ترف البلاط المغولي وهدايا شاه إيران لزوجته في مزادات الفن الإسلامي بلندن

عندما يُعلن عن إقامة مزادات فنون العالم الإسلامي، نعرف أننا أمام فرصة لمعاينة أجمل ما قدمه فنانو وخطاطو العالم الإسلامي. القطع التي تُعرض للجمهور لأيام قليلة قبل أن تتخطفها أيدي المقتنين والمؤسسات الفنية تحمل كل منها قصة حول صانعها وحول العصر الذي تمثله وأيضا تفتح أمامنا صفحات من كتاب التاريخ لن...
عندما يُعلن عن إقامة مزادات فنون العالم الإسلامي، نعرف أننا أمام فرصة لمعاينة أجمل ما قدمه فنانو وخطاطو العالم الإسلامي. القطع التي تُعرض للجمهور لأيام قليلة قبل أن تتخطفها أيدي المقتنين والمؤسسات الفنية تحمل كل منها قصة حول صانعها وحول العصر الذي تمثله وأيضا تفتح أمامنا صفحات من كتاب التاريخ لن...
TT

ترف البلاط المغولي وهدايا شاه إيران لزوجته في مزادات الفن الإسلامي بلندن

عندما يُعلن عن إقامة مزادات فنون العالم الإسلامي، نعرف أننا أمام فرصة لمعاينة أجمل ما قدمه فنانو وخطاطو العالم الإسلامي. القطع التي تُعرض للجمهور لأيام قليلة قبل أن تتخطفها أيدي المقتنين والمؤسسات الفنية تحمل كل منها قصة حول صانعها وحول العصر الذي تمثله وأيضا تفتح أمامنا صفحات من كتاب التاريخ لن...
عندما يُعلن عن إقامة مزادات فنون العالم الإسلامي، نعرف أننا أمام فرصة لمعاينة أجمل ما قدمه فنانو وخطاطو العالم الإسلامي. القطع التي تُعرض للجمهور لأيام قليلة قبل أن تتخطفها أيدي المقتنين والمؤسسات الفنية تحمل كل منها قصة حول صانعها وحول العصر الذي تمثله وأيضا تفتح أمامنا صفحات من كتاب التاريخ لن...

