الطبيعة مصدر إلهام لتحقيق اكتشافات علمية مذهلة

في الطبيعة الكثير من الحلول لمشكلات معقدة (أ.ب)
في الطبيعة الكثير من الحلول لمشكلات معقدة (أ.ب)
TT

الطبيعة مصدر إلهام لتحقيق اكتشافات علمية مذهلة

في الطبيعة الكثير من الحلول لمشكلات معقدة (أ.ب)
في الطبيعة الكثير من الحلول لمشكلات معقدة (أ.ب)

في ظل التهديدات المتأتية من التغير المناخي والأنشطة البشرية، تظهر الحيوانات والنباتات أكثر من أي وقت مضى فائدة وأهمية للبشرية، ولا تزال تشكل مصدر إلهام لاكتشافات علمية كثيرة، بشكل غير متوقع أحياناً.
في هذا السياق، صرح ألون غوروديتسكي من جامعة كاليفورنيا في إيرفاين، لوكالة الصحافة الفرنسية أن «الطبيعة أمضت مئات ملايين السنوات في تطوير حلول أنيقة لمشاكل معقدة للغاية. لذلك إذا نظرنا إليها، يمكننا توفير الوقت والعثور على حلول صالحة على الفور».
من أدوات تسخين الأطباق المصنوعة من جلد الحبار إلى استخدام مخاط البقر للتصدي للفيروسات المنقولة جنسياً، في ما يأتي مجموعة مختارة من الأعمال العلمية المنشورة في عام 2022 والمستوحاة من الطبيعة.
- يمكن للبامية، وهو نبات استوائي يستخدم في تحضير أطباق كثيرة من مطابخ عالمية مختلفة، أن تحقق نتائج فاعلة، في المطبخ وأيضاً في الطب.
فهذه الخضار الخضراء ذات الملمس اللزج ألهمت بشكل خاص مالكولم شينغ من جامعة مانيتوبا الكندية، إذ اكتشف أن عصيرها، بعد ضغطه ثم تجفيفه ليتحول إلى مسحوق، يمكن تحويله إلى هلام حيوي فعال يشكّل حاجزاً مادياً يمكن أن يحفز عملية تخثر الدم. ويمكن الاستعانة بهذه الخاصية لصنع ضمادة طبيعية لوقف النزف بسرعة في العمليات الجراحية.
وإثر اختبار هذا الابتكار على جروح في القلب والكبد لدى الكلاب والأرانب، أدت هذه المادة الهلامية إلى وقف النزف في دقيقة واحدة، من دون استخدام الغرز.
ومن المقرر إجراء تجارب بشرية على هذا الابتكار في السنوات القليلة المقبلة.
- عندما نفكر في مخاط البقر، يكون رد الفعل الأول غالباً هو الاشمئزاز. لكنّ دراسة أشارت في سبتمبر (أيلول) إلى أن مادة تعتمد على هذه المادة قد تكون فعالة أيضاً في الحد من انتشار الأمراض المنقولة جنسياً، مثل فيروس نقص المناعة البشرية أو الهربس.
يتكون المخاط من بروتين يسمى «موسين» قد تكون له خصائص مضادة للفيروسات.وقد استخرجه العلماء من الغدد اللعابية للأبقار وحولوه إلى مادة هلامية، مرتبطة بالفيروسات الصغيرة، يمكنها القضاء عليها. وبعد اختبارات مخبرية، أظهر الباحثون أن هذا المزلّق يمكن أن يقلل من خطر الإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية بنسبة 70% والهربس بنسبة 80%.
لكن هذا العمل لا يزال في مرحلة أولية فقط، بحسب الباحثين، على عكس الواقي الذكري الذي ثبتت فعاليته.
- ألهمت الخنافس المضيئة (اليراعات) التي تنير سماء الليل، العلماء في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا لابتكار روبوتات صغيرة يمكنها إصدار الضوء أثناء طيرانها.
للقيام بذلك، جهزوا الروبوتات بأجنحة مزودة عضلات اصطناعية، تسمى مشغّلات، أضيفت إليها جزيئات باعثة للضوء.
وبعد تجهيز الروبوتات بأجهزة استشعار، تستطيع التدخل بشكل مستقل أثناء مهمات الإنقاذ في مبنى منهار، حيث لا يمكن للروبوتات الكبيرة أن تذهب...
- غالباً ما يكون اكتشاف السرطانات باستخدام الأساليب الحالية (التصوير بالرنين المغناطيسي، تصوير الثدي بالأشعة السينية...) باهظ التكلفة ومعقداً. لذلك يلجأ الباحثون إلى الحيوانات: الكلاب ولكن أيضاً... النمل.
ففي دراسة أجرتها جامعة السوربون في باريس، لم تتم مراجعتها بعد، استخدم العلماء مكافأة من الماء المحلّى لتدريب نوع من النمل على شم الفرق بين البول لدى فئران زُرعت لديها أورام سرطانية وأخرى لم تُزرع لديها هذه الأورام. وتمكّنت نحو 100 نملة من اكتشاف سرطان المبيض ونوعين من سرطان الثدي في 95% من الحالات.
وبينما يستغرق الأمر ستة أشهر على الأقل لتدريب كلب على هذا النوع من الكشف، فإن النمل ينجح في هذه المهمة في أقل من ساعة.
- يحوي جسم الحبار على أعضاء مصغرة تسمى كروماتوفورس، يمكن أن يتغير حجمها أو لونها بشكل كبير. وبالاستلهام من هذا الأمر، طوّر ألون غوروديتسكي، المعدّ المشارك لدراسة نشرت في آذار/مارس في مجلة Nature Sustainability، «جزراً معدنية صغيرة يمكن تفكيكها» وتجميعها لإنشاء غلاف قادر على ضبط مستوى الحرارة.
قد يكون هذا الابتكار مفيداً يوماً ما للحفاظ على حرارة القهوة أو السندويتشات. ويقول الباحث «الطبيعة هي حقاً خلاصة الابتكار والهندسة».


