الدينار العراقي يترنح تحت ضغط إجراءات أميركية ضد مصارف «الغسيل»

أطراف متضررة في {الإطار الشيعي} طلبت استجواب السوداني برلمانياً

صراف في سوق الكفاح ببغداد (أ.ف.ب)
صراف في سوق الكفاح ببغداد (أ.ف.ب)
TT

الدينار العراقي يترنح تحت ضغط إجراءات أميركية ضد مصارف «الغسيل»

صراف في سوق الكفاح ببغداد (أ.ف.ب)
صراف في سوق الكفاح ببغداد (أ.ف.ب)

تشهد أسواق العملة في العراق تراجعاً متسارعاً في قيمة الدينار المحلي، بعد أسابيع من إجراءات جديدة فرضها البنك الفيدرالي الأميركي على نظيره العراقي، منعت تحويلات مالية ومبيعات دولار لصالح مصارف وشركات متهمة بغسل الأموال لصالح جهات مسلحة.
ونتيجة لمنع هذه المصارف من التعامل بالدولار الأميركي، شح عرض العملة الصعبة في السوق ليقفز سعر صرفها إلى أكثر من 158 ألف دينار، وسط توقعات بأن يصل إلى حاجز الـ160 ألفاً قريباً، رغم تشاؤم خبراء اقتصاد عراقيين بأن الوضع في طريقه إلى المسار اللبناني. لكنَّ الفارق في الوضع العراقي، أن الأميركيين شددوا الرقابة على رؤوس الأموال والشركات التي تملك مصالح نشطة مع الفصائل المسلحة، ومع إيران التي تستخدم هذه الشركات للتكيف مع العقوبات الأميركية.
ولفهم تأثيرات الإجراءات الأميركية، فإن تطبيق نظام الرقابة الجديد على نافذة بيع الدولار في البنك المركزي خفض من كمية الدولار من 250 مليوناً إلى نحو 50 مليوناً في اليوم الواحد، خلال شهر واحد فقط.
وازداد الضغط السياسي على رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، الذي يجد نفسه عالقاً بين الإجراءات الأميركية وبين حالة السوق المتداخلة مع مصالح حلفاء وأحزاب شيعية في الإطار التنسيقي. وأمام السوداني احتمالية أن يواجه أعضاء مجلس النواب، بعد أن وقّع 55 نائباً طلباً لعقد جلسة طارئة حول أزمة الدولار، بطلب «الكشف عن الأسباب الحقيقية لارتفاع سعر الصرف»، وفقاً للنائب رائد المالكي.
وحسب مصادر عراقية، فإن بنوك عراقية لم تتمكن خلال الأسبوعين الماضيين من التكيف مع الشروط الأميركية لشراء الدولار المتعلقة بغسل الأموال والأصول المالية الموثوقة، لكنها حين تفعل ذلك وتعود إلى السوق سيتراجع سعر الصرف نسبياً. لكن الأزمة لا تتعلق بالمصارف التي تستطيع تقديم ضمانات سليمة، بل بالجهات التي يعتقد الأميركيون أنها تسرب الدولار لها على حساب حاجة سوق العراقيين.
وبدأت الأزمة حتى قبل تطبيق النظام المالي الجديد في البنك المركزي، حين أبلغ الأميركيون حكومة السوداني بأن صعود نفوذ الجناح السياسي المُقرَّب من طهران في مؤسسات الدولة يجب ألا يصل مداه إلى المؤسسات المالية السياسية، إلى جانب أجهزة أمنية حساسة مثل المخابرات.
وطُرحت هذه المشكلة خلال اجتماعات للإطار التنسيقي بحضور السوداني. وحسب مصادر موثوقة فإن أحزاب شيعية كانت ترى في الإجراءات الأمنية الجديدة استهدافاً لمصالح «الحرس الثوري» الإيراني و«حزب الله» اللبناني، وأن ما يحدث في سوق العملة يوازي في تأثيره الحرب على معارضي الوجود الأميركي وهجمات الطيران على مقرات «الحشد»، وفقاً لما ذكرته المصادر.


مقالات ذات صلة

الأمم المتحدة تحث دول جوار العراق على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث

المشرق العربي الأمم المتحدة تحث دول جوار العراق على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث

الأمم المتحدة تحث دول جوار العراق على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث

حثت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة لدى العراق، جينين هينيس بلاسخارت، أمس (الخميس)، دول العالم، لا سيما تلك المجاورة للعراق، على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث التي يواجهها. وخلال كلمة لها على هامش فعاليات «منتدى العراق» المنعقد في العاصمة العراقية بغداد، قالت بلاسخارت: «ينبغي إيجاد حل جذري لما تعانيه البيئة من تغيرات مناخية». وأضافت أنه «يتعين على الدول مساعدة العراق في إيجاد حل لتأمين حصته المائية ومعالجة النقص الحاصل في إيراداته»، مؤكدة على «ضرورة حفظ الأمن المائي للبلاد».

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي بارزاني: ملتزمون قرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل

بارزاني: ملتزمون قرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل

أكد رئيس إقليم كردستان العراق نيجرفان بارزاني، أمس الخميس، أن الإقليم ملتزم بقرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل، مشيراً إلى أن العلاقات مع الحكومة المركزية في بغداد، في أفضل حالاتها، إلا أنه «يجب على بغداد حل مشكلة رواتب موظفي إقليم كردستان». وأوضح، في تصريحات بمنتدى «العراق من أجل الاستقرار والازدهار»، أمس الخميس، أن الاتفاق النفطي بين أربيل وبغداد «اتفاق جيد، ومطمئنون بأنه لا توجد عوائق سياسية في تنفيذ هذا الاتفاق، وهناك فريق فني موحد من الحكومة العراقية والإقليم لتنفيذ هذا الاتفاق».

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي رئيس الوزراء العراقي: علاقاتنا مع الدول العربية بلغت أفضل حالاتها

رئيس الوزراء العراقي: علاقاتنا مع الدول العربية بلغت أفضل حالاتها

أعلن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني أن علاقات بلاده مع الدول العربية الشقيقة «وصلت إلى أفضل حالاتها من خلال الاحترام المتبادل واحترام سيادة الدولة العراقية»، مؤكداً أن «دور العراق اليوم أصبح رياديا في المنطقة». وشدد السوداني على ضرورة أن يكون للعراق «هوية صناعية» بمشاركة القطاع الخاص، وكذلك دعا الشركات النفطية إلى الإسراع في تنفيذ عقودها الموقعة. كلام السوداني جاء خلال نشاطين منفصلين له أمس (الأربعاء) الأول تمثل بلقائه ممثلي عدد من الشركات النفطية العاملة في العراق، والثاني في كلمة ألقاها خلال انطلاق فعالية مؤتمر الاستثمار المعدني والبتروكيماوي والأسمدة والإسمنت في بغداد.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي السوداني يؤكد استعداد العراق لـ«مساندة شركائه الاقتصاديين»

السوداني يؤكد استعداد العراق لـ«مساندة شركائه الاقتصاديين»

أكد رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني استعداد العراق لـ«مساندة شركائه الاقتصاديين»، داعياً الشركات النفطية الموقّعة على جولة التراخيص الخامسة مع العراق إلى «الإسراع في تنفيذ العقود الخاصة بها». جاء ذلك خلال لقاء السوداني، (الثلاثاء)، عدداً من ممثلي الشركات النفطية العالمية، واستعرض معهم مجمل التقدم الحاصل في قطاع الاستثمارات النفطية، وتطوّر الشراكة بين العراق والشركات العالمية الكبرى في هذا المجال. ووفق بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء، وجه السوداني الجهات المختصة بـ«تسهيل متطلبات عمل ملاكات الشركات، لناحية منح سمات الدخول، وتسريع التخليص الجمركي والتحاسب الضريبي»، مشدّداً على «ضرورة مراعا

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي مباحثات عراقية ـ إيطالية في مجال التعاون العسكري المشترك

