صافرات الإنذار تدوي مجدداً في غالبية المدن... وكييف تحشد قوات قرب دونيتسك

بيلاروسيا لا تستبعد فرضية «الاستفزاز المتعمد» بعد إسقاط صاروخ أوكراني

مبنى سكني متضرر في كييف بعد قصف روسي بواسطة مسيّرات (رويترز)
مبنى سكني متضرر في كييف بعد قصف روسي بواسطة مسيّرات (رويترز)
TT

صافرات الإنذار تدوي مجدداً في غالبية المدن... وكييف تحشد قوات قرب دونيتسك

مبنى سكني متضرر في كييف بعد قصف روسي بواسطة مسيّرات (رويترز)
مبنى سكني متضرر في كييف بعد قصف روسي بواسطة مسيّرات (رويترز)

استعدت أوكرانيا الجمعة، لموجة جديدة من الغارات الصاروخية المكثفة بعد يوم على أعنف هجوم روسي على منشآت البنى التحتية في عشرات المدن.
ودوت صافرات الإنذار في غالبية المدن الأوكرانية، صباح الجمعة، مع ترقب انطلاق طائرات روسية لشن هجمات، بينما أعلنت كييف أنها تصدت لهجوم بمسيرات «إيرانية الصنع».
في تلك الأثناء تفاقمت تداعيات حادثة إسقاط صاروخ أوكراني موجه إلى أراضي بيلاروسيا المجاورة الخميس، ومع توجيه تحذير دبلوماسي قوي لكييف، أعلنت وزارة الدفاع البيلاروسية أنها لا تستبعد أن يكون الحادث «متعمداً» لاستفزاز رد فعل بيلاروسي.
وقال رئيس القوات الصاروخية البيلاروسية المضادة للطائرات، كيريل كازانتسيف، إن الجانب البيلاروسي «لا تزال لديه تساؤلات حول حادثة سقوط الصاروخ الأوكراني على أراضي بيلاروسيا».

