السودان: تشكيل لجنة للتحقيق في ضحايا سلاح «الأوبلن»

بعثة الأمم المتحدة تدين أحداث القتل في دارفور

جانب من الاحتجاجات التي عرفتها أم درمان الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)
جانب من الاحتجاجات التي عرفتها أم درمان الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)
TT

السودان: تشكيل لجنة للتحقيق في ضحايا سلاح «الأوبلن»

جانب من الاحتجاجات التي عرفتها أم درمان الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)
جانب من الاحتجاجات التي عرفتها أم درمان الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)

استجاب النائب العام السوداني، خليفة أحمد خليفة، لطلب تقدمت به مجموعة من المحامين لتشكيل لجنة تحقيق في حالات القتل، والإصابات الجسيمة بسلاح «الأوبلن»، الذي تستخدمه قوات الأمن في التصدي للمظاهرات السلمية. وفي غضون ذلك، أدانت بعثة الأمم المتحدة «يونيتامس» أحداث العنف في جنوب دارفور، التي أودت بحياة العشرات، وتسببت في تشريد المئات.
وسقط قتيلان، وأصيب العشرات بمقذوف سلاح «الأوبلن» في المظاهرات، التي شهدتها أم درمان، إحدى مدن العاصمة الخرطوم، في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. وقال القانوني معز حضرة، على صفحته الشخصية بـ«فيسبوك»: «تقدمنا بطلب للنائب العام لتكوين لجنة تحقيق حول الأمر، حتى يتم الوصول إلى مرتكبي هذه الجرائم، أياً كانت صفاتهم أو مواقعهم»، كاشفاً عن ازدياد حالات الوفاة والإصابات بمقذوف «الأوبلن».
وأضاف حضرة موضحاً: «لقد استجاب النائب العام لطلبنا أمس، وأصدر قراراً بتكليف لجنة للتحقيق، برئاسة الدكتور الطاهر عبد الرحمن، رئيس نيابة الشهداء». داعياً أقارب الضحايا وكل المصابين في المظاهرات السلمية بواسطة مقذوف «الأوبلن»، الذين تسبب لهم في جرح، أو أي إصابات، التقدم بعرائض لدى النائب المختص، أو القدوم إلى مكتبه لمتابعة الإجراءات القانونية.
وسلاح «الأوبلن» عبارة عن مقذوف خرطوشي، يتم حشوه بالحجارة وأجسام صلبة وبالزجاج، ما يجعله يتسبب في إصابات خطيرة قد تؤدي إلى الوفاة. وبحسب لجنة أطباء السودان المركزية «غير حكومية» فقد تسبب مقذوف «الأوبلن» بدخول حجر في رأس أحد المصابين، أدى إلى تهشيم الجمجمة ووفاته في الحال، كما تسبب في تهتك الكبد والكلية لمتظاهر ثانٍ فارق الحياة بعد إيام من إسعافه.
وفي وقت سابق، كشف ضابط متقاعد في الشرطة السودانية أن القوات التي توكل لها عمليات فض أعمال الشغب لا تلتزم باستخدام تلك الأسلحة بالطريقة، التي تحددها التدريبات والقوانين، ما يجعلها خطيرة وتسبب ضرراً بالغاً في حالة الاستهداف المباشر.
واتهم محامو «الطوارئ»، وهي مجموعة تطوعية تتابع قضايا المظاهرات، الشرطة السودانية باستخدام قوة مهلكة برغبة القتل، وإلحاق أكبر ضرر بالمتظاهرين، مشيرة إلى أن غالبية الإصابات هي نتيجة للأسلحة المحرمة كأسلحة «الأوبلن والخرطوش» التي تعد أضرارها كبيرة، ويصعب في بعض الأحيان معالجتها، وقد تؤدي إلى الوفاة.
ومطلع ديسمبر (كانون الأول) الحالي، دفع محامو «الطوارئ» بمذكرة للنائب العام للضغط على السلطات لوقف استخدام الأسلحة المحرمة في مواجهة الاحتجاجات السلمية. علماً بأن التدخل العنيف من قوات الشرطة لفض المواكب السلمية، منذ استيلاء الجيش على السلطة في 25 أكتوبر (تشرين الأول) 2021 تسبب في مقتل 122 وإصابة الآلاف.
في غضون ذلك، أدانت بعثة الأمم المتحدة في السودان «يونيتامس‬» بشدة أحداث العنف التي شهدتها ولاية جنوب دارفور، وأدت إلى مقتل العشرات وتسببت في تشريد المئات، وحثّت أطراف النزاع على وقف العنف بشكل فوري.
ودعت البعثة الأممية السلطات إلى اتخاذ تدابير أقوى لخفض العنف وحماية المدنيين، والسماح بوصول المساعدات الإنسانية، ومحاسبة الجناة، مؤكدة الحاجة الماسة إلى معالجة شاملة للأسباب الجذرية للعنف في جميع أنحاء السودان.
بدورها، أكدت «لجنة أطباء السودان» في تقرير أمس مقتل 9 أشخاص، وإصابة 18 آخرين بالذخيرة الحية في الأحداث التي وقعت في محافظة «بليل» بجنوب دارفور.
وكانت الحكومة المحلية قد أعلنت حالة الطوارئ وحظر التجوال في المناطق، التي شهدتها أعمال العنف، ووجّهت القوات الأمنية لحسم الانفلات الأمني، واتخاذ كافة التدابير والإجراءات الضرورية وفق قانون الطوارئ.
واندلعت الأحداث الدموية الأربعاء الماضي، بعد محاولة مجموعة من الرعاة وميليشيات مسلحة نهب عدد من المواطنين من قرية أموري، ما تسبب في مقتل أحد المواطنين، وتواصلت هذه الأحداث حتى الأسبوع الحالي، وأسفرت عن مقتل 7 أشخاص ووقوع كثير من الإصابات.