مباحثات عراقية ـ إيطالية في مجال التعاون العسكري المشترك

بحث رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني مع وزير الدفاع الإيطالي غويدو كروسيتو العلاقات بين بغداد وروما في الميادين العسكرية والسياسية. وقال بيان للمكتب الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي بعد استقباله الوزير الإيطالي، أمس، إن السوداني «أشاد بدور إيطاليا في مجال مكافحة الإرهاب، والقضاء على عصابات (داعش)، من خلال التحالف الدولي، ودورها في تدريب القوات الأمنية العراقية ضمن بعثة حلف شمال الأطلسي (الناتو)». وأشار السوداني إلى «العلاقة المتميزة بين العراق وإيطاليا من خلال التعاون الثنائي في مجالات متعددة، مؤكداً رغبة العراق للعمل ضمن هذه المسارات، بما يخدم المصالح المشتركة، وأمن المنطقة والعالم». وبي

حمزة مصطفى (بغداد)

المحكمة الاتحادية العراقية تصادق نهائياً على نتائج الانتخابات البرلمانية

مبنى المحكمة الاتحادية العراقية (أرشيفية)
مبنى المحكمة الاتحادية العراقية (أرشيفية)
TT

المحكمة الاتحادية العراقية تصادق نهائياً على نتائج الانتخابات البرلمانية

مبنى المحكمة الاتحادية العراقية (أرشيفية)
مبنى المحكمة الاتحادية العراقية (أرشيفية)

أعلنت المحكمة الاتحادية العليا في العراق، الأحد، مصادقتها على النتائج النهائية للانتخابات البرلمانية العامة التي جرت في 11 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وبذلك تكون القوى والأحزاب الفائزة أمام تحدي حسم ملف تشكيل الحكومة خلال الشهرين المقبلين، وفقاً للتوقيتات الدستورية المحددة.

وذكر بيان للمركز الإعلامي للمحكمة أن «الاتحادية العليا» عقدت جلستها غير العلنية، الأحد، بحضور رئيسها القاضي منذر إبراهيم حسين، وكامل أعضائها، لـ«تدقيق النتائج النهائية للانتخابات العامة لعضوية مجلس النواب العراقي لعام 2025 (الدورة السادسة) المرسلة من المفوضية العليا المستقلة للانتخابات».

وأضاف البيان أن «المحكمة، ولدى التدقيق والمداولة، اتضح لها أن عملية الاقتراع العام لانتخابات أعضاء مجلس النواب العراقي قد استوفت متطلباتها الدستورية والقانونية».

وبالنظر إلى «عدم وجود ما يخل بصحتها»، واستناداً إلى أحكام الفقرة (سابعاً) من المادة (93) من دستور جمهورية العراق لسنة 2005، «قررت المحكمة الاتحادية المصادقة على النتائج النهائية للانتخابات العامة لعضوية مجلس النواب العراقي لعام 2025، الدورة الانتخابية السادسة، للفائزين الواردة أسماؤهم في القائمة المرفقة بكتاب المفوضية العليا المستقلة للانتخابات».

وأبلغ مسؤول في مفوضية الانتخابات «الشرق الأوسط» أن «المصادقة النهائية للمحكمة تعني عدم إمكانية إلغاء أصوات بعض المرشحين الذين ما زالت تثار حول فوزهم بمقعد برلماني بعض الأسئلة والاستفهامات».

ولا يزال النائب في الدورة البرلمانية المنتهية باسم خشان يلوِّح بإمكانية استبعاد رئيس حزب «تقدم»، محمد الحلبوسي، لكونه أقيل سابقاً من رئاسة البرلمان بقرار من المحكمة الاتحادية، مستنداً إلى اعترافات سابقة للحلبوسي تتعلق بقيامه بـ«تزوير» أوراق رسمية، وهي «جريمة مخلة بالشرف»، وفق خشان، ويرى أنه لا يجوز في ضوئها قبول المحكمة الاتحادية عضويته الجديدة في البرلمان.

وقررت المحكمة، حسب بيانها، «إشعار السلطات الثلاث بقرار المصادقة على النتائج النهائية للانتخابات العامة».

وأوضحت المحكمة أن القرار، الصادر بالعدد (235/اتحادية/2025) بتاريخ 14 ديسمبر (كانون الأول) 2025، جاء باتفاق أعضاء المحكمة، وهو قرار باتّ وملزم لجميع السلطات، استناداً إلى المادتين (93/سابعاً) و(94) من الدستور، والمادتين (4/سابعاً) و(5/ثانياً) من قانون المحكمة الاتحادية العليا رقم 30 لسنة 2005 المعدل بالقانون رقم 25 لسنة 2021.

