كيف تضاعف اليابان قوتها العسكرية؟ وما تحدياتها الأمنية؟

(تحليل سياسي)

مقاتلات يابانية وأميركية في طلعة تدريبية فوق بحر اليابان في 25 مايو 2022 (أ.ب)
مقاتلات يابانية وأميركية في طلعة تدريبية فوق بحر اليابان في 25 مايو 2022 (أ.ب)
TT

كيف تضاعف اليابان قوتها العسكرية؟ وما تحدياتها الأمنية؟

مقاتلات يابانية وأميركية في طلعة تدريبية فوق بحر اليابان في 25 مايو 2022 (أ.ب)
مقاتلات يابانية وأميركية في طلعة تدريبية فوق بحر اليابان في 25 مايو 2022 (أ.ب)

تنطوي استراتيجية الأمن القومي الجديدة لليابان وخطط الدفاع ذات الصلة، على دلالة بأنه سوف تكون هناك جهود تحديث عسكرية كبيرة في مواجهة التهديدات المتصورة في شمال شرقي آسيا، خصوصا الصين.
ونقلت «وكالة الأنباء الألمانية» عن الكاتبة شيلا سميث، الباحثة المتخصصة في الدراسات اليابانية بمجلس العلاقات الخارجية الأميركي أن حكومة رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا وافقت في منتصف ديسمبر (كانون الأول) على التوسع الأكثر طموحا وسرعة للقوة العسكرية في اليابان منذ إنشاء قوات الدفاع الذاتي في البلاد في عام 1954. والهدف ذو شقين هما: تعزيز قدرة اليابان على ردع العدوان؛ وضمان استعداد قوات الدفاع الذاتي للقتال في حالة اندلاع صراع.
ووعد كيشيدا بزيادة حصة الناتج المحلي الإجمالي المخصصة للأمن القومي إلى 2 في المائة، ارتفاعا من الحد الأقصى التقليدي البالغ 1 في المائة في العقود الأربعة الماضية.
وتم الإعلان عن ثلاث وثائق ستوجه لتوسع الجيش، تتعلق الأولى باستراتيجية الأمن القومي الجديدة، وتعرض تقييم طوكيو للتهديدات المصطفة ضدها وتحدد الأدوات الدبلوماسية والاقتصادية والتكنولوجية والعسكرية التي ستستخدمها لمعالجتها. وهذه الاستراتيجية، وهي الثانية فقط في تاريخ اليابان بعد الحرب، وتشير إلى الصين وكوريا الشمالية وروسيا كمصدر قلق خاص.
الوثيقة الثانية، وهي عن خطة الدفاع الوطني العشرية، تحدد التحسينات العسكرية المطلوبة لقوات الدفاع الذاتي للقيام بعملها. وقائمة التحسينات الدفاعية شاملة، حيث تدعو الخطة إلى قيادة عملياتية متكاملة جديدة للقوات الثلاث لقوات الدفاع الذاتي، وقدرات فضائية وسيبرانية موسعة، واكتساب قدرات هجومية بعيدة المدى.
وتحدد الوثيقة الثالثة، وهي خطة مشتريات مدتها خمس سنوات، أولويات تنفيذ خطة الدفاع. وسيتم إنفاق ما يقدر بنحو 320 مليار دولار في هذه الفترة الأولية، التي تبدأ في السنة المالية المقبلة وتستمر حتى عام 2027.
- الأولويات الاستراتيجية الجديدة
تقول سميث إن أبرز جوانب الاستراتيجية الأمنية الجديدة لليابان ستشمل: إدخال خيار الضربة التقليدية بعيدة المدى. فمنذ عدة سنوات، تعمل اليابان على تطوير ما تسميه قدرتها على «المواجهة» أو القدرة على الرد على التهديدات في البحر والمجال الجوي المحيط بالأرخبيل الياباني.
فالصواريخ التي استخدمتها للدفاعات الساحلية لها مدى محدود، حوالي 200 كيلومتر، لكن صواريخ جو - جو الجديدة المشتراة من النرويج سيكون مداها أكثر من 480 كيلومترا. وستتطلع اليابان الآن إلى إدخال صواريخ يبلغ مداها 1610 كيلومترات. ومن المحتمل أن تكون هذه صواريخ كروز «توماهوك» أميركية الصنع حتى تتمكن اليابان من بناء صواريخ جديدة بمفردها. وستسمح هذه القدرات الجديدة لليابان بضرب أهداف في عمق آسيا القارية وتهدف إلى جعل المعتدين المحتملين يعيدون التفكير قبل مهاجمة اليابان.
وتؤكد الاستراتيجية الجديدة أيضا على تطوير التكنولوجيا المحلية في اليابان. وستشمل حصة الميزانية الوطنية الممنوحة للابتكار للمرة الأولى التقنيات اللازمة لدفاعات البلاد، وستكون المنافسة الاستراتيجية أحد محركات الاستثمار الوطني في البحث والتطوير. وستتطلع وزارة الدفاع أيضا إلى دعم زيادة الاستثمار في تطوير الأسلحة، سواء في الإنتاج المحلي أو من خلال الاتحادات الدولية. وسيكون تطوير الصواريخ أولوية.
وأولى مخططو الدفاع اهتماما جديا لقدرة قوات الدفاع الذاتي على القتال كقوة متماسكة، والحفاظ على العمليات على مدار أزمة أو صراع. وتشمل الأولويات: تطوير التخطيط التشغيلي المتكامل، بما في ذلك قيادة مشتركة جديدة؛ والاستثمار في قدرة القوات على الصمود، إذ إن جعل المطارات والموانئ المدنية في متناول قوات الدفاع الذاتي، بما في ذلك أحدث منصاتها مثل الطائرة المقاتلة «إف 35» وكذلك المدمرات، سيقطع شوطا طويلا لضمان الاستعداد.
كما غرست الحرب في أوكرانيا إحساسا بالإلحاح في اليابان عندما يتعلق الأمر بتأمين المتطلبات اللوجيستية الأساسية، مثل الوقود والذخيرة وغيرها من الإمدادات الحيوية.
- التهديدان الكوري الشمالي والصيني
وتتساءل الكاتبة سميث: لماذا تجري اليابان هذه التغييرات؟ لتقول إن هذه القفزة في تسليح قوات الدفاع الذاتي هي نتاج عدة عوامل، أكثرها وضوحا هو الوجود المتزايد للجيوش الأجنبية في اليابان وحولها. وتعبر الصواريخ الكورية الشمالية المنطقة الاقتصادية الخالصة لليابان وأراضيها بشكل متكرر من دون سابق إنذار. ويعمل الجيش الصيني بانتظام بالقرب من المياه والمجال الجوي الياباني. ويجتذب النزاع الإقليمي بين اليابان والصين حول جزر سينكاكو/دياويو في بحر الصين الشرقي قدرا كبيرا من اهتمام خفر السواحل واهتمام الجيش. وتزايدت هذه التهديدات الواضحة منذ نهاية الحرب الباردة، ولطالما دافع مخططو الدفاع عن العديد من التحسينات الواردة في الخطة الجديدة.
وفي الوقت نفسه، تتسارع وتيرة التغير التكنولوجي بين الجيوش في المنطقة، وتراجعت اليابان عن الركب. والواقع أن ترسانات الصواريخ المتنامية في شمال شرق آسيا، والتي أصبحت الآن أسرع وأكثر دقة ويصعب اكتشافها، كانت سببا في تعميق شعور اليابان بالضعف. وأكدت طوكيو لبعض الوقت على الدفاعات الصاروخية الباليستية للتعامل مع هذا الانتشار، لكن الكمية الهائلة من الصواريخ في المنطقة تجعل من غير الواقعي الاعتماد على تلك الدفاعات وحدها. علاوة على ذلك، أدت تقنية صواريخ الهايبرسونيك، التي تفوق سرعتها سرعة الصوت، إلى تفاقم الوضع من خلال جعل الصواريخ القادمة غير قابلة للكشف فعليا إلا بعد فوات الأوان. كما تهدد القدرات غير المتماثلة الجديدة التي طورتها الصين بتقويض قدرة الولايات المتحدة على مساعدة اليابان. وترى سميث أن التغيير قادم بسرعة وقوة في جميع أنحاء العالم. وتبدو المنطقة، بل العالم، أكثر تهديدا للشعب الياباني. والرسالة التي يتم إرسالها من طوكيو هي أن اليابان سوف تستعد للتحرك، والتصرف من دون تردد، إذا احتاجت إلى الدفاع عن نفسها.


