انقلابيو اليمن يعاقبون منتقدي فسادهم بالخطف والسجن

الميليشيات اعتقلت فناناً في صنعاء وهددت آخرين بمصيره

مظاهرة يمنية عام 2014 تطالب الميليشيات الحوثية بالرحيل من صنعاء (رويترز)
مظاهرة يمنية عام 2014 تطالب الميليشيات الحوثية بالرحيل من صنعاء (رويترز)
TT

انقلابيو اليمن يعاقبون منتقدي فسادهم بالخطف والسجن

مظاهرة يمنية عام 2014 تطالب الميليشيات الحوثية بالرحيل من صنعاء (رويترز)
مظاهرة يمنية عام 2014 تطالب الميليشيات الحوثية بالرحيل من صنعاء (رويترز)

صعدت ميليشيات الحوثي حملاتها ضد حرية الرأي والتعبير على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد خطفها الفنان والمخرج اليمني أحمد حجر؛ حيث لجأت إلى إطلاق التهديدات ضد كل من يتضامن معه أو يؤيد موقفه الناقد لممارساتها.
ورداً على خطفه؛ عبرت الأوساط الحقوقية والإعلامية والثقافية عن رفضها مثل هذه الممارسات؛ إلا إن الميليشيات عادت لتهديد من يتضامن مع حجر أو يؤيد موقفه. وأطلق عدد من الإعلاميين التابعين للميليشيات تهديدات واضحة عبر مواقع التواصل الاجتماعي ومن خلال وسائل الإعلام الحوثية التي يعملون بها أو يديرونها.
وفسّر إعلاميو الميليشيات انتقاد ممارسات قياداتهم وغضب اليمنيين من سياسات التجويع والإفقار؛ بأنها محاولة لإضعاف الموقف التفاوضي للميليشيات، واتهموا الحكومة الشرعية والتحالف بمحاولة الضغط على الميليشيات من الداخل.
حملة التهديد الحوثية اتسعت ليشارك فيها إعلاميون عرب مؤيدون للميليشيات في وسائل إعلام إيرانية، حيث زعم العديد منهم أن الجماعة تتعرض للضغط من داخل مناطق سيطرتها «عبر إبراز الأزمة الاقتصادية».
وزعم أحد مناصري الميليشيات أن ما يجري من انتقادات لها هو «حملة مبرمجة» وأن «الأمر حتماً مرتبط بالتفاوض؛ لأن استخدام الملف الإنساني لتحصيل تنازلات سياسية ما زال قائماً».
وجاء اختطاف حجر بسبب انتقاده ممارسات الميليشيات من «تجويع ونهب الثروات وإيرادات المؤسسات التي تسيطر عليها» عبر مقطع فيديو نشره على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث اتهمها بـ«نهب الثروات وتجويع اليمنيين، ومضايقة المستثمرين وابتزازهم، وقطع رواتب الموظفين، والسطو على ممتلكات وأراضي المستضعفين»، وأكد أن «الجميع يشكو ويعلن تضرره من ممارسات الميليشيات وقادتها».
وخلال الأسابيع الماضية؛ اختطفت ميليشيات الحوثي عدداً من الأطباء والأكاديميين المختصين في المجال الصحي في العاصمة صنعاء؛ بينهم أستاذ الجراحة بكلية الطب في جامعة صنعاء، ياسر عبد المغني، ومدير «المستشفى الألماني» في صنعاء عبد الله الداعري، وقبلهما اختطفت 3 ناشطين في مدينة إب على خلفية تناولهم فساد وجرائم القيادات الحوثية في المحافظة؛ هم: الصحافي ماجد ياسين، والناشطان مراد البناء وخالد الأنس.