مقالات ذات صلة

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

علوم النموذج تم تطويره باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

أنتجت مجموعة من العلماء هيكلاً يشبه إلى حد كبير الجنين البشري، وذلك في المختبر، دون استخدام حيوانات منوية أو بويضات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم الهياكل الشبيهة بالأجنة البشرية تم إنشاؤها في المختبر باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء يطورون «نماذج أجنة بشرية» في المختبر

قال فريق من الباحثين في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة إنهم ابتكروا أول هياكل صناعية في العالم شبيهة بالأجنة البشرية باستخدام الخلايا الجذعية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

تمكنت مجموعة من العلماء من جمع وتحليل الحمض النووي البشري من الهواء في غرفة مزدحمة ومن آثار الأقدام على رمال الشواطئ ومياه المحيطات والأنهار.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
علوم صورة لنموذج يمثل إنسان «نياندرتال» معروضاً في «المتحف الوطني لعصور ما قبل التاريخ» بفرنسا (أ.ف.ب)

دراسة: شكل أنف البشر حالياً تأثر بجينات إنسان «نياندرتال»

أظهرت دراسة جديدة أن شكل أنف الإنسان الحديث قد يكون تأثر جزئياً بالجينات الموروثة من إنسان «نياندرتال».

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

توصلت دراسة جديدة إلى نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات على كوكب الأرض مشيرة إلى أن نظرية «تبلور العقيق المعدني» الشهيرة تعتبر تفسيراً بعيد الاحتمال للغاية.

«الشرق الأوسط» (لندن)

الواقع الافتراضي يمنح ذوي الإعاقة الذهنية استقلالية أكبر

نظارات الواقع الافتراضي تتيح لذوي الإعاقة الذهنية تعلم مهارات حياتية بشكل أسرع (جامعة كالجاري)
نظارات الواقع الافتراضي تتيح لذوي الإعاقة الذهنية تعلم مهارات حياتية بشكل أسرع (جامعة كالجاري)
TT

الواقع الافتراضي يمنح ذوي الإعاقة الذهنية استقلالية أكبر

نظارات الواقع الافتراضي تتيح لذوي الإعاقة الذهنية تعلم مهارات حياتية بشكل أسرع (جامعة كالجاري)
نظارات الواقع الافتراضي تتيح لذوي الإعاقة الذهنية تعلم مهارات حياتية بشكل أسرع (جامعة كالجاري)

أظهرت دراسة أسترالية أن استخدام نظارات الواقع الافتراضي يُمكِن أن يفتح آفاقاً جديدة للأشخاص ذوي الإعاقة الذهنية، مما يتيح لهم تعلم مهارات حياتية عملية بشكل أسرع دون الحاجة إلى الاعتماد على مقدمي الرعاية.

وأوضح الباحثون بجامعة «جنوب أستراليا» وجامعة «نيو ساوث ويلز»، أن هذه التقنية يمكن أن تتيح لهؤلاء الأشخاص تعلم مهارات أساسية مثل النظافة الشخصية وإدارة المهام اليومية، ونشرت النتائج، الجمعة، بدورية (Intellectual Disability Research).

ونظارات الواقع الافتراضي (VR) هي أجهزة إلكترونية يتم ارتداؤها على الرأس، مصممة لخلق تجربة غامرة في بيئة افتراضية ثلاثية الأبعاد. وتعتمد هذه النظارات على عرض صور ومقاطع فيديو بزاوية 360 درجة، بحيث يشعر المستخدم وكأنه موجود داخل البيئة الافتراضية.

وتستخدم نظارات الواقع الافتراضي بشكل واسع في الألعاب الإلكترونية، والتعليم، والتدريب المهني، والطب، حيث تتيح للمستخدم التفاعل مع بيئة محاكية للواقع دون مغادرة مكانه. وتوفر هذه التقنية تجربة غنية وحسية تحاكي الواقع، ما يجعلها أداة فعالة لتعلم المهارات والتفاعل مع العالم الافتراضي بطريقة واقعية.

ويواجه معظم الأشخاص ذوي الإعاقة الذهنية تحديات كبيرة في أداء المهارات الحياتية الأساسية مثل الطهي، والاستحمام، والتنظيف دون مساعدة من مقدمي الرعاية، مما يمنعهم من العيش باستقلالية والتمتع بجودة حياة أفضل.

وقام الباحثون بمقارنة فعالية نظارات الواقع الافتراضي الغامرة مع البيئات الافتراضية غير الغامرة مثل التدريب على جهاز لوحي، لتدريب 36 بالغاً من ذوي الإعاقة الذهنية على كيفية فصل النفايات العامة عن النفايات القابلة لإعادة التدوير، والنفايات العضوية من الحدائق والطعام.

وشملت الدراسة، 12 جلسة تدريب افتراضية. وأظهرت النتائج أن المجموعة التي استخدمت نظارات الواقع الافتراضي الغامرة حققت أداءً أفضل بشكل ملحوظ في الحياة الواقعية مقارنة بالمجموعة التي استخدمت جهازاً لوحياً للتدريب.

وأكد الباحثون أن تقنية التدريب باستخدام الواقع الافتراضي الغامر يمكن أن تُستخدم أيضاً لتعليم مهارات أساسية أخرى مثل الطهي وأمان المطبخ، والنظافة الشخصية، والتنقل في وسائل النقل العامة، والمهارات الاجتماعية.

وقال الباحث الرئيسي للدراسة بجامعة نيو ساوث ويلز، الدكتور ستيفان ميشالسكي، إن «الواقع الافتراضي الغامر يتيح للأفراد تجربة الأنشطة في بيئة آمنة ومتحكم بها وقابلة للتكرار».

وأضاف عبر موقع الجامعة، أن البحث يظهر أن التعلم بالممارسة، المعروف أيضاً باسم التعلم التجريبي، يبدو أكثر فعالية لهذه الفئة مقارنةً بالأساليب التعليمية التقليدية، مشيراً إلى أن هناك أدلة متزايدة على فوائد الواقع الافتراضي، لكننا بحاجة لسد الفجوة بين البحث والتطبيق حتى يتمكن المزيد من الناس من الاستفادة من هذه التكنولوجيا.