الخطوات اللاحقة

وحسب التوقيتات الدستورية المفضية إلى تشكيل الحكومة الجديدة، فإن أمام الكتل والأحزاب السياسية الفائزة نحو شهرين للتصويت على الكابينة الوزارية الجديدة، بعد استكمال الخطوات المحددة في الدستور، التي تبدأ عقب مصادقة المحكمة الاتحادية على النتائج النهائية للانتخابات. وتتمثل أولى هذه الخطوات بدعوة رئيس الجمهورية الحالي عبد اللطيف رشيد، البرلمان الاتحادي للانعقاد خلال مدة 15 يوماً.

وحال انعقاد البرلمان ضمن هذه الفترة، يتولى أكبر الأعضاء سناً رئاسة الجلسة الأولى، التي يفترض أن يتم خلالها انتخاب رئيس البرلمان الجديد، ونائبيه، بأغلبية النصف زائد واحد من مجموع أعضاء البرلمان البالغ 329 نائباً.

ووفقاً للخطوات الدستورية اللاحقة، يتوجب على البرلمان انتخاب رئيس الجمهورية خلال مدة 30 يوماً وبأغلبية الثلثين (الأغلبية المطلقة 220 نائباً)، وهي الخطوة الأكثر صعوبة وتعقيداً بالنظر إلى الخلافات والانقسام السياسي بين القوى الفائزة حول المناصب الرئيسية، مما يجعل تأمين أغلبية الثلثين أمراً بالغ الصعوبة.

وفي ظل هذا الانقسام، يمكن لثلث أعضاء البرلمان، أو ما يعرف بـ«الثلث المعطل» البالغ نحو 109 مقاعد، إحباط عملية انتخاب رئيس الجمهورية كما حدث في الدورة السابقة.

وبعد تجاوز عقبة انتخاب رئيس الجمهورية الجديد، يقوم الأخير بتكليف «الكتلة الأكبر» في البرلمان، وهي في هذه الحالة كتلة «قوى الإطار التنسيقي» الشيعية، بتسمية رئيس الوزراء خلال 15 يوماً، على أن يتم تمرير كابينته الحكومية بتصويت أغلبية النصف زائد واحد.

ورغم وضوح التوقيتات الدستورية الخاصة بتشكيل الحكومة الجديدة، فإن الصراعات والخلافات السياسية كثيراً ما أدت إلى تأخير مراسم تشكيل الحكومات وتجاوز المدد الدستورية بأشهر طويلة. ففي انتخابات أكتوبر (تشرين الأول) 2021، تأخر تشكيل الحكومة نحو عام كامل قبل أن تنجح القوى السياسية في تجاوز خلافاتها والتصويت لحكومة رئيس الوزراء المنتهية ولايته محمد شياع السوداني في أكتوبر 2022.

ويتوقع معظم المراقبين أن تشهد الدورة الحالية التعقيدات نفسها وتجاوز المهل الدستورية، في ظل حالة الانقسام التي تعاني منها غالبية القوى السياسية، الشيعية والسُّنية والكردية.


«الإطار التنسيقي» العراقي على مشارف حسم مرشح رئاسة الوزراء

جانب من أحد اجتماعات قوى «الإطار التنسيقي» (وكالة الأنباء العراقية)
جانب من أحد اجتماعات قوى «الإطار التنسيقي» (وكالة الأنباء العراقية)
TT

«الإطار التنسيقي» العراقي على مشارف حسم مرشح رئاسة الوزراء

جانب من أحد اجتماعات قوى «الإطار التنسيقي» (وكالة الأنباء العراقية)
جانب من أحد اجتماعات قوى «الإطار التنسيقي» (وكالة الأنباء العراقية)

يستعد «الإطار التنسيقي» الشيعي في العراق لحسم اسم مرشحه لمنصب رئيس الوزراء خلال الساعات المقبلة، بالتزامن مع انتهاء حالة الترقب التي رافقت مصادقة المحكمة الاتحادية العليا على نتائج الانتخابات البرلمانية التي أجريت في الحادي عشر من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وأعلنت الدائرة الإعلامية للإطار التنسيقي أنه سيعقد، مساء الأحد، اجتماعاً يعتقد أنه سيتضمن التصويت على المرشح المتفق عليه لرئاسة الوزراء من بين عدد من الأسماء لم يعد يتجاوز أصابع اليد الواحدة.