خبير عسكري بيلاروسي يعاين بقايا الصاروخ الأوكراني (إ.ب.أ)
وتابع كازانتسيف، في تعليق له نشرته وزارة الدفاع البيلاروسية في قناتها الرسمية على تطبيق «تليغرام»: «هناك تساؤلات بشأن هذا الحادث. ونحن ندرس فرضيتين: إطلاق غير مقصود لصاروخ موجه مضاد للطائرات بسبب ضعف تدريب الطاقم أو خلل في الصاروخ، أو أنه استفزاز متعمد من جانب القوات المسلحة الأوكرانية».
وأشار إلى أن أطقم الدفاع الجوي القتالية في بيلاروسيا «عملت بشكل طبيعي واستجابت للهدف الجوي بنجاح».
وكانت وزارة الدفاع البيلاروسية قد أفادت، الخميس، بأن قوات الدفاع الجوي للجمهورية أصابت صاروخاً سقطت شظاياه في منطقة بريست، وتبين أنه صاروخ أوكراني موجه من طراز «إس-300» مضاد للطائرات، أُطلق من أراضي أوكرانيا.
وأفادت وكالة أنباء «بيلتا» الرسمية بأنه تم إبلاغ الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو، على الفور بالحادث، ونيابة عنه، تم تحديد مجموعة من المتخصصين من بين موظفي لجنة التحقيق ووزارة الدفاع لبت أسباب السقوط. وفي وقت لاحق تم إعلان تقديم احتجاج دبلوماسي للسفارة الأوكرانية في مينسك، بينما قالت السلطات العسكرية إنها وجهت تحذيراً من تعمد انتهاك الأجواء البيلاروسية.
وحشدت مينسك خلال الأسابيع الأخيرة نحو 15 ألف جندي على الحدود مع أوكرانيا، وقال لوكاشينكو إن بلاده لا تسعى للانخراط في الحرب في البلد المجاور، لكن تقارير تحدثت عن مساعٍ روسية لتنسيق عمل مشترك ضد كييف.
ونشرت موسكو ومينسك مظلة دفاع جوية مشتركة على الحدود، كما أجرى الطرفان نشاطات تدريبية لتحسين قدرة العسكريين البيلاروسيين على استخدام «أسلحة روسية حديثة».
*هجوم جوي
وميدانياً، عاد التوتر إلى أجواء أوكرانيا صباح الجمعة، بعد ليلة صعبة قضتها غالبية المدن الأوكرانية دون كهرباء ومياه صالحة للشرب. وأُعلن تشغيل صافرات الإنذار في معظم المدن بعد رصد تحرك طائرات روسية من قواعدها، وسط توقعات بتعرض البلاد لموجة غارات جديدة.
وكانت أوكرانيا تعرضت لأعنف هجوم جوي الخميس، وقالت تقارير إن أكثر من 120 صاروخاً روسياً ضربت غالبية منشآت البنى التحتية في عشرات المدن، وأفادت معطيات بتعطل حركة سكك الحديد وانقطاع التيار الكهربائي، وتوقف شبكات الاتصالات.
https://twitter.com/aawsat_News/status/1608885251396222976
في الوقت ذاته، أعلنت كييف صباح الجمعة، أنها تصدت لهجوم بطائرات مسيرة «إيرانية الصنع» وتم إسقاط عدد منها.
في المقابل، أفاد حاكم مدينة سيفاستوبول في شبه جزيرة القرم ميخائيل رازفوجايف، بأن السلطات أمرت بتشغيل أنظمة الدفاع الجوي في المدينة صباح الجمعة.
وكتب رازفوجايف عبر «تليغرام»: «كل الخدمات تعمل بشكل طبيعي. جيشنا عمل بشكل جيد كالعادة»، ومن دون تقديم مزيد من التفاصيل، طلب من «الجميع التحلي بالهدوء».
وكانت القوات الأوكرانية استهدفت سيفاستوبول، التي تضم القاعدة الرئيسية لأسطول البحر الأسود الروسي، ومواقع أخرى في شبه جزيرة القرم. وسبق أن تعرض مقر الأسطول في المدينة، إضافة إلى مطارات ومستودعات عسكرية، لهجمات.
على صعيد موازٍ، أعلن أندريه ماروتشكو، المسؤول العسكري في قوات لوغانسك، أن القيادة الأوكرانية نقلت إلى أرتيموفسك وسوليدار في دونيتسك، «مجموعات جديدة من المقاتلين الأجانب مع أسلحة تم الحصول عليها من الناتو».
وأضاف الضابط، نقلاً عن معلومات استخباراتية: «قامت القيادة الأوكرانية بشكل إضافي، بإرسال مجموعات، للرد السريع، إلى أرتيموفسك وسوليدار، تتألف حصرياً من الأجانب». وأكد أن هذه «المجموعات المتنقلة مجهزة تجهيزاً جيداً، وتستخدم في تنقلاتها سيارات مصفحة من طراز (هامر)، وهي مجهزة بأسلحة من دول الناتو».
وأشار ماروتشكو إلى أنه «يوجد مع كل مجموعة من المرتزقة الأجانب مترجم؛ لأن المسلحين لا يعرفون اللغة الروسية، ويتواصلون في الغالب باللغة الإنجليزية».
يأتي ذلك بعد مرور يومين على إعلان القوات الشيشانية، العاملة في إطار التشكيلات الروسية المقاتلة في دونباس، إحراز «تقدم ملموس» على محور سوليدار.
وأشارت وزارة الدفاع لاحقاً إلى نجاح القوات الروسية في السيطرة على موقعين جديدين في دونيتسك.
في غضون ذلك، أعلنت سلطات دونيتسك، الموالية لموسكو، أن القوات الأوكرانية قصفت أراضي «الجمهورية» 68 مرة خلال الـ24 ساعة الأخيرة.
ووفقاً لبيان مركز الرصد في الإقليم، فقد استهدفت القوات الأوكرانية مناطق عدة في دونيتسك بـ319 قذيفة من مختلف طرازات الأسلحة.
وزاد أن القصف استهدف 7 تجمعات سكنية في دونيتسك وغورلوفكا وياسينوفاتايا وكشتانوفوي، ومينرالنويه وماكيفكا وألكساندروفكا.


مقالات ذات صلة

أوروبا صورة منشورة في 14 يونيو 2025 تظهر موظفين من اللجنة الدولية للصليب الأحمر وهم ينزلون ما يقولون إنها جثث مواطنين أوكرانيين منهم أفراد عسكريون أعادتهم روسيا... في مكان غير معلوم في أوكرانيا (أ.ف.ب)

كييف تسلّمت من موسكو جثامين 1245 أوكرانياً

سلّمت روسيا جثامين 1245 أوكرانياً، على ما أعلنت كييف الاثنين، ضمن دفعة أخيرة واردة من اتفاق لإعادة جثث أكثر من 6 آلاف شخص.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا الجدار الفاصل بين الحدود البولندية والبيلاروسية (أ.ب)

