حمادة لـ«الشرق الأوسط»: الشغور الرئاسي سيمتدّ لأشهر طويلة

النائب مروان حمادة (تويتر)
النائب مروان حمادة (تويتر)
TT

حمادة لـ«الشرق الأوسط»: الشغور الرئاسي سيمتدّ لأشهر طويلة

النائب مروان حمادة (تويتر)
النائب مروان حمادة (تويتر)

يبدو أن الشغور الرئاسي في لبنان مستمرّ لأشهر طويلة، في ظلّ انسداد الأفق الداخلي، وغياب الحلول للملفّات الإقليمية المعقّدة بما يرتدّ سلباً على لبنان، وما يزيد في ضبابية المشهد اقتراب المفاوضات النووية الإيرانية من الانهيار، وهو ما ينذر بتدويل الأزمة اللبنانية، وثمّة قلق من أن يساق لبنان إلى هذا المؤتمر على وقع حدث أمني كبير تصعب السيطرة عليه، وهو ما عبّر عنه عضو كتلة «اللقاء الديمقراطي» النائب مروان حمادة، الذي شرّح الأزمة اللبنانية ببعديها الداخلي والخارجي، وعلى رأسها معضلة الشغور في رئاسة الجمهورية، وعجز الكتل النيابية عن وضع حدّ لها.
وكما أن الجلسات العشر التي انعقدت في البرلمان لانتخاب الرئيس العتيد كانت بلا جدوى، فإن تفعيل الاتصالات واللقاءات السياسية لن تفضي إلى نتيجة، ويقول حمادة في مقابلة مع «الشرق الأوسط»، إن «ظروف انتخاب رئيس للجمهورية لم تنضج؛ لا داخلياً ولا خارجياً، اللقاءات غير المعهودة التي بدأت تبرز في الأيام الماضية كما حصل في زيارة (رئيس التيار الوطني الحرّ) جبران باسيل لـ(رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب السابق) وليد جنبلاط، لن تقود إلى حلّ، لذلك نرى أن كلّ طرف يغرّد خارج الأجواء العامة التي تدلّ على أن تعقيدات الوضع الإقليمي على حاله».
وبانتظار حسم كثير من العناوين الخلافية، ومنها ما يرتبط بعلاقة «حزب الله» مع المجتمع اللبناني، أو بعلاقة التيار الوطني الحرّ والمكونات السياسية الأخرى، فإن الحراك الداخلي لا معنى له، على حدّ تعبير النائب مروان حمادة الذي شدد على أن «ورقة المبادئ الرئاسية التي يسوّقها جبران باسيل ليست إلّا تمنيات لاستمرار العهد العوني، والإبقاء على الصلاحيات التي انتزعها من المؤسسات الدستورية والقضائية والعسكرية». ورأى أن «طرح عدد من الأسماء المرشّحة لا يعني أن الاستحقاق الرئاسي يتقدم». وأضاف: «هناك أسئلة ملحّة تحتاج لأجوبة: ما موقف المرشحين من الخطة الدفاعية التي تجنّب لبنان السقوط مجدداً في حرب أهلية؟ هل يقدر الرئيس العتيد على إقناع (حزب الله) بالانخراط في المؤسسات الشرعية عبر العمل السياسي والبرلماني والاجتماعي؟ هل (حزب الله) جاد بوقف التعدي على الدولة ومن خلالها على كلّ المكونات اللبنانية الأخرى؟». واعتبر أن هناك «استحالة طالما أن قرار الحزب في طهران، وطالما أنه غير مقتنع بالعودة إلى لبنان»، مشدداً على أنه «إذا لم يغيّر (حزب الله) مساره فسيظلّ يستخدم فائض القوّة عبر المجيء برئيس للجمهورية وفرض رئيس للحكومة وتشكيل الحكومة التي تناسبه والاستحصال على الثلث المعطل فيها، وسيبقى الشلل يضرب المؤسسات ويعطل القضاء».
التعويل على تحرّك إقليمي ودولي محوره فرنسا، الذي ترجم بمساعٍ بذلها الرئيس إيمانويل ماكرون مع قيادات لبنانية ودول معنية بالملفّ اللبناني، مبالغ فيه، بحسب حمادة الذي أكد أن «ماكرون لا يستطيع حلّ أزمة الفراغ الرئاسي بالتمنيات ولا بالتلويح بالعقوبات (ضدّ شخصيات سياسية وحزبية تعطّل الاستحقاق)». وقال: «إذا أرادت الدول الكبرى فرض الحلّ في لبنان فيمكنها ذلك، عبر إيصال رسائل حاسمة إلى إيران وإرغامها على تغيير سلوكها». وعمّا إذا كانت هذه الرسائل تعني التهديد بعمل عسكري، استبعد حمادة اللجوء إلى هذا الخيار، ولفت إلى «إمكانية إيصال رسائل قوية ومؤثرة عبر زيادة العزلة الإيرانية وتعزيز العقوبات عليها وإجبارها على وقف الاعتداء على محيطها»، معتبراً أن «إيران تخوض منذ سنوات حرباً على دول الجوار تماماً، كما الحرب التي تشنّها روسيا على أوكرانيا».
وعمّا إذا كانت مطالبة البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي بعقد مؤتمر دولي تشكّل حلاً للأزمة اللبنانية، قال عضو «اللقاء الديمقراطي»: «لا يبدو أن ظروف المؤتمر الدولي متوفرة حالياً، لكن الخوف أن يُفرض هذا المؤتمر على وقع حدث أمني كبير تصعب السيطرة عليه، قد نذهب إليه مكرهين». ورأى أن «البطريرك الراعي محقّ بأن لبنان يحتاج إلى مؤتمر يترجم توافقاً دولياً، لأن بلدنا يواجه الآن خطراً وجودياً حقيقياً».
وتتحدّث معلومات عن لقاءات يعقدها مسؤولون في «حزب الله» مع شخصيات مسيحية تمهّد لترتيب علاقاته معها ومع أحزاب مناوئة لسياسته، خصوصاً بعد تصدّع علاقته بالتيار الوطني الحرّ، ردّ حمادة بأن «مشكلة حزب الله ليست مع المسيحيين فحسب، بل مع غالبية المجتمع اللبناني». وتابع: «حتى القسم الأكبر من الشيعة ممتعض من سياسة الحزب، ويضيق ذرعاً من إمساكه بمفاصل الدولة وتشريع البلاد على الفلتان، لا سيما عمليات التهريب على الحدود، خصوصاً تهريب الكبتاغون». وشدد على أنه «لا سيادة بلا إصلاحات، وبلا قرار واحد يكون بيد الدول ومؤسساتها الشرعية».
أما عن استحالة فصل الأزمة اللبنانية عن الملفات الإقليمية المستعصية، يلفت حمادة إلى أن «الثقة شبه مفقودة بمفاوضات الملفّ النووي الإيراني، كما أن الثقة مفقودة من إمكان إقامة شراكة إيرانية مع دول المنطقة في ظلّ توسّع وجودها في المنطقة عبر الأذرع العسكرية مثل (حزب الله) في لبنان والحشد الشعبي في العراق والنظام السوري في دمشق والحوثيين في اليمن، وهي 4 أدوات قاتلة، وللمفارقة فإن إيران لا تمارس أي ضغط على إسرائيل، بل على الدول العربية وتسعى لزعزعة أمنها». ولفت إلى أن «المؤشرات الأولى لمؤتمر عمّان لم تعطِ أي نتيجة، فالمبادرة العراقية بين إيران ومصر ليست إلا تمنيات، والحوار السعودي - الإيراني تراجع عمّا كان عليه السابق». وتوقف حمادة عند اللغط الكبير الذي يحيط بالعلاقات التركية ـ الإيرانية ـ الروسية، في ظلّ حرب أوكرانيا، والالتزام الأميركي بالملفّ الأوكراني، وهذا يبيّن أن لا رئاسة في لبنان قبل أشهر طويلة، وربما يصبح رهينة كلّ هذه الملفات».


مقالات ذات صلة

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

المشرق العربي رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

تُوفّي الموسيقار اللبناني إيلي شويري، عن 84 عاماً، الأربعاء، بعد تعرُّضه لأزمة صحية، نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث فارق الحياة. وأكدت ابنته كارول، لـ«الشرق الأوسط»، أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعلم به العائلة، وأنها كانت معه لحظة فارق الحياة.

فیفیان حداد (بيروت)
المشرق العربي القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

وجّه المجلس التأديبي للقضاة في لبنان ضربة قوية للمدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، عبر القرار الذي أصدره وقضى بطردها من القضاء، بناء على «مخالفات ارتكبتها في إطار ممارستها لمهمتها القضائية والتمرّد على قرارات رؤسائها والمرجعيات القضائية، وعدم الامتثال للتنبيهات التي وجّهت إليها». القرار التأديبي صدر بإجماع أعضاء المجلس الذي يرأسه رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، وجاء نتيجة جلسات محاكمة خضعت إليها القاضية عون، بناء على توصية صدرت عن التفتيش القضائي، واستناداً إلى دعاوى قدمها متضررون من إجراءات اتخذتها بمعرض تحقيقها في ملفات عالقة أمامها، ومخالفتها لتعليمات صادرة عن مرجع

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن فرص انتخاب مرشح قوى 8 آذار، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «باتت معدومة»، مشيراً إلى أن الرهان على الوقت «لن ينفع، وسيفاقم الأزمة ويؤخر الإصلاح». ويأتي موقف جعجع في ظل فراغ رئاسي يمتد منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث فشل البرلمان بانتخاب رئيس، وحالت الخلافات السياسية دون الاتفاق على شخصية واحدة يتم تأمين النصاب القانوني في مجلس النواب لانتخابها، أي بحضور 86 نائباً في دورة الانتخاب الثانية، في حال فشل ثلثا أعضاء المجلس (86 نائباً من أصل 128) في انتخابه بالدورة الأولى. وتدعم قوى 8 آذار، وصول فرنجية إلى الرئاسة، فيما تعارض القوى المسيحية الأكثر

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

جدد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، تأكيد موقف المملكة من الاستحقاق الرئاسي اللبناني بوصفه «شأناً سياسياً داخلياً لبنانياً»، حسبما أعلن المتحدث باسم البطريركية المارونية في لبنان بعد لقاء بخاري بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، بدأ فيه السفير السعودي اليوم الثاني من جولته على قيادات دينية وسياسية لبنانية. وفي حين غادر السفير بخاري بكركي من دون الإدلاء بأي تصريح، أكد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض، أن بخاري نقل إلى الراعي تحيات المملكة وأثنى على دوره، مثمناً المبادرات التي قام ويقوم بها في موضوع الاستحقاق الرئاسي في سبيل التوصل إلى توافق ويضع حداً للفراغ الرئا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

تأتي جولة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية في سياق سؤالها عن الخطوات المطلوبة لتفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان بانتهاء ولاية رياض سلامة في مطلع يوليو (تموز) المقبل في حال تعذّر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أن تحرك السفيرة الأميركية، وإن كان يبقى تحت سقف حث النواب على انتخاب رئيس للجمهورية لما للشغور الرئاسي من ارتدادات سلبية تدفع باتجاه تدحرج لبنان من سيئ إلى أسوأ، فإن الوجه الآخر لتحركها يكمن في استباق تمدد هذا الشغور نحو حاكمية مصرف لبنان في حال استحال عل

محمد شقير (بيروت)

لبنان: بري يدعو إلى جلسة انتخاب رئيس للجمهورية في 14 يونيو

رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري (د.ب.أ)
رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري (د.ب.أ)
TT

لبنان: بري يدعو إلى جلسة انتخاب رئيس للجمهورية في 14 يونيو

رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري (د.ب.أ)
رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري (د.ب.أ)

قالت محطة «إم تي في» اللبنانية، اليوم (الاثنين)، إن رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري دعا إلى جلسة انتخاب رئيس للجمهورية في 14 يونيو (حزيران) الحالي.

وتأتي دعوة بري بعد أقل من 24 ساعة على إعلان المعارضة ترشحيها الوزير السابق جهاد أزعور للرئاسة.

وقالت المعارضة في بيان: «توصلنا نتيجة الاتصالات المكثفة على اسم جهاد أزعور كاسم وسطي غير استفزازي لأي فريق في البلاد تتوافق عليه كتل من ضمنها (لبنان القوي)».

الوزير السابق جهاد أزعور (رويترز)

ودعت المعارضة بري إلى عقد جلسة لانتخاب رئيس للجمهورية «فوراً في جلسات متتالية».


إسرائيل تعتقل 15 فلسطينياً شرق رام الله

جنود إسرائيليون وشرطة الحدود حيث قام المستوطنون الإسرائيليون بإحراق سيارات فلسطينية وحقول قمح في قرية المغير بالقرب من مدينة رام الله بالضفة الغربية في 26 مايو الماضي (أ.ب)
جنود إسرائيليون وشرطة الحدود حيث قام المستوطنون الإسرائيليون بإحراق سيارات فلسطينية وحقول قمح في قرية المغير بالقرب من مدينة رام الله بالضفة الغربية في 26 مايو الماضي (أ.ب)
TT

إسرائيل تعتقل 15 فلسطينياً شرق رام الله

جنود إسرائيليون وشرطة الحدود حيث قام المستوطنون الإسرائيليون بإحراق سيارات فلسطينية وحقول قمح في قرية المغير بالقرب من مدينة رام الله بالضفة الغربية في 26 مايو الماضي (أ.ب)
جنود إسرائيليون وشرطة الحدود حيث قام المستوطنون الإسرائيليون بإحراق سيارات فلسطينية وحقول قمح في قرية المغير بالقرب من مدينة رام الله بالضفة الغربية في 26 مايو الماضي (أ.ب)

أفادت مصادر فلسطينية باعتقال القوات الإسرائيلية، اليوم الاثنين، 15 مواطناً من قرية المغير شرق رام الله بالضفة الغربية.

ونقلت وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية (وفا) اليوم عن المصادر قولها إن «قوات الاحتلال تواصل إغلاق المدخلين الرئيسيين للقرية، وتمنع المواطنين من الدخول إليها أو الخروج منها، مما يضطرهم إلى سلوك طرق ترابية وعرة للوصول إلى أماكن عملهم التي لا تستطيع عبورها سوى مركبات الدفع الرباعي».

وقال رئيس مجلس قروي المغير أمين أبو عليا، إن «المدخل الشرقي للقرية مغلق بشكل كامل، فيما تغلق قوات الاحتلال المدخل الغربي بشكل يومي بين السادسة والنصف صباحاً والثانية ظهراً».

وكانت القوات الإسرائيلية أغلقت مدخلي القرية لمدة 19 يوماً متواصلة، وفتحت المدخل الغربي يوم الخميس الماضي، وأبقت على المدخل الشرقي مغلقاً.

بدورها، أفادت دائرة الأوقاف الإسلامية بالقدس باقتحام عشرات المستوطنين المتطرفين، صباح اليوم، المسجد الأقصى المبارك، من جهة باب المغاربة بحراسة مشددة من الشرطة الإسرائيلية، ونظموا جولات استفزازية في باحاته، وأدوا طقوساً تلمودية في منطقة باب الرحمة.

ووفق وكالة الصحافة الفلسطينية(صفا)، «نشرت شرطة الاحتلال منذ الصباح، عناصرها ووحداتها الخاصة في باحات الأقصى وعند أبوابه، لتأمين اقتحامات المتطرفين».


أزعور مرشح المعارضة اللبنانية رسمياً


معوض يعلن انسحابه في حضور نواب المعارضة الذين أجمعوا على ترشيح جهاد أزعور (الشرق الأوسط)
معوض يعلن انسحابه في حضور نواب المعارضة الذين أجمعوا على ترشيح جهاد أزعور (الشرق الأوسط)
TT

أزعور مرشح المعارضة اللبنانية رسمياً


معوض يعلن انسحابه في حضور نواب المعارضة الذين أجمعوا على ترشيح جهاد أزعور (الشرق الأوسط)
معوض يعلن انسحابه في حضور نواب المعارضة الذين أجمعوا على ترشيح جهاد أزعور (الشرق الأوسط)

أعلنت المعارضة اللبنانية رسمياً، أمس (الأحد)، ترشيحها الوزير السابق جهاد أزعور للرئاسة اللبنانية، في وجه مرشح «حزب الله»، رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية.

وتضم المعارضة حزبي «القوات اللبنانية» و«الكتائب اللبنانية»، ومجموعة من النواب المستقلين والسياديين ممن يعارضون «حزب الله» وترشيح فرنجية للرئاسة. وانضمَّ إليهم «التيار الوطني الحر»، الذي يترأسه النائب جبران باسيل، في رفض وصول فرنجية.

وأعلن النائب ميشال معوض في مؤتمر صحافي سحب ترشيحه، ثم تلا بيان ترشيح أزعور، وجاء فيه: «توصلنا، نتيجة الاتصالات المكثفة، إلى اسم أزعور بوصفه اسماً وسطياً غير استفزازي لأي فريق في البلاد تتوافق عليه كتل من ضمنها (لبنان القوي)».

ولم يحسم اتفاق المعارضة مع «التيار الوطني» على ترشيح أزعور للرئاسة، إنهاء أزمة الشغور الرئاسي، وسط رفض ثنائي «حزب الله» و«حركة أمل» ترشيحه..


تركة الحرب تقوّض انتعاشة القمح في سوريا

حقول قمح في شمال شرقي سوريا (الشرق الأوسط)
حقول قمح في شمال شرقي سوريا (الشرق الأوسط)
TT

تركة الحرب تقوّض انتعاشة القمح في سوريا

حقول قمح في شمال شرقي سوريا (الشرق الأوسط)
حقول قمح في شمال شرقي سوريا (الشرق الأوسط)

بعد مواسم جفاف متعاقبة، شهد حصاد القمح في سوريا هذا العام انتعاشة كبيرة. لكن تفاوت الأسعار بين مناطق النفوذ التي رسمتها الحرب السورية حرمت بعض المزارعين من قطف ثمار الموسم المزدهر.وتلقى الأسعار التي تقدمها الحكومة لشراء المحاصيل اعتراضاً كبيراً من المزارعين الذين يقولون إن «أسعار العام الماضي كانت أفضل»، خصوصاً في ظل التراجع الكبير في سعر صرف الليرة السورية أمام الدولار الأميركي. وترصد «الشرق الأوسط» ملف القمح في سوريا عبر 3 تقارير تغطي الحسكة بشمال شرقي البلاد حيث «الإدارة الذاتية» التي تهيمن عليها «قوات سوريا الديمقراطية»، وإدلب حيث «حكومة الإنقاذ» التابعة لـ«هيئة تحرير الشام» في شمال غربي سوريا، ودمشق حيث مقر الحكومة السورية.

وكانت الحرب قد أنهت الاكتفاء الذاتي من القمح وجعلت المحصول متبايناً وفق مناطق السيطرة. وحافظت سوريا على الاكتفاء حتى سنة 2011؛ إذ سُجل عام 2006 أعلى رقم في إنتاج القمح بمقدار 4.9 مليون طن، غير أنه في عام 2021 سجلت أدنى إنتاج بعد عامين من الجفاف، بلغ نحو 100 ألف طن.

وفي ظل الموسم الجيد العام الحالي، أثار قرار الحكومة بخصوص تسعيرة القمح، استغراب المزارعين وحنقهم، فيما أفادت وسائل إعلام محلية بإجماع فروع «الاتحاد العام للفلاحين» في المحافظات على «عدم عدالة التسعيرة». وفي وقت طالبت فيه لجنة الزراعة العليا بإعادة النظر فيها ورفعها إلى 3 آلاف ليرة للكيلو الواحد حداً أدنى، حذّر رئيس «مكتب التسويق والتصنيع» في «اتحاد الفلاحين» من «عزوف الفلاحين في الموسم المقبل عن زراعة هذا المحصول الاستراتيجي، واستبدال زراعات توفر دخلاً أفضل لهم به».

اعتراض المزارعين ليس وحده ما تواجهه الحكومة السورية لتأمين حاجة البلاد من القمح؛ فمناطق واسعة تقع خارج سيطرتها؛ سواء أكانت في شمال شرقي البلاد أم في شمالها الغربي. والجهات الحاكمة في هذه المناطق هي التي تتحكم إلى حد بعيد في المحاصيل.


دبلوماسيون أوروبيون في غزة من أجل «إعادة الإعمار»

منزل مدمّر جرّاء غارات إسرائيلية في غزة (رويترز)
منزل مدمّر جرّاء غارات إسرائيلية في غزة (رويترز)
TT

دبلوماسيون أوروبيون في غزة من أجل «إعادة الإعمار»

منزل مدمّر جرّاء غارات إسرائيلية في غزة (رويترز)
منزل مدمّر جرّاء غارات إسرائيلية في غزة (رويترز)

زار وفد من سفراء وقناصل الاتحاد الأوروبي غزة، الأحد، للاطلاع على احتياجات إعادة الإعمار في القطاع.

وتُعد هذه أول زيارة لوفد دبلوماسي أوروبي إلى غزة منذ انتهاء موجة التوتر الأخيرة بين فصائل فلسطينية وإسرائيل في الفترة بين 9 و13 مايو (أيار) الماضي.

وتفقَّد الوفد عدداً من المنازل المدمَّرة بفعل هجمات إسرائيل؛ بينها منزل عائلة نباهين المكونة من أكثر من 100 فرد، ومن بينهم 9 من ذوي الاحتياجات الخاصة.

من جهته، قال ممثل الاتحاد الأوروبي في الأراضي الفلسطينية سفين كون فون بورغسدورف لصحافيين، إن «سبب وجود الكثير من ممثلي الاتحاد الأوروبي في غزة هو الاطلاع على ما جرى هنا من خلال لقاء الضحايا والتحدث مع المتضررين وعوائلهم».

وأضاف بورغسدورف: «نعرب عن تضامننا مع ضحايا الحرب الأخيرة في غزة، وقد تبين من خلال معلوماتنا أن الضحايا هم في الأساس من المدنيين، ونحن نتطلع لإنهاء تقرير يوضح كل ما حدث (في القطاع)».

وجدَّد بورغسدورف موقف الاتحاد الأوروبي الداعي إلى تثبيت تفاهمات وقْف إطلاق النار في قطاع غزة، وحلّ الدولتين لحل الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي بشكل نهائي وعادل.

وفي السياق ذاته، دعا ممثلو عوائل دُمّرت منازلهم في جولة التوتر الأخيرة مع إسرائيل، الدبلوماسيين الأوروبيين إلى المساهمة الفاعلة في تسريع إعادة إعمار منازلهم.

وأسفرت الهجمات الأخيرة عن مقتل 33 فلسطينياً، بينهم: 5 أطفال، و3 سيدات، ومسنان، و11 من قادة وعناصر «حركة الجهاد الإسلامي»، جرّاء هجمات تل أبيب على غزة، مقابل مقتل شخصين في إسرائيل إثر إطلاق قذائف صاروخية من القطاع.