وفيما لم تعلن القوى السنية مرشحها لرئاسة البرلمان، ولا القوى الكردية مرشحها لرئاسة الجمهورية، فإن المصادقة المتوقعة للمحكمة الاتحادية على النتائج دون تغييرات كبيرة، ستضع الجميع أمام الأمر الواقع، والمتمثل ببدء التوقيتات الدستورية الحاكمة، التي سيؤدي خرقها إلى تأخير تشكيل الحكومة لشهور مقبلة، بما يتجاوز المدد الدستورية التي قدرها رئيس مجلس القضاء الأعلى فائق زيدان بنحو 4 أشهر.

وفي هذا السياق، تعقد القوى السنية الأحد، اجتماعاً لحسم مرشحها لرئاسة البرلمان، وهو المنصب الذي يتنافس عليه عدد من الأسماء، يتقدمهم رئيس البرلمان السابق محمد الحلبوسي، ووزير الدفاع وزعيم كتلة «الحسم الوطني» ثابت العباسي، إضافة إلى زعيم تحالف «عزم» مثنى السامرائي، والقيادي في كتلة «السيادة» سالم العيساوي. وفي حال التوصل إلى اتفاق على اسم محدد، يتوجب طرحه على ما يُسمى «الفضاء الوطني» الممثل بالشيعة والكرد لنيل موافقتهم.

الخلافات قائمة

وفي المقابل، تشير آخر تحديثات الكتل الشيعية إلى أن القائمة الطويلة للمرشحين لمنصب رئيس الوزراء، التي كانت تضم نحو 40 اسماً، تقلصت إلى نحو 9 أسماء، يتقدمهم رئيس الوزراء الحالي محمد شياع السوداني، ورئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، ومدير جهاز المخابرات الوطني حميد الشطري، ورئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي، ومستشار الأمن القومي قاسم الأعرجي، فيما يطرح رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي مرشحَ ظل.

وأفاد مصدر مطلع لـ«الشرق الأوسط»، بأن «الخلافات لا تزال قائمة داخل قوى الإطار التنسيقي بشأن المرشح المحتمل لرئاسة الوزراء، بصرف النظر عن الشروط والمواصفات التي سبق أن ناقشتها اللجنة المكلفة داخل الإطار».

وأكد المصدر أن «تداول الأسماء المرشحة للمنصب ينطوي على كثير من المبالغة، سواء طالت القائمة أم قصرت، إذ لا يوجد عملياً سوى اسمين يتنافسان فعلياً على المنصب؛ وهما رئيس الوزراء الحالي محمد شياع السوداني، ورئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، بينما تطرح بقية الأسماء من قبل أطراف معينة، أو باعتبارها أسماء ظل، في حال تعذر التوافق على أحد الاسمين الرئيسيين».

وكشف المصدر أن «قوى الإطار التنسيقي بدأت تأخذ في الحسبان طبيعة الضغوط الخارجية، لا سيما الأميركية، التي لا ترغب في أن يكون رئيس الوزراء المقبل قريباً من قوى السلاح»، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن «الإطار يواجه تحديات داخلية تتمثل في الفصائل المسلحة التي لا تزال ترفض التخلي عن سلاحها، فضلاً عن نجاح بعض أجنحتها السياسية في فرض حضور تمثيلي داخل البرلمان الجديد».

بين سافايا والكتائب

وبينما يواصل المبعوث الرئاسي الأميركي مارك سافايا، مهاجمة الفصائل المسلحة، واضعاً شروطاً محددة لمن يتولى منصب رئيس الوزراء المقبل، هاجم المتحدث باسم كتائب «حزب الله» العراقية، أبو علي العسكري، سافايا، واصفاً تعيينه بأنه خطوة تأتي سعياً وراء «مكاسب ضيقة» في ظل ظرف إقليمي «بالغ التعقيد» تمر به المنطقة.

