دي ميستورا يلتقي في عمّان قادة عسكريين في الجبهة الجنوبية للمرة الأولى

الشبكة السورية: تداعيات إنسانية لـ«عاصفة الجنوب» بين الطيران والصواريخ المحلية

الشرطة الهنغارية توجه لاجئين سوريين إلى الطريق بعد عبورهم الحدود الهنغارية الصربية بصورة غير شرعية أمس (رويترز)
الشرطة الهنغارية توجه لاجئين سوريين إلى الطريق بعد عبورهم الحدود الهنغارية الصربية بصورة غير شرعية أمس (رويترز)
TT

دي ميستورا يلتقي في عمّان قادة عسكريين في الجبهة الجنوبية للمرة الأولى

الشرطة الهنغارية توجه لاجئين سوريين إلى الطريق بعد عبورهم الحدود الهنغارية الصربية بصورة غير شرعية أمس (رويترز)
الشرطة الهنغارية توجه لاجئين سوريين إلى الطريق بعد عبورهم الحدود الهنغارية الصربية بصورة غير شرعية أمس (رويترز)

أعلن متحدث باسم «الجبهة الجنوبية» في سوريا أن «مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا ستيفان دي ميستورا التقى بقادة المعارضة السورية العسكرية فيها أمس، للمرة الأولى، من أجل احتواء نفوذ الجهاديين في جنوب البلاد»، وذلك في العاصمة الأردنية التي زارها ضمن جولته في المنطقة.
وقال عصام الريس المتحدث باسم الجبهة الجنوبية، أمس: «إن الجبهة عرضت على مبعوث الأمم المتحدة الخرائط ورؤيته عن الفترة الانتقالية من دون الرئيس بشار الأسد». وأكد أنها «ليست المرة الأولى التي يطلب فيها مبعوث الأمم المتحدة الالتقاء بقادة الجبهة الجنوبية، لكن لم تعقد أي اجتماعات من قبل بسبب دواع لوجيستية». فيما قالت متحدثة باسم دي ميستورا: «يمكننا القول إنه التقى مع شخصيات معارضة سوريا في الأردن اليوم (أمس)». وأضافت أن المبعوث الدولي الخاص زار المملكة الأردنية الهاشمية، حيث التقى مع نائب رئيس الوزراء ووزير الشؤون الخارجية وشؤون المغتربين ناصر جودة، وأعرب عن تقديره الكبير للمعرفة العميقة التي يتمتّع بها الوزير جودة وتحليله للوضع الإقليمي، خصوصا أن الأردن يستضيف عددًا كبيرًا من اللاجئين السوريين، وبالتالي يتأثر بشدة من الوضع في سوريا».
من ناحيتها اتهمت المعارضة المجتمع الدولي بالتخاذل ضد الشعب السوري وإطالة محنته واستمرار عمليات القتل الممنهج. وأوضح عضو المجلس العسكري للجيش السوري الحرّ أبو أحمد العاصمي، أن «المنطقة الجنوبية لم يبق فيها الكثير من المناطق غير المحررة، باستثناء مثلث الصنمين وأزرع والمربع الأمني داخل مدينة درعا». وأكد العاصمي لـ«الشرق الأوسط»، أن «تحرير غالبية مناطق الجنوب السوري هو ما يدفع المجتمع الدولي إلى التردد في دعم المعارضة، لأن سقوط المنطقة الجنوبية بكاملها يوحد قوى الثورة ويجعلها على أبواب العاصمة دمشق، وهذا ما لا تريده الولايات المتحدة الأميركية والمجتمع الدولي، لأن ما يحكى عن حلّ سياسي وانتقال سلمي للسلطة يتلاشى أمام الحسم العسكري».
وأضاف: «إن معركة تحرير الجنوب ستستأنف في غضون عشرة أيام، أي بعد عيد الفطر، نحن نعرف أن المجتمع الدولي يضغط على الثوار لوقف العملية العسكرية في الجنوب، وما لقاء دي ميستورا لقيادات من المعارضة في الأردن إلا وجه من أوجه هذا الضغط، لأن تحرير الجنوب يفرض منطقة آمنة تغير المعادلة على الأرض».