عندما يُعلن عن إقامة مزادات فنون العالم الإسلامي، نعرف أننا أمام فرصة لمعاينة أجمل ما قدمه فنانو وخطاطو العالم الإسلامي. القطع التي تُعرض للجمهور لأيام قليلة قبل أن تتخطفها أيدي المقتنين والمؤسسات الفنية تحمل كل منها قصة حول صانعها وحول العصر الذي تمثله وأيضا تفتح أمامنا صفحات من كتاب التاريخ لننغمس فيها لدقائق أو لساعات نستكشف من خلالها جماليات عصور مضت.
وقبل أن تبدأ المعارض العامة ويتاح لجمهور المهتمين معاينة القطع على الطبيعة، كان لـ«الشرق الأوسط» جولة خاصة للاطلاع على مقتنيات مزادين مقبلين في داري «كريستيز» و«سوذبيز»، يُقامان في لندن في شهر أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.
الجولة تبدأ من دار «سوذبيز» حيث نلتقي بينديكت كارتر رئيس مبيعات المزادات في قسم الشرق الأوسط، نرى أمامنا بعض القطع التي سيتضمنها مزادا «فنون العالم الإسلامي» و«فنون الإمبراطورية الهندية» اللذان سيقامان في يوم 9 أكتوبر المقبل. يبدأ معنا كارتر، بعرض بعض المقتنيات التي أرسلتها الدار إلى الدوحة، الأسبوع الماضي، ضمن معرض خاص أقيم هناك للتنويه عن المزادين المقبلين.
من معروضات مزاد الفن الهندي، يشير كارتر إلى صينية ذهبية مرصعة بالماس مع علبة مجوهرات تعود إلى القرن الثامن عشر، وتتراوح قيمتها التقديرية ما بين 200 ألف إلى 300 ألف جنيه إسترليني. الصينية، كما يشير كارتر، لم تظهر في السوق الفنية، منذ بيعها في مزاد عام 1987، وتعكس الحياة المترفة للبلاط المغولي. وهذه القطع لم يقتصر استخدامها على وضع المجوهرات وحسب، بل كانت تستخدم أيضا لأغراض دبلوماسية، لتظهر انطباعا قويا بمدى قوة الإمبراطورية المغولية. وقد حرص صانع العلبة والصينية على إبراز لمسات فنية متفردة، تبهر عين المشاهد.
وإلى جانب الصينية، التي تُعتبر نجمة المزاد الهندي، توجد هناك مجموعة من اللوحات الفنية ومنسوجات وأسلحة. هناك أيضا بروش ذهبي مرصع بالماس يعود إلى عام 1850، ويحمل نقوشات باللون الزهري في الخلف.. «هذه القطعة كانت تُثبّت على العمامة. المرجح أن تكون صُنعت للسلطان أو أحد مرافقيه أو فرد من عائلته، إذ كان ارتداء حلية على العمامة مقصورا على البلاط الإمبراطوري». وفيما يمكن رؤيته كإضافة تاريخية للقطعة، نلاحظ أنها موضوعة داخل صندوق مثبت به قصاصة من صحيفة «غازيت أوف إنديا»، بتاريخ 6 أغسطس (آب) 1887.
قطعة أخرى تبرز في المجموعة، وهي بروش تعود ملكيته إلى دوقة ويندسور، وتم بيعه مسبقا في مزاد أقيم في عام 1987 بجنيف.