مقالات ذات صلة

الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

شمال افريقيا الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

كثَّفت المملكة العربية السعودية، جهودَها الدبلوماسية لوقف التصعيد في السودان، إلى جانب مساعداتها لإجلاء آلاف الرعايا من أكثر من مائة دولة عبر ميناء بورتسودان. وأجرى وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، أمس، اتصالات هاتفية، مع الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، ووزير الخارجية الجيبوتي محمود علي يوسف، بحث خلالها الجهود المبذولة لوقف التصعيد العسكري بين الأطراف السودانية، وإنهاء العنف، وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين، بما يضمن أمنَ واستقرار ورفاه السودان وشعبه.

شمال افريقيا «أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

نقلت سفينة «أمانة» السعودية، اليوم (الخميس)، نحو 1765 شخصاً ينتمون لـ32 دولة، إلى جدة، ضمن عمليات الإجلاء التي تقوم بها المملكة لمواطنيها ورعايا الدول الشقيقة والصديقة من السودان، إنفاذاً لتوجيهات القيادة. ووصل على متن السفينة، مساء اليوم، مواطن سعودي و1765 شخصاً من رعايا «مصر، والعراق، وتونس، وسوريا، والأردن، واليمن، وإريتريا، والصومال، وأفغانستان، وباكستان، وأفغانستان، وجزر القمر، ونيجيريا، وبنغلاديش، وسيريلانكا، والفلبين، وأذربيجان، وماليزيا، وكينيا، وتنزانيا، والولايات المتحدة، وتشيك، والبرازيل، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وهولندا، والسويد، وكندا، والكاميرون، وسويسرا، والدنمارك، وألمانيا». و

«الشرق الأوسط» (جدة)
شمال افريقيا مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

بعد 3 أيام عصيبة قضتها المسنة السودانية زينب عمر، بمعبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان، وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على غر

