في دلالة إشكالية تعريف الفلسفة

إيمانويل كانت  -  فريدريك انجلز  -  ديكارت
إيمانويل كانت - فريدريك انجلز - ديكارت
TT

في دلالة إشكالية تعريف الفلسفة

إيمانويل كانت  -  فريدريك انجلز  -  ديكارت
إيمانويل كانت - فريدريك انجلز - ديكارت

في حقل الفيزياء مثلا، أو الكيمياء، أو الرياضيات.. ليس ثمة إشكالية تتعلق بتعريف هذه التخصصات المعرفية، وإن كان ثمة إشكال في تحديد ماهية العلم عامة، وتحديد معيار قياس العلمية، وماهية التحقق والبرهنة، وغيرها من الإشكالات والمسائل التي تندرج في مبحث إبستيملوجيا تلك العلوم وليس في مجال الممارسة العلمية ذاتها. ولكن الفلسفة، التي يبدو أسلوب اشتغالها حريصا على تحديد معنى الاصطلاحات والمفاهيم، ودلالة العالم والوجود.. نجدها – على الرغم من مركزية نزوعها نحو التحديد الدلالي – «عاجزة» عن تحديد معنى لذاتها هي، إذ إن من أهم الإشكالات المعرفية التي تميز الفلسفة مشكلة تعريفها. ومن ثم فالسؤال / المفارقة الذي لا بد أن يطرح هو: كيف تكون الفلسفة تخصصا معرفيا يهتم أساسا بإنتاج التعريف عاجزة عن تعريف ذاتها؟
كيف تكون الفلسفة أكثر التخصصات اهتماما بوضع الحدود والتعاريف لِمَا تتناوله من موضوعات وقضايا، وهي عاجزة، ابتداء، عن أن تضع لذاتها حدا وتعريفا؟
ثم كيف يستطيع الفلاسفة ممارسة الفلسفة، وهم لا يعرفون ماهية ما يمارسونه؟!
فما العمل لتفكيك هذه المفارقة وتجاوزها؟
هل نأخذ تعريفا من تعاريف الفلاسفة، ثم ننظر في مدى اقتداره على ضبط المشترك بين اتجاهات الفكر الفلسفي المختلفة؟
لكن أين يمكن أن نلقى هذا التعريف القادر على استجماع المشترك، والحال أنه ليس ثمة تعريف، مقبول من قبل تيارات التفكير الفلسفي، يسلم من النقض والمؤاخذة. وآية ذلك، أنه إذا عرفنا الفلسفة بتعريف أفلاطون لها، أي بوصفها «علم الوجود الحق، المفارق لعالم الظواهر»، فإننا نجد أرسطو ينتفض ضد هذا التعريف رافضا نزوعه المفارق، مؤكدا بدل ذلك أن الفلسفة «بحث عن الوجود بما هو موجود»، أي تحديد العلل الأولى؟
وحتى إذا أردنا الوقوف عند المشترك بينهما، أي مفهوم الوجود الذي اتخذاه مطلبا للتفكير الفلسفي، وعلى الرغم من قيمة ومحورية مطلب دلالة الوجود في تاريخ اهتمامات العقل الفلسفي، فإنه، لا يكفي – عند بعض التيارات الفلسفية - لاختزال ماهية الفلسفة ووظيفتها ومنجزها التاريخي. فأفلاطون وأرسطو اللذان جعلا الوجود الحق - المفارق بالنسبة للأول، والمحايث بالنسبة للثاني - مطلبا للتفكير، يراهما هيدغر قد جانبا الوجود في لِحَاظِهِمَا الفلسفي، بل يرى أن ما فعلته الفلسفة منذ أرسطو – وقبله أستاذه أفلاطون – إلى اليوم، هو بالضبط نسيان الوجود لا بحثه!
وإذا عرفنا الفلسفة بتعريف لوكاتش لها حيث يقول: إنها «رؤية للعالم»، فإننا سنلقي كثيرا من الفلاسفة ينكرون هذا التحديد، بل منهم من يستقبح وسم الفلسفة به: فدولوز وغاتاري مثلا، ما كتبا كتابهما المشترك «ما هي الفلسفة؟» إلا لتسفيه هذا البعد الوظيفي المعطى للفكر الفلسفي والمحدد لماهية اشتغاله، ليؤكدا بدل ذلك أن الفلسفة ليست «إنتاج رؤيا للعالم»، بل هي «إبداع المفاهيم».
لكننا إذا حصرنا وظيفة الفلسفة في الصناعة المفاهيمية، سنلحظ أن هذا التعريف – على الرغم من وجاهته الراجعة إلى محورية الانشغال بالمفهوم في الخطاب الفلسفي - لا ينسجم مع طبيعة تاريخ الفكر الفلسفي ذاته، حيث لم يكتف هذا الفكر بإنتاج وتحليل المفاهيم، بل نتطلع أيضا إلى إنتاج دلالات كلية للوجود.
وإذا تجاوزنا هذه التحديدات المتعلقة بالوجود والمعرفة، وانتقلنا إلى تعاريف تتعلق بالقيم، فنأخذ مثلا بتعريف إيريك فايل للفلسفة، بوصفها «رفضا للعنف»، فإن الأمر لن يسلم من النقد أيضا. حيث إذا أخذنا بهذا فكيف نناغمه ببعض الخطابات الفلسفية التي توغل في الاستعلاء العرقي إلى حد التسويغ الفلسفي للعنف، كخطاب فريدريك نيتشه الذي يقول: «ينبغي أن.. نمتنع عن كل ضعف عاطفي: فالحياة، إنما هي في جوهرها سلب ما للضعيف والغريب، وجرحه وتعنيفه، واضطهاده. وهي أن يفرض القوي بالغلظة والفظاظة أشكاله الخاصة، وأن يدمجه، أو على الأقل، وهو الحل الأرفق، أن يستغله».
وإذا تجاوزنا منطوقات التعاريف، وطلبنا الارتكاز على توصيف ملامح الفلسفة واتخاذها مدخلا لتحديدها وتعليمها، سنلقى الاختلاف حاضرا أيضا. فإذا كان أفلاطون وأرسطو وديكارت وغيرهم، يقدمون الفلسفة كمركب من المعارف، فإن كانط يقدمها بوصفها أسلوبا في التفكير، ولذا نجده يقول: «ليس هناك فلسفة يمكن أن نتعلمها، بل كل ما يمكن أن نتعلمه هو التفلسف». لكن هنا أيضا نلقى صوتا نقديا يرد من داخل المجال الفلسفي، أقصد صوت هيغل الذي ينتقد كانط، قائلا باستفهام استنكاري: «كيف يمكن تعليم التفلسف دون تعليم الفلسفة؟».
وإذا أردنا الاستمرار في جرد وإحصاء اختلاف الفلاسفة في تمثل دلالة وماهية الفلسفة، فسيضيق المقام، لأنه يكاد يكون كل فيلسوف ذا طرح دلالي خاص به، معبر عن وجهة نظره الخاصة. وهكذا نلقى أنفسنا أمام حوار صاخب بين الفلاسفة، يعكس عدم اتفاقهم هم أنفسهم فيما يخص تحديد ماهية صناعتهم.
وإذا كان هذا حال تعريف الصنعة، فإن أمر تعريف محترفها لا يقل اختلافا. ويكفي أن نسائل تاريخ الفكر بسؤال: «من هم الفلاسفة؟» لتترى أجوبة تتجاوز مستوى التنوع إلى الوقوع في التناقض الشديد، بل التسفيه والاستهجان لصورة الفيلسوف: فالفلاسفة من منظور كارل ماركس، «ثمرة عصرهم وبيئتهم، وفي الأفكار الفلسفية تتجلى أدق طاقات الشعوب وأثمنها وأخفاها». لكنهم على حد قول الفيلسوف الوضعي - المنطقي أدولف كارناب، ليسوا مكمن أدق وأثمن طاقات الشعوب، بل هم مجرد «شعراء أخطئوا طريقهم»، بمعنى أنهم بدل الاستقرار في فن الشعر والاكتفاء بنظمه، تنطعوا إلى بحث قضايا الوجود بغير وسيلة منهجية مناسبة له، التي هي الوسيلة العلمية لا الوسيلة التأملية الفلسفية الغارقة في التجريد والتنظير من دون دعامة استقرائية.
وإذا كان كارناب قد تعطف على الفلاسفة فجعلهم شعراء، على الأقل، فإن بعض نقاد الفلسفة الميتافيزيقية - يرى الفيلسوف مجرد: «رجل أعمى يبحث في غرفة مظلمة عن قطة سوداء لا وجود لها!»، وفي سياق القدح أيضا، يندرج قول بعضهم: «الفلسفة محاولة فاشلة للوصول بطرق ملتوية إلى أشياء لا داعي للوصول إليها».
إذ إن مبتدأ بحثنا في ماهية الفلسفة يدلف بنا مباشرة إلى أتون الإشكال، إذ إن الأمر هو بحق كما عبر عنه جوزيف بوخنسكي عندما قال جوابا عن سؤال «ما هي الفلسفة؟»: «مما يؤسف له أن هذا السؤال يعد من أصعب الأسئلة الفلسفية».
فما العمل أمام هذه المتاهة الدلالية التي دلفنا إليها؟ هل نقول مع جيم هانكنسون جوابا عن سؤال ما الفلسفة، «إنها شيء يجب أن تحاول دائما تجنب شرحه». لا شك أنها نصيحة جميلة، لكنها ينبغي أن تؤخذ مأخذ الطُّرفة، لا أن تحمل على محمل الجد، لذا فعدم التزامنا بتوجيه هانكنسون آت من اعتقادنا بأن بحث سؤال دلالة الفلسفة إن لم يكن مدخلا إلى تحصيل إجابة، فإنه يعد مقدمة ضرورية إلى فهم الصناعة الفلسفية.
إن الممارسة الفلسفية فعل متحرك عبر تاريخ الفكر، ممارسة تجدد لبوسها في كل لحظة وحين، الأمر الذي يصعب عملية التوصيف، والذي يبتغي تعيين توصيف جامد لفعل التفلسف يناقض حيوية هذا الفعل نفسه وحراكه.



