لبنانيون يلجأون إلى قرى سورية هرباً من الملاحقة الأمنية

إجراءات الجيش عكست ارتياحاً في صفوف المواطنين

نقطة مراقبة للجيش اللبناني على الحدود الشرقية مع سوريا (تويتر)
نقطة مراقبة للجيش اللبناني على الحدود الشرقية مع سوريا (تويتر)
TT

لبنانيون يلجأون إلى قرى سورية هرباً من الملاحقة الأمنية

نقطة مراقبة للجيش اللبناني على الحدود الشرقية مع سوريا (تويتر)
نقطة مراقبة للجيش اللبناني على الحدود الشرقية مع سوريا (تويتر)

يلوذ لبنانيون مطلوبون بجرائم الخطف مقابل فدية وإطلاق النار والاتجار بالمخدرات، إلى قرى سورية حدودية (شرق لبنان)، حيث يتخفون هرباً من الملاحقة التي ينفذها الجيش اللبناني في شمال شرقي.
وفعل الجيش اللنباني خلال الأشهر الأخيرة حملاته الأمنية في البقاع، بغرض ملاحقة المطلوبين، ما أضفى هدوءاً انعكس طمأنينة لسكان منطقة بعلبك الهرمل، إثر إحكام الجيش قبضته على المنطقة في عام 2022، عبر مداهمات شبه يومية أسفرت عن قتل وتوقيف عدد كبير من المطلوبين الخطرين من تجار الممنوعات وكبار رؤوس عصابات القتل والسلب والخطف.
وقالت مصادر ميدانية لـ«الشرق الأوسط»، إن من فلت من العمليات الأمنية المتواصلة للجيش اللبناني، لجأ إلى قرى سورية حدودية في ريف القصير (ريف حمص الجنوبي) يسكنها لبنانيون، بغرض التخفي. وقالت إن عدداً كبيراً من المطلوبين «استطاع النفاد إلى الضفة الثانية من الحدود هرباً من الملاحقة الأمنية». وأشارت إلى أن توقيفهم «يحتاج إلى حالة من التنسيق الأمني بين البلدين، بغرض إنهاء هذه الظاهرة».
ويقول السكان إن مطلوبين لبنانيين «لجأوا إلى حقول بلدة زيتا التي يسكنها لبنانيون في الداخل السوري، وباتت البلدة تؤوي مطلوبين ممن امتهنوا عمليات خطف مقابل فدية». وقالت إن اللجوء إلى هذه البلدة وغيرها من المناطق الريفية الحدودية المحاذية، «كان خياراً لا مفر منه بالنسبة للمطلوبين الذين لا يشعرون بالأمان، ويتعرضون لملاحقة ومداهمات مكثفة من قبل الجيش اللبناني ومديرية المخابرات فيه داخل الأراضي اللبنانية».
وخلال الأشهر الماضية، كثف الجيش اللبناني المداهمات التي كانت تنفذ بسرية تامة من قبل كتيبة خاصة تدار من غرف عمليات، إلى جانب مداهمات خاصة كانت تنفذها قوات من أفواج التدخل والمجوقل والمغاوير ومن فرع مخابرات المناطق والقطعات والوحدات العسكرية بالتعاون وبمشاركة القوات الجوية ووحدات الاستطلاع الجوي التي نفذت عشرات من عمليات المراقبة الجوية الدقيقة. وشكلت تلك التدابير عنصر مفاجأة تمكن من خلالها الجيش من توقيف مطلوبين وتجار المخدرات، وصادر معدات لتصنيع حبوب الكبتاغون والحشيشة.
استخدم الجيش في مداهماته خلال عام 2022 طائرات مسيّرة من نوع «سيسنا» و«سكان إيغل» الأميركيتين في عمليات المراقبة والمتابعة، فضلاً عن الطوافات العسكرية في عمليات المطاردة والمتابعة. وقالت مصادر أمنية إن «التنسيق المحكم والمدروس حقق النتائج المرجوة حيث أفضى إلى المزيد من التوقيفات لكبار المطلوبين وتجار الحبوب والممنوعات، ومن يفرضون الخوات والمتورطين بعمليات الخطف مقابل فدية، إلى جانب مطلوبين بجرائم السرقة والسلب وعصابات سرقة السيارات». وقالت إن الجيش «أحكم قبضته على الساحة ما ترك ارتياحاً لدى أبناء المنطقة».
وشكلت إجراءات الجيش عنصر أمان في نفوس المواطنين البقاعيين، ودفع العشائر والتجار إلى رفع لافتات شكر للجيش على الأوتوستراد الدولي عند مدخل مدينة بعلبك، وقدموا الشكر لنشره الأمن والأمان والاطمئنان في نفوس المواطنين، بعد بسط سلطته في منطقة بعلبك الهرمل.
وانعكست الإجراءات تخفيفاً من عمليات إطلاق النار العشوائي نتيجة ملاحقات وتوقيفات والتشدد في تطبيق القوانين، وأوقف الجيش خلال الأسبوعين الأخيرين من عام 2022 عدداً من مطلقي النار في مدينة بعلبك وقرى القضاء. ورفع فوج الحدود البري السواتر الترابية بمسافة 22 كلم في الداخل اللبناني بمحاذاة ساقية جوسيه من حدود القاع شرقاً حتى القصر غرباً في شمال الهرمل لوقف عمليات التهريب على المعابر غير الشرعية.
