تباطؤ التضخم والاستهلاك في الولايات المتحدة خلال نوفمبر

متسوّقون في الجادة الخامسة بنيويورك (أ.ب)
متسوّقون في الجادة الخامسة بنيويورك (أ.ب)
TT

تباطؤ التضخم والاستهلاك في الولايات المتحدة خلال نوفمبر

متسوّقون في الجادة الخامسة بنيويورك (أ.ب)
متسوّقون في الجادة الخامسة بنيويورك (أ.ب)

بدأت الإجراءات التي اتخذها الاحتياطي الفدرالي الأميركي في الأشهر التسعة الماضية لإبطاء النشاط الاقتصادي عن طريق رفع أسعار الفائدة وبالتالي كبح التضخم، تنعكس في الأرقام وتبطئ الاستهلاك.
فقد كشف مؤشر الاستهلاك أن التضخم تباطأ بشكل كبير في نوفمبر (تشرين الثاني) في الولايات المتحدة في ظل تباطؤ في الاستهلاك، مما قد يكون تمهيدا للركود المتوقع العام المقبل. ووفق هذا المؤشر، انخفض التضخم في نوفمبر إلى 5.5 في المائة خلال عام واحد مقابل 6.1 في المائة في أكتوبر (تشرين الأول). ويريد الاحتياطي الفدرالي خفضه إلى 2 في المائة.
وقال الرئيس الأميركي جو بايدن في بيان إن«عيد الميلاد يأتي مع هبوط أسعار البنزين وأدنى زيادة في عام في أسعار البقالة»، مبدياً «تفاؤلي للعام المقبل» على الرغم من «التقلبات».
ولم تتجاوز نسبة التضخم 0.1 في المائة على مدى شهر مقابل 0.4 في المائة في أكتوبر.
ويعتبر انخفاض التضخم نبأ جيد للقوة الشرائية. حتى أن هذا تسبب بانتعاش مستوى ثقة المستهلك أكثر مما كان متوقعا في ديسمبر (كانون الأول)، كما أظهر استطلاع أجرته جامعة ميشيغان ونشرت نتائجه الجمعة. ومع ذلك ما زالت هذه الثقة منخفضة جدا.
وسمح الاستهلاك، محرك النمو في الولايات المتحدة والذي ظل قوياً حتى الآن، للناتج المحلي الإدمالي بالارتفاع بنسبة 3.2 في المائة على أساس سنوي في الربع الثالث، بعد فصلين من الانكماش.
لكن ارتفاع سعر الفائدة يؤثر بقوة على قطاعات محددة لا سيما العقارات. وأعلن اتحاد وكلاء العقارات الخميس أن حجم إعادة بيع المساكن تراجع في نوفمبر للشهر العاشر على التوالي، للمرة الأولى منذ بدء جمع هذه البيانات في 1999.
وفي المقابل أعلنت وزارة التجارة الجمعة أن مبيعات المنازل الجديدة سجلت ارتفاعا للشهر الثاني على التوالي في نوفمبر مما فاجأ المحللين الذين كانوا يتوقعون انخفاضا.
وقال إيان شيبردسون أحد هؤلاء الخبراء «أيا كان سبب هذه المرونة الظاهرة (...) نشك في أنها ستستمر». وتوقع «هبوطًا مفاجئًا في المبيعات في الأشهر المقبلة».
في الواقع، ارتفعت أسعار الفائدة على قروض المنازل منذ بداية العام في إطار تشديد السياسة النقدية للاحتياطي الفدرالي لمكافحة التضخم.
وفي 14 ديسمبر رفع الاحتياطي سعر الفائدة الرئيسي مجدداً، ولكن بمقدار نصف نقطة فقط وهي زيادة أقل مما حصل الأشهر السابقة، غير انها تبقى أعلى بكثير من نقطة الربع المعتادة. وحذر هذا الجهاز الفدرالي من أن الوقت لم يحن بعد للتوقف عن اتخاذ الإجراءات لأنه يريد كسب معركته ضد التضخم بشكل دائم.
وأظهر مقياس آخر للتضخم هو مؤشر «سي بي آي» الذي تعدل على أساسه المعاشات التقاعدية، تباطؤا حادا في نوفمبر، إلى 7.1 في المائة خلال عام واحد مقابل 7.7 في المائة في الشهر الذي سبق.


مقالات ذات صلة

نمو الوظائف الأميركية يتسارع... والبطالة تنخفض إلى 4.1 %

الاقتصاد امرأة تدخل متجراً بجوار لافتة تعلن عن وظائف شاغرة في تايمز سكوير (رويترز)

نمو الوظائف الأميركية يتسارع... والبطالة تنخفض إلى 4.1 %

تسارع نمو الوظائف في الولايات المتحدة خلال سبتمبر (أيلول)؛ إذ انخفض معدل البطالة إلى 4.1 في المائة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد نادل يتجول بين الزبائن في مطعم «بيتر لوغر ستيك هاوس» في بروكلين مدينة نيويورك (رويترز)

نشاط قطاع الخدمات الأميركي يسجل أعلى مستوى منذ عام ونصف

قفز نشاط قطاع الخدمات في الولايات المتحدة إلى أعلى مستوى له منذ عام ونصف في سبتمبر (أيلول) وسط نمو قوي في الطلبات الجديدة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد مطعم في أرلينغتون في ولاية فيرجينيا يبحث عن موظفين (رويترز)

ارتفاع طفيف في طلبات إعانات البطالة الأميركية

ارتفع عدد الأميركيين الذين تقدّموا بطلبات جديدة للحصول على إعانات البطالة بشكل طفيف الأسبوع الماضي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد دونالد ترمب وكامالا هاريس (أ.ف.ب)

«إنفوغراف»... الاقتصاد ما بين ترمب وهاريس

«إنفوغراف» يعرض التباين الاقتصادي الشاسع بين برامج نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس، وخصمها الجمهوري دونالد ترمب في سباقهما إلى البيت الأبيض.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد علامة «نوظف الآن» معلقة على جدار مطعم في مانهاتن بمدينة نيويورك (رويترز)

ارتفاع أكبر من المتوقع لأعداد الوظائف بالقطاع الخاص في الولايات المتحدة

نما التوظيف في القطاع الخاص الأميركي في سبتمبر (أيلول)، ما يُشير إلى أن سوق العمل تحافظ على استقرارها، على الرغم من بعض علامات الضعف.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

لهذه الأسباب... ارتفعت الصفقات العقارية للوحدات السكنية الصغيرة 151 % في السعودية

بناية تحتوي على وحدات سكنية صغيرة بالعاصمة السعودية الرياض (دار الأركان العقارية)
بناية تحتوي على وحدات سكنية صغيرة بالعاصمة السعودية الرياض (دار الأركان العقارية)
TT

لهذه الأسباب... ارتفعت الصفقات العقارية للوحدات السكنية الصغيرة 151 % في السعودية

بناية تحتوي على وحدات سكنية صغيرة بالعاصمة السعودية الرياض (دار الأركان العقارية)
بناية تحتوي على وحدات سكنية صغيرة بالعاصمة السعودية الرياض (دار الأركان العقارية)

تشهد السوق العقارية في السعودية مؤخراً إقبالاً على الوحدات السكنية ذات المساحات الصغيرة، التي تتراوح مساحاتها بين 30 متراً مربعاً و65 متراً مربعاً، حيث ارتفعت الصفقات العقارية لتلك المساحات بنسبة 151 في المائة خلال الأرباع الثلاثة الأولى من العام الحالي، مقارنةً بالفترة ذاتها من العام الماضي.

وأرجع عدد من الخبراء والاختصاصيين العقاريين خلال حديثهم مع «الشرق الأوسط»، هذا الإقبال، إلى 4 أسباب، مشيرين إلى أن المستقبل في المدن الكبرى مثل الرياض، ومكة المكرمة، والمدينة المنورة وجدة، والدمام سيكون للوحدات السكنية ذات المساحات الصغيرة، التي ستخلق فرصاً استثمارية جديدة للمطورين العقاريين في التوسع في هذه الوحدات وزيادة نصيبها ضمن مَحافظهم الاستثمارية والخاصة بمشروعات التطوير العقاري.

ويرى الخبير والمُقيّم العقاري المهندس أحمد الفقيه، خلال حديثه مع «الشرق الأوسط»، أن المستقبل في المدن الكبرى للوحدات السكنية من الشقق الصغيرة بمتوسط مساحة 35 متراً مربعاً، مضيفاً أن مبيعات غالبية المطورين والمسوّقين العقاريين في المدن الكبيرة تتركز في الوحدات السكنية الصغيرة التي تتكون من غرفة أو غرفتين واستوديو.

وأرجع الفقيه هذا التوجه نحو الوحدات السكنية الصغيرة، إلى 4 أسباب، تتمثل في تغير التركيبة السكانية في المدن الرئيسية وعلى رأسها مدينة الرياض ومحافظة جدة؛ بسبب الهجرة الكبيرة نحو المدن التي أصبحت مركز جذب، ولارتفاع جودة الحياة فيها، ولزيادة الفرص الوظيفية فيها للسعوديين وغير السعوديين، كما أن هذه الفئات قليلة العدد ومتوسط عدد أفرادها 3 أشخاص. بالإضافة إلى ظهور فئات جديدة في المجتمع لم يعهدها سابقاً، من الذين يُفضّلون الاستقلالية في السكن، حيث إن بعضهم سيدات، سواء منفصلات أو موظفات قادمات من خارج المدن، أو رجال يفضلون الاستقلالية في السكن.