مقالات ذات صلة

السودان وأوكرانيا على طاولة مباحثات السيسي ورئيس الوزراء الياباني

شمال افريقيا السودان وأوكرانيا على طاولة مباحثات السيسي ورئيس الوزراء الياباني

السودان وأوكرانيا على طاولة مباحثات السيسي ورئيس الوزراء الياباني

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اليوم (الأحد)، على ضرورة الوقف الفوري لإطلاق النار في السودان، وذلك خلال لقائه مع رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا في القاهرة. ووصف الرئيس المصري المباحثات مع رئيس الوزراء اليباني بأنها كانت «إيجابية وبناءة»، حيث جرى استعراض ما تشهده الساحة الدولية اليوم من تحديات.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الرياضة سالم الدوسري في مرمى النيران بعد تصرف غير مبرر في «ذهاب الأبطال»

سالم الدوسري في مرمى النيران بعد تصرف غير مبرر في «ذهاب الأبطال»

تحول المهاجم سالم الدوسري من بطل محتمل للهلال في نهائي دوري أبطال آسيا لكرة القدم إلى «مفسد للحفل» بعد طرده في الدقائق الأخيرة بلقاء الذهاب، بسبب اعتداء على منافس في الدقائق الأخيرة خلال تعادل محبط 1 - 1 في الرياض أمس (السبت). وافتتح الدوسري التسجيل في الدقيقة 13 من متابعة لكرة عرضية، ليثبت مجدداً أنه رجل المواعيد الكبرى، إذ سبق له التسجيل في مرمى أوراوا في نهائي نسخة 2019، حين أسهم في تتويج الهلال. وخلد اسمه في الذاكرة بتسجيل هدف فوز السعودية التاريخي على الأرجنتين في كأس العالم بقطر العام الماضي، ليهز الشباك في نسختين بالنهائيات، فضلاً عن التسجيل في 3 نسخ لكأس العالم للأندية. لكن الدوسري (31

«الشرق الأوسط» (الرياض)
العالم ما دلالات جولة رئيس وزراء اليابان الأفريقية؟

ما دلالات جولة رئيس وزراء اليابان الأفريقية؟

في ظل التداعيات الجيوستراتيجية للحرب الروسية - الأوكرانية، والتنافس المحموم من جانب الدول الكبرى على النفوذ في أفريقيا، تسعى اليابان لزيادة تأثيرها في القارة، وهو ما يراه خبراء تقاطعاً وتكاملاً مع استراتيجية واشنطن الجديدة، وتأسيساً لأدوار جديدة تحاول طوكيو من خلالها مجابهة تصاعد النفوذ الصيني. في هذا السياق، زار رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا، أمس، مصر في بداية جولة أفريقية تشمل أيضاً غانا وكينيا وموزمبيق.

أفريقيا ما دلالات الجولة الأفريقية لرئيس وزراء اليابان؟

ما دلالات الجولة الأفريقية لرئيس وزراء اليابان؟

في ظل التداعيات الجيوستراتيجية للحرب الروسية - الأوكرانية، وما استتبعها من تنافس محموم من جانب الدول الكبرى على النفوذ في أفريقيا، تسعى اليابان لزيادة نفوذها في القارة، وهو ما يراه خبراء تقاطعاً وتكاملاً مع استراتيجية واشنطن الجديدة، وتأسيساً لأدوار جديدة تحاول طوكيو من خلالها مجابهة تصاعد النفوذ الصيني. في هذا السياق، زار رئيس الوزراء الياباني، فوميو كيشيدا، اليوم (السبت)، مصر، في بداية جولة أفريقية تشمل أيضاً غانا وكينيا وموزمبيق.