وبحسب مسؤولين فلسطينيين، أدَّت غارات إسرائيل إلى تشريد 200 عائلة بإجمالي نحو 1000 شخص، بعد أن دمَّرت الغارات 103 وحدات سكنية كلياً، و2800 وحدة سكنية جزئياً، منها نحو 150 وحدة غير صالحة للسكن.


المعارضة اللبنانية تعلن دعم ترشيح أزعور لرئاسة الجمهورية

معوض يعلن انسحابه في حضور نواب المعارضة الذين أجمعوا على ترشيح جهاد أزعور (الشرق الأوسط)
معوض يعلن انسحابه في حضور نواب المعارضة الذين أجمعوا على ترشيح جهاد أزعور (الشرق الأوسط)
TT

المعارضة اللبنانية تعلن دعم ترشيح أزعور لرئاسة الجمهورية

معوض يعلن انسحابه في حضور نواب المعارضة الذين أجمعوا على ترشيح جهاد أزعور (الشرق الأوسط)
معوض يعلن انسحابه في حضور نواب المعارضة الذين أجمعوا على ترشيح جهاد أزعور (الشرق الأوسط)

لم يحسم اتفاق المعارضة مع «التيار الوطني» على ترشيح الوزير السابق جهاد أزعور لرئاسة الجمهورية، إنهاء أزمة الشغور الرئاسي في لبنان، وسط رفض ثنائي «حزب الله» و«حركة أمل» ترشيحه، ووصفه بأنه «مرشح تحدٍ وورقة انتقالية تشبه ترشيح النائب ميشال معوض»، وبوجود آليات قانونية تتيح مقاطعة الجلسات، إضافة إلى ضبابية تحيط بموقف رئيس البرلمان نبيه بري لجهة تحديد موعد جلسة انتخابية، قائلاً: «لتُصدر المعارضة موقفاً واضحاً من مرشحها وعندها أتصرف على ضوئه».

وأعلنت المعارضة ترشحيها أزعور مساء الأحد، بعد إعلان النائب معوض سحب ترشيحه، وقالت في بيان: «توصلنا نتيجة الاتصالات المكثفة على اسم جهاد أزعور كاسم وسطي غير استفزازي لأي فريق في البلاد تتوافق عليه كتل من ضمنها (لبنان القوي)»، ودعوا بري إلى الدعوة لجلسة لانتخاب رئيس للجمهورية «فوراً في جلسات متتالية».

وتضم المعارضة حزبي «القوات اللبنانية» و«الكتائب اللبنانية» ومجموعة من النواب المستقلين والسياديين ممن يعارضون «حزب الله» وترشيح فرنجية للرئاسة. وانضم إليهم «التيار الوطني الحر»، الذي يترأسه النائب جبران باسيل، في رفض وصول فرنجية.

مباركة الراعي

وحاول البطريرك الماروني بشارة الراعي الذي «بارك كل خطوة في اتجاه التوافق بعيداً عن مقولة غالب ومغلوب»، إحداث خرق، عبر لقاء جمعه برئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية، وإرسال موفد من قبله اجتمع مع الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله، حسب ما ذكرت قناة «الجديد»، وأشارت إلى أن موفد الراعي المطران بولس عبد الساتر «أبلغ نصر الله ما سمعه البطريرك عن ضرورة التحاور مع القوى غير المسيحية و(حزب الله) تحديداً لانتخاب رئيس للجمهورية لكل لبنان».

وقال الراعي في تصريح تلفزيوني الأحد: «التقيت بفرنجية وسألتقي الجميع ويجب أن نخرج من المأساة التي يعيشها لبنان ولا مشكلة لدينا مع أحد». وأضاف: «لن أدخل في جدال التوافق على اسم جهاد أزعور. أقوم بشغلي، وأعلن عنه في الوقت اللازم».

معوض وبيان المعارضة

النائب ميشال معوض في مؤتمره الصحافي (الشرق الأوسط)

وأعلن معوض، خلال مؤتمر صحافي، سحب ترشحه لرئاسة الجمهورية، وقال: «قررت المشاركة في الوصول إلى هذا التقاطع الذي أدى إلى ترشيح جهاد أزعور وسنكمل معركتنا من دون تعب». وقال: «أصبح الخيار الوحيد هو توسيع رقعة التقاطعات، التي أوصلت إلى أزعور وتؤمن له شبه إجماع مسيحي، وهو مرشح مقبول وقادر على حماية لبنان من المزيد من الانهيار والهيمنة».

وأضاف: «يريدون تخيير اللبنانيين بين الفرض والفرض، وأمام ذلك لا يمكن أن نبقى كقوى معارضة مكتوفي الأيدي وأصبح الحل الوحيد لمواجهة ثنائية الفرض والتعطيل توسيع رقعة التقاطعات».

وقالت المعارضة التي اجتمعت في منزل معوض، في بيان: «توصلنا نتيجة الاتصالات المكثفة على اسم جهاد أزعور كاسم وسطي غير استفزازي لأي فريق في البلاد تتوافق عليه كتل من ضمنها (لبنان القوي)». وأضاف البيان: «المرشح جهاد أزعور ليس مرشح المعارضة فقط وليس مرشحاً حصرياً لأي من الكتل وتنوي المعارضة التقاطع عليه لخوض المعركة الرئاسية باسمه، وهي تعتبر أن ما تعلنه اليوم يهدف إلى إيصاله».

وأكدت المعارضة أن أزعور «ليس مرشح المعارضة فقط، وليس مرشحاً حصرياً لأي من الكتل»، مشيرة إلى أن المعارضة «تنوي التقاطع عليه لخوض المعركة الرئاسية باسمه، وهي تعتبر أن ما تعلنه يهدف إلى إيصاله». وأضاف البيان: «يدنا ممدودة للتلاقي مع (حزب الله) وحركة أمل ومن بقي من حلفائهم، وفي الوقت عينه مستعدون لمواجهة كل محاولات التعطيل».

«الثنائي» يشكك بانتخابه

لكن إعلان المعارضة، لا يبدو أنه سينهي الشغور الرئاسي، إذ شككت مصادر قريبة من «الثنائي الشيعي» في أن يؤدي إلى انتخاب رئيس، واصفة في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أزعور بأنه «ورقة انتقالية، تشبه ميشال معوض قبله، لأن تقاطع المعارضة عليه لا يشمل البرنامج والمشروع والخطة، بل تم التقاطع فقط لقطع الطريق على فرنجية».  

وإذ تركت المصادر أمر انعقاد الجلسة لتقدير رئيس مجلس النواب نبيه بري «الذي يعطيه الدستور الصلاحية الكاملة والواضحة بمعزل عن الضغوط الإعلامية»، قالت المصادر إن السيناريو المتوقع في حال الدعوة لجلسة «لن يختلف عن السيناريوهات السابقة لجهة استحالة انتخاب أحد المرشحين بأكثرية الثلثين (86 نائباً)»، و«الحق القانوني بتطيير نصاب الجلسة في الدورة الثانية»، التي تحتاج إلى حضور أكثرية الثلثين، وانتخابه بـ«النصف زائد واحد». وقالت المصادر: «إذا طار النصاب مرة واثنين وأكثر، سيكون مصيره مثل مصير معوض في السابق، حيث يستحيل انتخاب رئيس من دون توافق».  

وقالت المصادر: «أزعور ليس مرشح قوى داخلية ولا دولاً إقليمية»، مشيرة إلى أن «المرشح المستور للمعارضة معروف»، من غير أن تسميه المصادر، «بينما المرشح المعلن المعدّ لحرق اسمه، هو أزعور»، واصفة أزعور بأنه «مشروع تحدٍ». وقالت المصادر: «بهذا المعنى، لا يحق لأحد المزايدة علينا واتهام فرنجية بأنه مرشح تحدٍ». وتستدل المصادر إلى تقديرها بأن الشغور الرئاسي لن ينتهي، بالقول إنه «لا توافق داخلياً، بينما لم تنعكس التهدئة الإقليمية على الداخل اللبناني».  

وقالت المصادر إن المعارضة وباسيل «مختلفون على كل شيء. على الاسم والمشروع، ولا يجمعهم إلا الاتفاق على قطع الطريق على وصول فرنجية»، في مقابل «تمسك فريقنا باسم فرنجية». وأضافت المصادر: «أزعور ليس مرشحهم الجدي، يطرحونه للمناورة والتفاوض»، داعية المعارضة وباسيل «للحوار من دون شروط مسبقة»، في إشارة إلى اشتراط التخلي عن اسم فرنجية مقابل الحوار، قائلة إن «الشرط المسبق يعني فرض مرشح على الآخرين أيضاً». واتهمت المعارضة «برفض فرنجية لأنه مرشح له موقف واضح داعم للمقاومة، وليس لأي سبب آخر»، مضيفة أنه مدعوم من ماروني أباً عن جد، وليس شيعياً، ولو أنه مدعوم من الثنائي الشيعي.

وانتقدت المصادر موقف باسيل، الرافض لفرنجية بالقول إنه لا يمتلك صفة تمثيلية كبيرة في الشارع المسيحي. وقالت المصادر: «لم يشهد لبنان انتخاب رئيس يمتلك أكثرية نيابية غير ميشال عون، إذ يحتاج إلى دعم وتأييد قوى نيابية ويتفق معها على مشروع وبرنامج»، وتوجهت بالسؤال: «هل أزعور يمتلك مشروعاً؟ وهل سواه من المرشحين الذين يدفع باسيل وسواه نحو انتخابه، يمتلك برنامجاً؟»، واصفة الأمر بـ«الذريعة غير المنطقية، لأن العبرة ليست في حجم الكتلة النيابية، بل بالقدرة على جمعه أصواتاً لانتخابه في جلسة الانتخابات الرئاسية».  

أزعور - «حزب الله»

وكشفت المصادر أن أزعور عندما التقى بـ«حزب الله»، أبلغهم أن برنامجه «ينحصر في التفاوض مع صندوق النقد، وتعيين وزير للمال، وتعيين حاكم لمصرف لبنان»، بينما «لا يمتلك أي رؤية للصراع في إسرائيل، والعلاقات بدول الجوار، ومواكبة التحولات في المنطقة والتحولات الإقليمية»، كما «لا يمتلك أي مشروع على المستوى الداخلي»، وقالت إنه لا يفكر إلا بأنه يمتلك فرصاً للوصول إلى الرئاسة، مثل أي مواطن لبناني ينتمي للطائفة المارونية.  


المعارضة السورية تدعو لاستئناف المفاوضات المباشرة مع دمشق

مبعوث الأمم المتحدة الخاص لسوريا غير بيدرسون يحضر اجتماع الهيئة
مبعوث الأمم المتحدة الخاص لسوريا غير بيدرسون يحضر اجتماع الهيئة
TT

المعارضة السورية تدعو لاستئناف المفاوضات المباشرة مع دمشق

مبعوث الأمم المتحدة الخاص لسوريا غير بيدرسون يحضر اجتماع الهيئة
مبعوث الأمم المتحدة الخاص لسوريا غير بيدرسون يحضر اجتماع الهيئة

دعت هيئة التفاوض لقوى المعارضة السورية، الأحد، إلى استئناف المفاوضات المباشرة مع النظام برعاية الأمم المتحدة، على وقع تغيرات سياسية تمثلت بعودة دمشق إلى الحضن العربي بعد عزلة طالت 12 عاماً.

ودعت هيئة التفاوض لقوى الثورة والمعارضة السورية، التي تضم ممثلين عن المعارضة على رأسهم الائتلاف الوطني السوري، إثر اجتماع في جنيف، «الدول الشقيقة والصديقة إلى دعم جهود الأمم المتحدة لاتخاذ كل ما يلزم من قرارات لتطبيق الحل السياسي الشامل وفق منطوق قرار مجلس الأمن الدولي 2254» الصادر في 2015 والذي يحدد خريطة طريق دولية للتوصل إلى حل سياسي.

ورأت هيئة التفاوض التي شكلت الوفد المعارض الأساسي خلال جولات مفاوضات عدة برعاية الأمم المتحدة، أن «الحراك النشط الخاص بالمسألة السورية يؤمن ظرفاً مناسباً باستئناف المفاوضات المباشرة»، انطلاقاً من القرار الأممي «ووفق جدول أعمال وجدول زمني محددين».

ومنذ سنوات النزاع الأولى، لعبت الأمم المتحدة دور الوسيط بين الحكومة والمعارضة، بقيادتها جولات مفاوضات عدة معظمها في جنيف وآخرها في عام 2018. وقد اصطدمت جميعها بحائط مسدود في ظل مطالبة المعارضة بانتقال سياسي دون الرئيس السوري بشار الأسد، وإصرار دمشق على عدم بحث مستقبله.

وبعد فشل المفاوضات بين الطرفين، تركزت جهود الأمم المتحدة على عقد محادثات لصياغة دستور جديد، لكنها أيضاً لم تحقق أي تقدم.

لقطة عامة لهيئة التفاوض في جنيف من حسابها على «تويتر»

وخلال سنوات النزاع الأولى، بما فيها جولات المفاوضات، تلقت المعارضة السورية دعماً من دول عربية عدة، لكن هذا الدعم تراجع تدريجياً مع جمود العملية السياسية، وتغير المعادلات الميدانية على الأرض لصالح دمشق.

وبعد 12 عاماً من حرب مدمرة اندلعت في 2011، لم تعد المعارضة السياسية والعسكرية تحظى بالزخم نفسه الذي حظيت به خلال سنوات النزاع الأولى. وبعد أكثر من عقد على قطع دول عربية علاقاتها مع دمشق إثر اندلاع النزاع، أعلنت جامعة الدول العربية، الشهر الماضي، عودة دمشق إلى مقعدها بعد نحو 12 عاماً على تعليق عضويتها. واستأنفت السعودية التي اتخذ معارضون سوريون منها مقراً لهم، علاقتها مع دمشق. وتوّجت مشاركة الأسد الشهر الماضي في القمة العربية في مدينة جدّة كسر عزلة دمشق الإقليمية.

وتتطلع الدول العربية اليوم، وفق بيانات عدة صدرت عنها، إلى أداء دور «قيادي» في التوصل إلى تسوية سياسية للنزاع.

وكان مبعوث الأمم المتحدة الخاص لسوريا غير بيدرسون، قد رأى أن «النشاط الدبلوماسي المتجدد في المنطقة - إذا جرى اغتنامه - يمكن أن يشكل فرصة وتحولاً في جهود البحث عن حل سياسي في سوريا».

ويحد الانفتاح العربي ومساعي أنقرة، أبرز داعمي المعارضة، للتقارب مع دمشق، من قدرة المعارضة على فرض شروط وتحقيق خرق لصالحها في أي مفاوضات مقبلة. ورأت هيئة التفاوض أن عودة النظام إلى الجامعة العربية قد تجعله «يرفض المضي بالحل السياسي».


باسيل يواجه تحدي الحفاظ على تماسك «لبنان القوي»

عون وباسيل خلال اجتماع التكتل (الوكالة المركزية)
عون وباسيل خلال اجتماع التكتل (الوكالة المركزية)
TT

باسيل يواجه تحدي الحفاظ على تماسك «لبنان القوي»

عون وباسيل خلال اجتماع التكتل (الوكالة المركزية)
عون وباسيل خلال اجتماع التكتل (الوكالة المركزية)

فاقمت الخلافات حول الملف الرئاسي اللبناني بين نواب تكتل «لبنان القوي» التحديات التي يواجهها رئيس التكتل و«التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، للحفاظ على وحدته وعدد أعضائه، إذ يتردد أنه تراجع من 21 نائباً إلى حدود الـ17 نائباً، نتيجة تباينات حيال المشاركة في اجتماعات الحكومة، وتجعل 5 نواب آخرين يعارضون توجه باسيل في خياراته الرئاسية.

وانتشرت في الأسبوع الماضي أنباء عن أن 5 نواب من «التيار»، هم: إبراهيم كنعان وإلياس بوصعب وآلان عون وسيمون أبي رميا وأسعد ضرغام، يعارضون خيار باسيل دعم ترشيح الوزير السابق جهاد أزعور، رغم أن هؤلاء شاركوا في اجتماع التكتل الذي عُقد الثلاثاء الماضي، وحضره الرئيس السابق ميشال عون.

وتلا ذلك عقد باسيل أمس (السبت) مؤتمراً صحافياً وجه خلاله سهامه باتجاه النواب المعترضين داخل «التيار»، قائلاً إنه «لا أحد أكبر من المؤسسة. وعندما يخرج أحد عن قراراتها ويعتقد أنه أكبر منها، فهي ترد الشخص لحجمه وتريه أنها أكبر منه». كما اعتبر أن «الديمقراطية تعني احترام التنوع والآراء، وتعني الالتزام بالقرار ووحدته».

وبدأ عدد أعضاء كتلة باسيل يتراجع منذ الانتخابات الأخيرة. وبعدما اندلع سجال بين «التيار» و«القوات اللبنانية» بعيد الانتخابات النيابية الماضية على خلفية صاحب أكبر تكتل مسيحي، تراجع عدد نواب «لبنان القوي» بداية من 21 نائباً إلى 20 مع قرار فصل النائب ووزير الصناعة في حكومة تصريف الأعمال جورج بوشكيان من كتلة «نواب الأرمن» التي هي جزء من التكتل الذي يرأسه باسيل. وقبل أيام أُعلن عن انضمام النائب محمد يحيى إلى تكتل «التوافق الوطني»، الذي يضم 5 نواب سنّة مقربين من «حزب الله».

وإن كان يحيى لم يعلن انسحابه من «لبنان القوي»، فإن ما هو مرجح أنه يسير، وكما باقي أعضاء الكتلة الجديدة، بخيار «حزب الله» الرئاسي، ألا وهو رئيس تيار «المردة»، سليمان فرنجية، مما يجعله عملياً خارج عباءة باسيل. وقال يحيى الذي لا يخفي أنه قريب من خيار فرنجية، أنه سيواصل حضور اجتماعات «لبنان القوي»، مستبعداً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» الوصول إلى جلسة مواجهة لانتخاب رئيس للجمهورية، مرجحاً أن يتم التفاهم بين معظم الكتل على الاسم قبل الدعوة لأي جلسة.

النائب محمد يحيى (الوكالة الوطنية)

سأواصل حضور اجتماعات تكتل "لبنان القوي"


النائب محمد يحيى

ولا يقتصر التمايز بالملف الرئاسي على يحيى، بحيث يتجه نائبا الأرمن في «لبنان القوي»، وهما هاغوب بقرادونيان وهاغوب ترزيان من حزب «الطاشناق»، للتصويت أيضاً لفرنجية، لا للمرشح الذي تفاهمت عليه قوى المعارضة مع «التيار الوطني الحر»، وهو أزعور. وبهذا، ينخفض عدد النواب الذين سيعتمدون خيار باسيل الرئاسي إلى 17، ويُضاف إليهم النواب الخمسة المعترضون على خيار أزعور (كنعان، وآلان عون، وأبي رميا، ودرغام وبوصعب)، رغم أنه ليس محسوماً حتى الآن، ما إذا كان هؤلاء بأكملهم سيخالفون قرار القيادة في حال قررت التصويت لأزعور. وفي حال خالفوه، فإن عدد المؤيدين لطروحاته حول التصويت لأزعور، سينخفض إلى 12 نائباً.

3 تكتلات

ويتجنب النواب الخمسة السابق ذكرهم التصريح للإعلام لتفادي زيادة الشرخ داخل «التيار». وتقول مصادر مطلعة على ما يجري داخلياً لـ«الشرق الأوسط» إن «لبنان القوي» بات مقسوماً إلى 3 تكتلات؛ الأول يخوض معركة علنية بوجه باسيل، ويشدد على حق النواب بالنقاش والمشاركة باتخاذ القرارات وألا يكون باسيل وحده مَن يقرر ويبلغ أعضاء الكتلة بقراراته، ويضم النواب الخمسة السابق ذكرهم الذين يتفادون بالوقت نفسه إعلان الشرخ أو الطلاق، لأن ذلك لن يصب لصالحهم في المرحلة الراهنة. أما القسم الثاني، فهو يضم عدداً آخر من النواب الذين يعبرون عن امتعاضهم وراء الأبواب المغلقة، والذين يرفض قسم منهم خوض مواجهة مع «حزب الله» وكسر الجرة معه. أما القسم الثالث فهو المؤيد لباسيل تماماً، ويُعتبر فريقه الأساسي.

وتقول المصادر: «خروج الرئيس عون من بعبدا جعل الحركة المعترضة تسلك مساراً تصاعدياً، بعدما كانت مضبوطة إلى حد ما في السنوات الماضية».

ويعتبر القيادي العوني السابق المحامي أنطوان نصر الله أن «ما وصل إليه (التيار) من انقسامات متوقع وطبيعي بسبب أداء باسيل وغياب السياسات الواضحة والقضية المحورية»، لافتاً إلى أن «من يعترضون اليوم من نواب تأخروا كثيراً». ويشير نصر الله في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «قيادة التيار خاضت الانتخابات النيابية إلى جانب (أمل) و(حزب الله)، وبعدما انتهت الانتخابات اختلفت معهما، وأصبحت تتقاطع مصلحياً مع (القوات اللبنانية) في الملف الرئاسي».

ويرى نصر الله أن «التيار فقد دوره الحقيقي، وبخلاف ما يُعتقد فإن تلاقي المسيحيين على السلبية سيطيح بدورهم تماماً، كما حصل عام 1988، حين توحد المسيحيون على رفض ترشيح مخايل الضاهر، دون أن يكون لديهم مشروع بديل؛ ما أدى لـ(اتفاق الطائف) الذي أخذ من صلاحياتهم»، مضيفاً: «اليوم قد يأتي اتفاق جديد يقضي على ما تبقى من دور لهم، الذي يُفترض أن يكون دوراً جامعاً توفيقياً... الحل ليس بالتفاهم على اسم رئيس إنما على خارطة طريق للمرحلة المقبلة لأنه كلما زاد تفكك الدولة تصاعدت هجرة المسيحيين».

 

تضخيم الخلافات

 

واستعان باسيل مؤخراً بمؤسس «التيار»، رئيس الجمهورية السابق ميشال عون، لاستيعاب الخلاف المتنامي داخل «التكتل»؛ ما دفعه لترؤس آخر جلسة عُقدت يوم الثلاثاء الماضي.

ويعتبر قريبون من باسيل أن «هناك مَن يحاول دائماً تضخيم الخلافات الطبيعية في حزب ديمقراطي كـ(التيار)، التي تحصل في أي حزب آخر، لاعتبارات شتى». ويشيرون إلى أنه «رغم انشقاق عدد من القيادات، فإن (التيار) لم يتزعزع، وهو لن يتزعزع، خصوصاً أنه خاص حرباً كونية ضده خلال ولاية الرئيس عون، واستمر وصمد».

