هل تلاشت احتمالات الخطر في «تيغراي»؟

خطوات محلية وإقليمية متسارعة لتنفيذ اتفاق الحكومة والمتمردين

مسافر عائد من إقليم تيغراي لدى وصوله مطار في أديس أبابا بعد استئناف الرحلات بين الطرفين (أ.ف.ب)
مسافر عائد من إقليم تيغراي لدى وصوله مطار في أديس أبابا بعد استئناف الرحلات بين الطرفين (أ.ف.ب)
TT

هل تلاشت احتمالات الخطر في «تيغراي»؟

مسافر عائد من إقليم تيغراي لدى وصوله مطار في أديس أبابا بعد استئناف الرحلات بين الطرفين (أ.ف.ب)
مسافر عائد من إقليم تيغراي لدى وصوله مطار في أديس أبابا بعد استئناف الرحلات بين الطرفين (أ.ف.ب)

عززت تطورات محلية وإقليمية من مساعي التهدئة في إقليم «تيغراي» في إثيوبيا المضطرب منذ نحو عامين، وذلك في إطار خطوات متسارعة لتنفيذ «اتفاق بريتوريا» بين حكومة أديس أبابا، ومتمردي الإقليم.
ونقلت وكالات أنباء عن شهود عيان (الجمعة) أن «جنوداً إريتريين انسحبوا من بلدتي شاير وأكسوم في تيغراي باتجاه الحدود»، وذلك بموازاة إعلان «الشرطة الفيدرالية الإثيوبية»، (الخميس)، دخولها عاصمة الإقليم للمرة الأولى منذ 18 شهراً؛ «لضمان أمن المؤسسات بما فيها المطارات»، وتواكبت الخطوتان مع اجتماع وسطاء أفارقة في الإقليم لتثبيت الاتفاق.
وتأتي تلك التطورات بعد قرابة شهرين من توقيع الحكومة الإثيوبية، ومتمردي تيغراي «اتفاق بريتوريا» في الثاني نوفمبر (تشرين الثاني) الذي يُنهي الحرب التي استمرت عامين في هذه المنطقة بشمال إثيوبيا.
ونقلت «رويترز»، (الجمعة)، عن شهود عيان أن «جنوداً إريتريين انسحبوا من بلدتي شاير وأكسوم في إقليم تيغراي بشمال إثيوبيا».
وقاتلت القوات الإريترية إلى جانب الجيش الإثيوبي خلال الحرب الأهلية، ولم يتضح إن كانت القوات الإريترية تغادر تيغراي بالكامل أم تنسحب فحسب من بلدات بعينها.
وذكر موظفو إغاثة في شاير وأكسوم أنهم شاهدوا عدة شاحنات وعشرات السيارات المكدسة بجنود إريتريين، الخميس، تغادر نحو بلدة شيرارو الحدودية. وقال أحد موظفي الإغاثة إن الجنود «كانوا يلوحون بالوداع».
وجاء في بيان للشرطة الإثيوبية أنها «دخلت مدينة ميكيلي في تيغراي وبدأت العمل»، مضيفة أنها ستكون مسؤولة عن «ضمان أمن المؤسسات الفيدرالية»، بما فيها المطارات والبنوك وخدمات الاتصالات.
ويعتبر دخول الشرطة إلى عاصمة تيغراي علامة أخرى على تطبيع العلاقات بين السلطات الفيدرالية والمنطقة المتمردة سابقاً.