وقالت المصادر الميدانية إن هذه الإجراءات «حدت من عمليات التهريب التي كانت تحصل بشكل علني بشاحنات تعبر الحدود غير الشرعية بالاتجاهين، وحولت نشاط التهريب إلى عمليات فردية باستخدام الدراجات النارية».
وعمل الجيش على ربط طرقات الجرد على السلسلة الشرقية بجرود بريتال على أطراف مدينة بعلبك لتسهيل عمليات الرصد والمراقبة والتحرك، ما سهل لفوج الحدود البري ضبط ومصادرة شحنات كبيرة من حبوب الكبتاغون على جرود السلسلة الشرقية في جرود بريتال ونحلة كانت في طريقها إلى الدول العربية.
وتحت شعار «لا غطاء على المخلين بالأمن»، داهم الجيش اللبناني أحياء الشراونة الشمالي والجنوبي، فأزال كل بؤر التوتر، إما بفرار المطلوبين من الحي أو بتوقيفهم، حيث أوقف عدداً من المطلوبين.
إجراءات الجيش اللبناني شكلت ارتياحاً لدى المواطنين بتلافي الرصاص الطائش الذي كان يهدد الأرواح والممتلكات وألواح الطاقة الشمسية وخزانات المياه والمازوت على أسطح المنازل مع انتهاء كل عام وحلول عام آخر. وبينما احتفل اللبنانيون بتوديع عام واستقبال آخر كان الجيش ينفذ سلسلة مداهمات في حي الشراونة في بعلبك وفي بلدة حورتعلا شرق بعلبك ويلاحق مطلوبين ويصادر أسلحة حربية.
وكان قائد الجيش العماد جوزيف عون، زار المنطقة الخميس الماضي، وافتتح طريق جرود بريتال - بعلبك (طول 22 كلم) التي تصل بين عدد من مراكز فوج الحدود البرية الرابع، وهي مركزا مقيال الحلاني والنبي سباط في جرود بريتال، ومركزا التلاجة وعمشكي في جرود بعلبك، وذلك بحضور قائد الفوج وضباطه ومحافظ بعلبك الهرمل القاضي بشير خضر وعدد من رؤساء البلديات والفعاليات في المنطقة. تسهل الطريقُ المفتَتحة انتقالَ العسكريين بين المراكز المذكورة، وضبطَ مناطق حدودية حساسة كانت تُستَعمل سابقاً من قبل الإرهابيين للتنقل عبر الحدود الشرقية. كما تساعد المواطنين في الوصول إلى أراضيهم.
بعد ذلك، تفقد قائد الجيش مراكز النبي سباط ومقيال الحلاني والتلاجة، حيث التقى العسكريين، وهنأهم بمناسبة الأعياد المجيدة متمنياً لهم ولعائلاتهم عاماً أفضل، وتوجه إليهم بكلمة قال فيها: «زيارتي لكم اليوم تعبيرٌ عن تقديري العميق لكل ما قمتم به خلال العام المنصرم وسط الظروف العصيبة التي يعاني منها وطننا. وجودكم هنا أساسي وضروري، أنتم حافظتم على لبنان وكتبتم التاريخ، وهو سيذكر أنكم حميتموه، لولاكم لما بقي هذا الوطن».
وأضاف: «الدفاع عن وطننا شرف لنا، وهو دفاع عن العِرض والهوية. نحن نكبر بكم ولبنان يكبر بكم أيضاً. لقد نلتم محبة اللبنانيين وثقتهم كما ثقة المجتمع الدولي، وهي عامل أساسي في استمرارنا عن طريق المساعدات المقدمة من قبل اللبنانيين، مقيمين ومغتربين، والدول الصديقة». وأكد أن الجيش صامد ومتماسك وقادر على الاستمرار خلافاً لكل الشائعات التي تطاله ومنها أعداد الفارين، مشيراً إلى أن هناك آلافاً من الشباب الذين تقدموا بطلبات تطويع للانخراط في صفوف المؤسسة العسكرية.
كما شدد العماد عون على أن القيادة تتابع أوضاع العناصر عن كثب من خلال رؤسائهم التراتبيين، وتسعى بأقصى جهودها إلى تخفيف وطأة الأزمة عنهم عبر تعزيز الطبابة العسكرية وتأمين مساعدات مختلفة، لافتاً إلى أن لبنان سيبقى بوجود الجيش، وأنه لا بد من التحلي بالصبر حتى انجلاء الأزمة.
كذلك تفقد العماد عون قيادة فوج الحدود البرية الرابع في بعلبك، واطلع على المهمات العملانية التي ينفذها والتحديات التي يواجهها في سياق مراقبة الحدود وضبطها. وإذ أثنى على جهود ضباط الفوج، اعتبر أنهم ورفاقهم في بقية الوحدات أصحاب مبادرة وإرادة صلبة وإيمان قوي، ودعاهم إلى التمسك بإيمانهم ببلدهم لأنهم جميعاً أبناء مدرسة الصبر والإرادة والإيمان.