لماذا على واشنطن أن تسعى لتطبيع العلاقات مع بيلاروسيا؟

تُشكل بيلاروسيا حلقة جيوسياسية محورية في شرق أوروبا، ما يجعلها هدفاً مهمّاً لأي مقاربة أميركية تسعى لتعزيز الاستقرار والتأثير الإقليمي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا فريق أوكراني متخصص خلال عملية تسلم جثث جنود أوكرانيين (أ.ف.ب)

أوكرانيا تسلمت 1200 جثة لجنود قُتلوا في الحرب مع روسيا

أعلن مسؤولون أوكرانيون يتولون ملف تبادل أسرى الحرب، اليوم السبت، أن أوكرانيا تسلمت 1200 جثة لجنود سقطوا في الحرب مع روسيا.

أوروبا صورة مركبة للرؤساء الروسي فلاديمير بوتين والأوكراني فولوديمير زيلينسكي والأميركي دونالد ترمب (أ.ف.ب)

زيلينسكي يأمل إقناع ترمب خلال قمة مجموعة السبع بفرض عقوبات على روسيا

أعلن الرئيس الأوكراني زيلينسكي، الخميس، أنه يأمل التحدث مع نظيره الأميركي دونالد ترمب، على هامش قمة مجموعة السبع بكندا، لإقناعه بفرض عقوبات جديدة على روسيا

«الشرق الأوسط» (كييف)

ما معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية؟

صورة توضيحية ملتقطة في 16 يونيو 2025 تظهر العلمين الإيراني والإسرائيلي خلف رمز الذرة وعبارة «البرنامج النووي» (رويترز)
صورة توضيحية ملتقطة في 16 يونيو 2025 تظهر العلمين الإيراني والإسرائيلي خلف رمز الذرة وعبارة «البرنامج النووي» (رويترز)
TT

ما معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية؟

صورة توضيحية ملتقطة في 16 يونيو 2025 تظهر العلمين الإيراني والإسرائيلي خلف رمز الذرة وعبارة «البرنامج النووي» (رويترز)
صورة توضيحية ملتقطة في 16 يونيو 2025 تظهر العلمين الإيراني والإسرائيلي خلف رمز الذرة وعبارة «البرنامج النووي» (رويترز)

قالت إيران، اليوم الاثنين، إن برلمانها يُعِدّ مشروع قانون قد يدفعها نحو الانسحاب من معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية.

وبدأت إسرائيل في تنفيذ ضربات عسكرية على إيران في 13 يونيو (حزيران)، وعزت سبب ذلك إلى مخاوف بشأن برنامج طهران النووي.

جاء ذلك بعد يوم واحد من إعلان مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن طهران تخالف التزاماتها بموجب معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية. وتنفي إيران السعي لتطوير أسلحة نووية وأطلقت صواريخ على إسرائيل رداً على الضربات.

فيما يلي بعض الحقائق الرئيسية حول المعاهدة:

الغرض من المعاهدة

هدف المعاهدة، التي دخلت حيّز التنفيذ في 1970، هو وقف انتشار القدرة على صنع الأسلحة النووية وضمان حق جميع الدول الموقعة في تطوير الطاقة النووية لأغراض سلمية وتخلّص القوى النووية الخمس من ترسانتها من تلك الأسلحة، وفق وكالة «رويترز» للأنباء.

وتُعرّف المعاهدة الدول المسلحة نووياً بأنها تلك التي صنعت وفجّرت سلاحاً نووياً أو جهازاً نووياً آخر قبل الأول من يناير (كانون الثاني) 1967. وتلك الدول هي الولايات المتحد وبريطانيا وفرنسا والصين وروسيا التي ورثت حقوق والتزامات الاتحاد السوفياتي السابق. وهذه هي الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.

علم الوكالة الدولية للطاقة الذرية أمام مقر الوكالة المعنية بمراقبة استخدام الطاقة النووية... فيينا 16 يونيو 2025 (رويترز)

الموقعون

بلغ عدد الدول الأطراف في معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية 191 دولة. وتوافق الدول الحائزة للأسلحة النووية على عدم نقل هذه الأسلحة أو مساعدة الدول غير المسلحة نووياً في الحصول عليها.

غير الموقعين

طوّرت دولتان لم توقعا على المعاهدة وهما الهند وباكستان أسلحة نووية. كما يعتقد على نطاق واسع أن إسرائيل تمتلك ترسانة نووية، لكنها لم تؤكد ذلك أو تنفه علناً.