وقال العسكري، في بيان، إن «الشاب المغمور مارك سافايا الغارق في السلوكيات المنحرفة، عيّنه ترمب مبعوثاً له في العراق، سعياً وراء مكاسب ضيقة في ظرف إقليمي بالغ التعقيد تمر به المنطقة». وأشار إلى أن «كتائب (حزب الله) لن تتصدى لك، ففتية من هذا الشعب الغيارى يكفون، وهم كفيلون بأن يعيدوك صاغراً إلى حيث الانحطاط وتجارة الخمور والمخدرات».

واعتبر العسكري أن «الأجدر بالسياسيين والشخصيات العراقية، لا سيما من ارتدى منهم العمامة (...)، أن يتجنبوا التواصل مع هذا الخائن للعراق»، مهدداً بأن «الشعب سيعاملهم بوصفهم خونة وأدوات بيد المجرم ترمب»، على حد قوله.


لماذا يرفع لبنان سقف المواجهة السياسية مع إيران؟

الرئيس اللبناني جوزيف عون يتوسط رجي وعراقجي خلال زيارة وزير الخارجية الإيراني إلى بيروت في يونيو 2025 (أرشيفية - الرئاسة اللبنانية)
الرئيس اللبناني جوزيف عون يتوسط رجي وعراقجي خلال زيارة وزير الخارجية الإيراني إلى بيروت في يونيو 2025 (أرشيفية - الرئاسة اللبنانية)
TT

لماذا يرفع لبنان سقف المواجهة السياسية مع إيران؟

الرئيس اللبناني جوزيف عون يتوسط رجي وعراقجي خلال زيارة وزير الخارجية الإيراني إلى بيروت في يونيو 2025 (أرشيفية - الرئاسة اللبنانية)
الرئيس اللبناني جوزيف عون يتوسط رجي وعراقجي خلال زيارة وزير الخارجية الإيراني إلى بيروت في يونيو 2025 (أرشيفية - الرئاسة اللبنانية)

تشهد العلاقات بين بيروت وطهران مرحلة غير مسبوقة من التوتر، تعكس تحوّلاً واضحاً في مقاربة الدولة اللبنانية لملف العلاقة مع إيران، خصوصاً ما يتصل بسلاح «حزب الله» وحدود التدخل الإيراني في الشؤون الداخلية اللبنانية.

ولم يعد الأمر محصوراً في مواقف إعلامية أو تسريبات سياسية، بل برز عبر قرارات رسمية ومواقف صدرت عن أعلى المستويات في لبنان.

أبرز مؤشرات هذا التصعيد تمثل في موقف وزير الخارجية اللبناني يوسف رجّي، الذي رفض دعوة نظيره الإيراني عباس عراقجي لزيارة طهران، كما رفض عقد لقاء معه في دولة محايدة، وفق ما أعلن قبل أيام.

وكشف مصدر رسمي لبناني بارز لـ«الشرق الأوسط»، أن هذا الرفض «لا ينطلق من اعتبارات بروتوكولية أو شخصية، بل من موقف سياسي واضح، مفاده أن العلاقات اللبنانية - الإيرانية لا يمكن أن تستقيم إلا إذا كانت ندّية، وحصرت إيران تعاطيها مع الدولة اللبنانية ومؤسساتها الشرعيّة دون أي فريق آخر».

أرشيفية لوزير الخارجية اللبناني يوسف رجي وهو يستقبل نظيره الإيراني عباس عراقجي ببيروت في يونيو 2025 (إرنا)

جوهر الأزمة بين البلدين يتمثّل في الدعم الإيراني المطلق لـ«حزب الله»، وتعامل طهران معه كفصيل عسكري يتبع سلطة «الحرس الثوري»، وكقوة موازية للدولة اللبنانية تتجاوز مؤسساتها الشرعية في قرارات الحرب والسلم.

ويرى المصدر الرسمي، الذي يرفض ذكر اسمه، أن استمرار السياسة الإيرانية الحالية في التعاطي مع الملف اللبناني «يزيد من تعقيدات المشهد الداخلي، ويعرض لبنان لخطر حربٍ إسرائيلية جديدة، في ظل واقع إقليمي هشّ وعجز لبناني اقتصادي وعسكري لا يحتمل مغامرات إضافية».

لا يقتصر التشنّج القائم بين البلدين على موقف وزارة الخارجية اللبنانية، بل ظهر في تصريحات نُسبت إلى رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون قال فيها إنه رفض استقبال أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي لاريجاني خلال زيارته الأخيرة إلى بيروت.

وهذا الرفض، وفق المصدر الرسمي، يُعد «رسالة سياسية مباشرة، مفادها أن الدولة اللبنانية لم تعد تقبل بقنوات موازية أو علاقات خارج الأطر الرسمية والدستورية». ويشير إلى أن «هذا الموقف يمثّل الثابت للدولة اللبنانية، وعندما تغيّر طهران من مقاربتها للواقع اللبناني، نحن نرحّب بها، شرط أن تكون العلاقات بين المؤسسات الدستورية والرسمية نديّة وليست علاقات تبعيّة».

وذكّر المصدر الرسمي بأن الرئيس عون سبق له أن أبلغ رئيس مجلس الشورى الإيراني محمد باقر قاليباف، خلال زيارة الأخير للبنان ومشاركته في تشييع أمين عام «حزب الله» حسن نصر الله، أن لبنان «تعب من حروب الآخرين على أرضه، وآن للشعب اللبناني أن يرتاح من الحروب والمآسي»، في إشارة إلى أن «حرب الإسناد» التي فتحها «حزب الله» لمساندة غزّة هي قرار إيراني.

وفي آخر موقف إيراني حول العلاقة بين طهران وبيروت، قال إسماعيل بقائي المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، الأحد، إن «إيران تفضّل تجنب أي تصريحات من شأنها صرف لبنان عن التركيز على سيادته ووحدة أراضيه». وجدّد الدعوة «إلى أصدقائنا اللبنانيين للحوار»، قائلاً إن «الخطر الحقيقي الذي يهدد سيادة لبنان وكرامته يتمثّل في أطماع وهيمنة إسرائيل».

وأشار إلى أن إجراءات تعيين السفير الإيراني الجديد قد أُنجزت، معرباً عن الأمل في استكمال المسار المعتمد ومباشرته مهامه قريباً.

الرئيس اللبناني جوزيف عون مستقبلاً في شهر فبراير الماضي وفداً إيرانياً يضم رئيس مجلس الشورى الإيراني محمد باقر قاليباف ووزير الخارجية عباس عراقجي والسفير الإيراني لدى لبنان مجتبى أماني (الرئاسة اللبنانية)

مع العلم أن اتساع مساحة التباعد ما بين بيروت وطهران مبنيّ على تراكمات من التدخلات الإيرانية في الشأن اللبناني، ومواقف مسؤولين إيرانيين تعكس رؤية إيرانية تعتبر سلاح الحزب جزءاً من منظومة الأمن الإقليمي لطهران، وليس ملفاً سيادياً لبنانياً خالصاً.

مناصرون يحملون أعلام «حزب الله» اللبناني في بيروت (رويترز)

وسبق لعلي شمخاني، مستشار المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، أن أعلن صراحة أن «محاولات نزع سلاح (حزب الله) ستفشل»، معتبراً أن هذا السلاح هو «سلاح الشعب اللبناني للدفاع عن أرضه ضد إسرائيل»، ورافضاً أي نقاش حول تسليمه للدولة اللبنانية.

وأكد المصدر الرسمي اللبناني أن «المواقف الإيرانية تتناقض مع منطق الدولة اللبنانية التي تسعى إلى حصر السلاح بيد المؤسسات الشرعية، وتطبيق الدستور والقرارات الدولية». وشدد على أن «قرار حصر السلاح اتُّخذ ولا رجعة عنه، وهو يطبّق بدءاً من جنوب الليطاني. وكلّ الأصوات المعترضة في الداخل والخارج لن تغيّر شيئاً في سياسة الدولة التي اتخذت قراراً بفرض سلطتها وسيادتها على كلّ الأراضي اللبنانية».

ويعكس التوتر الحالي صراعاً عالي السقف ما بين مشروع الدولة اللبنانية الساعية إلى استعادة سيادتها وقرارها الحر، وبين المشروع الإيراني الذي يرى في لبنان ساحة متقدمة ضمن صراع أوسع مع إسرائيل والغرب.