مقالات ذات صلة

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

المشرق العربي رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

تُوفّي الموسيقار اللبناني إيلي شويري، عن 84 عاماً، الأربعاء، بعد تعرُّضه لأزمة صحية، نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث فارق الحياة. وأكدت ابنته كارول، لـ«الشرق الأوسط»، أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعلم به العائلة، وأنها كانت معه لحظة فارق الحياة.

المشرق العربي القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

وجّه المجلس التأديبي للقضاة في لبنان ضربة قوية للمدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، عبر القرار الذي أصدره وقضى بطردها من القضاء، بناء على «مخالفات ارتكبتها في إطار ممارستها لمهمتها القضائية والتمرّد على قرارات رؤسائها والمرجعيات القضائية، وعدم الامتثال للتنبيهات التي وجّهت إليها». القرار التأديبي صدر بإجماع أعضاء المجلس الذي يرأسه رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، وجاء نتيجة جلسات محاكمة خضعت إليها القاضية عون، بناء على توصية صدرت عن التفتيش القضائي، واستناداً إلى دعاوى قدمها متضررون من إجراءات اتخذتها بمعرض تحقيقها في ملفات عالقة أمامها، ومخالفتها لتعليمات صادرة عن مرجع

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن فرص انتخاب مرشح قوى 8 آذار، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «باتت معدومة»، مشيراً إلى أن الرهان على الوقت «لن ينفع، وسيفاقم الأزمة ويؤخر الإصلاح». ويأتي موقف جعجع في ظل فراغ رئاسي يمتد منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث فشل البرلمان بانتخاب رئيس، وحالت الخلافات السياسية دون الاتفاق على شخصية واحدة يتم تأمين النصاب القانوني في مجلس النواب لانتخابها، أي بحضور 86 نائباً في دورة الانتخاب الثانية، في حال فشل ثلثا أعضاء المجلس (86 نائباً من أصل 128) في انتخابه بالدورة الأولى. وتدعم قوى 8 آذار، وصول فرنجية إلى الرئاسة، فيما تعارض القوى المسيحية الأكثر

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

جدد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، تأكيد موقف المملكة من الاستحقاق الرئاسي اللبناني بوصفه «شأناً سياسياً داخلياً لبنانياً»، حسبما أعلن المتحدث باسم البطريركية المارونية في لبنان بعد لقاء بخاري بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، بدأ فيه السفير السعودي اليوم الثاني من جولته على قيادات دينية وسياسية لبنانية. وفي حين غادر السفير بخاري بكركي من دون الإدلاء بأي تصريح، أكد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض، أن بخاري نقل إلى الراعي تحيات المملكة وأثنى على دوره، مثمناً المبادرات التي قام ويقوم بها في موضوع الاستحقاق الرئاسي في سبيل التوصل إلى توافق ويضع حداً للفراغ الرئا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