ويعمل إعلاميو الميليشيات الحوثية منذ أيام على نشر كتابات وتغريدات على مواقع التواصل الاجتماعي ملوحة بمعاقبة ومحاسبة كل من يعلن موقفاً ناقداً لممارسات الفساد والنهب المنظم التي تورطت فيها الميليشيات، واتهامهم بموالاة الحكومة اليمنية والتحالف الداعم لها، مع تهديد من يدافع عن أي مختطف بملاقاة مصيره نفسه.
وصدر بيان عن أقارب وأسرة الفنان أحمد حجر يعلن التبرؤ منه وتأييد الميليشيات في الإجراءات التي اتخذت ضده.
وجاء في البيان؛ الذي تقول مصادر محلية في العاصمة صنعاء إن الميليشيات الحوثية أجبرت أقارب حجر على إصداره؛ أن ما صدر عن الفنان والـ«يوتيوبر» لا يمثل فيه إلا نفسه، وأن عليه تحمل عواقب وتبعات ما يصدر عنه، و«على الجهات الأمنية اتخاذ ما تراه مناسباً للحفاظ على السكينة العامة، ودرء محاولات النيل من الجبهة الداخلية».
إلا إن مصادر أخرى رجحت أنه سيتم الإفراج عن الفنان حجر قريباً، وذلك لانتمائه إلى عائلة من مكونات الميليشيات الحوثية، ومقربة من القيادة العليا للميليشيات، حيث لدى هذه الأسرة كثير من الشخصيات التي تعمل في الصف القيادي الأعلى للميليشيات.
ويخشى ناشط سياسي مقيم في العاصمة صنعاء من أن تستخدم الميليشيات قضية الفنان حجر في اتجاهين: الأول توجيه رسالة تحذيرية لكل الناشطين ومستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي من الكشف عن ممارسات الفساد والانتهاكات والجرائم بحق المواطنين والأموال العامة. والآخر عقد صفقات مع مشاهير مواقع التواصل من أجل خدمة توجه الميليشيات.
ووفقاً للناشط؛ الذي تتحفظ «الشرق الأوسط» على بياناته نظراً إلى إقامته في العاصمة صنعاء الواقعة في قبضة الميليشيات؛ فإن «الجماعة الانقلابية استخدمت قضية الفنان حجر حتى الآن في تعزيز سلوكها الطائفي والسلالي، وذلك من خلال البيان الذي أصدرته أسرة حجر للتنصل منه، وإعلان موالاتها لقيادة الميليشيات، واعتبار أي سلوك مشابه لسلوكه بمثابة الخيانة التي تستوجب العقاب».
من جانب آخر؛ فإن الميليشيات، والحديث للناشط نفسه؛ «تعزز سلوكها القمعي والترهيبي تجاه الناشطين، وتسعى من خلال التهديدات التي تصدر عن إعلامييها وقيادييها إلى منع صدور أي مواقف تنتقد ممارساتها، خصوصاً أنها باتت تخشى حدوث انتفاضة شعبية بالنظر إلى زيادة معاناة اليمنيين بفعل ممارساتها، واحتمالية تأثير الانتفاضة الشعبية في إيران على الوضع في مناطق سيطرتها».


