5 مغذيات رئيسية للتغلب على «كآبة الطقس البارد»

أهمها وجبة إفطار من الحبوب الكاملة

الدراسات أكدت حدوث ما يعرف بـ«الاكتئاب الشتوي» (public domain)
الدراسات أكدت حدوث ما يعرف بـ«الاكتئاب الشتوي» (public domain)
TT

5 مغذيات رئيسية للتغلب على «كآبة الطقس البارد»

الدراسات أكدت حدوث ما يعرف بـ«الاكتئاب الشتوي» (public domain)
الدراسات أكدت حدوث ما يعرف بـ«الاكتئاب الشتوي» (public domain)

مع اقترابنا من الأيام الأكثر قتامة في موسم الطقس البارد، من الشائع جداً أن نشعر بالإحباط أكثر من المعتاد، خصوصاً وسط أنباء عن تزايد أعداد الإصابات بفيروسات التنفسي المخلوي والإنفلزنزا، إضافة إلى استمرار جائحة «كوفيد - 19».
وحتى قبل هذا «الوباء الثلاثي»، كانت دراسات عديدة منها دراسة نشرتها دورية «الطب النفسي» في عدد يناير (كانون الثاني) من عام 2005 قد وثقت بشكل علمي لهذا الاكتئاب الشتوي.
ومع الاعتراف بوجود هذا الاكتئاب الشتوي، يؤكد خبراء التغذية أن مواجهته ممكنة؛ حيث يمكن المساعدة في دعم صحة عقلية أفضل ونظام مناعي صحي من خلال نظام غذائي يعتمد على خمسة مكونات غذائية. وأول المكونات الغذائية التي ينصح بها تقرير نشره اتحاد التغذية الأسترالي على موقعة الإلكتروني هي «الكربوهيدرات المعقدة».
ووفق التقرير فإن الإفطار بوجبة تتضمن دقيق الشوفان أو الحبوب الكاملة أو المكسرات أو الفواكه، لن يجعلك تشعر بالشبع لفترة أطول فحسب، بل سيساعد في استقرار حالتك المزاجية والحفاظ على تركيزك طول اليوم. وتقول إيمان بيومي، أستاذ التغذية بكلية الزراعة جامعة الزقازيق (شمال شرقي مصر) لـ«الشرق الأوسط»، إن «سر الحبوب الكاملة يكمن في هرمون السيروتونين المسؤول عن الشعور بالرضا، والذي يزداد في الجسم بعد تناول الأطعمة الكاملة الغنية بالكربوهيدرات المعقدة، بما في ذلك الألياف والنشا».
ومن الكربوهيدرات المعقدة إلى مصدر آخر، يشير إليه اتحاد التغذية الأسترالي، وهو «فيتامين سي» والزنك، حيث يعملان معاً للمساعدة في دعم نظام المناعة الصحي، بالإضافة إلى عدد من وظائف الجسم المهمة، وهو أمر من شأنه أن يساعد على الشعور بالرضا والسعادة. وتنصح أستاذة التغذية للحصول على هذين المصدرين، بتناول الفواكه والخضراوات التي تحتوي على «فيتامين سي»، بما في ذلك الحمضيات والكيوي والتوت والبروكلي واليقطين والبطاطا الحلوة والسبانخ.
ويضيف اتحاد التغذية الأسترالي مصدراً ثالثا، وهو فيتامين «د»، والذي يصنعه الجسم بعد تعرض الجلد لأشعة الشمس، ويؤدي نقصه عادة إلى ظهور أعراض مثل الخمول والتعب وضعف العضلات وتغيرات الحالة المزاجية. وتقول إيمان بيومي، إنه «في حالة برودة الطقس وغياب الشمس، يمكن الحصول على بعض (فيتامين د) من مصادر الطعام مثل البيض والفطر والأسماك الدهنية مثل السلمون والحليب المدعم، وقد يحتاج بعض الأفراد إلى تناول مكملات فيتامين (د) إذا كان التعرض لأشعة الشمس والمصادر الغذائية غير كافيين لتلبية الاحتياجات اليومية».
ومن المصادر الأخرى، هي «أوميغا 3» و«أوميغا 6» والدهون المتعددة غير المشبعة، ويقول اتحاد التغذية الأسترالي: «قد تجد نفسك تشتهي المزيد من الأطعمة المريحة الغنية بالدهون المشبعة والسكريات حيث يصبح الطقس أكثر برودة، فأنت لست وحدك، فالرغبة في تناول هذه الأطعمة الغنية بالطاقة قد تكون مرتبطة بشوق الجسم لمصادر الطاقة لتدفئته بسرعة».
ويضيف التقرير: «بينما يمكن للأطعمة مثل المعكرونة والجبن والمعجنات والكعك أن تثير الشهية، فإنها قد لا توفر الطاقة طويلة الأمد التي تحتاج إليها، ما يؤدي إلى عودتك للمزيد والمزيد».
وتشير بيومي إلى أنه يمكن أن يؤدي تضمين الدهون الصحية في وجباتك إلى زيادة الشعور بالشبع، وإبقائك ممتلئاً لفترة أطول وتقليل فرصة الإفراط في تناول الطعام».
وتقول إن «دهون أوميغا 3 عالية الجودة، يمكن الحصول عليها من الأسماك الزيتية (مثل السلمون والماكريل والسردين)، وكذلك دهون أوميغا 6 من المكسرات (مثل الجوز) والبذور (مثل بذور الشيا) والزيتون في وجباتك، هي مصادر غنية بالدهون المتعددة غير المشبعة التي ليست مفيدة فقط لصحة القلب ولكنها مهمة أيضاً في الحفاظ على صحة الخلايا والجلد».
ويلفت تقرير اتحاد التغذية الأسترالي إلى الأطعمة المخمرة الغنية بالبروبيوتيك (البكتيريا النافعة) كمصدر للسعادة، حيث إن القناة الهضمية الصحية على مدار السنة تجعل المرء سعيداً، وتجعل هناك علاقة قوية بين أمعائنا وعقولنا.
وتؤكد خبيرة التغذية المصرية أنه يمكن إضافة مكملات (البروبيوتيك) إلى الأطعمة المخمرة مثل الزبادي لملء أمعائك بالميكروبات الصحية والمتنوعة التي تعتبر مهمة في الحفاظ على صحة الجهاز الهضمي.