تأتي جولة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية في سياق سؤالها عن الخطوات المطلوبة لتفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان بانتهاء ولاية رياض سلامة في مطلع يوليو (تموز) المقبل في حال تعذّر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أن تحرك السفيرة الأميركية، وإن كان يبقى تحت سقف حث النواب على انتخاب رئيس للجمهورية لما للشغور الرئاسي من ارتدادات سلبية تدفع باتجاه تدحرج لبنان من سيئ إلى أسوأ، فإن الوجه الآخر لتحركها يكمن في استباق تمدد هذا الشغور نحو حاكمية مصرف لبنان في حال استحال عل

محمد شقير (بيروت)

«حماس» تكثف «حرب العبوات» وتخوض معارك «كرّ وفرّ» شمال غزة

جنود إسرائيليون يحملون نعش زميل لهم قُتل قبل يوم بشمال غزة... خلال تشييعه بالمقبرة العسكرية في القدس الخميس (إ.ب.أ)
جنود إسرائيليون يحملون نعش زميل لهم قُتل قبل يوم بشمال غزة... خلال تشييعه بالمقبرة العسكرية في القدس الخميس (إ.ب.أ)
TT

«حماس» تكثف «حرب العبوات» وتخوض معارك «كرّ وفرّ» شمال غزة

جنود إسرائيليون يحملون نعش زميل لهم قُتل قبل يوم بشمال غزة... خلال تشييعه بالمقبرة العسكرية في القدس الخميس (إ.ب.أ)
جنود إسرائيليون يحملون نعش زميل لهم قُتل قبل يوم بشمال غزة... خلال تشييعه بالمقبرة العسكرية في القدس الخميس (إ.ب.أ)

على الرغم من مرور 3 أشهر على العملية العسكرية الإسرائيلية في شمال قطاع غزة المتضمَّنة في العملية الكبرى، فإن تلك القوات ما زالت تتكبد كثيراً من الخسائر البشرية والمادية، في ظل معارك عنيفة مع مسلحين من الفصائل الفلسطينية، اعتمدوا على تكتيكات أكثر قوة باستخدام حرب «العبوات الناسفة».

وفي غضون 3 أيام، قتل ضابطان و3 جنود؛ جميعهم من لواء «ناحال»، الذي انتقل منذ نحو أسبوعين من مدينة رفح في أقصى جنوب قطاع غزة، إلى بلدة بيت حانون أقصى شمال القطاع، لاستكمال مهمة جزء من فريق لواء «كفير» القتالي، وقوات أخرى.

فتاة فلسطينية تتفقد منزل عائلتها الذي دمرته غارة جوية إسرائيلية بمخيم اللاجئين في دير البلح وسط غزة الخميس (إ.ب.أ)

«حرب العبوات»

ووفق تقرير لصحيفة «يديعوت أحرونوت» العبرية، فإن الضابطين والجنود الثلاثة قتلوا نتيجة تفجير عبوات ناسفة، وأُعلن مقتل الجنود الثلاثة، الأربعاء، جراء انفجار عبوة كبيرة جداً زُرعت على عمق أمتار قليلة في الأرض، وحين داست دبابة عليها انفجرت وانقلبت واحترق جزء منها، ما أدى لمقتل الجنود الثلاثة وإصابة 3 آخرين أحدهم في حالة خطرة.

ووصفت الصحيفة ما يجري في بيت حانون بـ«حرب العبوات»، فقد اعترف ضابط إسرائيلي بأن «خطر العبوات الناسفة هو محور القتال» في البلدة الواقعة بمحاذاة السياج الأمني شمال قطاع غزة.

وذكرت الصحيفة أنه منذ بداية العملية في بيت حانون نهاية شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قتل 10 ضباط وجنود إسرائيليين، مشيرةً إلى أن قوات الجيش تعمل هناك ضد كتيبة «حماس» المحلية، في جزء من العملية المتواصلة شمال قطاع غزة منذ 3 أشهر.

دخان فوق قطاع غزة جراء انفجارات الخميس (أ.ب)

وتحدثت عن اكتشاف مستودعات أسلحة وصواريخ وأنفاق قتالية لا تزال تستخدم من قبل المسلحين الفلسطينيين.

«كرّ وفرّ»

وتقول مصادر ميدانية لـ«الشرق الأوسط» إن المقاومين في شمال قطاع غزة يخوضون عمليات «كرّ وفرّ»، وإن هذا التكتيك اعتُمد منذ بدء العمليات في جباليا بداية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ومن ثم في بيت لاهيا، وحتى بلدة بيت حانون، مؤكدةً أن المعارك ما زالت متواصلة في جميع تلك المناطق على الرغم من محاولات الاحتلال الإسرائيلي السيطرة عليها.

