ارتفعت وتيرة وحدة الانتقادات الموجهة إلى الحكومة التونسية، بسبب غلاء المعيشة وارتفاع الأسعار، واختفاء بعض المواد الغذائية من الأسواق، وهو ما عجل بظهور دعوات ملحة لإجراء تعديل كبير على تركيبة الحكومة الحالية، مع الإبقاء على نجلاء بودن في رئاستها، أو إجراء تغيير حكومي شامل يطال رئيسة الحكومة أيضا.
وحملت الانتقادات حكومة بودن الجزء الأكبر من فشل العملية الانتخابية المتعلقة بالبرلمان الجديد، وصدرت هذه الانتقادات عن أبرز الأفرقاء السياسيين في البلاد، سواء كانوا من المساندين للمسار السياسي الذي أقره الرئيس قيس سعيد صيف سنة 2021، أو المعارضين لنظام الحكم، والداعين لمقاطعة المسار السياسي ورفضه برمته. لكن الغريب في الأمر هو أن «حراك 25 يوليو»، الذي يعد مساندا لخيارات الرئيس سعيد، كان في مقدمة الداعين لإحداث تغييرات حكومية عميقة، تشمل رئاسة الحكومة، وممثلي الحكومة في الجهات، حيث دعا عبد الرزاق الخلولي، المتحدث باسم «حراك 25 يوليو»، رئيس الدولة الى إقالة حكومة بودن، وإجراء تحوير حكومي فوري، وتركيز حكومة سياسية تضم عددا كبيرا من الكفاءات التونسية. كما طالب بتغيير جميع الولاة لضخ دماء جديدة في المشهد السياسي، بعد «الفشل الذريع»، الذي منيت به حكومة بودن في إدارة شؤون البلاد، وعجزها عن إيجاد حلول للأزمة الاقتصادية والاجتماعية المتنامية، حسب تعبيره.
لكن بعض المراقبين للوضع السياسي في تونس يستبعدون حدوث أي تغييرات على الحكومة الحالية، بحجة أن المسار الانتخابي لم ينته بعد، حيث أشار الرئيس سعيد في تعليقه على نتائج الدور الأول من الانتخابات البرلمانية إلى ضرورة انتظار نتائج الدور الثاني، وهو ما فسره البعض بأن سعيد لن يذهب إلى تغيير أو تعديل حكومي إلا بعد انتهاء العملية الانتخابية برمتها، والتي تتضمن إجراء انتخابات مجلس الجهات والأقاليم قريبا، وهي بمثابة غرفة نيابية ثانية. علاوة على انتظار انتخابات بلدية خلال الربيع المقبل.
وقال زهير المغزاوي، رئيس حركة الشعب، التي أيدت مسار «25 يوليو»، قبل أن تسجل الكثير من التحفظات عليه، إن الحكومة القائمة «تتحمل كامل المسؤولية المترتبة عن العجز والارتباك، والقصور في إدارة الملفات المتصلة بحياة التونسيين، وعلى رأسها ملف ارتفاع الأسعار، وتوفير السلع الأساسية والصحة، والنقل والتعليم، والطاقة».
وفي هذا السياق، اعتبر عدد من المحللين السياسيين أن «حركة الشعب» باتت تدعم بقوة فكرة إجراء تعديل على حكومة نجلاء بودن برمتها، خاصة أن بعض قياداتها وصف الحكومة في أكثر من مناسبة بأنها «أصبحت أكبر عدو لمسار 25 يوليو»، وطالبوا برحيلها. مشترطين في المقابل الالتزام بوضع خطة إنقاذ للوضع الاقتصادي والاجتماعي، بالاعتماد على فريق وزاري جديد. كما اعتبر عدد من المعارضين لمسار «25 يوليو» أن الحكومة الحالية هي التي تقف وراء فشل المفاوضات الجارية مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض لتمويل ميزانية الدولة.
وكانت تقارير إعلامية محلية قد كشفت عن لقاء جمع زهير المغزاوي برئيس الجمهورية قيس سعيد الأحد الماضي، عند الإعلان عن النتائج الأولية للانتخابات البرلمانية، ووفق تصريح لمحمد المسليني، القيادي في حركة الشعب، فقد أبلغ رئيس الحركة الرئيس سعيد بأن نسبة الإقبال على صناديق الاقتراع «ضعيفة»، وأن العملية السياسية الآن في «منطقة زوابع، وهي لا تختلف كثيرا عن سابقاتها فيما يتعلق بالملفين الاقتصادي والاجتماعي، وظهر هذا من خلال تقييم الشعب الذي عزف عن المشاركة في الانتخابات».
وكشفت تلك التقارير عن وجود انتقادات رئاسية واضحة للأداء الحكومي، وإعرابها عن أملها في أن يتفاعل الرئيس إيجابا مع دعوات الأحزاب والمنظمات واتحاد الشغل (نقابة العمال) لإجراء تعديلات حكومية، وتنظيم انتخابات رئاسية سابقة لأوانها.
تونس: تزايد الدعوات لرحيل حكومة بودن
لاتهامها بالفشل في تدبير الأزمة الاجتماعية والاقتصادية الخانقة
تونس: تزايد الدعوات لرحيل حكومة بودن
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة