زيركون الفرط صوتية «قادرة على التغلب على أي نظام دفاع جوي حالي أو مستقبلي»، ويمكنها تنفيذ «ضربات قوية ودقيقة في البحر والبر».


مقالات ذات صلة

الكرملين: التصريح الأخير لترمب بشأن أوكرانيا «يتماشى تماماً» مع الموقف الروسي

أوروبا المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف (د.ب.أ)

الكرملين: التصريح الأخير لترمب بشأن أوكرانيا «يتماشى تماماً» مع الموقف الروسي

نوّه الكرملين الجمعة بالتصريح الأخير لدونالد ترمب الذي اعترض فيه على استخدام أوكرانيا صواريخ أميركية لاستهداف مناطق روسية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا القوات الأوكرانية تقصف مواقع روسية على خط المواجهة في منطقة خاركيف (أ.ب)

مسؤول كبير: أوكرانيا ليست مستعدة لإجراء محادثات مع روسيا

كشف أندريه يرماك رئيس مكتب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في مقابلة أذيعت في وقت متأخر من مساء أمس (الخميس) إن كييف ليست مستعدة بعد لبدء محادثات مع روسيا.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا عسكري أوكراني يحتمي أمام مبنى محترق تعرَّض لغارة جوية روسية في أفدييفكا (أ.ب)

قتال عنيف... القوات الروسية تقترب من مدينة رئيسية شرق أوكرانيا

أعلنت القيادة العسكرية في أوكرانيا أن هناك قتالاً «عنيفاً للغاية» يجري في محيط مدينة باكروفسك شرق أوكرانيا، التي تُعدّ نقطة استراتيجية.

«الشرق الأوسط» (كييف)
الولايات المتحدة​ تشمل المعدات المعلن عنها خصوصاً ذخيرة لأنظمة قاذفات صواريخ هيمارس وقذائف مدفعية (رويترز)

مساعدات عسكرية أميركية إضافية لأوكرانيا بقيمة 500 مليون دولار

أعلنت الولايات المتحدة أنها ستقدم معدات عسكرية تقدر قيمتها بنحو 500 مليون دولار لدعم أوكرانيا، قبل نحو شهر من تنصيب الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا من جنازة جندي أوكراني توفي خلال الحرب مع روسيا (أ.ف.ب)

«الناتو»: مليون قتيل وجريح في أوكرانيا منذ بدء الحرب

أعرب حلف شمال الأطلسي (الناتو) عن اعتقاده بأن أكثر من مليون شخص سقطوا بين قتيل وجريح في أوكرانيا منذ شنّت روسيا غزوها الشامل في فبراير (شباط) 2022.

«الشرق الأوسط» (كييف)

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
TT

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)

أكد الدكتور زهير الحارثي، أمين عام مركز الملك عبد الله العالمي للحوار «كايسيد»، أن برامجهم النوعية تستثمر في مستقبل أكثر سلاماً بجمعها شخصيات دينية وثقافية لتعزيز الحوار والتفاهم وسط عالم يعاني من الانقسامات.

واحتفى المركز بتخريج دفعة جديدة من برنامج «الزمالة» من مختلف المجموعات الدولية والعربية والأفريقية في مدينة لشبونة البرتغالية، بحضور جمع من السفراء والممثلين الدبلوماسيين المعتمدين لدى جمهورية البرتغال.

وعدّ الحارثي، البرنامج، «منصة فريدة تجمع قادة من خلفيات دينية وثقافية متنوعة لتعزيز الحوار والتفاهم، وهو ليس مجرد رحلة تدريبية، بل هو استثمار في مستقبل أكثر سلاماً»، مبيناً أن منسوبيه «يمثلون الأمل في عالم يعاني من الانقسامات، ويثبتون أن الحوار يمكن أن يكون الوسيلة الأقوى لتجاوز التحديات، وتعزيز التفاهم بين المجتمعات».

جانب من حفل تخريج دفعة 2024 من برنامج «الزمالة الدولية» في لشبونة (كايسيد)

وجدَّد التزام «كايسيد» بدعم خريجيه لضمان استدامة تأثيرهم الإيجابي، مشيراً إلى أن «البرنامج يُزوّد القادة الشباب من مختلف دول العالم بالمعارف والمهارات التي يحتاجونها لبناء مجتمعات أكثر شموليةً وتسامحاً».

وأضاف الحارثي: «تخريج دفعة 2024 ليس نهاية الرحلة، بل بداية جديدة لخريجين عازمين على إحداث تغيير ملموس في مجتمعاتهم والعالم»، منوهاً بأن «الحوار ليس مجرد وسيلة للتواصل، بل هو أساس لبناء مستقبل أكثر وحدة وسلاماً، وخريجونا هم سفراء التغيير، وسنواصل دعمهم لتحقيق رؤيتهم».

بدورها، قالت ويندي فيليبس، إحدى خريجات البرنامج من كندا، «(كايسيد) لم يمنحني فقط منصة للتعلم، بل فتح أمامي آفاقاً جديدة للعمل من أجل بناء عالم أكثر عدلاً وسلاماً»، مضيفة: «لقد أصبحت مستعدة لمواجهة التحديات بدعم من شبكة متميزة من القادة».

الدكتور زهير الحارثي يتوسط خريجي «برنامج الزمالة الدولية» (كايسيد)

وحظي البرنامج، الذي يُمثل رؤية «كايسيد» لبناء جسور الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وتعزيز التفاهم بين الشعوب؛ إشادة من الحضور الدولي للحفل، الذين أكدوا أن الحوار هو الوسيلة المُثلى لتحقيق مستقبل أفضل للمجتمعات وأكثر شمولية.

يشار إلى أن تدريب خريجي «برنامج الزمالة الدولية» امتد عاماً كاملاً على ثلاث مراحل، شملت سان خوسيه الكوستاريكية، التي ركزت على تعزيز مبادئ الحوار عبر زيارات ميدانية لأماكن دينية متعددة، ثم ساو باولو البرازيلية وبانكوك التايلاندية، إذ تدربوا على «كيفية تصميم برامج حوار مستدامة وتطبيقها»، فيما اختُتمت بلشبونة، إذ طوّروا فيها استراتيجيات لضمان استدامة مشاريعهم وتأثيرها الإيجابي.