مصريون يواجهون الغلاء بسخرية واستدعاء لـ«أسعار زمان»

وسط تعهدات حكومية بالرقابة على الأسواق

في متجر سوبرماركت بالمعادي (رويترز)
في متجر سوبرماركت بالمعادي (رويترز)
TT

مصريون يواجهون الغلاء بسخرية واستدعاء لـ«أسعار زمان»

في متجر سوبرماركت بالمعادي (رويترز)
في متجر سوبرماركت بالمعادي (رويترز)

ما بين السخرية عبر طرح أفكار غير منطقية حول «الاستغناء»، واستدعاء ذكريات «أسعار زمان»، تفاعلت قطاعات واسعة من المصريين مع موجة الغلاء وارتفاع أسعار السلع الأساسية بسخرية «لاذعة»، وسط تعهدات حكومية بالرقابة على الأسواق، وتحول هاشتاغ باسم #أنا_حضرت، الذي انتشر على نطاق واسع على صفحات التواصل الاجتماعي، إلى ما يشبه «سباقاً بين الأجيال»، عبر خلاله كل فريق عن معايشته لحقب مختلفة، ما أبرز الزيادات المتتالية في الأسعار.
ولاقى «أنا حضرت» تفاعلاً واسعاً من رواد مواقع التواصل الاجتماعي، وتحول إلى فرصة لاستعادة الذكريات واستدعاء لـ«أسعار زمان» ومقارنتها بالأسعار في الوقت الراهن، وعبر عن جانب ذلك ما كتبه المصري إسلام سلامة عبر صفحته الشخصية على «فيسبوك»: «أنا حضرت الفرخة المشوية بـ8 جنيهات»، ليرد عليه مواطنه بهاء إسماعيل بالقول «حضرت الفرخة المشوية بخمسة جنيهات». ويقدر الدولار بـ24.6 جنيه مصري بالمتوسط تقريباً في البنوك الرسمية.

وتوالت المشاركات التي تبرز اختلاف وزيادة سعر الفراخ المشوية من وقت لآخر، التي يصل سعرها في الوقت الراهن بالمطاعم إلى نحو مائتي جنيه، وكتب محمد بشير: «حضرت الفرخة المشوية بـ16 جنيهاً في التسعينات»، وفي إبراز للتباين كتبت الشيماء سلمان «حضرت الفرخة المشوية ومعاها عيش وأرز وسلطة بـ10 جنيهات»، وانتقلت إلى سلع أخرى «كنت أروح بجنيه للبقال، أجيب كيلو أرز وربع كيلو شعرية وكيلو سكر وورقة شاي، وأرجع معايا الباقي ريال (عشرين قرشاً)».
وفي مقابل استدعاء «أسعار زمان»، تحول هاشتاغ عن «الاستغناء»، الذي انتشر على صفحات التواصل تحت شعار «كل حاجة هتغلوها علينا هنعملها في البيت» إلى فرصة لاستعراض قدرة المصريين على السخرية وإطلاق النكات وسط الأزمات، وكتب محمود أمير عبر صفحته «روحت أحط بنزين لقيه غلي، قولت ما بدهاش، رحت جبت ديناصور ودفنته واستنيت عليه 6 ملايين سنة لحد ما تحول لوقود أحفوري، واستخرجت منه البترول وبنزين 92».

