دفع الجمود السياسي المتزايد في ليبيا، المجلس الرئاسي بقيادة محمد المنفي، إلى الدخول على خط الأزمة بدعوة «الأطراف الفاعلة» للتوافق حول إيجاد حل لتعطّل «المسار الدستوري»، بينما عبّر عبد الله باتيلي، المبعوث الأممي، عن أمله لتدارك قادة البلاد «الفرص الضائعة» في العام الجديد. ولا تزال «القاعدة الدستورية» اللازمة لإجراء الانتخابات الرئاسية والنيابية، محل جدل بين مجلسي: «النواب» و«الأعلى للدولة»، على الرغم من عقدهما جلسات عديدة للتباحث في القاهرة الصيف الماضي، بجانب لقاءات رئيسيهما عقيلة صالح، وخالد المشري، في المغرب وجنيف؛ لكن الأزمة بقيت على حالها، مما يراه الليبيون قد أضاع عاماً آخر دون إحراز تقدم على أي مسار.
وبادر سياسيون ليبيون إلى طرح السؤال مجدداً، حول مدى استجابة صالح والمشري للدعوة التي وجهها المجلس الرئاسي لهما، لعقد لقاء برعاية أممية في مدينة غدامس، غرب ليبيا، في 11 من الشهر الجاري، لبحث النقاط الخلافية حول ما تبقى من مواد دستورية.
وأرجع فتحي المريمي، المستشار الإعلامي لرئيس مجلس النواب، في تصريح صحافي لوسائل إعلام محلية، عدم رد صالح على دعوة المجلس الرئاسي للاجتماع في غدامس، حتى الآن «لكونه خارج البلاد».
ومع مرور 4 أيام على دعوة الرئاسي، توقع المحلل السياسي إدريس إحميد، طرح مجلسي: «النواب» و«الأعلى للدولة»، في اجتماعيهما المقررين اليوم (الاثنين) دعوة المجلس الرئاسي للمناقشة، واستطلاع آراء أعضائهما بشأن لقاء غدامس.
وقال إحميد في حديث إلى «الشرق الأوسط»، إنه «على الرغم من أن المجلسين أبديا رغبتهما في العودة إلى استكمال بحث المسار السياسي، فإن هناك بعض الآراء التي ترى أن اجتماع المجلسين في مقريهما يعد كافياً للبحث في إيجاد (قاعدة دستورية)، وهذا يعني عدم تلبية دعوة المجلس الرئاسي لاجتماع صالح والمشري في غدامس». ولفت إحميد إلى أن «تنوع الآراء وتباينها بشأن هذه الاجتماع يعد تعطيلاً وعدم جدية في حل معضلة القاعدة الدستورية».
ونوه إحميد إلى نقطة جانبية تتعلق باتهام المرشح الرئاسي سيف الإسلام القذافي، لمجلسي: «النواب» و«الأعلى للدولة»، وأطراف خارجية، بوضع القاعدة الدستورية ذريعة لإقصائه من الترشح. وقال: «هذا أيضاً يعد إشكالية إضافية للمشهد السياسي الليبي».
وسبق للمجلس الرئاسي القول إنه لا يزال في انتظار رد إيجابي من رئيسَي مجلسي: «النواب»، و«الأعلى للدولة»، بشأن اقتراحه عقد اجتماع رسمي بينهما بمدينة غدامس.
وتعثر لقاء سابق كان مقرراً عقده بين الجانبين بمدينة الزنتان، غرب ليبيا، في مطلع ديسمبر (كانون الأول) الماضي، للاتفاق على توحيد السلطة التنفيذية، واستكمال الإطار الدستوري للانتخابات. وقال باتيلي حينها، إن اللقاء أُلغي لأسباب وصفها المبعوث الأممي بـ«لوجستية خارجة عن إرادة البعثة الأممية»؛ لكنه دعا مجلسي: «النواب»، و«الأعلى للدولة» إلى الاتفاق على مكان وموعد «مقبولين للطرفين» لعقد اجتماعهما، للاتفاق على «مقترحات ملموسة وقابلة للتنفيذ، وذات أطر زمنية محددة، لإيجاد مخرج توافقي» من أزمة البلاد.
وانتهز المبعوث الأممي تقديمه التهنئة للشعب الليبي بمناسبة العام الجديد، للتعبير عن أمله في أن يكون 2023 عاماً لتدارك «الفرص الضائعة»، و«إيجاد حل سياسي دائم يمهد الطريق لإجراء الانتخابات، ويؤسس لسلام ورخاء مستدامين في ليبيا».
وكان مجلس النواب الليبي في بنغازي قد أقر قانوناً في السادس من ديسمبر الماضي، باستحداث «محكمة دستورية عليا»، وهو ما رفضه المجلس الأعلى للدولة في حينه، وأعلن تعليق المحادثات بشأن «القاعدة الدستورية».
وأمام ضغط دولي وتلويح باللجوء إلى «آليات بديلة»، نظراً لعدم اتفاق الأفرقاء على «قاعدة دستورية»، سحب مجلس النواب القانون المثير للجدل، وأرجع ذلك للحيلولة دون تعارض هذا القانون مع «مخرجات القاعدة الدستورية».
ولتحريك مياه السياسة الراكدة، أطلق المجلس الرئاسي، في الثاني عشر من الشهر الماضي، مبادرة لحل الأزمة السياسية في البلاد، تستهدف عقد «لقاء تشاوري بين المجالس الثلاث (الرئاسي، والنواب، والأعلى للدولة) بالتنسيق مع المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة». وقال إن المبادرة تهيئ لحوار دستوري «كأولوية لإنهاء المراحل الانتقالية، تضمن فيه المبادرات والأفكار والرؤى التي طرحتها الأحزاب والقوى الوطنية على المجلس الرئاسي»، كما أنها «تتسق مع نصوص خريطة الطريق الصادرة عن ملتقى الحوار السياسي الليبي الحاكمة للمرحلة».
وفي لقائهما الأخير الذي عقد بالمغرب في 21 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أُعلن عن اتفاق صالح والمشري على تنفيذ اتفاق بوزنيقة المتعلق بالمناصب السيادية، قبل نهاية العام الذي طوى أوراقه أول من أمس.
وكانت الأطراف المتنافسة في ليبيا قد اجتمعت في بوزنيقة التي تبعد نحو 40 كيلومتراً جنوب الرباط، في سبتمبر (أيلول) 2020، للاتفاق على توزيع المناصب السيادية، وكذلك وقف إطلاق النار. ودعا بيان لصالح والمشري إلى «استئناف الحوار من أجل القيام بما يلزم لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية، وفق تشريعات واضحة، وذلك بالتوافق بين المجلسين».
وفي شأن مختلف، زار وفد برلماني مدينة غات؛ حيث اطَّلع على أوضاع المواطنين في المدينة، والمصاعب التي يعانونها في حياتهم. كما حضر الوفد فعاليات الدورة الـ28 لمهرجان غات السياحي الدولي، الذي يُقام تحت رعاية القيادة العامة للقوات المسلحة.
هل يستجيب صالح والمشري لـ«الرئاسي» الليبي ويجتمعان في غدامس؟
باتيلي يأمل تدارك الفرص الضائعة في العام الجديد
هل يستجيب صالح والمشري لـ«الرئاسي» الليبي ويجتمعان في غدامس؟
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة