فيفيان ويستوود... كانت تحلم بتغيير العالم عن طريق الموضة

مصممة متمردة غيرت ثقافة جيل بأكمله

حولت منصات عروضها إلى منابر سياسية وفنية واجتماعية (أ.ف.ب)
حولت منصات عروضها إلى منابر سياسية وفنية واجتماعية (أ.ف.ب)
TT

فيفيان ويستوود... كانت تحلم بتغيير العالم عن طريق الموضة

حولت منصات عروضها إلى منابر سياسية وفنية واجتماعية (أ.ف.ب)
حولت منصات عروضها إلى منابر سياسية وفنية واجتماعية (أ.ف.ب)

بوفاة فيفيان ويستوود، يوم الخميس الماضي، يفقد عالم الموضة مصممة غير عادية. فقد كانت ملهمة ومُبدعة، كما كانت إنسانة متمردة على التابوهات، تسكنها رغبة دفينة بأن يثور العالم على كل شيء سلبي ويغيره إلى إيجابي إنقاذاً للمستقبل. لم تكن وفاتها مفاجئة، فهي في 81 من العمر، لكن كان لها وقع حزين على كل من عرفها أو عشق أسلوبها الذي شكّل ثقافة جيل بأكمله في السبعينات.
في صفحتها عبر إنستغرام كتبت المصممة ستيلا ماكارتني: «خسرنا اليوم إحدى الأيقونات النادرات في مجال الأزياء البريطاني»، مضيفة أنّ ويستوود «ألهمت مسيرتي المهنية بشجاعتها».
وبينما سيدخل اسم فيفيان ويستوود تاريخ الموضة كعرابة أسلوب «البانك» الذي ابتكرته في السبعينات من القرن الماضي، فإن هناك الكثير مما يُحسب لمصممة عاشت حياتها بالعرض والطول، ورسمت خطوط الموضة لأكثر من نصف قرن، بعيداً عن أي إملاءات خارجية، فنية كانت أم سياسية. لم تقتصر طموحاتها على تغيير أذواقنا فحسب. كانت تريد تغيير العالم بتبنيها قضايا إنسانية وبيئية، وإعلانها في كل المناسبات عن كُرهها لسياسات كل من مارغريث ثاتشر وتوني بلير. وكانت من أوائل المصممين الذين استغنوا عن استعمال الفرو بحسب شهادة منظمة «بيتا» المُدافعة عن حقوق الحيوان، التي ذكرت أيضاً أن المصممة شاركت في حملة «دعت فيها الجميع إلى أن يصبحوا نباتيين بهدف توفير المياه والحفاظ على الحيوانات».

ظلت متمردة حتى عندما قابلت الملكة الراحلة إليزابيث الثانية وتسلمت منها وساماً خاصاً (أ.ف.ب)

في فترة من الفترات حاولت التمرد أيضاً على أسلوب «البانك» الذي اشتهرت به وظل لصيقاً بها إلى الآن، ولأسباب ربما تكون تجارية أو مجرد رغبة منها في صدم صناع الموضة في باريس دخلت عالم الأزياء الراقية. أثار الأمر جدلاً كبيراً حينها ليس لأنها غيرت قناعاتها، بل لأنها أقحمت أقمشة مثل التارتان وأساليب جديدة عليها في محاولة منها أن تُحدث عنصر الصدمة. لحسن الحظ أن دخولها هذا الخط أظهر جانباً رومانسياً لم يكن واضحاً من قبل، وزاد بروزاً في السلسلة التلفزيونية «سكس أند ذي سيتي» عندما اختارت بطلته فستان زفافها من تصميمها.
دخلت عالم الموضة وهي في سن السابعة عشرة عندما انتقلت من قريتها إلى لندن حيث درست الموضة. نقطة التحول بالنسبة لها كان لقاؤها مع شاب اسمه مالكولم ماكلارين، أصبح فيما بعد مدير الفرقة الموسيقية الشهيرة «سيكس بيستولز» التي كان لها تأثير كبير على تلك الحقبة. كان ماكلارين عاشقاً للموضة، ويكره ثقافة الهيبيز التي طبعت أسلوب الستينات. وجد في ويستوود الشخص المناسب لكي يقوم بثورة على هذا الأسلوب. لم يجد أي صعوبة في إقناعها. لم يمض سوى وقت قصير على تعارفهما ليفتتحا محلاً صغيراً في «كينغز رود» بدأت تطرح فيه تصاميم صادمة مثل قمصان كتبت عليها رسائل إباحية وأحذية عالية الكعب وجوارب داخلية من الفينيل. كان هذا كل ما يحتاجه جيل جديد من الشباب أقبل على هذه التصاميم واستعملها للتعبير عن ثورته على المتعارف عليه، ورغبته في خض المياه الراكدة. هكذا وُلد أسلوب «البانك»، وهكذا بقي جزءاً لا يتجزأ من جيناتها إلى الآن. بالنسبة لويستوود، لم يكن مجرد أسلوب موضة تريد أن تُرسخ به مكانتها بقدر ما كان ثقافة ضد الظلم والتقاليد القديمة.
مع الوقت، زاد إيمانها بقضايا البيئة لتتحول منصات عروضها إلى منابر تستعرض فيها إبداعاتها، كما تعبر فيها عن ميولها وقناعاتها السياسية والبيئية في صور تجعلها تبدو أحياناً وكأنها مُدرجات جامعات يديرها طلبة مشاغبون تسكنهم رغبة في تغيير العالم.
في عام 2008 مثلاً دعت قطاع الموضة إلى مراعاة تغير المناخ، وطالبت المستهلك بعدم الإسهاب في شراء الملابس. رأى البعض في الأمر ازدواجية وتناقضاً، لكنه كان طبيعياً بالنسبة لها باعتبار أن الموضة كانت سلاحاً للتغيير وليست وسيلة لتحقيق الأرباح فقط. ما يُحسب لها أنها استغلت كل الفرص واستعملت كل المنابر للتنديد بالظلم أياً كان شكله ولونه، وظلت إلى آخر رمق في حياتها تطالب بضمان مستقبل واعد لأجيال قادمة رغم أنها كانت أيضاً تعبر عن إحباطها من سلبية هذا الشباب وتقبله للأوضاع بخنوع، ومن دون طرح أي تساؤلات أو حركات ثورية.


مقالات ذات صلة

5 قطع لن تخسري إذا استثمرتِ فيها حالياً

لمسات الموضة الجينز لا يزال يتصدر منصات الموضة العالمية مثل عرض «ليبرتين» خلال أسبوع نيويورك الأخير (إ.ب.أ)

5 قطع لن تخسري إذا استثمرتِ فيها حالياً

مهما تغيرت المواسم والأذواق، هناك قطع من الموضة تتحدى الزمن وتعتبر بمثابة استثمار سعره فيه.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة اعتمد المصمم على التفاصيل الجريئة حتى يمنح كل زي ديناميكية خاصة (خاص)

فؤاد سركيس يرسم لوحة ملونة بالالوان والتفاصيل في مجموعته لـ 2025

في أحدث مجموعاته لموسم خريف وشتاء 2025، يعيد المصمم فؤاد سركيس رسم هوية جديدة لمعنى الجرأة في الموضة. جرأة اعتمد فيها على تفاصيل الجسم وتضاريسه. تتبعها من دون…

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة مصممة الأزياء التراثية علياء السالمي (الشرق الأوسط)

علياء السالمي... تحمل تقاليد الماضي إلى الحاضر

من قلب المملكة العربية السعودية؛ حيث تتلاقى الأصالة والحداثة، تبرز مصممة الأزياء التراثية علياء السالمي واحدةً من ألمع الأسماء في عالم تصميم الأزياء.

أسماء الغابري (جدة)
لمسات الموضة كانت روح ماريا تحوم في قصر غارنييه بكل تجلياتها (ستيفان رولان)

من عاشقة موضة إلى مُلهمة

كل مصمم رآها بإحساس وعيون مختلفة، لكن أغلبهم افتُتنوا بالجانب الدرامي، وذلك التجاذب بين «الشخصية والشخص» الذي أثَّر على حياتها.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة لم تحتج الدار يوماً إلى مدير إبداعي يرسم معالمها... لأن «نجمها الأول وعملتها الذهبية» هي أنسجتها (لورو بيانا)

«لورو بيانا»... تحتفل بمئويتها بفخامة تستهدف أصحاب الذوق الرفيع

لم تحتج الدار يوماً إلى مدير إبداعي يقودها ويحدد اتجاهاتها... فشخصيتها واضحة، كما أنها تمتلك نجماً ساطعاً يتمثل في أليافها وصوفها الملكي.

جميلة حلفيشي (لندن)

المغنية أديل تُودّع لاس فيغاس بفستان من «كلوي»

في توديع جمهورها بلاس فيغاس أبدعت أديل غناء وإطلالة (كلوي)
في توديع جمهورها بلاس فيغاس أبدعت أديل غناء وإطلالة (كلوي)
TT

المغنية أديل تُودّع لاس فيغاس بفستان من «كلوي»

في توديع جمهورها بلاس فيغاس أبدعت أديل غناء وإطلالة (كلوي)
في توديع جمهورها بلاس فيغاس أبدعت أديل غناء وإطلالة (كلوي)

اختتمت نجمة البوب البريطانية أديل سلسلة حفلاتها الموسيقية في لاس فيغاس، نيفادا، بالدموع. كانت آخِر ليلة لها على خشبة مسرح «الكولوسيوم» بقصر سيزار في لاس فيغاس، وكانت مِسك الختام، حيث حضرها نجوم وشخصيات كبيرة انتزعوا من عيونها دموع «الامتنان والحب والفخر»، كما قالت، مضيفة: «لن أنسى هذه التجربة، وسأشتاق إليكم كثيراً، فالشيء الوحيد الذي أتقنه جيداً هو الغناء، وأنا الآن لا أعرف متى سأعود إلى المسرح وإليكم».

تميَّز الفستان بياقة مفتوحة على شكل V وأكمام منفوخة من الكوع إلى المعصم (كلوي)

إطلالتها، وهي تغني بشغف، أكدت أن الغناء ليس قوتها الوحيدة، فهي تُجيد، الآن، فنون الأناقة أيضاً، وهو ما يؤكده الفستان الذي ظهرت به. صممته لها دار «كلوي» الفرنسية خصوصاً وعلى مقاسها. اختارت له المصممة شيمينا كامالي اللون الأسود وحرير الكريب، الذي طرزته الأنامل الناعمة العاملة في ورشات الدار يدوياً بخرز وأحجار باللونين الأسود والذهبي. ما يميزه هو التخريمات حول الصدر والأكمام المنفوخة من الكوع إلى المعصم. هذه التفاصيل الصغيرة أضفت عليه ابتكاراً أخرجه من الكلاسيكية التي تشتهر بها أديل عادة، فهي معروفة بميلها إلى اللون الأسود والتصاميم الكلاسيكية التي تُبرز تضاريس جسدها وأنوثتها، خصوصاً بعد أن أنقصت وزنها بشكل كبير.

تم تطريزه بخرز وأحجار باللونين الأسود والذهبي لمظهر راقٍ (كلوي)

تقول الدار إن تنفيذ الفستان استغرق 890 ساعة، علماً بأنها ليست المرة الأولى التي تختار فيها المغنية البريطانية تصميماً من دار «كلوي». ففي عام 2016 ظهرت أيضاً بفستان بتوقيع الدار خطفت فيه الأنظار في مهرجان غلاستنبوري البريطاني.