أسابيع «حارة» تنتظر الحكومة الفرنسية المتخوفة من احتجاجات شعبية واسعة

مشروع القانون الحكومي لإصلاح نظام التقاعد يؤلب النقابات

الرئيس الفرنسي الفرنسي إيمانويل ماكرون (أ.ف.ب)
الرئيس الفرنسي الفرنسي إيمانويل ماكرون (أ.ف.ب)
TT

أسابيع «حارة» تنتظر الحكومة الفرنسية المتخوفة من احتجاجات شعبية واسعة

الرئيس الفرنسي الفرنسي إيمانويل ماكرون (أ.ف.ب)
الرئيس الفرنسي الفرنسي إيمانويل ماكرون (أ.ف.ب)

انحسرت موجة الغبطة والحماسة التي حملت ما لا يقل عن مليون فرنسي أو زائر إلى الوجود في جادة الشانزليزيه في باريس للاحتفال بانقضاء عام 2022 وحلول العام الجديد، وعادت الشؤون العامة التي تتناول السياسة والاقتصاد والمجتمع والحياة اليومية، بما فيها المنفرات مثل غلاء المعيشة وارتفاع نسبة التضخم والتخوف من عدم توفر التيار الكهربائي والغاز ومشتقات الطاقة الأخرى، لتحتل العناوين الرئيسية للوسائل الإعلامية، ولتطغى على الجو العام المخيم على فرنسا.
وقد سعى الرئيس الفرنسي في كلمته إلى الفرنسيين بمناسبة العام الجديد إلى استنهاض الهمم، وزرع بعض التفاؤل في نفوسهم من خلال التأكيد على قدرة البلاد على التغلب على الصعاب، شرط أن تبقى «موحدة»، وأن تتبنى قيمة «العمل»، وهي الكلمة التي رددها 12 مرة. ولم ينس إيمانويل ماكرون، رغم الصعاب التي واجهت فرنسا عام 2022، وأبرزها الحرب الروسية على أوكرانيا، إظهار «النجاحات» التي حققتها في ميادين الثقافة والرياضة والاقتصاد. وذكر ماكرون من بينها «تراجع البطالة إلى نسبة لم تعرفها فرنسا منذ 15 عاماً، وسياسة (التضامن) التي سارت الحكومة على هديها، والتي موّلت من ميزانية الدولة وسمحت بالحد من آثار ارتفاع الأسعار، وحدت من اندثار الشركات والمؤسسات وحماية المواطنين الأكثر هشاشة واحتواء التضخم والاستمرار في إيجاد فرص العمل... وكل ذلك قد تم، وفق الرئيس الفرنسي، على خلفية أوضاع دولية واقتصادية صعبة، أبرزها بلا شك الحرب في أوكرانيا وتبعاتها من آلاف القتلى وملايين اللاجئين والنازحين بالتوازي مع أزمة الطاقة الحادة والأزمة الغذائية العالمية والتهديد النووي»... وإزاء ما تحقق، حث ماكرون الفرنسيين على الشعور بـ«الاعتزاز» و«الثقة» و«التضامن».
بيد أن الحديث عن الماضي ليس سوى نصف الكأس. والنصف الآخر يتناول تحديات المستقبل وأجندة العهد الرئاسي للعام الجديد الذي انطلق مع إعادة انتخاب ماكرون لولاية ثانية من خمس سنوات في الربيع الماضي. ويحتل مشروع إصلاح قانون التقاعد رأس لائحة الأولويات التي حددها ماكرون. ومن المقرر أن تقوم رئيسة الحكومة أليزابيت بورن، بعرضه على البرلمان في العاشر من الشهر الحالي. وغرض مشروع القانون، وفق الرئيس الفرنسي، تحديثه والتمكن من المحافظة على النظام التقاعدي ولمزيد من العدالة. ويأتي في المقام الثاني إصلاح النظام التعلمي، خصوصاً التعليم المهني، والإسراع في النقلة البيئية من خلال تعزيز إنتاج الطاقة المستدامة بالتوازي مع إطلاق مفاعلات نووية من الجيل الجديد لتوفير الاستقلالية والاكتفاء الذاتي لفرنسا. ويندرج هذا المسعى في إطار العمل على التوصل إلى الاستقلالية الصناعية والمالية والاقتصادية والاستراتيجية وفي ميدان الطاقة. وداخلياً، سيكون على الحكومة أن تتقدم إلى البرلمان بمشروع قانون جديد بشأن المهاجرين. وكان مقرراً سابقاً أن يتم ذلك في الخريف الماضي. إلا أن الحكومة فضلت الاستفادة من مزيد من الوقت لكتابة مشروع قانون يمكن أن يحظى بدعم أكثرية برلمانية، حيث لا تتمتع إلا بالأكثرية النسبية، وبالتالي فإنها تحتاج إلى أصوات رديفة.
أما على الصعيد الخارجي، فقد ركز ماكرون على الحرب في أوكرانيا مستفيداً من الفرصة لتوجيه رسالة إلى كييف مفادها أن باريس «سوف تساعد الأوكرانيين من غير كلل»، وذلك حتى «تحقيق النصر». كذلك سوف تكون إلى جانبهم «لبناء السلام الدائم والعادل»، وأن بـ«إمكانهم الاعتماد على الدعم الفرنسي». لكن الرئيس الفرنسي امتنع عن الخوض في التفاصيل مكتفياً بالتذكير بالمبدأ العام الذي تسير حكومته على هديه.
إذا كان ماكرون قد شدد على أهمية محافظة الفرنسيين على وحدتهم، فلأنه يعي سلفاً أن ما يعد له للعام الجديد يثير الانقسامات الحادة سياسياً واجتماعياً. وأبرز ما تتخوف منه السلطة مشروع إصلاح قانون التقاعد الذي طرح في عهد ماكرون الأول، وقد أثار وقتها، زمن حكومة إدوار فيليب، الانقسامات وأنزل عشرات الآلاف من الناس إلى الشوارع، وتسبب بإضرابات عديدة، ولم يتم تجميده إلا بعد انطلاق جائحة «كوفيد - 19». ويعود الاختلاف مع مشروع ماكرون لرغبته في رفع سن التقاعد من 62 عاماً إلى 64 أو 65 عاماً، وهو الأمر الذي يلقى رفضاً واسعاً، خصوصاً من النقابات والأحزاب اليسارية. ومنذ ما قبل الإعلان الرئاسي، شددت غالبية النقابات على أنها لن تسير به، وقد بدأت بالفعل بتعبئة قواعدها لأيام احتجاجية تنذر بأجواء اجتماعية ساخنة.
وهكذا، منذ الأيام الأولى للعام الجديد، تبدو الصورة مكفهرة بعض الشيء. وتتخوف الحكومة من أن تتراكم مصادر النقمة الشعبية، إن من الارتفاع المتواصل للأسعار بشكل عام، أو بسبب عجز الحكومة عن احتواء موجة التضخم التي تصيب الطبقات الأكثر هشاشة وتنخر مدخرات الطبقة الوسطى. وإذا كانت الحكومة تعول على المساعدة الخاصة بالطاقة التي توفرها لمن هم في أسفل السلم الاجتماعي، إلا أن كثيرين يرون أنها لا تثمن ولا تغني من جوع، وهم يذكرون باندلاع احتجاجات «السترات الصفراء» في العامين 2019 و2020 التي أنزلت عشرات الآلاف ولأسابيع إلى الشوارع والساحات لأسباب ودوافع أقل بكثير مما هو متوافر في الوقت الحاضر.