شمال افريقيا الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

أعلنت الأمم المتحدة، الخميس، أنها تحتاج إلى 445 مليون دولار لمساعدة 860 ألف شخص توقعت أن يفروا بحلول أكتوبر (تشرين الأول) المقبل من القتال الدامي في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع. وأطلقت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين هذا النداء لجمع الأموال من الدول المانحة، مضيفة أن مصر وجنوب السودان سيسجّلان أكبر عدد من الوافدين. وستتطلب الاستجابة للأزمة السودانية 445 مليون دولار حتى أكتوبر؛ لمواجهة ارتفاع عدد الفارين من السودان، بحسب المفوضية. وحتى قبل هذه الأزمة، كانت معظم العمليات الإنسانية في البلدان المجاورة للسودان، التي تستضيف حالياً الأشخاص الفارين من البلاد، تعاني نقصاً في التمو

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شمال افريقيا الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

وجّه الصراع المحتدم الذي يعصف بالسودان ضربة قاصمة للمركز الرئيسي لاقتصاد البلاد في العاصمة الخرطوم. كما عطّل طرق التجارة الداخلية، مما يهدد الواردات ويتسبب في أزمة سيولة. وفي أنحاء مساحات مترامية من العاصمة، تعرضت مصانع كبرى ومصارف ومتاجر وأسواق للنهب أو التخريب أو لحقت بها أضرار بالغة وتعطلت إمدادات الكهرباء والمياه، وتحدث سكان عن ارتفاع حاد في الأسعار ونقص في السلع الأساسية. حتى قبل اندلاع القتال بين طرفي الصراع في 15 أبريل، عانى الاقتصاد السوداني من ركود عميق بسبب أزمة تعود للسنوات الأخيرة من حكم الرئيس السابق عمر البشير واضطرابات تلت الإطاحة به في عام 2019.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)

لائحة الخلافات بين الجزائر وفرنسا في اتساع متزايد

من لقاء سابق بين الرئيسين الفرنسي والجزائري (الرئاسة الفرنسية)
من لقاء سابق بين الرئيسين الفرنسي والجزائري (الرئاسة الفرنسية)
TT

لائحة الخلافات بين الجزائر وفرنسا في اتساع متزايد

من لقاء سابق بين الرئيسين الفرنسي والجزائري (الرئاسة الفرنسية)
من لقاء سابق بين الرئيسين الفرنسي والجزائري (الرئاسة الفرنسية)

عمَّق اعتقال الكاتب الفرنسي الجزائري، بوعلام صنصال، من الفجوة في العلاقات بين الجزائر وباريس، إلى حد يصعب معه توقع تقليصها في وقت قريب، حسب تقدير مراقبين.

ومنذ السبت 16 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، يوجد الكاتب السبعيني في مقار الأمن الجزائري، حيث يجري استجوابه حول تصريحات صحافية أطلقها في فرنسا، حملت شبهة «تحقير الوطن»، على أساس مزاعم بأن «أجزاء كبيرة من غرب الجزائر تعود إلى المغرب»، وأن قادة الاستعمار الفرنسي «كانوا سبباً في اقتطاعها مرتكبين بذلك حماقة». كما قال إن «بوليساريو» التي تطالب باستقلال الصحراء عن المغرب، «من صنع الجزائر لضرب استقرار المغرب».

الروائي المعتقل بوعلام صنصال (متداولة)

وكان يمكن أن تمر «قضية صنصال» من دون أن تسهم في مزيد من التصعيد مع فرنسا، لولا ما نسبته وسائل إعلام باريسية للرئيس إيمانويل ماكرون، بأنه «قلق» من اعتقال مؤلف رواية «قرية الألماني» الشهيرة (2008)، وبأنه يعتزم التدخل لدى السلطات الجزائرية لإطلاق سراحه.

وهاجمت الصحافة الجزائرية الصادرة الأحد، في معظمها، الطيف السياسي الفرنسي، بسبب «تعاطف اليمين المتطرف واللوبي الصهيوني»، مع الكاتب، قياساً إلى قربه من هذه الأوساط منذ سنين طويلة، وقد أكد ذلك بنفسه، بموقفه المؤيد للعدوان الإسرائيلي على غزة، منذ «طوفان الأقصى» (7 أكتوبر/تشرين الأول 2023)، فضلاً عن معارضته مطلب سلطات بلده الأصلي، الجزائر، «باعتراف فرنسا بجرائمها خلال فترة الاستعمار» (1830- 1962).