تشمل المعروضات أيضا مجموعة من الأسلحة التي تعود للسلطان تيبو من ميسور، الهند، القرن الثامن عشر، الذي خاض مع والده حيدر علي حروبا ضد شركة الهند الشرقية البريطانية. وقد هزم السلطان تيبو خلال حربه الرابعة في ميسور، وقُتل خلال حصاره في قلعته بسرنكابتم من قبل البريطانيين في مايو (أيار) 1799، عندما جرى الاستيلاء على سيف أهداه العثمانيون للسلطان غنيمة، ونقش عليه: «هذا السيف أخذ من السلطان تيبو في عام 1799». بعد حصار القلعة، استولى الجنود على الأسلحة الموجودة هناك، وعادت تلك الأسلحة إلى بريطانيا لتظهر بعد ذلك في الأسواق.
بالنسبة لمزاد الفن الإسلامي، يشير كارتر إلى أن المزاد يضم 177 قطعة فقط، وهو ما يعني أن المزاد أصغر حجما من المعتاد، ويعلق: «أعتقد أن ذلك يعكس اتجاه السوق الآن، فيجب علينا الاستماع إلى متطلبات السوق بتنظيم مزاد محدود».
من أجمل القطع المعروضة هنا لوحة نادرة تمثل سقوط القسطنطينية، وهي لوحة إيطالية مرسومة بالألوان الزيتية، جرى رسمها في أواخر القرن الخامس عشر، وبداية القرن السادس عشر، وتتراوح قيمتها ما بين 180 ألفا و220 ألف جنيه إسترليني. تعتبر هذه اللوحة أقدم تصوير للحظة سقوط القسطنطينية على يد السلطان محمد الفاتح واعتمدت في تصوير تفاصيل المدينة على خرائط جغرافية، من بين التفاصيل الدقيقة يمكننا تمييز أعمدة الدخان المتصاعدة من الأبنية، وأيضا الأعلام على السفن. «لا توجد صور أخرى تصور هذه اللحظة المهمة في التاريخ الإسلامي»، ويضيف قائلا: «لا أتوقع أن نراها ثانية في السوق».
ومن الأعمال النادرة في المزاد لوحة «حوار بين أربعة تلاميذ».. تحمل توقيع محمد مراد السمرقندي، بلاد فارس من العصر الصفوي، بخارى، أوائل القرن السابع عشر (القيمة التقديرية تتراوح ما بين 400 ألف إلى 600 ألف جنيه إسترليني).
وتعد هذه اللوحة من الأعمال القليلة المنسوبة إلى الفنان المبدع محمد مراد السمرقندي، الذي كان شاهدا على عظمة وقوة الأسلوب الفني في سمرقند. وتمتاز رسومه بالإسهاب في التخيل، واستخدام ألوان غريبة. ويمكن للمشاهد رؤية أوراق الشجر الكثيفة والحيوانات والتلاميذ وهم يتحاورون في مشهد يبدو أقرب إلى الحقيقة. وهذه اللوحة بقيت ملكا لأشخاص منذ أن باعتها «سوذبيز» في عام 1977.
يفتتح المزاد ببيع قطع من المجموعة الخاصة لرئيس شركة «هيرميس» الفرنسية زافيير جيراند هيرميس، وسيتم التبرع بالعوائد لصالح مؤسسة «هيرميس» للسلام العالمي، وسيتم بيع باقي المجموعة في مزاد يُقام في باريس يوم 18 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل. مجموعة «هيرميس» تضم خليطا ما بين الفخاريات والقطع المعدنية.
* المزاد يقام يوم الأربعاء 9 أكتوبر بمقر «سوذبيز» بشارع نيو بوند ستريت بلندن.

