«جريمة العروس الهندية» رواية نرويجية تمزج التشويق بالغموض

«جريمة العروس الهندية»  رواية نرويجية تمزج التشويق بالغموض
TT

«جريمة العروس الهندية» رواية نرويجية تمزج التشويق بالغموض

«جريمة العروس الهندية»  رواية نرويجية تمزج التشويق بالغموض

حازت رواية «جريمة العروس الهندية» على جائزة «لوس أنجلوس تايمز» لـ«التشويق والغموض»، وهي تروي قصة رجل نرويجي يريد الزواج؛ فقرر أن تكون عروسته هندية. سافر إلى الهند بحثاً عنها، وهناك وجد فتاة أحلامه وتزوجها. عاد أولاً إلى وطنه على أن تلحق به، لكنها لم تصل؛ فيوم وصولها يحدث أمر طارئ يمنعه من الذهاب لاستقبالها في المطار. وبعد البحث عنها يكتشفون جثتها في الغابة؛ فماذا حدث لها؟ ولماذا هي؟ هل هي جريمة عنصرية؟ أم أن هناك أسباباً أخرى؟
تلك هي الحبكة التي تديرها الكاتبة النرويجية كارين فوسم، في روايتها التي ترجمتها هند عادل، وصدرت مؤخراً عن دار «العربي» بالقاهرة، حيث تأخذ القارئ في رحلة بحث عن القاتل داخل قرية نرويجية صغيرة.
والمؤلفة من مواليد 1954. بدأت نشاطها الأدبي كشاعرة عام 1974، لكنها تحولت في التسعينات إلى فن الرواية، وتحديداً الجريمة والغموض. وهي تُعرف بـ«ملكة الجريمة النرويجية»، حيث تُعدّ أشهر مَن كتب في أدب الجريمة بالنرويج، وأكثرهم استمرارية. كانت سلسلة الجريمة التي استهلت بها تجربتها الإبداعية هي سلسلة المحقق كونراد سيير، التي تُرجمت إلى أكثر من 25 لغة، ونالت العديد من الجوائز. وحازت ثاني رواياتها «لا تنظر إلى الوراء»، على جائزة «ريفرتون» لأفضل رواية جريمة عام 2000، كما تحولت إلى فيلم سينمائي.
ينتمي «المحقق سيير» في الرواية إلى الطراز القديم، يتمتع بمهارات خاصة لكن عيبه الوحيد هو السجائر التي يدخنها طوال الليل، وهو يفكر في القضية التي أمامه. لا شيء يشغل عقله عنها، لا يتهاون في سعيه نحو الحقيقة، وسلاحه ليس مسدسه، ولكن إيمانه القوي بالعدالة والتعاطف العميق مع الضحية والرغبة في معرفة كيف يفكر العقل الإجرامي.
وإضافة للتشويق، تطرح تلك السلسلة العديد من الأزمات الاجتماعية، كما تلعب فيها الطبيعة بالبلاد دوراً حاسماً؛ فمعظم الجرائم تقع داخل قرى صغيرة تحيط بها الجبال والغابات.
من أجواء الرواية نقرأ:
«بدأت القصة برحلة (جوندر يومان)، فقد سار إلى الهند ليبحث عن زوجة. لم يقل هذا للناس عندما سألوه عن سبب سفره، بل لا يكاد يعترف لنفسه بهذا. عندما سأله أصدقاؤه قال إنه يريد أن يرى العالم. يا للإسراف والتبذير! إنه يبخل على نفسه. وتقريباً لا يخرج ولا يقبل دعوات إلى حفلات الكريسماس أبداً، بل يشغل نفسه في المنزل أو الحديقة أو السيارة. يعرف الجميع أنه لم يرتبط بامرأة قط. لم يزعج جوندر نفسه بالإشاعات التي دارت حوله. إنه رجل ذو عزيمة يحقق هدفه بهدوء وبطء؛ فلديه دائماً متسع من الوقت. عندما كان في الحادية والخمسين كان يجلس في المساء يتصفح كتاباً هدية من أخته الصغرى اسمه (شعوب العالم).
إنه لا يذهب إلى أي مكان سوى عمله. إنه عمل بسيط ومستقر لبيع الماكينات الزراعية. أرادت أخته أن تجعله يرى على الأقل صوراً من العالم الواسع. قرأ جوندر الكتاب وتصفح الصور. أكثر ما لفت انتباهه هو الهند، فيها نساء جميلات بنقطة حمراء على جبهاهن وعيون كحيلة وابتسامة رائعة. نظرت إليه إحداهن من الكتاب فشرد في أحلام جميلة. لا أحد يحلم مثل جوندر. أغلق عينيه وسرح بعيداً إليها. كانت خفيفة كالريشة بثوبها الأحمر وعينيها العميقتين الداكنتين مثل زجاج أسود، وشعرها المغطى بوشاح مزين بأطراف ذهبية. ظل يحدق في الصورة لشهور، حتى أدرك أنه يريد زوجة هندية؛ ليس لأنها امرأة خاضعة ومضحية، بل إنه يريد امرأة يستطيع أن يحبها ويقدرها، فنساء النرويج لا يردن لأحد أن يحبهن بصراحة! إنه لم يفهمهن أبداً ولم يفهم يوماً ماذا يردن».


مقالات ذات صلة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

يوميات الشرق «تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر  في تشجيع الشباب على القراءة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

كشفت تقارير وأرقام صدرت في الآونة الأخيرة إسهام تطبيق «تيك توك» في إعادة فئات الشباب للقراءة، عبر ترويجه للكتب أكثر من دون النشر. فقد نشرت مؤثرة شابة، مثلاً، مقاطع لها من رواية «أغنية أخيل»، حصدت أكثر من 20 مليون مشاهدة، وزادت مبيعاتها 9 أضعاف في أميركا و6 أضعاف في فرنسا. وأظهر منظمو معرض الكتاب الذي أُقيم في باريس أواخر أبريل (نيسان) الماضي، أن من بين مائة ألف شخص زاروا أروقة معرض الكتاب، كان 50 ألفاً من الشباب دون الخامسة والعشرين.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق «تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

«تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

كل التقارير التي صدرت في الآونة الأخيرة أكدت هذا التوجه: هناك أزمة قراءة حقيقية عند الشباب، باستثناء الكتب التي تدخل ضمن المقرّرات الدراسية، وحتى هذه لم تعد تثير اهتمام شبابنا اليوم، وهي ليست ظاهرة محلية أو إقليمية فحسب، بل عالمية تطال كل مجتمعات العالم. في فرنسا مثلاً دراسة حديثة لمعهد «إبسوس» كشفت أن شاباً من بين خمسة لا يقرأ إطلاقاً. لتفسير هذه الأزمة وُجّهت أصابع الاتهام لجهات عدة، أهمها شبكات التواصل والكم الهائل من المضامين التي خلقت لدى هذه الفئة حالةً من اللهو والتكاسل.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

من جزيرة تاروت، خرج كم هائل من الآنية الأثرية، منها مجموعة كبيرة صنعت من مادة الكلوريت، أي الحجر الصابوني الداكن.

يوميات الشرق خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

صدور كتاب مثل «باريس في الأدب العربي الحديث» عن «مركز أبوظبي للغة العربية»، له أهمية كبيرة في توثيق تاريخ استقبال العاصمة الفرنسية نخبةً من الكتّاب والأدباء والفنانين العرب من خلال تركيز مؤلف الكتاب د. خليل الشيخ على هذا التوثيق لوجودهم في العاصمة الفرنسية، وانعكاسات ذلك على نتاجاتهم. والمؤلف باحث وناقد ومترجم، حصل على الدكتوراه في الدراسات النقدية المقارنة من جامعة بون في ألمانيا عام 1986، عمل أستاذاً في قسم اللغة العربية وآدابها في جامعة اليرموك وجامعات أخرى. وهو يتولى الآن إدارة التعليم وبحوث اللغة العربية في «مركز أبوظبي للغة العربية». أصدر ما يزيد على 30 دراسة محكمة.

يوميات الشرق عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

على مدار العقود الثلاثة الأخيرة حافظ الاستثمار العقاري في القاهرة على قوته دون أن يتأثر بأي أحداث سياسية أو اضطرابات، كما شهد في السنوات الأخيرة تسارعاً لم تشهده القاهرة في تاريخها، لا يوازيه سوى حجم التخلي عن التقاليد المعمارية للمدينة العريقة. ووسط هذا المناخ تحاول قلة من الباحثين التذكير بتراث المدينة وتقاليدها المعمارية، من هؤلاء الدكتور محمد الشاهد، الذي يمكن وصفه بـ«الناشط المعماري والعمراني»، حيث أسس موقع «مشاهد القاهرة»، الذي يقدم من خلاله ملاحظاته على عمارة المدينة وحالتها المعمارية.

عزت القمحاوي

عُدي رشيد لـ«الشرق الأوسط»: لم أقرأ نصاً لغيري يستفزني مخرجاً

المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)
المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)
TT

عُدي رشيد لـ«الشرق الأوسط»: لم أقرأ نصاً لغيري يستفزني مخرجاً

المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)
المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)

قال المخرج العراقي عُدي رشيد المتوج فيلمه «أناشيد آدم» بجائزة «اليسر» لأفضل سيناريو من مهرجان «البحر الأحمر» إن الأفلام تعكس كثيراً من ذواتنا، فتلامس بصدقها الآخرين، مؤكداً في حواره مع «الشرق الأوسط» أن الفيلم يروي جانباً من طفولته، وأن فكرة توقف الزمن التي طرحها عبر أحداثه هي فكرة سومرية بامتياز، قائلاً إنه «يشعر بالامتنان لمهرجان البحر الأحمر الذي دعم الفيلم في البداية، ومن ثَمّ اختاره ليشارك بالمسابقة، وهو تقدير أسعده كثيراً، وجاء فوز الفيلم بجائزة السيناريو ليتوج كل ذلك، لافتاً إلى أنه يكتب أفلامه لأنه لم يقرأ سيناريو كتبه غيره يستفزه مخرجاً».