ووقّعت كوريا الشمالية على المعاهدة في 1985، لكنها أعلنت انسحابها في 2003 بعد أن واجهها مسؤولون أميركيون بأدلة قالوا إنها تشير إلى برنامج تخصيب سري. وبعد فترة من التقارب، طردت كوريا الشمالية مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية مجدداً في 2009 ولم يعودوا منذ ذلك الحين.

بند الانسحاب

تنقسم المعاهدة إلى 11 بنداً، منها بند يمكن الدولة من الانسحاب «إذا رأت أن أحداثاً استثنائية... قد عرّضت المصالح العليا لبلادها للخطر». ويتعيّن على الدولة إخطار الدول الأعضاء الأخرى في المعاهدة ومجلس الأمن التابع للأمم المتحدة قبل ثلاثة أشهر من الانسحاب.

مراجعة المعاهدة

تجتمع الدول الأطراف في معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية لمراجعتها كل خمس سنوات. ومن المقرر عقد مؤتمر المراجعة القادم في 2026.

صورة من محطة بوشهر النووية الإيرانية (رويترز - أرشيفية)

إيران

وقّعت إيران، وهي من الدول غير الحائزة للأسلحة النووية، على معاهدة حظر الانتشار النووي منذ عام 1970، ولديها برنامج لتخصيب اليورانيوم تقول إنه لأغراض سلمية وليس لتطوير أسلحة، لكن قوى غربية وإسرائيل تشتبه في أنها تعتزم تطوير وسائل لصنع القنابل الذرية.

كان إعلان مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، الذي يضم 35 دولة، في 12 يونيو بأن إيران تنتهك التزاماتها في مجال منع الانتشار النووي بمثابة أول قرار من نوعه منذ ما يقرب من عشرين عاماً. وأعلن المجلس ذلك بعد تقرير يدين إيران أرسلته الوكالة إلى الدول الأعضاء في 31 مايو (أيار).

وأشار القرار الذي اعتمده المجلس إلى «العديد من الإخفاقات من جانب طهران منذ 2019 في الوفاء بالتزاماتها بتوفير التعاون الكامل وفي الوقت المناسب للوكالة فيما يتعلق بالمواد والأنشطة النووية غير المعلنة في مواقع متعددة غير معلنة في إيران».

قضايا مثيرة للقلق

من القضايا المحورية المثيرة للقلق لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية عدم تقديم طهران تفسيرات مقبولة لكيفية وصول آثار اليورانيوم المكتشفة في مواقع غير معلنة في إيران إلى تلك المواقع رغم تحقيق الوكالة في المسألة لسنوات. وتعتقد الوكالة أن هذه الآثار تشير في الغالب إلى أنشطة نُفّذت قبل أكثر من عشرين عاماً.

وردّت وزارة الخارجية الإيرانية وهيئة الطاقة الذرية على ذلك بأن إيران أوفت دائماً بالتزاماتها المتعلقة بالضمانات. ووصفت الجهتان النتائج التي خلصت إليها الوكالة الدولية للطاقة الذرية بأنها ذات دوافع سياسية وتفتقر إلى أي أساس فني أو قانوني.

ولدى سؤاله في مؤتمر صحافي حول احتمال انسحاب طهران من معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، جدد متحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية موقف طهران الرسمي الرافض لتطوير الأسلحة النووية، لكنه قال: «في ضوء التطورات الأخيرة، سنتخذ القرار المناسب. على الحكومة إنفاذ مشاريع القوانين البرلمانية، لكن هذا الاقتراح قيد الإعداد، وسننسق مع البرلمان في المراحل اللاحقة».

عقوبات بسبب البرنامج النووي

فُرضت عقوبات على إيران في 2006 بسبب عدم الامتثال لقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الذي طالب بوقف برنامج تخصيب اليورانيوم.

ثم وافقت إيران على كبح برنامجها النووي، مع الاستمرار في التخصيب إلى مستوى منخفض، مقابل تخفيف العقوبات الاقتصادية بموجب اتفاق تم التوصل إليه مع ست قوى كبرى في 2015، لكن الرئيس الأميركي دونالد ترمب انسحب من الاتفاق في 2018 وأعاد فرض العقوبات الأميركية.

ردت إيران على ذلك بتسريع وتيرة برنامجها النووي، متخلية عن القيود المفروضة بموجب الاتفاق. وتجري إيران والولايات المتحدة محادثات غير مباشرة منذ أبريل (نيسان) سعياً لفرض قيود جديدة على الأنشطة النووية الإيرانية مقابل تخفيف العقوبات.