وأشار الفقيه إلى أن السبب الثالث، يكمن في تغير العادات الاجتماعية، بحيث أصبحت الأسر الجديدة وحديثو الزواج يميلون إلى عدم إنجاب الأطفال بعدد كبير جداً، ويفضّلون وجود فترة زمنية تتجاوز 3 سنوات لإنجاب طفلهم الأول، بعد الاستقرار المادي والسكني، مضيفاً أن السبب الرابع يتمثل في ارتفاع أسعار الوحدات السكنية في المدن الكبرى؛ مما دفع كثيراً من العائلات الصغيرة والمستقلين إلى تفضيل الوحدات السكنية ذات المساحات الصغيرة.

واستشهد الفقيه بلغة الأرقام، مشيراً إلى أن بيانات البورصة العقارية توضح تضاعف الصفقات العقارية للوحدات السكنية بين 30 متراً مربعاً و65 متراً مربعاً، حيث سجّلت البورصة خلال الأرباع الثلاثة الأولى من العام الماضي نحو 242 وحدة سكنية، بينما قفزت خلال الأرباع الثلاثة الأولى من العام الحالي إلى 608 وحدات سكنية، وهو مؤشر قوي على ازدياد وتفضيل هذا النوع من المساكن.

الوحدات الصغيرة... نجم صاعد

من جانبه، وصف المستشار والخبير العقاري العبودي بن عبدالله، خلال حديثه مع «الشرق الأوسط»، الوحدات السكنية الصغيرة بأنها نجم صاعد في السوق العقارية السعودية، واستطاعت خلال الفترة الماضية جذب اهتمام المطورين والمستثمرين على حد سواء، مشيراً إلى أنه مع تنامي عدد السكان وزيادة الطلب على السكن فرضت هذه الوحدات نفسها حلاً مبتكراً وذكياً يلبي احتياجات الطلب الكبير والعصر الحديث في السوق العقارية السعودية، ويتواكب مع ما يشهده من تحولات ديناميكية، كما يجمع بين المرونة والكفاءة والاستدامة.

وأضاف أنه «في ظل التحولات الاجتماعية والاقتصادية التي تشهدها المملكة تظهر الحاجة إلى تنوع في الخيارات السكنية بشكل متزايد من الجيل الجديد من السعوديين الذين يفضّلون الاستقلالية والمرونة، ويسعون للحصول على وحدات سكنية تلبي احتياجاتهم الفردية بأسعار تتناسب مع قدراتهم الشرائية». ولفت إلى أن الوحدات السكنية الكبيرة لم تعد الخيار الأوحد، بل باتت الوحدات الصغيرة تجذب الأنظار، خصوصاً للشباب والعائلات الصغيرة والمهنيين غير المتزوجين الذين يبحثون عن أسلوب حياة يتناسب مع احتياجاتهم، دون الإخلال بالجودة أو الراحة؛ مما يجعلها خياراً مثالياً لمَن يسعون للحصول على نمط حياة عصري ومستدام، يتماشى مع التوجهات العالمية نحو التصميم الذكي واستخدام المساحات بشكل أكثر فعالية.

ويرى العبودي أن النمو السكاني وتنامي تدفق موظفي الشركات العالمية والمستثمرين، زادا من الطلب على الوحدات السكنية الصغيرة بشكل لافت في المملكة، خصوصاً للفئات الباحثة عن سكن بأسعار معقولة وبمواقع استراتيجية داخل المدن الكبرى مثل الرياض وجدة والدمام، لافتاً إلى أن الأرقام والإحصاءات تشير إلى أن الطلب على الوحدات الصغيرة سيرتفع بشكل مستمر خلال السنوات المقبلة؛ حيث يسهم ذلك في تخفيف الضغط على الوحدات السكنية الكبيرة ويفتح أبواباً جديدة للاستثمار في قطاع العقارات، كما أن المستثمرين العقاريين بدأوا في استيعاب ذلك، وهو ما أدى إلى زيادة المشروعات السكنية التي تركز على تقديم وحدات صغيرة تتسم بالجودة والكفاءة.

وأضاف أنها تعدّ خياراً اقتصادياً ممتازاً سواء للمطورين أو للمشترين، فالمساحات الأصغر تعني تكاليف أقل للبناء وبالتالي تقديم وحدات بأسعار تنافسية تتيح لشريحة أوسع من السكان إمكانية التملك أو الإيجار، وهذا يسهم في تحقيق أهداف «رؤية 2030» في زيادة نسبة تملك السعوديين للمساكن، كما أنها ستصبح جزءاً أساسياً من النسيج العقاري للمملكة.