بوستر الفيلم يتصدره الصبي آدم (الشركة المنتجة)

ويُعدّ الفيلم إنتاجاً مشتركاً بين كل من العراق وهولندا والسعودية، وهو من بطولة عدد كبير من الممثلين العراقيين من بينهم، عزام أحمد علي، وعبد الجبار حسن، وآلاء نجم، وعلي الكرخي، وأسامة عزام.

تنطلق أحداث فيلم «أناشيد آدم» عام 1946 حين يموت الجد، وفي ظل أوامر الأب الصارمة، يُجبر الصبي «آدم» شقيقه الأصغر «علي» لحضور غُسل جثمان جدهما، حيث تؤثر رؤية الجثة بشكل عميق على «آدم» الذي يقول إنه لا يريد أن يكبر، ومنذ تلك اللحظة يتوقف «آدم» عن التّقدم في السن ويقف عند 12 عاماً، بينما يكبر كل من حوله، ويُشيع أهل القرية أن لعنة قد حلت على الصبي، لكن «إيمان» ابنة عمه، وصديق «آدم» المقرب «انكي» يريان وحدهما أن «آدم» يحظى بنعمة كبيرة؛ إذ حافظ على نقاء الطفل وبراءته داخله، ويتحوّل هذا الصبي إلى شاهدٍ على المتغيرات التي وقعت في العراق؛ إذ إن الفيلم يرصد 8 عقود من الزمان صاخبة بالأحداث والوقائع.

وقال المخرج عُدي رشيد إن فوز الفيلم بجائزة السيناريو مثّل له فرحة كبيرة، كما أن اختياره لمسابقة «البحر الأحمر» في حد ذاته تقدير يعتز به، يضاف إلى تقديره لدعم «صندوق البحر الأحمر» للفيلم، ولولا ذلك ما استكمل العمل، معبراً عن سعادته باستضافة مدينة جدة التاريخية القديمة للمهرجان.

يطرح الفيلم فكرة خيالية عن «توقف الزمن»، وعن جذور هذه الفكرة يقول رشيد إنها رافدية سومرية بامتياز، ولا تخلو من تأثير فرعوني، مضيفاً أن الفيلم بمنزلة «بحث شخصي منه ما بين طفولته وهو ينظر إلى أبيه، ثم وهو كبير ينظر إلى ابنته، متسائلاً: أين تكمن الحقيقة؟».

المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)

ويعترف المخرج العراقي بأن سنوات طفولة البطل تلامس سنوات طفولته الشخصية، وأنه عرف صدمة الموت مثله، حسبما يروي: «كان عمري 9 سنوات حين توفي جدي الذي كنت مقرباً منه ومتعلقاً به ونعيش في منزل واحد، وحين رحل بقي ليلة كاملة في فراشه، وبقيت بجواره، وكأنه في حالة نوم عميق، وكانت هذه أول علاقة مباشرة لي مع الموت»، مشيراً إلى أن «الأفلام تعكس قدراً من ذواتنا، فيصل صدقها إلى الآخرين ليشعروا بها ويتفاعلوا معها».

اعتاد رشيد على أن يكتب أفلامه، ويبرّر تمسكه بذلك قائلاً: «لأنني لم أقرأ نصاً كتبه غيري يستفز المخرج داخلي، ربما أكون لست محظوظاً رغم انفتاحي على ذلك».

يبحث عُدي رشيد عند اختيار أبطاله عن الموهبة أولاً مثلما يقول: «أستكشف بعدها مدى استعداد الممثل لفهم ما يجب أن يفعله، وقدر صدقه مع نفسه، أيضاً وجود كيمياء بيني وبينه وقدر من التواصل والتفاهم»، ويضرب المثل بعزام الذي يؤدي شخصية «آدم» بإتقان لافت: «حين التقيته بدأنا نتدرب وندرس ونحكي عبر حوارات عدة، حتى قبل التصوير بدقائق كنت أُغير من حوار الفيلم؛ لأن هناك أفكاراً تطرأ فجأة قد يوحي بها المكان».

صُوّر الفيلم في 36 يوماً بغرب العراق بعد تحضيرٍ استمر نحو عام، واختار المخرج تصويره في محافظة الأنبار وضواحي مدينة هيت التي يخترقها نهر الفرات، بعدما تأكد من تفَهم أهلها لفكرة التصوير.

لقطة من الفيلم (الشركة المنتجة)

وأخرج رشيد فيلمه الروائي الطويل الأول «غير صالح»، وكان أول فيلم يجري تصويره خلال الاحتلال الأميركي للعراق، ومن ثَمّ فيلم «كرنتينة» عام 2010، وقد هاجر بعدها للولايات المتحدة الأميركية.

يُتابع عُدي رشيد السينما العراقية ويرى أنها تقطع خطوات جيدة ومواهب لافتة وتستعيد مكانتها، وأن أفلاماً مهمة تنطلق منها، لكن المشكلة كما يقول في عزوف الجمهور عن ارتياد السينما مكتفياً بالتلفزيون، وهي مشكلة كبيرة، مؤكداً أنه «يبحث عن الجهة التي يمكن أن تتبناه توزيعياً ليعرض فيلمه في بلاده».