وبدأت الأزمة داخل «التيار» في عام 2013. واستفحلت عام 2015، جراء ما يقول معارضو باسيل إنها ضغوط مورست على الراغبين بالترشح لمنصب رئيس التيار لتخلو الساحة لباسيل، الذي هو صهر العماد ميشال عون مؤسس «التيار». وهم يعتبرون أنه تم تعيين باسيل خلفاً لعون لا انتخابه ديمقراطياً، ويؤكدون أنه، ومنذ تسلمه رئاسة «التيار»، سعى إلى إقصاء معارضيه، ومعظمهم ممن يُعرفون بـ«القدامى والمؤسسين».

وطوال السنوات الماضية، تم فصل عدد كبير من هؤلاء القياديين لمخالفتهم قرارات حزبية، وانضم إليهم آخرون قرروا الاستقالة احتجاجاً على سياسة قيادة «التيار». وأبرز الخارجين مؤخراً من صفوفه النواب السابقون (زياد أسود وحكمت ديب وماريو عون).


سياسة «الأمر الواقع» لبناء بؤرة استيطانية جديدة شمال الضفة

صورة أرشيفية لخيام نصبها مستوطنون على أراضي فلسطينيين في سلفيت بالضفة (وفا)
صورة أرشيفية لخيام نصبها مستوطنون على أراضي فلسطينيين في سلفيت بالضفة (وفا)
TT

سياسة «الأمر الواقع» لبناء بؤرة استيطانية جديدة شمال الضفة

صورة أرشيفية لخيام نصبها مستوطنون على أراضي فلسطينيين في سلفيت بالضفة (وفا)
صورة أرشيفية لخيام نصبها مستوطنون على أراضي فلسطينيين في سلفيت بالضفة (وفا)

نصب مستوطنون، الأحد، خياما على أراضي الفلسطينيين في محافظة سلفيت القريبة من نابلس شمال الضفة الغربية، في محاولة لفرض أمر واقع جديد ينتهي عادة ببناء بؤرة استيطانية جديدة.

واقتحم عشرات المستوطنين أرضا في منطقة «دير دقلة» الأثرية جنوب بلدة دير بلوط غرب سلفيت، ونصبوا خياما ورفعوا العلم الإسرائيلي، باعتبارها منطقة إسرائيلية، أو أصبحت كذلك.

وقال رئيس بلدية دير بلوط، سمير نمر، إن المستوطنين يخططون لإقامة بؤرة استيطانية في المكان.

وهذا هو ثاني مكان في المنطقة يستولي عليه المستوطنون خلال أسبوع، بعد أن سيطروا الثلاثاء الماضي على أراض قريبة من منطقة خربة شحادة.

وقال متخصصون لوكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية، إن الهدف من وراء إقامة هذه البؤرة الاستيطانية، ربط مستوطنات في شمال الضفة ببعضها البعض، وقطع الطرق الداخلية والتواصل بين الأراضي الزراعية في سلفيت.

واعتبر محافظ سلفيت، اللواء عبد الله كميل، أن ما يجري «جزء من نهج يقوم على سرقة الأرض وتهويدها».

مواجهات مع فلسطينيين ضد التوسع الاستيطاني في بيت دجن الجمعة بحماية جنود إسرائيليين (إ.ب.أ)

ويستخدم المستوطنون، ما استطاعوا ذلك، سياسة فرض الأمر الواقع في السيطرة على أراضي الفلسطينيين، في الضفة الغربية، وإقامة مستوطنات عليها.

وتظهر أرقام رسمية فلسطينية وإسرائيلية، أن النشاط الاستيطاني زاد في الضفة الغربية والقدس المحتلة خلال 2022، بنسب غير مسبوقة.

ويستوطن في الضفة الغربية بما في ذلك شرق القدس، حوالي 800 ألف مستوطن، موزعين على 176 مستوطنة، و186 بؤرة استيطانية، (575 ألفا في مستوطنات في الضفة الغربية و230 ألف مستوطن في القدس الشرقية).

ويستوطن الإسرائيليون في الضفة الغربية والقدس الشرقية، بحثا عن منازل بأسعار أقل تكلفة من تلك الموجودة في إسرائيل، باعتبار أن الحكومة الإسرائيلية تشجع وتدعم، سياسيا ودينيا واقتصاديا التوجه إلى هذه المستوطنات التي أصبح يشكل بعضها مدنا كبيرة قائمة بحد ذاتها، مثل اريئيل شمال الضفة، ومعالي ادوميم في الوسط، وغوش عتصيون جنوبا. كما أن بعض اليهود المتدينين يعتقدون أن الإقامة في «يهودا والسامرة» وهو الاسم التوراتي للضفة الغربية، واجب ديني.

رجل يتفقد منزله المدمر على أيدي مستوطنين في قرية جالود بالضفة في 31 مايو (أ.ف.ب)

ومقابل المستوطنات التي تدعمها الحكومة رسميا وتعترف بها، هناك المستوطنات العشوائية المعروفة باسم «البؤر الاستيطانية»، التي أُقيمت من دون ترخيص من الحكومة الإسرائيلية، وهي غير معترف بها إسرائيليا، رغم أن الكثير منها يحظى باهتمام أو حماية أو على جدول الشرعنة.

لكن الفلسطينيين لا يعيرون اهتماما لكل هذه المسميات، ويعتبرون كل المستوطنات الإسرائيلية «غير شرعية وتمثل جريمة حرب»، ويطالبون بانسحاب إسرائيل منها جميعا، وهو أمر تقول إسرائيل إنه لن يتم.

وفي المفاوضات السابقة، وافقت السلطة على نسبة تبادل بالقيمة والمثل، تسمح ببقاء بعض المستوطنات، لكن إسرائيل أصرت على بقاء الكتل الكبيرة، وظل هذا الأمر محل خلاف.

ويعتبر الفلسطينيون اليوم، أن إسرائيل تجاوزت ذلك باتجاه ضم المستوطنات إليها، وهو ما يعني ضم أجزاء من الضفة الغربية.

وقالت وزارة الخارجية الفلسطينية، في بيان، الأحد، إن جرائم قوات الاحتلال وميليشيا المستوطنين ومنظماتهم الإرهابية المسلحة ضد المواطنين الفلسطينيين، وأرضهم، وممتلكاتهم، ومنازلهم، ومقدساتهم، تأتي في إطار مخطط ضم الضفة الغربية.

وأضافت أن «دولة الاحتلال وأذرعها المختلفة، تسابق الزمن لتنفيذ أكبر عدد ممكن من مخططاتها ومشاريعها الاستعمارية التوسعية الهادفة إلى تعميق حلقات ضم الضفة الغربية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، وتكريس نظام الفصل العنصري البغيض، بما يرافقه من أبشع عمليات الطرد والتهجير والتطهير العرقي للمواطنين الفلسطينيين، وحرمانهم من أبسط حقوقهم الإنسانية، في الوصول إلى أراضيهم واستغلالها».

واعتبرت الخارجية، أن الحكومة الإسرائيلية تستغل «ازدواجية المعايير الدولية»، وغياب الإرادة والرغبة الأمميتين في تطبيق القانون الدولي على الحالة في فلسطين المحتلة، وأصبحت تتعايش مع ردود الفعل الدولية على انتهاكاتها وجرائمها، لإدراكها أنها لا تقترن بإجراءات عملية ضاغطة، أو عقوبات، أو أي شكل من أشكال المساءلة والمحاسبة.


الغلاء يُربك قرارات المصريين بشأن «الأضحية»

سوق لبيع الغنم في مصر (أرشيفية - «فيسبوك»)
سوق لبيع الغنم في مصر (أرشيفية - «فيسبوك»)
TT

الغلاء يُربك قرارات المصريين بشأن «الأضحية»

سوق لبيع الغنم في مصر (أرشيفية - «فيسبوك»)
سوق لبيع الغنم في مصر (أرشيفية - «فيسبوك»)

عبر «جروب» خاص على موقع «فيسبوك»، سأل مورد للحوم الأضاحي في مصر، هذا الأسبوع، متابعيه الراغبين في حجز أسهم لعيد الأضحى، الذي يحل نهاية هذا الشهر، لتأكيد نواياهم بسداد مبلغ مالي. كان محمد عبد الغني (40 عاماً) أحد هؤلاء المتابعين الذين اشتركوا أخيراً، على أمل الحصول على نصيب في إحدى الأضاحي الكبيرة، أو شراء أضحية صغيرة من الخراف، أو الماعز، غير أن نيران الغلاء أبت إلا أن تحرم رب الأسرة الشاب من بلوغ مراده، كما روى لـ«الشرق الأوسط».

يقول عبد الغني، الذي يعمل بإحدى المحطات الفضائية، ويعول أسرة من 5 أفراد بمنطقة السادس من أكتوبر: «ادخرت مبلغاً من المال لشراء أضحية، غير أن حلول الموسم تزامن مع نفقات أساسية للانتهاء من تجهيز وحدة سكنية اشتريتها منذ سنوات، وتعثرت في تجهيزها بسبب ارتفاع نفقات شراء وتركيب مواد الطلاء، والأدوات الصحية وغيرها». وبنبرة أسى، قال: «بعد حساب ما لدي، والتزاماتي الضرورية الملحة، لن يكون معي ما يمكّنني من شراء أضحية».

ويصل سعر الكيلوغرام من اللحوم الحمراء في مصر لأكثر من 360 جنيهاً، بينما تتفاوت أسعار الكيلو غرام القائم في الحيوانات الحية المخصصة للذبح، بين 150 جنيهاً للعجول البقري البلدي، و140 جنيهاً للعجول من الجاموس، و145 جنيهاً للأبقار الإناث، تضاف إلى هذه الأسعار تكاليف الذبح والتجهيز. وبحسب تجار، فإن هذه الأسعار تبلغ ضعف الأسعار التي اعتمدتها سوق الأضاحي خلال الموسم الماضي.

ويعوّل محمد رضا (31 عاماً)، مهندس حاسبات بإحدى الشركات الخاصة، على شراء أضحية من إحدى قرى محافظة الدقهلية، حيث تقيم عائلته، على أمل أن تكون أقل سعراً من الشراء بمقر سكن أسرته الصغيرة في حي الهرم بالجيزة. ويشير إلى أن «مواطني الأرياف يوفرون نفقات الأعلاف من خلال الاعتماد على الأعشاب، وبقايا الخبز، والطعام المنزلي الذي يقدمونه للأضاحي».

وفي المسافة بين الرغبة في الاحتفال بالعيد، الذي يكتسب طابعاً دينياً واجتماعياً، وتراجع القدرة على تحمل التكاليف، يسود في مصر، راهناً، جدل حول مدى جواز تقسيم الأضحية الواحدة على أكثر من فرد واحد، وكذلك مدى جواز اشتراك أكثر من فرد في نصيب واحد بالأضحية الكبيرة.

بداية هذا الجدل اندلعت من تصريحات تداولتها مواقع إخبارية للشيخ عويضة عثمان، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، بجواز اشتراك اثنين في خروف واحد. وفي تصريح، لـ«الشرق الأوسط»، يوضح أحد أمناء الفتوى بالدار، طلب عدم ذكر اسمه، أن التصريح، محل الجدل، صدر عن الشيخ عثمان لاثنين من الأشقاء، لا يملك كل منهما سعر أضحية بمفرده، بينما تعاملت معه وسائل إعلام مصرية على أنه «فتوى رسمية». وأجاب المصدر نفسه عن سؤال حول مدى تأثر الإفتاء بالمتغيرات الاقتصادية والاجتماعية، قائلاً: «الواقع له اعتبار في إخراج الفتوى؛ فالفتوى تتغير بتغير الواقع لا محالة، والمفتي يحتاج إلى فقه نفس، وفقه قلب، وفهم واقع. وهناك أمور كثيرة جداً يفرضها الواقع الآن علينا، وإلا سنعيش منعزلين، وديننا لا يعلمنا الانعزال، بل يعلمنا أنه يصلح لكل مكان وزمان».

ونشرت دار الإفتاء المصرية، تدوينة عبر حسابها على موقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك)، ذكرت فيها أن الأضحية الواحدة، من الضأن، أو الماعز «تجزئ عن المضحي، وعن أهل بيته فقط».

وفي لقاء تلفزيوني، دافع مفتي الديار المصرية السابق، الشيخ علي جمعة، عن فكرة اشتراك أكثر من فرد، في سهم واحد بالأضاحي الكبيرة، التي يتم تقسيمها على 7 أسهم حداً أقصى. وقال: «إن إجازة هذا المبدأ لا تجعل للمشارك نصيباً من لحوم الأضحية، وإنما يتم تخصيص نصيبه بالكامل لصالح الفقراء، بنية ابتغاء أجر الأضحية». وأشار إلى أن «صك السهم الواحد في الأضاحي الكبيرة، لدى المؤسسات الخيرية المعنية، بلغ نحو 9 آلاف جنيه (نحو 300 دولار أميركي)، مقابل حصول المُضحّي على نسبة من اللحوم، أما في حالة اشتراك أكثر من فرد واحد في قيمة هذا السهم، فإنهم يتنازلون عن نصيبهم من لحوم الأضحية»، على حد قوله.

يقول فتح الله حسنين، وهو شرطي بالمعاش، إن أسرته راسلت دار الإفتاء حول جواز مشاركة فردين في سهم واحد في أحد رؤوس الماشية، بمقدار السُّبع للفردين، وتلقت الأسرة رداً بأن الأنصبة في الأضاحي مقررة في السُّنّة بأنه لا يجوز اشتراك أكثر من 7 أفراد في رأس واحد.

ويأتي هذا الجدل في ظل تزايد معدل التضخم الذي سجل 31.5 في المائة في أبريل (نيسان) الماضي، مقارنة بـ14.9 في المائة للفترة نفسها من العام الماضي. كما سجل سعر صرف الدولار، مقابل الجنيه المصري، 30.84 جنيه مطلع الشهر الحالي، مقارنة بـ18.63 في الفترة نفسها من العام الماضي.

يقول تامر عبد النبي، أحد موردي لحوم الأضاحي، لـ«الشرق الأوسط» إن أسعار الأضاحي زادت بمقدار الضعف عن العام الماضي، «وهو ما جعل الناس يلجأون إلى تقليل أنصبتهم».

وأوضح عبد النبي، الذي يملك مزرعة للماشية بمحافظة المنوفية، أن أسعار الأعلاف ارتفعت بنسبة 260 في المائة، ضارباً المثال بسعر طن الذرة الذي ارتفع من 4 آلاف جنيه في وقت سابق، إلى حدود 11600 جنيه مصري حالياً، وكذلك طن الصويا الذي ارتفع من 12 ألف جنيه إلى 39500 جنيه. وذكر مورد اللحوم، الذي يعمل على تسويق منتجاته عبر «جروب» على موقع «فيسبوك»، أن تكلفة التشغيل ارتفعت أيضاً، حيث زادت أجور العمالة، والنقل، بنسبة تتراوح بين 50 في المائة و60 في المائة.

عاجل رئيس مجموعة فاغنر الروسية: أوكرانيا استعادت جزءا من بلدة شمالي باخموت