وعن سبب تردد الدول الصديقة للمعارضة في عملية الدعم بعيدًا عن رأي المجتمع الدولي، لفت العاصمي إلى أن «بعض الدول قد يكون لديها هاجس مبرر، فالصورة المستقبلية غير واضحة، هناك توازن اليوم لدى القوى المسلحة الموجودة على الأرض مثل الجيش الحر والفصائل الإسلامية وتنظيم داعش، لكن هذا لا يبرر استمرار قتل المئات من أبناء الشعب السوري يوميًا». معتبرًا أن المجتمع الدولي ليس على قدر المسؤولية الأخلاقية حيال ما يجري في سوريا».
على الصعيد نفسه، وثّقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان الأوضاع المعيشية والطبية التي يعانيها سكان مدينة درعا في جنوب سوريا، في ظل المعارك الدائرة بين قوات المعارضة والقوات الحكومية منذ 25 يونيو (حزيران) الماضي.
وأعلنت الشبكة في تقريرٍ أعدته بعنوان «التداعيات الإنسانية والطبية لمعركة عاصفة الجنوب»، أن «القوات الحكومية اعتمدت على سلاح الطيران بشكل رئيسي، حيث ألقت ما لا يقل عن 127 قنبلة برميلية، أُلقي نصفها تقريبًا على مدينة درعا وحدها، كما قصف الطيران الحربي الحكومي 38 صاروخًا، إضافة إلى عشرات القذائف المدفعية والهاون. في المقابل اعتمدت فصائل المعارضة المسلحة على الصواريخ محلية الصنع وقذائف الهاون والقصف المدفعي، تسبب ذلك في وقوع ضحايا في صفوف المدنيين من قبل الطرفين، إلا أن القوات الحكومية ونظرًا لامتلاكها القوة النارية الأكبر وسلاح الطيران وعدم الاكتراث بقصف الأحياء، تسببت بوقوع الكم الأكبر من الضحايا والجرحى المدنيين».
الشبكة كشفت في تقريرها عن «تسبب القوات الحكومية بمقتل 54 مدنيًا، بينهم 19 طفلاً، و12 سيدة، قضوا نتيجة القصف الجوي والمدفعي على أحياء مدينة درعا وقرية نصيب والنعيمة وعتمان، وإصابة قرابة 481 آخرين، بينما تسبب قصف فصائل المعارضة المسلحة بمقتل 10 مدنيين بينهم طفلان وسيدتان، نتيجة القصف العشوائي خلال استهداف المقرات الحكومية المتمركزة داخل الأحياء السكنية: حي الكاشف، درعا المحطة، حي شمال الخط بمدينة درعا». وأشار التقرير إلى أن «الأحياء في مدينة درعا وضواحيها، التي تقع تحت سيطرة مسلحي المعارضة تُعاني أوضاعا إنسانية صعبة في ظل القصف العشوائي المكثف وانقطاع الكهرباء والماء معظم ساعات اليوم، ونقص في المواد الأساسية كالخبز والأدوية».
ورصد التقرير توقف ستة مشافٍ ميدانية عن العمل وخروجها عن الخدمة، خمسة منها توقفت خلال الأسبوع الأول لبدء المعارك، نتيجة القصف الجوي الحكومي الذي تعرضت له، ما يدل على أنها كانت أهدافا معدة للقصف، حيث تقع هذه المشافي في بلدات قريبة من مدينة درعا، وتقدم خدماتها الطبية لكل أبناء المحافظة تقريبًا، ويعود سبب توقف المشفى السادس لأسباب تتعلق بضعف إمكانياته الطبية نظرًا للحصار المفروض من قبل القوات الحكومية».



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.