وأعيد وصل ميكيلي بشبكة الكهرباء الوطنية في مطلع ديسمبر (كانون الأول)، كما أعلن «البنك المركزي» استئناف عملياته في بعض المدن، وبدأت الاتصالات الهاتفية مع المنطقة بالعودة، كما انطلقت يوم (الأربعاء) الماضي، أول رحلة تجارية للخطوط الجوية الإثيوبية منذ 18 شهراً من العاصمة أديس أبابا إلى ميكيلي. وقالت شركة الطيران الأكبر في أفريقيا إنها جدولت رحلات يومية إلى تيغراي، سيزيد عددها حسب الطلب.
من جهته، أعلن الاتحاد الأفريقي، الخميس، إطلاق مهمة في ميكيلي من أجل «المراقبة والتحقق والامتثال» لاتفاق السلام.
وكان الرئيس الكيني السابق أوهورو كينياتا المبعوث الخاص للاتحاد الأفريقي، وكذلك الرئيس النيجيري السابق أولوسيغون أوباسانجو مبعوث الاتحاد الخاص للقرن الأفريقي، حاضرين في عاصمة تيغراي؛ لإعلان بدء هذه المهمة.
وينصّ اتفاق السلام خصوصاً على نزع سلاح قوات المتمردين، وعودة المؤسسات الفيدرالية إلى تيغراي، وإعادة فتح الطرق والاتصالات إلى هذه المنطقة المعزولة عن العالم منذ منتصف عام 2021.
وبدأ النزاع في أواخر عام 2020 عندما أرسل رئيس الوزراء آبي أحمد الجيش الفيدرالي للإطاحة بسلطات تيغراي التي تحدّته طوال شهور واتهمها بمهاجمة قواعد عسكرية فيدرالية.
ولا تُعرف الحصيلة الدقيقة لهذا النزاع الذي تخللته انتهاكات كثيرة، ووصفته مجموعة الأزمات الدولية ومنظمة العفو الدولية بأنه «من الأكثر دموية في العالم».
وقال إبراهيم إدريس، الباحث في الشؤون الأفريقية لـ«الشرق الأوسط»، إن «الخطوات الأحدث في تيغراي ومنها استئناف رحلات الطيران، تأتي ضمن المرحلة الثالثة لتطبيق (اتفاقية بريتوريا)، وذلك بعد مرحلتي التوقيع الإطاري، ثم توقيع المسؤولين السياسيين والعسكريين»، مضيفاً أن «تيغراي الآن بصدد استرجاع الخدمات الأساسية المقدمة من قبل الحكومة المركزية، حيث يوجد هناك وفد من الحكومة ويسير بلا حراسة، ما يشير إلى أن الاتفاق أخذ بعداً أكثر تلاحماً وتنفيذاً».
إدريس قال كذلك إن «المرحلة التالية تتعلق بالجانب العسكري، والتي ستواجه الكثير من التحديات، في ظل إشارات لوجود قوات خارجية في الأزمة، غير أن ما يعني الحكومة المركزية أولاً هو تسلمها للأسلحة الدفاعية الثقيلة التابعة لها، والتي كانت بحوزة متمردي الإقليم، ثم تأتي لاحقاً مشكلات الحدود الإقليمية لتيغراي مع إريتريا والسودان؛ وكلها تحديات إضافية في طريق تطبيق اتفاقية السلام».


مقالات ذات صلة

ما مستقبل الخلاف بين متمردي «أوروميا» والحكومة الإثيوبية؟

العالم ما مستقبل الخلاف بين متمردي «أوروميا» والحكومة الإثيوبية؟

ما مستقبل الخلاف بين متمردي «أوروميا» والحكومة الإثيوبية؟

أثار عدم التوصل إلى اتفاق، بعد محادثات سلام أولية بين الحكومة المركزية الإثيوبية، ومتمردي إقليم «أوروميا»، تساؤلات حول مستقبل تلك المحادثات، واحتمالات نجاحها، وأسباب تعثرها من البداية. ورأى خبراء أن «التعثر كان متوقعاً؛ بسبب عمق الخلافات وتعقيدها»، في حين توقّعوا أن «تكون المراحل التالية شاقة وصعبة»، لكنهم لم يستبعدوا التوصل إلى اتفاق. وانتهت الجولة الأولى من المحادثات التمهيدية بين الطرفين، دون اتفاق، وفق ما أعلنه الطرفان، الأربعاء.

العالم رئيس الحكومة الإثيوبية يُعلن مقتل عضو بارز في الحزب الحاكم

رئيس الحكومة الإثيوبية يُعلن مقتل عضو بارز في الحزب الحاكم

أعلن رئيس الحكومة الإثيوبية آبي أحمد اليوم (الخميس) مقتل مسؤول الحزب الحاكم في منطقة أمهرة الواقعة في شمال البلاد. وقال آبي أحمد عبر «فيسبوك»، إنّ «أولئك الذين لم يتمكّنوا من كسب الأفكار بالأفكار، أخذوا روح شقيقنا جيرما يشيتيلا». واتهم أحمد، وفقا لما نقلته وكالة «الصحافة الفرنسية»، «متطرّفين يتسمون بالعنف» بالوقوف وراء هذا العمل الذي وصفه بـ«المخزي والمروّع».

«الشرق الأوسط» (أديس أبابا)
العالم محادثات سلام «غير مسبوقة» بين حكومة إثيوبيا ومتمردي «أورومو»

محادثات سلام «غير مسبوقة» بين حكومة إثيوبيا ومتمردي «أورومو»

تنطلق في تنزانيا، الثلاثاء، محادثات سلام غير مسبوقة بين الحكومة الفيدرالية الإثيوبية ومتمردي إقليم أوروميا، ممثلين في «جبهة تحرير أورومو» التي تخوض معارك مع القوات الحكومية بشكل متقطع منذ عقود. وتسعى أديس أبابا لإبرام اتفاق سلام دائم مع متمردي الإقليم، الذي يشغل معظم مناطق وسط البلاد، ويضم مجموعة من الفصائل المسلحة التابعة لقومية الأورومو، على غرار ما حدث في «تيغراي» شمالاً، قبل 5 أشهر، خشية دخول البلاد في حرب جديدة مع تصاعد التوتر بين الجانبين. وأعلن رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، الذي زار مدينة نكيمتي بالإقليم مؤخراً، أن «جولة مفاوضات ستبدأ معهم (جيش تحرير أورومو) الثلاثاء في تنزانيا»، في أ

محمد عبده حسنين (القاهرة)
شمال افريقيا هل تستغل إثيوبيا اضطرابات السودان لحسم «الخلاف الحدودي»؟

هل تستغل إثيوبيا اضطرابات السودان لحسم «الخلاف الحدودي»؟

عاد الخلاف الحدودي بين إثيوبيا والسودان، بشأن منطقة «الفشقة»، إلى الواجهة، بعد أنباء سودانية عن نشاط «غير اعتيادي» للقوات الإثيوبية ومعسكراتها، في المنطقة المتنازع عليها، منذ بداية الاضطرابات الأخيرة في السودان.

محمد عبده حسنين (القاهرة)
أفريقيا إثيوبيا: متمردو تيغراي يُظهرون «جدية» في تنفيذ اتفاق السلام

إثيوبيا: متمردو تيغراي يُظهرون «جدية» في تنفيذ اتفاق السلام

أظهر متمردو إقليم «تيغراي» شمال إثيوبيا، «جدية» في تنفيذ اتفاق السلام، الموقَّع قبل نحو 5 أشهر، مع الحكومة الفيدرالية بأديس أبابا، وذلك بتسليمهم مزيداً الأسلحة، ضمن عملية نزع سلاح الإقليم ودمج مقاتليه في الجيش الوطني. وحسب نائب مفوض «إعادة التأهيل الوطني»، العميد ديريبي ميكوريا، اليوم (الخميس)، فإن «الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي سلمت الدفعة الأولى من الأسلحة الخفيفة والمتوسطة المتنوعة التي تم جمعها حول منطقة دينقولات في إقليم تيغراي». وأنهى اتفاق السلام، الموقّع في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، حرباً عنيفة استمرت عامين، راح ضحيتها الآلاف، حسب منظمات دولية.

محمد عبده حسنين (القاهرة)

«أكسيوس»: بايدن ناقش خططاً لضرب المواقع النووية الإيرانية

الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)
الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)
TT

«أكسيوس»: بايدن ناقش خططاً لضرب المواقع النووية الإيرانية

الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)
الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)

قدّم مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض جيك سوليفان للرئيس جو بايدن خيارات لـ«هجوم أميركي محتمل» على المنشآت النووية الإيرانية، إذا «تحرك الإيرانيون نحو امتلاك سلاح نووي» قبل موعد تنصيب دونالد ترمب في 20 يناير (كانون الثاني).

وقالت ثلاثة مصادر مطّلعة لموقع «أكسيوس» إن سوليفان عرض تفاصيل الهجوم على بايدن في اجتماع - قبل عدة أسابيع - ظلت تفاصيله سرية حتى الآن.

وقالت المصادر إن بايدن لم يمنح «الضوء الأخضر» لتوجيه الضربة خلال الاجتماع، و«لم يفعل ذلك منذ ذلك الحين». وناقش بايدن وفريقه للأمن القومي مختلف الخيارات والسيناريوهات خلال الاجتماع الذي جرى قبل شهر تقريباً، لكن الرئيس لم يتخذ أي قرار نهائي، بحسب المصادر.

وقال مسؤول أميركي مطّلع على الأمر إن اجتماع البيت الأبيض «لم يكن مدفوعاً بمعلومات مخابراتية جديدة ولم يكن المقصود منه أن ينتهي بقرار بنعم أو لا من جانب بايدن».

وكشف المسؤول عن أن ذلك كان جزءاً من مناقشة حول «تخطيط السيناريو الحكيم» لكيفية رد الولايات المتحدة إذا اتخذت إيران خطوات مثل تخصيب اليورانيوم بنسبة نقاء 90 في المائة قبل 20 يناير (كانون الثاني).

وقال مصدر آخر إنه لا توجد حالياً مناقشات نشطة داخل البيت الأبيض بشأن العمل العسكري المحتمل ضد المنشآت النووية الإيرانية.

وأشار سوليفان مؤخراً إلى أن إدارة بايدن تشعر بالقلق من أن تسعى إيران، التي اعتراها الضعف، إلى امتلاك سلاح نووي، مضيفاً أنه يُطلع فريق ترمب على هذا الخطر.

وتعرض نفوذ إيران في الشرق الأوسط لانتكاسات بعد الهجمات الإسرائيلية على حليفتيها حركة «حماس» الفلسطينية وجماعة «حزب الله» اللبنانية، وما أعقب ذلك من سقوط نظام الرئيس بشار الأسد في سوريا.

وقال سوليفان لشبكة «سي إن إن» الأميركية: «القدرات التقليدية» لطهران تراجعت؛ في إشارة إلى ضربات إسرائيلية في الآونة الأخيرة لمنشآت إيرانية، منها مصانع لإنتاج الصواريخ ودفاعات جوية. وأضاف: «ليس من المستغرب أن تكون هناك أصوات (في إيران) تقول: (ربما يتعين علينا أن نسعى الآن لامتلاك سلاح نووي... ربما يتعين علينا إعادة النظر في عقيدتنا النووية)».

وقالت مصادر لـ«أكسيوس»، اليوم، إن بعض مساعدي بايدن، بمن في ذلك سوليفان، يعتقدون أن ضعف الدفاعات الجوية والقدرات الصاروخية الإيرانية، إلى جانب تقليص قدرات وكلاء طهران الإقليميين، من شأنه أن يدعم احتمالات توجيه ضربة ناجحة، ويقلل من خطر الانتقام الإيراني.

وقال مسؤول أميركي إن سوليفان لم يقدّم أي توصية لبايدن بشأن هذا الموضوع، لكنه ناقش فقط تخطيط السيناريو. ورفض البيت الأبيض التعليق.