ديمي مور «في حالة صدمة» بعد فوزها بأول جائزة تمثيل خلال مسيرتها

مور مع جائزة «غولدن غلوب» (أ.ف.ب)
مور مع جائزة «غولدن غلوب» (أ.ف.ب)
TT

ديمي مور «في حالة صدمة» بعد فوزها بأول جائزة تمثيل خلال مسيرتها

مور مع جائزة «غولدن غلوب» (أ.ف.ب)
مور مع جائزة «غولدن غلوب» (أ.ف.ب)

حصلت الممثلة ديمي مور على جائزة «غولدن غلوب» أفضل ممثلة في فئة الأفلام الغنائية والكوميدية عن دورها في فيلم «ذا سابستانس» الذي يدور حول ممثلة يخفت نجمها تسعى إلى تجديد شبابها.

وقالت مور وهي تحمل الجائزة على المسرح: «أنا في حالة صدمة الآن. لقد كنت أفعل هذا (ممارسة التمثيل) لفترة طويلة، أكثر من 45 عاماً. هذه هي المرة الأولى التي أفوز فيها بأي شيء بصفتي ممثلة»، وفقاً لما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

الممثلة ديمي مور في مشهد من فيلم «ذا سابستانس» (أ.ب)

تغلبت الممثلة البالغة من العمر 62 عاماً على إيمي آدمز، وسينثيا إيريفو، ومايكي ماديسون، وكارلا صوفيا جاسكون وزندايا لتفوز بجائزة أفضل ممثلة في فيلم موسيقي أو كوميدي، وهي الفئة التي كانت تعدّ تنافسية للغاية.

وقالت مور في خطاب قبولها للجائزة: «أنا في حالة صدمة الآن. لقد كنت أفعل هذا لفترة طويلة، أكثر من 45 عاماً. هذه هي المرة الأولى التي أفوز فيها بأي شيء بصفتي ممثلة وأنا متواضعة للغاية وممتنة للغاية».

اشتهرت مور، التي بدأت مسيرتها المهنية في التمثيل في أوائل الثمانينات، بأفلام مثل «نار القديس إلمو»، و«الشبح»، و«عرض غير لائق» و«التعري».

وبدت مور مندهشة بشكل واضح من فوزها، وقالت إن أحد المنتجين أخبرها ذات مرة قبل 30 عاماً أنها «ممثلة فشار» أي «تسلية».

ديمي مور تحضر حفل توزيع جوائز «غولدن غلوب» الـ82 في بيفرلي هيلز - كاليفورنيا (رويترز)

وأضافت مور: «في ذلك الوقت، كنت أقصد بذلك أن هذا ليس شيئاً مسموحاً لي به، وأنني أستطيع تقديم أفلام ناجحة، وتحقق الكثير من المال، لكن لا يمكن الاعتراف بي».

«لقد صدقت ذلك؛ وقد أدى ذلك إلى تآكلي بمرور الوقت إلى الحد الذي جعلني أعتقد قبل بضع سنوات أن هذا ربما كان هو الحال، أو ربما كنت مكتملة، أو ربما فعلت ما كان من المفترض أن أفعله».

وقالت مور، التي رُشّحت مرتين لجائزة «غولدن غلوب» في التسعينات، إنها تلقت سيناريو فيلم «المادة» عندما كانت في «نقطة منخفضة».

وأضافت: «لقد أخبرني الكون أنك لم تنته بعد»، موجهة شكرها إلى الكاتبة والمخرجة كورالي فارغيت والممثلة المشاركة مارغريت كوالي. وفي الفيلم، تلعب مور دور مدربة لياقة بدنية متقدمة في السن على شاشة التلفزيون تلتحق بنظام طبي غامض يعدها بخلق نسخة مثالية من نفسها.