مقالات ذات صلة

تقرير: بمساعدة الحوثيين... روسيا تجند يمنيين للقتال في أوكرانيا

أوروبا مدنيون يرتدون زياً عسكرياً يشاركون في تدريب عسكري من قبل جنود أوكرانيين في كييف (أ.ف.ب)

تقرير: بمساعدة الحوثيين... روسيا تجند يمنيين للقتال في أوكرانيا

أفاد تقرير صحافي أن روسيا تقوم بتجنيد رجال من اليمن لإرسالهم إلى الجبهة في أوكرانيا بمساعدة من الحوثيين في اليمن.

«الشرق الأوسط» (لندن )
العالم العربي مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

فرضت الجماعة الحوثية إتاوات جديدة على الكسارات وناقلات حصى الخرسانة المسلحة، وأقدمت على ابتزاز ملاكها، واتخاذ إجراءات تعسفية؛ ما تَسَبَّب بالإضرار بقطاع البناء.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
تحليل إخباري الجماعة الحوثية استقبلت انتخاب ترمب بوعيد باستمرار الهجمات في البحر الأحمر وضد إسرائيل (غيتي)

تحليل إخباري ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

ينتظر اليمنيون حدوث تغييرات في السياسات الأميركية تجاه بلادهم في ولاية الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

وعود يمنية بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات الحكومية

وعد رئيس الحكومة اليمنية، أحمد عوض بن مبارك، بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات، ضمن خمسة محاور رئيسة، وفي مقدمها إصلاح نظام التقاعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي مسلحون حوثيون خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (إ.ب.أ)

الحوثيون يحولون المنازل المصادرة إلى معتقلات

أفاد معتقلون يمنيون أُفْرج عنهم أخيراً بأن الحوثيين حوَّلوا عدداً من المنازل التي صادروها في صنعاء إلى معتقلات للمعارضين.

محمد ناصر (تعز)

محمد حيدر... «البرلماني الأمني» والقيادي الاستراتيجي في «حزب الله»

صورة متداولة لمحمد حيدر
صورة متداولة لمحمد حيدر
TT

محمد حيدر... «البرلماني الأمني» والقيادي الاستراتيجي في «حزب الله»

صورة متداولة لمحمد حيدر
صورة متداولة لمحمد حيدر

خلافاً للكثير من القادة الذين عاشوا في الظل طويلا، ولم يفرج عن أسمائهم إلا بعد مقتلهم، يعتبر محمد حيدر، الذي يعتقد أنه المستهدف بالغارة على بيروت فجر السبت، واحداً من قلائل القادة في «حزب الله» الذين خرجوا من العلن إلى الظل.

النائب السابق، والإعلامي السابق، اختفى فجأة عن مسرح العمل السياسي والإعلامي، بعد اغتيال القيادي البارز عماد مغنية عام 2008، فتخلى عن المقعد النيابي واختفت آثاره ليبدأ اسمه يتردد في دوائر الاستخبارات العالمية كواحد من القادة العسكريين الميدانيين، ثم «قائداً جهادياً»، أي عضواً في المجلس الجهادي الذي يقود العمل العسكري للحزب.

ويعتبر حيدر قائداً بارزاً في مجلس الجهاد في الحزب. وتقول تقارير غربية إنه كان يرأس «الوحدة 113»، وكان يدير شبكات «حزب الله» العاملة خارج لبنان وعين قادة من مختلف الوحدات. كان قريباً جداً من مسؤول «حزب الله» العسكري السابق عماد مغنية. كما أنه إحدى الشخصيات الثلاث المعروفة في مجلس الجهاد الخاص بالحزب، مع طلال حمية، وخضر يوسف نادر.

ويعتقد أن حيدر كان المستهدف في عملية تفجير نفذت في ضاحية بيروت الجنوبية عام 2019، عبر مسيرتين مفخختين انفجرت إحداهما في محلة معوض بضاحية بيروت الجنوبية.

عمال الإنقاذ يبحثون عن ضحايا في موقع غارة جوية إسرائيلية ضربت منطقة البسطة في قلب بيروت (أ.ب)

ولد حيدر في بلدة قبريخا في جنوب لبنان عام 1959، وهو حاصل على شهادة في التعليم المهني، كما درس سنوات عدة في الحوزة العلمية بين لبنان وإيران، وخضع لدورات تدريبية بينها دورة في «رسم وتدوين الاستراتيجيات العليا والإدارة الإشرافية على الأفراد والمؤسسات والتخطيط الاستراتيجي، وتقنيات ومصطلحات العمل السياسي».

بدأ حيدر عمله إدارياً في شركة «طيران الشرق الأوسط»، الناقل الوطني اللبناني، ومن ثم غادرها للتفرغ للعمل الحزبي حيث تولى مسؤوليات عدة في العمل العسكري أولاً، ليتولى بعدها موقع نائب رئيس المجلس التنفيذي وفي الوقت نفسه عضواً في مجلس التخطيط العام. وبعدها بنحو ثماني سنوات عيّن رئيساً لمجلس إدارة تلفزيون «المنار».

انتخب في العام 2005، نائباً في البرلمان اللبناني عن إحدى دوائر الجنوب.