وتزامنت «أزمة صنصال» مع أزمة كاتب فرنسي جزائري آخر، هو كمال داوود، الفائز منذ أسابيع قليلة بجائزة «غونكور» المرموقة عن روايته «حور العين». وفجَّر هذا العمل الأدبي غضباً في الجزائر، بحجة أنه «انتهك محظور العشرية السوداء»؛ بسبب تناول الرواية قصة فتاة تعرضت للذبح على أيدي متطرفين مسلحين. علماً أن جزائرية أعلنت، الخميس الماضي، عن رفع دعوى قضائية ضد كمال داوود بتهمة «سرقة قصتها» التي أسقطها، حسبها، على الشخصية المحورية في الرواية.

كما يلام داوود الذي عاش في الجزائر حتى سنة 2021، على «إفراطه في ممارسة جلد الذات إرضاءً للفرنسيين»، خصوصاً أنه لا يتردد في مهاجمة الجزائريين بسبب «العنف المستشري فيهم». ولامس داوود التيار العنصري والتيارات الدينية في فرنسا، بخصوص الحرب في غزة. وصرح للصحافة مراراً: «لا أنتمي إلى جيل الثورة، وعلى هذا الأساس لست معنياً بمسألة تجريم الاستعمار والتوبة عن ممارساته».

ويرى قطاع من الجزائريين أن فرنسا منحت داوود جنسيتها (عام 2020 بقرار من الرئيس ماكرون)، «في مقابل أن يستفز بلاده في تاريخها وسيادتها (الذاكرة والاستعمار)، ويثخن في جرح غائر (مرحلة الاقتتال مع الإرهاب) لم تشفَ منه بعد».

الروائي الفرنسي الجزائري كمال داود (حسابه بالإعلام الاجتماعي)

وكانت العلاقات بين البلدين معقَدة بما فيه الكفاية منذ الصيف الماضي، عندما سحبت الجزائر سفيرها من باريس؛ احتجاجاً على اعترافها بخطة الحكم الذاتي المغربية للصحراء، وحينها شجبت «قيام حلف بين الاستعمار القديم والجديد»، وتقصد البلدين، علماً أن العلاقات بين العاصمتين المغاربيتين مقطوعة رسمياً منذ 2021.

وفي الأصل، كان الخلاف الجزائري - الفرنسي مرتبطاً بـ«الذاكرة وأوجاع الاستعمار»، وهو ملف حال دون تطبيع العلاقات بينهما منذ استقلال الجزائر عام 1962. وقامت محاولات لإحداث «مصالحة بين الذاكرتين»، على إثر زيارة أداها ماكرون إلى الجزائر في أغسطس (آب) 2022، لكن «منغصات» كثيرة منعت التقارب في هذا المجال، منها مساعٍ أطلقها اليمين التقليدي واليمين المتشدد، خلال هذا العام، لإلغاء «اتفاق الهجرة 1968»، الذي يسيّر مسائل الإقامة والدارسة والتجارة و«لمّ الشمل العائلي»، بالنسبة للجزائريين في فرنسا.

وعدَّت الجزائر هذا المسعى بمثابة استفزاز لها من جانب كل الطبقة السياسية الفرنسية، حكومة وأحزاباً، حتى وإن لم يحققوا الهدف. ومما زاد العلاقات صعوبة، رفض فرنسا، منذ أشهر، طلباً جزائرياً لاسترجاع أغراض الأمير عبد القادر الجزائري، المحجوزة في قصر بوسط فرنسا، حيث عاش قائد المقاومة الشعبية ضد الاستعمار في القرن الـ19، أسيراً بين عامي 1848 و1852. وتسبب هذا الرفض في إلغاء زيارة للرئيس الجزائري إلى باريس، بعد أن كان تم الاتفاق على إجرائها خريف هذا العام.