العالم البرلمان الياباني يوافق على اتفاقيتي التعاون الدفاعي مع أستراليا وبريطانيا

البرلمان الياباني يوافق على اتفاقيتي التعاون الدفاعي مع أستراليا وبريطانيا

وافق البرلمان الياباني (دايت)، اليوم (الجمعة)، على اتفاقيتين للتعاون الدفاعي مع أستراليا وبريطانيا، ما يمهّد الطريق أمام سريان مفعولهما بمجرد أن تستكمل كانبيرا ولندن إجراءات الموافقة عليهما، وفق وكالة الأنباء الألمانية. وفي مسعى مستتر للتصدي للصعود العسكري للصين وموقفها العدائي في منطقة المحيطين الهادئ والهندي، سوف تجعل الاتفاقيتان لندن وكانبيرا أول وثاني شريكين لطوكيو في اتفاق الوصول المتبادل، بحسب وكالة كيودو اليابانية للأنباء. ووافق مجلس المستشارين الياباني (مجلس الشيوخ) على الاتفاقيتين التي تحدد قواعد نقل الأفراد والأسلحة والإمدادات بعدما أعطى مجلس النواب الضوء الأخضر لها في وقت سابق العام

«الشرق الأوسط» (طوكيو)

جرائم العنف الأسري تحصد امرأة كل 10 دقائق في العالم

نساء يشاركن في احتجاج لإحياء اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة أمام بوابة براندنبورغ ببرلين (أ.ب)
نساء يشاركن في احتجاج لإحياء اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة أمام بوابة براندنبورغ ببرلين (أ.ب)
TT

جرائم العنف الأسري تحصد امرأة كل 10 دقائق في العالم

نساء يشاركن في احتجاج لإحياء اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة أمام بوابة براندنبورغ ببرلين (أ.ب)
نساء يشاركن في احتجاج لإحياء اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة أمام بوابة براندنبورغ ببرلين (أ.ب)

قُتلت 85 ألف امرأة وفتاة على الأقل عن سابق تصميم في مختلف أنحاء العالم عام 2023، معظمهن بأيدي أفراد عائلاتهنّ، وفقاً لإحصاءات نشرتها، (الاثنين)، الأمم المتحدة التي رأت أن بلوغ جرائم قتل النساء «التي كان يمكن تفاديها» هذا المستوى «يُنذر بالخطر».

ولاحظ تقرير لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة في فيينا، وهيئة الأمم المتحدة للمرأة في نيويورك أن «المنزل يظل المكان الأكثر خطورة» للنساء، إذ إن 60 في المائة من الـ85 ألفاً اللاتي قُتلن عام 2023، أي بمعدّل 140 كل يوم أو واحدة كل عشر دقائق، وقعن ضحايا «لأزواجهن أو أفراد آخرين من أسرهنّ».

وأفاد التقرير بأن هذه الظاهرة «عابرة للحدود، وتؤثر على كل الفئات الاجتماعية والمجموعات العمرية»، مشيراً إلى أن مناطق البحر الكاريبي وأميركا الوسطى وأفريقيا هي الأكثر تضرراً، تليها آسيا.

وفي قارتَي أميركا وأوروبا، يكون وراء غالبية جرائم قتل النساء شركاء حياتهنّ، في حين يكون قتلتهنّ في معظم الأحيان في بقية أنحاء العالم أفرادا من عائلاتهنّ.

وأبلغت كثيرات من الضحايا قبل مقتلهنّ عن تعرضهنّ للعنف الجسدي أو الجنسي أو النفسي، وفق بيانات متوافرة في بعض البلدان. ورأى التقرير أن «تجنّب كثير من جرائم القتل كان ممكناً»، من خلال «تدابير وأوامر قضائية زجرية» مثلاً.

وفي المناطق التي يمكن فيها تحديد اتجاه، بقي معدل قتل الإناث مستقراً، أو انخفض بشكل طفيف فقط منذ عام 2010، ما يدل على أن هذا الشكل من العنف «متجذر في الممارسات والقواعد» الاجتماعية ويصعب القضاء عليه، بحسب مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، الذي أجرى تحليلاً للأرقام التي استقاها التقرير من 107 دول.

ورغم الجهود المبذولة في كثير من الدول فإنه «لا تزال جرائم قتل النساء عند مستوى ينذر بالخطر»، وفق التقرير. لكنّ بياناً صحافياً نقل عن المديرة التنفيذية لهيئة الأمم المتحدة للمرأة، شدّد على أن هذا الواقع «ليس قدراً محتوماً»، وأن على الدول تعزيز ترسانتها التشريعية، وتحسين عملية جمع البيانات.