* هدايا شاه إيران لزوجته الإمبراطورة ثريا ومصاحف أثرية ومقابض سيوف هندية

* في قبو دار «كريستيز» بلندن كان موعدنا مع فوج آخر من أجمل وأهم المقتنيات في مزاد الدار لفنون العالم الإسلامي، الذي سيقام يوم 10 أكتوبر المقبل. تستقبلنا رئيسة قسم الفن الآسيوي والعالمي سارة بلمبلي بابتسامة واسعة، وتعرض أمامنا بعض القطع المهمة التي يتضمنها المزاد. تشير إلى أن المزاد سيقدم الجزء الأخير من مجموعة مخطوطات، من مجموعة خاصة يتم بيعها لصالح مكتبة «بودليان» بأكسفورد، وستقوم الجامعة بتخصيص العوائد لدعم الدراسات الفارسية بالجامعة، ولإنشاء كرسي للدراسات الساسانية سيكون الأول في بريطانيا.
تشير بلمبلي إلى أحد هذه المنمنمات، وهو للخطاط محمود مذهب، وهو فنان من بخارى، تروي المخطوطة قصة طريفة؛ فعبر رسومات دقيقة وخفيفة الظل نرى مدرسا صارما يتضجر منه تلاميذه، ويتم استبدال مدرس مسالم به. القصة تروى على مراحل داخل المخطوطة؛ فنرى مشهد المدرس الصارم في وسط المخطوطة، وحوله التلاميذ وهم جلوس بنظام، وفي الجزء الأسفل من المخطوطة نرى المدرس المسالم وحوله مشاهد من الفوضى؛ فالتلاميذ يجرون ويقومون بحركات بهلوانية ويتشاجرون أيضا. وتبدو براعة الفنان في تصوير الأطفال بأحجام دقيقة، واهتمام فائق بالتفاصيل في الحركة وتعبيرات الوجه والملابس.
وعلى الطاولة، تقبع مفاجأة تتضح تفاصيلها أمامنا على مراحل؛ فهناك ما يشبه الصندوق المستطيل ذهبي اللون مطعنا بالماس فيما يبدو، وتكمن المفاجأة في التفاصيل اللاحقة.
تقول بلمبلي: «هذا الصندوق أو ما يمكن اعتباره حقيبة يد هو واحدة من مجموعة قطع من الذهب تعود إلى إمبراطورة إيران السابقة ثريا اصفندياري ثاني زوجات الشاه محمد رضا بهلوي.. الحقيبة هي هدية الشاه لزوجته بمناسبة زواجهما، وعند فتحها نرى أنها تنقسم إلى عدة أقسام وتبدو مثل طاولة زينة مصغرة للإمبراطورة؛ ففيها مرآة بعرض الحقيبة، وساعة صغيرة مثبتة بداخلها، وأيضا مشط للشعر وحافظة للسجائر وأنبوب ذهبي صغير لأحمر الشفاه. الحقيبة ثقيلة الوزن ولا عجب؛ فهي من الذهب الخالص، وإن كان المرء يتعجب من أن الإمبراطورة كانت تحرص دائما على حملها في المناسبات المهمة. وعلى الرغم من أن مجموعة الحقائب والعلب الذهبية لم تُصنع في العالم الإسلامي، فإنها، كما تشير بلمبلي، ترتبط به عبر إيران. من القطع المهداة للإمبراطور أيضا علبة لحفظ السجائر وولاعة وعلبة للبودرة. هناك أيضا علبة مطعمة باللؤلؤ والماس والياقوت تحمل إهداء «إلى جلالة الإمبراطورة ثريا من البيغوم إسكندر ميرزا»، وهي هدية من زوجة إسكندر علي ميرزا أول رئيس لباكستان خلال زيارة رسمية لإيران عام 1956. القطع بيعت للمرة الأولى في مزاد أقيم في باريس عام 2002، بعد وفاة الإمبراطورة.
ومن فخامة وثراء بلاط شاه إيران ننتقل إلى الحروب وأدواتها، فتشير محدثتنا إلى قطعة حديدية ثقيلة الوزن، تقول إنها مدفع يدوي يعود إلى العصر المملوكي (القطعة الثانية محفوظة في المتحف الحربي بإسطنبول). وحسب رسم نادر تريه لنا بلمبلي، كان من المتبع أن يثبت المدفع على عمود من الخشب ويُملأ بالبارود. وحسبما يرويه لنا التاريخ فلم يحسن المماليك استخدام الأسلحة النارية على الرغم من بعض محاولات بعض الحكام والقادة، مثل قايت بيه، الذي أمر بصناعة هذه القطعة عندما انتقل لسوريا. وكانت تلك الأسلحة شائعة الاستخدام لدى العثمانيين والصليبيين، ولكن المماليك كانوا من المعارضين لاستخدامها، وهو ما يعد أحد أسباب هزيمتهم أمام العثمانيين في القرن السادس عشر.
ومن جزء آخر من العالم ننتقل إلى قطعة فريدة تصور التعاون بين الصين وتركيا، هي صندوق من الفخار الصيني لحفظ ريش الكتابة والحبر صُنع خصيصا للسوق العثمانية، ثم بعد أن أرسلت إلى إسطنبول، أضيف إليها حبات الفيروز، «هناك قطعة واحدة فقط مماثلة لهذه معروضة حاليا في متحف توبكابي بإسطنبول»، تعلق بلمبلي وتشير إلى أن أهمية القطعة ترجع إلى أكثر من عامل؛ فهي تصور العلاقة بين تركيا والصين، وأيضا تصور الاهتمام بفن الخط.
هناك أيضا بعض مقابض السيوف الذهبية النادرة التي تحمل تصويرا حيا ودقيقا لحيوانات الغابة ومشاهد صيد تعود إلى القرنين الـ17 و18.
كما يتضمن المزاد مجموعة من المصاحف الأثرية، منها صفحة من القرآن تعود للقرن السابع مكتوبة بالخط الحجازي، وأخرى من القرن العاشر، وهي محطة مهمة في كتابة القرآن. الصفحة تحمل خمسة أسطر فقط، وهو ما يشير إلى ضخامة حجم المصحف الذي يضمها، تعلق بلمبلي: «تماما، وهو ما يدعونا للاعتقاد بأن القرآن تم كتابته بناء على تكليف من أحد الأثرياء»، النسخة الثالثة المعروضة كتبت بعد 200 عام من المخطوطة السابقة، وهي بقلم ابن الوحيد، وهو خطاط مملوكي شهير، ويُعتقد أن يكون القرآن هو آخر عمل له قبل وفاته في عام 1311، ومن أعماله الشهيرة مصحف السلطان بيبرس المحفوظ في المكتبة البريطانية بلندن.
* المزاد يقام يوم الخميس 10 أكتوبر بمقر دار «كريستيز» في كينغ ستريت بلندن.



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.


رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».


ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».