مقالات ذات صلة

فرنسا تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

شؤون إقليمية فرنسا تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

فرنسا تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

ندّدت فرنسا باحتجاز البحرية التابعة للحرس الثوري الإيراني ناقلة النفط «نيوفي» التي ترفع عَلَم بنما، في مضيق هرمز الاستراتيجي، وذلك صبيحة الثالث من مايو (أيار)، وفق المعلومات التي أذاعها الأسطول الخامس، التابع لـ«البحرية» الأميركية، وأكدها الادعاء الإيراني. وأعربت آن كلير لوجندر، الناطقة باسم «الخارجية» الفرنسية، في مؤتمرها الصحافي، أمس، أن فرنسا «تعرب عن قلقها العميق لقيام إيران باحتجاز ناقلة نفطية» في مياه الخليج، داعية طهران إلى «الإفراج عن الناقلات المحتجَزة لديها في أسرع وقت».

ميشال أبونجم (باريس)
العالم باريس «تأمل» بتحديد موعد قريب لزيارة وزير الخارجية الإيطالي

باريس «تأمل» بتحديد موعد قريب لزيارة وزير الخارجية الإيطالي

قالت وزارة الخارجية الفرنسية إنها تأمل في أن يُحدَّد موعد جديد لزيارة وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني بعدما ألغيت بسبب تصريحات لوزير الداخلية الفرنسي حول سياسية الهجرة الإيطالية اعتُبرت «غير مقبولة». وكان من المقرر أن يعقد تاياني اجتماعا مع وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا مساء اليوم الخميس. وكان وزير الداخلية الفرنسي جيرار دارمانان قد اعتبر أن رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني «عاجزة عن حل مشاكل الهجرة» في بلادها. وكتب تاياني على «تويتر»: «لن أذهب إلى باريس للمشاركة في الاجتماع الذي كان مقررا مع الوزيرة كولونا»، مشيرا إلى أن «إهانات وزير الداخلية جيرالد دارمانان بحق الحكومة وإي

«الشرق الأوسط» (باريس)
طرد الطيور في مطار «أورلي الفرنسي»  بالألعاب النارية

طرد الطيور في مطار «أورلي الفرنسي» بالألعاب النارية

يستخدم فريق أساليب جديدة بينها الألعاب النارية ومجموعة أصوات لطرد الطيور من مطار أورلي الفرنسي لمنعها من التسبب بمشاكل وأعطال في الطائرات، حسب وكالة الصحافة الفرنسية. وتطلق كولين بليسي وهي تضع خوذة مانعة للضجيج ونظارات واقية وتحمل مسدساً، النار في الهواء، فيصدر صوت صفير ثم فرقعة، مما يؤدي إلى فرار الطيور الجارحة بعيداً عن المدرج. وتوضح "إنها ألعاب نارية. لم تُصنّع بهدف قتل الطيور بل لإحداث ضجيج" وإخافتها. وتعمل بليسي كطاردة للطيور، وهي مهنة غير معروفة كثيراً لكنّها ضرورية في المطارات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم فرنسا: المجلس الدستوري يصدر عصراً قراره بشأن قبول إجراء استفتاء على قانون العمل الجديد

فرنسا: المجلس الدستوري يصدر عصراً قراره بشأن قبول إجراء استفتاء على قانون العمل الجديد

تتجه الأنظار اليوم إلى فرنسا لمعرفة مصير طلب الموافقة على «الاستفتاء بمبادرة مشتركة» الذي تقدمت به مجموعة من نواب اليسار والخضر إلى المجلس الدستوري الذي سيصدر فتواه عصر اليوم. وثمة مخاوف من أن رفضه سيفضي إلى تجمعات ومظاهرات كما حصل لدى رفض طلب مماثل أواسط الشهر الماضي. وتداعت النقابات للتجمع أمام مقر المجلس الواقع وسط العاصمة وقريباً من مبنى الأوبرا نحو الخامسة بعد الظهر «مسلحين» بقرع الطناجر لإسماع رفضهم السير بقانون تعديل نظام التقاعد الجديد. ويتيح تعديل دستوري أُقرّ في العام 2008، في عهد الرئيس الأسبق نيكولا ساركوزي، طلب إجراء استفتاء صادر عن خمسة أعضاء مجلس النواب والشيوخ.

ميشال أبونجم (باريس)
«يوم العمال» يعيد الزخم لاحتجاجات فرنسا

«يوم العمال» يعيد الزخم لاحتجاجات فرنسا

عناصر أمن أمام محطة للدراجات في باريس اشتعلت فيها النيران خلال تجدد المظاهرات أمس. وأعادت مناسبة «يوم العمال» الزخم للاحتجاجات الرافضة إصلاح نظام التقاعد الذي أقرّه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (أ.ف.ب)


اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
TT

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)

وجهت الشرطة الفيدرالية الأسترالية اتهاماً لرجل يبلغ من العمر 36 عاماً بعرض رمز منظمة مصنفة «إرهابية» علناً، وذلك خلال مظاهرة في منطقة الأعمال المركزية بمدينة ملبورن في سبتمبر (أيلول) الماضي.

الرجل، المقيم في منطقة فيرنتري غولي، سيمثل أمام محكمة ملبورن الابتدائية في 6 مارس (آذار) المقبل؛ حيث يواجه عقوبة قد تصل إلى 12 شهراً من السجن إذا ثبتت إدانته، وفقاً لصحيفة «الغارديان».

جاءت المظاهرة ضمن فعاليات يوم وطني للعمل من أجل قطاع غزة، الذي نظمته شبكة الدعوة الفلسطينية الأسترالية في 29 سبتمبر الماضي، وشهد تنظيم مسيرات مماثلة في مختلف أنحاء البلاد احتجاجاً على التصعيد المتزايد للعنف في الشرق الأوسط.

وأطلقت الشرطة الفيدرالية الأسترالية بولاية فيكتوريا عملية تحقيق تحت اسم «أردفارنا»، عقب احتجاج ملبورن؛ حيث تلقت 9 شكاوى تتعلق بعرض رموز محظورة خلال المظاهرة.

ووفقاً للشرطة، تم التحقيق مع 13 شخصاً آخرين، مع توقع توجيه اتهامات إضافية قريباً. وصرح نيك ريد، قائد مكافحة الإرهاب، بأن أكثر من 1100 ساعة قُضيت في التحقيق، شملت مراجعة أدلة من كاميرات المراقبة وكاميرات الشرطة المحمولة، إضافة إلى مصادرة هواتف محمولة وقطعة ملابس تحتوي على رمز المنظمة المحظورة.

تأتي هذه الإجراءات بعد قرار الحكومة الفيدرالية الأسترالية في ديسمبر (كانون الأول) 2021 بتصنيف «حزب الله» منظمة إرهابية، ومع التشريعات الفيدرالية الجديدة التي دخلت حيز التنفيذ في يناير (كانون الثاني) 2024، التي تحظر عرض رموز النازيين وبعض المنظمات.

وقالت نائبة مفوض الأمن القومي، كريسي باريت، إن الادعاء يحتاج إلى إثبات أن الرمز المعروض مرتبط بمنظمة إرهابية وأنه قد يحرض على العنف أو الترهيب.

المظاهرة، التي استمرت في معظمها سلمية، جاءت بعد إعلان مقتل قائد «حزب الله» حسن نصر الله في غارة جوية إسرائيلية، وهو ما اعتبره العديد تصعيداً كبيراً في الصراع المستمر في الشرق الأوسط.

وفي وقت لاحق، نُظمت مظاهرات أخرى في سيدني وملبورن وبريزبين، وسط تحذيرات للمتظاهرين بعدم عرض رموز محظورة.