«الجمل عبر العصور»... يجيب بلوحاته عن كل التساؤلات

جانب من المعرض (الشرق الأوسط)
جانب من المعرض (الشرق الأوسط)
TT

«الجمل عبر العصور»... يجيب بلوحاته عن كل التساؤلات

جانب من المعرض (الشرق الأوسط)
جانب من المعرض (الشرق الأوسط)

يجيب معرض «الجمل عبر العصور»، الذي تستضيفه مدينة جدة غرب السعودية، عن كل التساؤلات لفهم هذا المخلوق وعلاقته الوطيدة بقاطني الجزيرة العربية في كل مفاصل الحياة منذ القدم، وكيف شكّل ثقافتهم في الإقامة والتّرحال، بل تجاوز ذلك في القيمة، فتساوى مع الماء في الوجود والحياة.

الأمير فيصل بن عبد الله والأمير سعود بن جلوي خلال افتتاح المعرض (الشرق الأوسط)

ويخبر المعرض، الذي يُنظَّم في «مركز الملك عبد العزيز الثقافي»، عبر مائة لوحة وصورة، ونقوش اكتُشفت في جبال السعودية وعلى الصخور، عن مراحل الجمل وتآلفه مع سكان الجزيرة الذين اعتمدوا عليه في جميع أعمالهم. كما يُخبر عن قيمته الاقتصادية والسياسية والاجتماعية لدى أولئك الذين يمتلكون أعداداً كبيرة منه سابقاً وحاضراً. وهذا الامتلاك لا يقف عند حدود المفاخرة؛ بل يُلامس حدود العشق والعلاقة الوطيدة بين المالك وإبله.

الجمل كان حاضراً في كل تفاصيل حياة سكان الجزيرة (الشرق الأوسط)

وتكشف جولة داخل المعرض، الذي انطلق الثلاثاء تحت رعاية الأمير خالد الفيصل مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة؛ وافتتحه نيابة عنه الأمير سعود بن عبد الله بن جلوي، محافظ جدة؛ بحضور الأمير فيصل بن عبد الله بن محمد بن عبد العزيز، رئيس مجلس أمناء شركة «ليان الثقافية»؛ وأمين محافظة جدة صالح التركي، عن تناغم المعروض من اللوحات والمجسّمات، وتقاطع الفنون الثلاثة: الرسم بمساراته، والتصوير الفوتوغرافي والأفلام، والمجسمات، لتصبح النُّسخة الثالثة من معرض «الجمل عبر العصور» مصدراً يُعتمد عليه لفهم تاريخ الجمل وارتباطه بالإنسان في الجزيرة العربية.

لوحة فنية متكاملة تحكي في جزئياتها عن الجمل وأهميته (الشرق الأوسط)

وفي لحظة، وأنت تتجوّل في ممرات المعرض، تعود بك عجلة الزمن إلى ما قبل ميلاد النبي عيسى عليه السلام، لتُشاهد صورة لعملة معدنية للملك الحارث الرابع؛ تاسع ملوك مملكة الأنباط في جنوب بلاد الشام، راكعاً أمام الجمل، مما يرمز إلى ارتباطه بالتجارة، وهي شهادة على الرّخاء الاقتصادي في تلك الحقبة. تُكمل جولتك فتقع عيناك على ختمِ العقيق المصنوع في العهد الساساني مع الجمل خلال القرنين الثالث والسابع.

ومن المفارقات الجميلة أن المعرض يقام بمنطقة «أبرق الرغامة» شرق مدينة جدة، التي كانت ممراً تاريخياً لطريق القوافل المتّجهة من جدة إلى مكة المكرمة. وزادت شهرة الموقع ومخزونه التاريخي بعد أن عسكر على أرضه الملك عبد العزيز - رحمه الله - مع رجاله للدخول إلى جدة في شهر جمادى الآخرة - ديسمبر (كانون الأول) من عام 1952، مما يُضيف للمعرض بُعداً تاريخياً آخر.

عملة معدنية تعود إلى عهد الملك الحارث الرابع راكعاً أمام الجمل (الشرق الأوسط)

وفي حديث لـ«الشرق الأوسط»، قال الأمير فيصل بن عبد الله، رئيس مجلس أمناء شركة «ليان الثقافية»: «للشركة رسالة تتمثّل في توصيل الثقافة والأصالة والتاريخ، التي يجهلها كثيرون، ويشكّل الجمل جزءاً من هذا التاريخ، و(ليان) لديها مشروعات أخرى تنبع جميعها من الأصالة وربط الأصل بالعصر»، لافتاً إلى أن هناك فيلماً وثائقياً يتحدّث عن أهداف الشركة.

ولم يستبعد الأمير فيصل أن يسافر المعرض إلى مدن عالمية عدّة لتوصيل الرسالة، كما لم يستبعد مشاركة مزيد من الفنانين، موضحاً أن المعرض مفتوح للمشاركات من جميع الفنانين المحليين والدوليين، مشدّداً على أن «ليان» تبني لمفهوم واسع وشامل.

نقوش تدلّ على أهمية الجمل منذ القدم (الشرق الأوسط)

وفي السياق، تحدّث محمد آل صبيح، مدير «جمعية الثقافة والفنون» في جدة، لـ«الشرق الأوسط» عن أهمية المعرض قائلاً: «له وقعٌ خاصٌ لدى السعوديين؛ لأهميته التاريخية في الرمز والتّراث»، موضحاً أن المعرض تنظّمه شركة «ليان الثقافية» بالشراكة مع «جمعية الثقافة والفنون» و«أمانة جدة»، ويحتوي أكثر من مائة عملٍ فنيّ بمقاييس عالمية، ويتنوع بمشاركة فنانين من داخل المملكة وخارجها.

وأضاف آل صبيح: «يُعلَن خلال المعرض عن نتائج (جائزة ضياء عزيز ضياء)، وهذا مما يميّزه» وتابع أن «هذه الجائزة أقيمت بمناسبة (عام الإبل)، وشارك فيها نحو 400 عمل فني، ورُشّح خلالها 38 عملاً للفوز بالجوائز، وتبلغ قيمتها مائة ألف ريالٍ؛ منها 50 ألفاً لصاحب المركز الأول».

الختم الساساني مع الجمل من القرنين الثالث والسابع (الشرق الأوسط)

وبالعودة إلى تاريخ الجمل، فهو محفور في ثقافة العرب وإرثهم، ولطالما تغنّوا به شعراً ونثراً، بل تجاوز الجمل ذلك ليكون مصدراً للحكمة والأمثال لديهم؛ ومنها: «لا ناقة لي في الأمر ولا جمل»، وهو دلالة على أن قائله لا يرغب في الدخول بموضوع لا يهمّه. كما قالت العرب: «جاءوا على بكرة أبيهم» وهو مثل يضربه العرب للدلالة على مجيء القوم مجتمعين؛ لأن البِكرة، كما يُقال، معناها الفتيّة من إناث الإبل. كذلك: «ما هكذا تُورَد الإبل» ويُضرب هذا المثل لمن يُقوم بمهمة دون حذق أو إتقان.

زائرة تتأمل لوحات تحكي تاريخ الجمل (الشرق الأوسط)

وذُكرت الإبل والجمال في «القرآن الكريم» أكثر من مرة لتوضيح أهميتها وقيمتها، كما في قوله: «أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ» (سورة الغاشية - 17). وكذلك: «وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ» (سورة النحل - 6)... وجميع الآيات تُدلّل على عظمة الخالق، وكيف لهذا المخلوق القدرة على توفير جميع احتياجات الإنسان من طعام وماء، والتنقل لمسافات طويلة، وتحت أصعب الظروف.