ويتراوح سعر البنزين في مصر ما بين 8 جنيهات إلى 10.75 جنيه، حسب نوعه، وفق لجنة التسعير التلقائي للمواد البترولية، التي تجتمع كل 3 شهور لتحديد السعر.
وانتقل محمود عساف إلى مشكلة اللحوم، وكتب ساخراً «روحت أجيب لحمة لقيت الكيلو بـ200 جنيه، قولت للبياع مش عايزه ناولني عضمة بـ10 جنيه، روحت البيت، غسلت العضمة كويس، وحطيتها في قصرية (إناء) زرع وعليها نص كوب ماء وربع كوب سباخ (سماد) ومرقة دجاج وورقتين لاوري، وسبتها في البلكونة، صحيت الصبح لقيت العضمة طرحت فخدة ضاني».
وتعد الدكتورة سامية خضر أستاذ الاجتماع بجامعة عين شمس، تلك السمات واحدة من «مكونات شخصية الشعب المصري، الذي يحول الأزمات إلى ضحكات»، مضيفة لـ«الشرق الأوسط» أن «تفاعل المصريين مع ارتفاع الأسعار مشابه للتفاعل السابق مع كل الأزمات بالفكاهة والسخرية، وهو ما يعكس قدرة على التعايش والتكيف، كما أن السخرية وسيلة اجتماعية للتنفيس عن الغضب من الواقع».
وتشهد مصر ارتفاعاً كبيراً في أسعار معظم السلع، وسط تعهدات حكومية بتشديد الرقابة على الأسواق، وسجل معدل تضخم الأسعار للمستهلك في المدن المصرية نسبة 18.7 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، مقابل 16.2 في المائة في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي وفقاً لـ«البنك المركزي المصري»، الذي عده «أعلى مستوى سجله التضخم في مصر منذ ديسمبر (كانون الأول) 2017».


مقالات ذات صلة

انخفاض معدل التضخم في تركيا للشهر السادس على التوالي

شؤون إقليمية انخفاض معدل التضخم في تركيا للشهر السادس على التوالي

انخفاض معدل التضخم في تركيا للشهر السادس على التوالي

انخفض معدل التضخّم في تركيا مجدداً في أبريل (نيسان) للشهر السادس على التوالي ليصل الى 43,68% خلال سنة، قبل أقل من أسبوعين على الانتخابات الرئاسية والتشريعية المقررة في البلاد.

«الشرق الأوسط» (أنقرة)
الاقتصاد «النقد الدولي» يدعو البنوك المركزية الأوروبية لعدم التوقف عن رفع أسعار الفائدة

«النقد الدولي» يدعو البنوك المركزية الأوروبية لعدم التوقف عن رفع أسعار الفائدة

قال مدير صندوق النقد الدولي لمنطقة أوروبا اليوم (الجمعة)، إنه يتعين على البنوك المركزية الأوروبية أن تقضي على التضخم، وعدم «التوقف» عن رفع أسعار الفائدة، حسبما أفادت «وكالة الصحافة الفرنسية». وأوضح ألفريد كامر، خلال إفادة صحافية حول الاقتصاد الأوروبي في استوكهولم، «يجب قتل هذا الوحش (التضخم).

«الشرق الأوسط» (استوكهولم)
الاقتصاد كبير الاقتصاديين في «بنك إنجلترا»: على البريطانيين القبول بصعوباتهم المالية

كبير الاقتصاديين في «بنك إنجلترا»: على البريطانيين القبول بصعوباتهم المالية

أكد كبير الاقتصاديين في «بنك إنجلترا»، اليوم (الثلاثاء)، أنه يتعين على البريطانيين القبول بتراجع قدرتهم الشرائية في مواجهة أزمة تكاليف المعيشة التاريخية من أجل عدم تغذية التضخم. وقال هيو بيل، في «بودكاست»، إنه مع أن التضخم نجم عن الصدمات خارج المملكة المتحدة من وباء «كوفيد19» والحرب في أوكرانيا، فإن «ما يعززه أيضاً جهود يبذلها البريطانيون للحفاظ على مستوى معيشتهم، فيما تزيد الشركات أسعارها ويطالب الموظفون بزيادات في الرواتب». ووفق بيل؛ فإنه «بطريقة ما في المملكة المتحدة، يجب أن يقبل الناس بأن وضعهم ساء، والكف عن محاولة الحفاظ على قدرتهم الشرائية الحقيقية».

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم المغرب: حزب معارض ينسق مع اتحاد عمالي لمواجهة تداعيات غلاء الأسعار

المغرب: حزب معارض ينسق مع اتحاد عمالي لمواجهة تداعيات غلاء الأسعار

أعلن كل من «حزب التقدم والاشتراكية» المغربي (معارضة برلمانية)»، و«الاتحاد المغربي للشغل»؛ أعرق اتحاد عمالي في المغرب، التنسيق بينهما في ظل الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية الصعبة التي يعاني منها المواطنون في ظل موجة الغلاء. وقال بيان مشترك للهيئتين، صدر الثلاثاء إثر اجتماع بين قيادتيهما، إنه جرى الاتفاق على تشكيل لجنة مشتركة بينهما لتتبع «التنسيق الثنائي في جميع المبادرات المستقبلية» التي تروم الدفاع عن قضايا الطبقة العاملة المغربية وعموم المواطنات والمواطنين. واتفق الطرفان أيضاً على التنسيق داخل البرلمان بغرفتيه في جميع القضايا «دفاعاً عن مصالح العمال وكافة الجماهير الشعبية».

«الشرق الأوسط» (الرباط)
الاقتصاد تكهنات حول تخفيض قيمة الجنيه تشغل المصريين

تكهنات حول تخفيض قيمة الجنيه تشغل المصريين

يترقب المصريون تقارير دولية وتصريحات لمسؤولين اقتصاديين، يعتبرها مراقبون مؤشراً محتملاً على إقدام البلاد على خفض جديد لقيمة الجنيه، خلال الفترة المقبلة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

مصر موقنة بـ«حتمية» عودة الملاحة لطبيعتها في قناة السويس

سفينة تحمل حاويات تمر عبر قناة السويس المصرية (هيئة قناة السويس)
سفينة تحمل حاويات تمر عبر قناة السويس المصرية (هيئة قناة السويس)
TT

مصر موقنة بـ«حتمية» عودة الملاحة لطبيعتها في قناة السويس

سفينة تحمل حاويات تمر عبر قناة السويس المصرية (هيئة قناة السويس)
سفينة تحمل حاويات تمر عبر قناة السويس المصرية (هيئة قناة السويس)

توقن مصر بـ«حتمية» عودة حركة الملاحة في قناة السويس إلى طبيعتها، بصفتها «الخيار الأول» لشركات الشحن العالمية، في حال استقرار الأوضاع في المنطقة.

وأقر رئيس هيئة قناة السويس، الفريق أسامة ربيع، في كلمته خلال الاحتفال بذكرى «اليوم البحري العالمي»، مساء السبت، تحت شعار «الملاحة في بحار المستقبل: السلامة أولاً»، بأن «الأوضاع الراهنة والتحديات غير المسبوقة التي تشهدها منطقة البحر الأحمر تُلقي بظلالها على معدلات الملاحة بقناة السويس».

وأشار إلى «انخفاض أعداد السفن المارة بالقناة من 25887 سفينة خلال العام المالي 2022 - 2023 إلى 20148 سفينة خلال العام المالي 2023 - 2024».

ولفت ربيع إلى «تراجع إيرادات القناة من 9.4 مليار دولار خلال العام المالي 2022 - 2023 إلى 7.2 مليار دولار خلال 2023 - 2024». مضيفاً أن «إحصائيات الملاحة بالقناة منذ بداية العام الحالي حتى الآن سجلت انخفاضاً في أعداد السفن المارة بالقناة بنسبة 49 في المائة، وانخفاض الإيرادات المحققة بنسبة قدرها 60 في المائة، مقارنةً بالمعدلات المحققة خلال ذات الفترة من العام الماضي»، مرجعاً السبب إلى «اتخاذ عديد من السفن طرقاً بديلة في ظل التحديات الأمنية في المنطقة».

وأشار رئيس هيئة قناة السويس إلى «تأثير التداعيات السلبية للأوضاع الراهنة في المنطقة على استدامة واستقرار سلاسل الإمداد العالمية، وما ترتب عليها من تحديات ملاحية واقتصادية تمثلت في تجنب الإبحار في المنطقة، واتخاذ طرق ملاحية بديلة بعيداً عن قناة السويس».

وقال ربيع: «أدى ذلك إلى ارتفاع تكاليف الشحن وزيادة رسوم التأمين البحري، إضافةً إلى تحديات أمنية وبيئية ومخاوف من حدوث تسرب للنفط وللمواد الكيميائية وتهديد الحياة البحرية».

ومنذ نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، غيَّرت شركات شحن عالمية مسارها، متجنبةً المرور في البحر الأحمر، إثر استهداف جماعة «الحوثي» اليمنية، السفن المارة بالممر الملاحي، «رداً على استمرار الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة».

وسبق أن أشارت مصر مراراً إلى تأثر حركة الملاحة بقناة السويس بالتوترات الإقليمية. وقال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الأحد الماضي، إن «بلاده فقدت ما بين 50 في المائة إلى 60 في المائة، من دخل قناة السويس، بما قيمته أكثر من 6 مليارات دولار خلال الأشهر الثمانية الماضية».

ولمواجهة التحديات أوضح ربيع، في كلمته، أن «قناة السويس عكفت على فتح خطوط اتصال مباشرة مع الأطراف المعنية كافة، عبر عقد لقاءات موسعة مع كل المؤسسات البحرية الدولية والخطوط الملاحية، والتشاور مع العملاء حول تداعيات الأزمة الراهنة»، مشيراً إلى أن تلك اللقاءات «شهدت طرح الرؤى المحتملة لمواجهة التحديات المختلفة المرتبطة بالأزمة في محاولة لتقليل تأثيرها على حركة التجارة العالمية».

وقال ربيع: «خلصت نتائج المباحثات المشتركة مع العملاء إلى عدم وجود بديل مستدام للقناة على المدى المتوسط أو البعيد»، لافتاً في هذا الصدد إلى ما أكده أكبر الخطوط الملاحية بأن «قناة السويس ستظل الخيار الأول، وأن عودتهم حتمية للعبور عبر القناة فور استقرار الأوضاع في المنطقة».

وشهدت الفترة الماضية اتصالات مصرية مكثفة مع شركات الشحن أو قادة المجتمع الدولي لوضع حد لتوترات البحر الأحمر، كما أعلنت هيئة قناة السويس حوافز تسويقية وتخفيضات لتنشيط حركة الملاحة وتجاوز تداعيات تراجع الإيرادات.

وقال ربيع إن «قناة السويس بذلت جهوداً نحو تنويع مصادر الدخل، وتلبية متطلبات المرحلة الراهنة عبر تقديم حزمة متنوعة من الخدمات الملاحية الجديدة التي لم تكن متاحة من قبل؛ مثل خدمات التزود بالوقود في مدخلي القناة الشمالي والجنوبي، وخدمات مكافحة التلوث وإزالة المخلفات الصلبة والسائلة من السفن، فضلاً عن خدمات الإنقاذ البحري وصيانة وإصلاح السفن في الترسانات التابعة للهيئة وغيرها».

وتعد قناة السويس أحد المصادر الرئيسية للعملة الصعبة في مصر، وسبق وتوقع «البنك الدولي»، في أبريل (نيسان) الماضي، أن «يتسبب استمرار الأزمة في خسائر بنحو 3.5 مليار دولار في العائدات الدولارية لمصر، أي ما يعادل 10 في المائة من صافي الاحتياطيات الدولية في البلاد».

ورغم اتفاقه على «حتمية» عودة الملاحة في قناة السويس لطبيعتها فور استقرار الأوضاع، أشار الخبير الاقتصادي الدكتور مصطفى بدرة، إلى أن «الأمر لن يكون بهذه السهولة». وقال لـ«الشرق الأوسط» إنه «لو توقفت الحرب اليوم، فإن عودة الملاحة لطبيعتها في السويس قد تستغرق فترة تصل إلى عامين».

وأوضح بدرة أن «الأمر مرتبط بتقييم شركات الشحن الكبرى للمخاطر وهو أمر لا يحدث بين يوم وليلة»، مشيراً إلى أن «تداعيات حرب غزة الاقتصادية على قناة السويس كانت متوقَّعة حتى قبل بدء هجمات (الحوثي)، لا سيما مع عدم الاستقرار السياسي في المنطقة».

وأشار الخبير الاقتصادي إلى أن أي جهود تُبذل لمواجهة التداعيات سواء من قبيل تخفيضات الرسوم أو تقديم خدمات جديدة في قناة السويس «لن تستطيع الحد من الخسائر»، وذلك لأن «النشاط الرئيسي للقناة هو عبور سفن الشحن، أما باقي الأنشطة فيدخل في نطاق ما يستجد من أعمال»، محذراً من «استمرار نزيف الخسائر لا سيما مع اتساع نطاق الحرب في المنطقة، وعدم وجود أفق واضح لحل الصراع حتى الآن».