ووفق المصادر، فإن المقاومين يتنقلون بين تلك المناطق الثلاث، ويخوضون اشتباكات عنيفة، وفق ما لديهم من إمكانات عسكرية، مشيرةً إلى أنهم يستخدمون الأنفاق، التي لا يزال بعضها سليماً، لاستهداف القوات الإسرائيلية والوصول إلى أماكن تمركز الجنود وإطلاق النيران عليهم من مسافات قريبة، أو إطلاق قذائف مضادة للدروع.

زملاء وأقارب جندي قُتل قبل يوم بشمال غزة... خلال تشييعه بالمقبرة العسكرية في القدس الخميس (أ.ب)

ولفتت المصادر إلى أن كثيراً من العبوات الناسفة ومنها «البرميلية (الكبيرة جداً)» كانت مزروعة قبل دخول القوات الإسرائيلية إلى مناطق شمال قطاع غزة، وزِيد عدد العبوات الناسفة التي جُهزت للتفجير عن بعد في بلدة بيت حانون بعد دخول تلك القوات مخيم جباليا.

وتقول المصادر إن العبوات الناسفة الأربع التي انفجرت في بيت حانون، خلال الأيام الماضية وأدت لمقتل الضباط والجنود، هي من نوع «برميلية»، التي استُخدمت في بعضها صواريخ إسرائيلية لم تنفجر وأعيد تأهيلها وتفعيلها لتكون تفجيرية بشكل أكبر.

ووفقاً لـ«القناة 12» العبرية، فإن الجيش الإسرائيلي يحقق فيما إذا كانت العبوة التي انفجرت الأربعاء وأدت لمقتل الجنود الثلاثة، هي عبوة تحتوي مواد من مخلفات الجيش لم تنفجر سابقاً.

فلسطيني يحمل جثة طفل قُتل في غارة إسرائيلية على منزل بمخيم النصيرات وسط قطاع غزة الخميس (رويترز)

إجراءات إسرائيلية

ووفق القناة، فإنه يجري اتخاذ كثير من الإجراءات لاستخلاص الدروس بعد تكرار انفجار العبوات؛ منها استخدام جرافات «دي9 (D9)»، التي تجرّف الشوارع للكشف عن أي عبوات زُرعت، مؤكدةً أنه لم يكن لدى الجيش الإسرائيلي أي معلومات استخباراتية عن العبوة التي انفجرت في الدبابة، وأن انفجارها كان كبيراً وغير عادي.

وتقول القناة إنه لو ثبت استخدام عناصر «حماس» أسلحة من مخلفات الجيش، فإن هذا سيكون التفسير الوحيد لتضرر الدبابة بشكل كبير جداً، واحتراق جزء منها، مشيرةً إلى أن المواد المتفجرة في قنابل وصواريخ الجيش الإسرائيلي قياسية، وإن انفجارها يسبب أضراراً أكبر بكثير.

ووفق المصادر الميدانية التي تحدثت لمراسل «الشرق الأوسط»، فإن «استخدام عبوات ناسفة من مخلفات جيش الاحتلال الإسرائيلي، ليس بالأمر الجديد، وإنما استُخدمت مرات عدة في سلسلة من العمليات التي نُفذت ضده في مناطق متفرقة من القطاع، وليس فقط شماله».

وتنفي المصادر الميدانية ما تدعيه مصادر عسكرية إسرائيلية من أن كثيراً من المسلحين يفرون من شمال قطاع غزة إلى الجنوب (إشارة إلى مدينة غزة)، ومن أن «حماس» تخلت عن تلك المناطق، بعد هروب قياداتها وعناصرها، ومن أنه قد يهرب مزيد منهم باستغلال الأمطار في الأيام المقبلة.

وتؤكد المصادر الميدانية أن هؤلاء «يتنقلون في إطار عمليات (الكر والفر)، التي تهدف بشكل أساسي لتوجيه ضربات للقوات الإسرائيلية باستخدام مجموعات بديلة تتنقل بين المناطق؛ للاستراحة والاستعداد للقتال من جديد، فتدخل بدلاً منها مجموعات تقاتل، وعند انسحابها تعود مجموعات كانت سابقاً في الميدان لتقاتل».

وتشير تقديرات الجيش الإسرائيلي إلى أنه خلال ما بين 3 و4 أسابيع «من الممكن استكمال العملية برمتها في شمال قطاع غزة؛ سواء في جباليا وفي بيت حانون»، كما ذكرت «القناة 12».