مخاوف ألمانية من شح الغاز خلال الشتاء

نصف الشركات يعوقها نقص العمال المهرة

ضاغط لشركة الغاز الهولندية «غازوني» بمحطة غاز في ألمانيا (رويترز)
ضاغط لشركة الغاز الهولندية «غازوني» بمحطة غاز في ألمانيا (رويترز)
TT

مخاوف ألمانية من شح الغاز خلال الشتاء

ضاغط لشركة الغاز الهولندية «غازوني» بمحطة غاز في ألمانيا (رويترز)
ضاغط لشركة الغاز الهولندية «غازوني» بمحطة غاز في ألمانيا (رويترز)

أعرب غالبية الألمان عن توقعهم أن يكون هناك نقص في إمدادات الغاز هذا الشتاء أو الشتاء المقبل، من خلال الاستطلاع، الذي أجراه معهد «يوجوف» لقياس مؤشرات الرأي بتكليف من وكالة الأنباء الألمانية، والذي أظهر أن 29 في المائة من الألمان يتوقعون نقص الغاز هذا الشتاء بالفعل، بينما يتوقع نحو 26 في المائة آخرين العجز بحلول شتاء 23/2024.
ومن بين أكثر من 2000 شخص شملهم الاستطلاع، قال 29 في المائة إنهم يعتقدون أن إمدادات الغاز ستكون آمنة خلال فصلي الشتاء. وفي سياق الحرب الروسية ضد أوكرانيا، توقفت تماماً إمدادات الغاز من روسيا - التي كانت تمثل 55 في المائة من الاستهلاك الألماني قبل الصراع.
وأدى ذلك إلى حملة كبيرة من قبل الحكومة الألمانية لملء مرافق تخزين الغاز في البلاد من موردين آخرين قبل فصل الشتاء.
وأكد المستشار أولاف شولتس مراراً تأمين إمدادات الغاز لهذا الشتاء. وفي مقابلة نشرتها مؤخراً صحيفة «زود دويتشه تسايتونج» الألمانية، قال شولتس إن الإمدادات ستكون آمنة أيضاً لشتاء 23/2024 «إذا لم يحدث شيء غير متوقع».
على صعيد آخر، يتسبب نقص العمال المهرة في تآكل الاقتصاد الألماني بشكل متزايد باعتباره عقبة أمام الشركات، بحسب دراسة حديثة؛ فقد أظهر مؤشر العمال المهرة لمعهد «إيفو» للبحوث الاقتصادية وبنك التنمية الألماني الحكومي «كيه إف دابليو»، أن النشاط التجاري فيما يقرب من نصف جميع الشركات الألمانية ضعف في الربع الأخير من هذا العام بسبب عدم وجود عدد كافٍ من الموظفين.
وقالت كبيرة الاقتصاديين في بنك التنمية الألماني فريتسي كولر - جايب: «ألمانيا على أعتاب تغيير هيكلي ديموغرافي ذي أبعاد تاريخية».
وأظهرت الدراسة أن الوظائف الشاغرة تظل على هذا النحو لمدة خمسة أشهر في المتوسط. في الوقت نفسه لم تزد الإنتاجية بالنسبة لكل موظف، ما يعني إمكانية حدوث ركود مستدام بسبب نقص الموظفين. وجاء في الدراسة: «إذا استمر هذا الأمر، وانخفض عدد الأشخاص العاملين لأسباب ديموغرافية، فقد تحدث مرحلة من الانكماش الدائم للناتج المحلي الإجمالي في مدة تتراوح ما بين ثلاث إلى أربع سنوات».
ويتجلى النقص في العمال المهرة بشكل خاص في قطاع الخدمات. ففي بداية أكتوبر (تشرين الأول) اشتكت أكثر من 48 في المائة من الشركات في هذا القطاع من عدم تمكنها من العثور على عدد كافٍ من الموظفين. وفي حالة مستشاري الضرائب والأعمال الاقتصادية تعاني أكثر من ثلثي المكاتب الاستشارية من نقص العمالة. وبوجه عام تعاني الشركات الكبيرة أكثر من الشركات الصغيرة ومتوسطة الحجم من هذا النقص. ولا تزال الصناعات الكيماوية ومصنعو الورق والكرتون الأقل معاناة من الأمر.
ويرى الخبراء أن التطور الديموغرافي هو السبب الرئيسي في المشكلة. ففي حال كان ميزان الهجرة صفراً، سيتراجع عدد السكان في سن العمل في ألمانيا بمقدار 3.‏9 مليون نسمة بحلول عام 2040، بينما سيرتفع عدد السكان في سن التقاعد بمقدار 7.‏4 مليون نسمة، بحسب تقديرات الباحثين.
وفي السنوات الثلاث المقبلة وحدها، من المرجح أن ينخفض عدد العمال المحليين بمقدار 5.‏1 مليون عامل. وجاء في الدراسة: «النقص في العمال المهرة سيستمر بذلك في الزيادة بدون إجراءات مضادة سريعة وكافية».
وكتدابير مضادة أوصت الدراسة بضرورة إشراك النساء وكبار السن والعاطلين عن العمل بشكل أوثق في سوق العمل. بالإضافة إلى ذلك يجب أن تكون هناك هجرة متزايدة للعمال الأجانب. وقالت كولر - جايب: «التغيير الديموغرافي له تأثير بعيد المدى يتوجب معه معالجة عدة عوامل في نفس الوقت من أجل ضمان الازدهار ومواجهة التحديات الرئيسية، وقبل كل شيء التحول إلى اقتصاد أخضر ورقمي». ويعتمد مقياس «إيفو» وبنك التنمية الألماني للعمال المهرة على تقييمات استطلاعات «إيفو» الاقتصادية، والتي يتم من خلالها حساب مؤشر «إيفو» لمناخ الأعمال، من بين أمور أخرى. ويجري المعهد كل ثلاثة أشهر مسحاً يشمل نحو 9000 شركة من قطاعات التصنيع والبناء والتجارة والخدمات، من بينها نحو 7500 شركة متوسطة الحجم، لوضع مقياس العمالة الماهرة.


مقالات ذات صلة

روسيا تنظم «أكبر احتفال» بالذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية

أوروبا روسيا تعتزم تنظيم أكبر احتفال في تاريخها بمناسبة الذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية (رويترز)

روسيا تنظم «أكبر احتفال» بالذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية

أعلنت روسيا اليوم (الثلاثاء) أنها تعتزم تنظيم «أكبر احتفال في تاريخها» بمناسبة الذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية، في سياق تمجيد القيم الوطنية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أميركا اللاتينية «لاهوت التحرر» يفقد مؤسّسه الكاهن الكاثوليكي البيروفي غوستافو غوتيرّيس عن 96 عاماً

«لاهوت التحرر» يفقد مؤسّسه الكاهن الكاثوليكي البيروفي غوستافو غوتيرّيس عن 96 عاماً

مطلع العقد السادس من القرن الماضي شهدت أميركا اللاتينية، بالتزامن مع انتشار حركات التحرر التي توّجها انتصار الثورة الكوبية.

شوقي الريّس (هافانا)
أوروبا رجل يلتقط صورة تذكارية مع ملصق يحمل صورة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يقول: «لماذا نريد مثل هذا العالم إذا لم تكن روسيا موجودة فيه؟» (رويترز)

«فليحفظ الرب القيصر»... مؤيدون يهنئون بوتين بعيد ميلاده الثاني والسبعين

وصف بعض المؤيدين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بـ«القيصر»، في عيد ميلاده الثاني والسبعين، الاثنين، وقالوا إنه أعاد لروسيا وضعها، وسينتصر على الغرب بحرب أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
العالم جندي أوكراني يجلس داخل دبابة ألمانية الصنع من نوع «ليوبارد 2 إيه 5» بالقرب من خط المواجهة (أ.ف.ب)

هل انتهى عصر الدبابات «ملكة المعارك» لصالح الطائرات المسيّرة؟

رغم أن الدبابات ساعدت أوكرانيا في التقدم داخل روسيا، تعيد الجيوش التفكير في كيفية صنع ونشر هذه الآليات القوية بعد أدائها المتواضع خلال الفترة الأخيرة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
أوروبا بوتين يتحدث مع طلاب مدرسة في جمهورية توفا الروسية الاثنين (إ.ب.أ) play-circle 00:45

بوتين يتوعد الأوكرانيين في كورسك ويشدد على استمرار الحرب حتى تحقيق أهدافها

شدد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على أن الهجوم الأوكراني في كورسك لن يوقف تقدم جيشه في منطقة دونباس، متعهداً بمواصلة العمليات الحربية حتى تحقيق أهداف بلاده.

رائد جبر (موسكو)

بنك إنجلترا يحذر من تأثير زيادة الحواجز التجارية على النمو العالمي

بنك إنجلترا في الحي المالي لمدينة لندن (رويترز)
بنك إنجلترا في الحي المالي لمدينة لندن (رويترز)
TT

بنك إنجلترا يحذر من تأثير زيادة الحواجز التجارية على النمو العالمي

بنك إنجلترا في الحي المالي لمدينة لندن (رويترز)
بنك إنجلترا في الحي المالي لمدينة لندن (رويترز)

حذر بنك إنجلترا يوم الجمعة من أن زيادة الحواجز التجارية قد تؤثر سلباً على النمو العالمي وتزيد من حالة عدم اليقين بشأن التضخم، مما قد يتسبب في تقلبات في الأسواق المالية.

وقال بنك إنجلترا، دون الإشارة بشكل خاص إلى فوز دونالد ترمب في الانتخابات الرئاسية الأميركية، إن النظام المالي قد يتأثر أيضاً بالاضطرابات في تدفقات رأس المال عبر الحدود وانخفاض القدرة على تنويع المخاطر، وفق «رويترز».

وأضاف أن «انخفاض التعاون الدولي في مجال السياسات قد يعوق تقدم السلطات في تحسين مرونة النظام المالي وقدرته على امتصاص الصدمات المستقبلية».

وفي حين أظهرت الأسر والشركات والبنوك في المملكة المتحدة أنها في حالة جيدة، فإن القطاع المالي في البلاد يواجه مخاطر «ذات أهمية خاصة» نظراً لانفتاح الاقتصاد البريطاني.

ومن بين التهديدات الأخرى ارتفاع مستويات الدين العام في العديد من الاقتصادات في مختلف أنحاء العالم. وقال التقرير إن «حالة عدم اليقين والمخاطر التي تهدد التوقعات قد زادت».

وأضاف بنك إنجلترا أنه لا يزال يعتقد أن التقييمات والعوائد في الأسواق المالية «عرضة لتصحيح حاد» بسبب المخاطر التي تهدد النمو والتضخم وعدم اليقين بشأن أسعار الفائدة. وحذر من أن مثل هذا التصحيح قد يتفاقم بسبب نقاط الضعف المستمرة في التمويل القائم على السوق وقد يؤدي إلى ارتفاع تكاليف الاقتراض للأسر والشركات في المملكة المتحدة.

وأشار إلى أن أحدث اختبارات المرونة التي أجراها على البنوك البريطانية أظهرت أنها تتمتع برأس مال جيد وسيولة وفيرة. لكن المؤسسات المالية غير المصرفية، مثل صناديق التحوط، لا تزال عرضة لصدمات مالية مفاجئة، وأنه ليس بإمكان جميع هذه المؤسسات الوصول إلى التمويل الضروري في أوقات الأزمات. وأوضح أن القطاع المتنامي للمؤسسات المالية غير المصرفية قد عزز من مرونته، إلا أن اعتماده على التمويل البنكي في أوقات الأزمات قد يؤدي إلى «مخاطر أكبر على الاستقرار المالي».

وعلى خلاف اختبارات الضغط التقليدية التي تركز على كيفية تأثر ميزانيات البنوك والمؤسسات المالية الأخرى خلال الأزمات، استعرض اختبار بنك إنجلترا الشامل كيف يمكن لتصرفات شبكة كاملة من المؤسسات المالية، بما في ذلك البنوك وصناديق التحوط وشركات التأمين والمقاصة المركزية، أن تُفاقم الصدمات الاقتصادية.

وتصور السيناريو الافتراضي حالة من «تفاقم التوترات الجيوسياسية» التي تؤدي إلى صدمة سوقية مفاجئة وشديدة. وقد يصبح هذا السيناريو أكثر احتمالاً بعد فوز ترمب، حيث هدد مراراً بفرض رسوم جمركية على الواردات الأجنبية، مما قد يؤدي إلى تصعيد التوترات التجارية والسياسية مع دول مثل الصين.

وقد أظهرت نتائج اختبار بنك إنجلترا المخاطر المستمرة في قطاع المؤسسات المالية غير المصرفية، حيث تتوقع العديد من هذه المؤسسات أن تتمكن من الاعتماد على تمويل «الريبو» من البنوك، وهو أمر قد يكون غير متاح في حالات الأزمات.

كما أشار إلى أن سوق سندات الشركات بالجنيه الاسترليني ستواجه ضغطاً كبيراً، حيث ستضطر الصناديق التي تحاول جمع السيولة إلى بيع السندات في سوق متهالك، مما يؤدي إلى «قفزة نحو عدم السيولة» مع قلة المشترين.

ورغم أن هذا الاختبار الشامل كان يهدف بشكل أساسي إلى توعية المؤسسات المالية بالمخاطر المحتملة بدلاً من اتخاذ إجراءات سياسية مباشرة، أكد بنك إنجلترا أن استنتاجاته تدعم الجهود الدولية لفهم وتنظيم القطاع غير المصرفي المتنامي. ويشمل ذلك المراجعات المتزايدة من قبل المنظمين في مختلف أنحاء العالم للقطاع الذي يمثل الآن حوالي نصف النظام المالي العالمي، بعد عدة حوادث تطلبت دعماً لهذه المؤسسات في السنوات الأخيرة.

وفي المستقبل، يخطط البنك المركزي لإجراء اختبارات مرونة كاملة للبنوك كل عامين اعتباراً من عام 2025، وذلك لتقليل العبء الإداري على المقرضين والسماح للبنك بالتركيز على المخاطر المالية المحتملة الأخرى. وسيتم إجراء اختبارات معيارية أقل تفصيلاً حسب الحاجة بين تلك السنوات.

واحتفظ بنك إنجلترا بمتطلب رأس المال المعاكس للتقلبات الدورية (CcyB)، أو متطلب رأس المال «للأيام الممطرة» للبنوك التي يمكن السحب منها في الأوقات العصيبة، عند مستوى محايد بنسبة 2 في المائة.