لبنان يتعهّد محاسبة المعتدين على قوات «يونيفيل» في الجنوب

جثة الجندي الآيرلندي وصلت إلى دبلن... و«حزب الله» يتحدث عن مصاب مدني

جثمان الجندي الآيرلندي شون روني لدى وصوله إلى مطار كيسمنت العسكري في بالودنيل بضواحي العاصمة الآيرلندية دبلن أمس (د.ب.أ)
جثمان الجندي الآيرلندي شون روني لدى وصوله إلى مطار كيسمنت العسكري في بالودنيل بضواحي العاصمة الآيرلندية دبلن أمس (د.ب.أ)
TT

لبنان يتعهّد محاسبة المعتدين على قوات «يونيفيل» في الجنوب

جثمان الجندي الآيرلندي شون روني لدى وصوله إلى مطار كيسمنت العسكري في بالودنيل بضواحي العاصمة الآيرلندية دبلن أمس (د.ب.أ)
جثمان الجندي الآيرلندي شون روني لدى وصوله إلى مطار كيسمنت العسكري في بالودنيل بضواحي العاصمة الآيرلندية دبلن أمس (د.ب.أ)

تعهّد وزير الدفاع في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية، موريس سليم، بأن لبنان «سيحاسب كل من أقدم» على الاعتداء على قوات حفظ السلام (يونيفيل) في منطقة العاقبية جنوب لبنان، ليل الأربعاء الماضي، فيما تحدث «حزب الله»، للمرة الأولى، عن مصاب لبناني في الحادث، مشيراً إلى أنه تعرض لدهس قبل إطلاق النار على حافلة «يونيفيل» في تلك الليلة.
وقُتل جندي آيرلندي ليل الأربعاء - الخميس خلال انتقاله من جنوب لبنان إلى مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت، أثناء مطاردة آلية عائدة لـ «يونيفيل» في منطقة العاقبية الواقعة بين مدينتي صيدا وصور في الجنوب، ومحاولة توقيفها بإطلاق النار عليها. وأصيب معه ثلاثة جنود آخرين أحدهم حالته حرجة. وذكرت وكالة الصحافة الفرنسية أن جثمان الجندي الآيرلندي القتيل، شون روني، أُعيد إلى دبلن أمس، مشيرة إلى أن الطائرة التي أقلّت النعش حطّت بعيد الساعة الثامنة والنصف صباحاً في مطار كيسمنت العسكري في بالودنيل الواقعة في ضواحي العاصمة الآيرلندية، في جو ماطر. وكان في استقبال النعش الأبيض المغطى بالعلم الآيرلندي ثلة من حرس الشرف، وقد حمله عسكريون. ومن المقرر تشريح الجثة قبل تسليمها لعائلة العسكري.
وخلال مراسم تأبين أقيمت الأحد في لبنان، قال القائد العام للقوة الدولية اللواء أرولدو لاثاردو إن روني «قدّم أصعب تضحية يمكن لجندي أن يفعلها: بذل حياته أثناء خدمة السلام الدائم في لبنان».
وقوة الأمم المتحدة المؤقتة العاملة في جنوب لبنان «يونيفيل» قوامها عشرة آلاف عنصر، وهي منتشرة منذ عام 1978 في إطار إقامة منطقة عازلة بين لبنان وإسرائيل، علما بأن البلدين لا يزالان تقنياً في حالة حرب.
وأفاد شهود عيان تحدثت إليهم وكالة الصحافة الفرنسية في العاقبية باعتراض مواطنين آلية تابعة لـ «يونيفيل» لسلوكها طريقاً غير اعتيادي. ولدى محاولة سائقها المغادرة كاد أن يدهس أحد المعترضين، ما أدى إلى حالة من التوتر. وتحدث شهود آخرون عن سماع دوي رشقات نارية وانحراف العربة عن مسارها.
وزار وزير الدفاع اللبناني، موريس سليم، مقر الوحدة الآيرلندية في الجنوب لتقديم واجب العزاء بالجندي القتيل، واجتمع مع القائد العام لليونيفيل الجنرال أرولدو لاثاردو وقائد الكتيبة الآيرلندية. ثم انتقل إلى مستشفى حمود في صيدا، حيث زار الجنود الجرحى الثلاثة. وأكد سليم أن «التحقيقات جارية في حادثة العاقبية والأجهزة الأمنية تقوم بدورها»، آملاً «انتهاء التحقيقات بالوصول لتحديد المسؤول وعندئذ لكل حادث حديث»، مؤكداً أنه «سيُحاسب كل من أقدم على مثل هذا الفعل».
وقال الوزير سليم خلال زيارته التفقدية للجرحى، ترافقه السفيرة الآيرلندية نوالا أوبراين، إن الجندي المصاب إصابة «دقيقة» يتجاوب حالياً مع العلاج في حين أن المصابين الآخرين تعافيا نسبياً.
ووصف سليم العلاقة القائمة بين «يونيفيل» وبين الجيش اللبناني بأنها «علاقة تعاون»، مشدداً على أن «يونيفيل تقوم بدور مهم جداً لحفظ الاستقرار والهدوء في جنوب لبنان». كما أكد أن «العلاقة بين يونيفيل والمواطنين وأهالي البلدات والقرى (في الجنوب) هي علاقة عمرها عقود وتتسم بالثقة والصداقة والمحبة والتعاون، ولا يوجد أي مشاعر سلبية بينهما، وهذه الثقة بين الطرفين ستستمر وستكون أقوى، لأن المواطنين يعرفون أن وجود القوة الدولية في الجنوب هو كي تقوم بعمل خير وإيجابي يصب في مصلحة المنطقة والبلد».
وفيما يستكمل الجيش اللبناني التحقيقات في الحادثة، تحدث «حزب الله» أمس للمرة الأولى منذ يوم الخميس الماضي، عن وجود جريح مدني في المنطقة تعرض للدهس بسيارة «يونيفيل» قبل إطلاق النار. وقال عضو كتلة الحزب البرلمانية (كتلة الوفاء للمقاومة) النائب حسين جشي إن «بعض الذين يدعون السيادة يطالعنا بإدانات وشجب بموضوع مقتل الجندي الآيرلندي العامل ضمن نطاق (يونيفيل)، وبالتالي، فعلى هؤلاء أن يعلموا أن التحقيق بهذه الحادثة لم ينته بعد، كما أن هناك مواطناً لبنانياً دهسته سيارة (يونيفيل) ونقل إلى المستشفى». وسأل: «هل هناك من سأل عنه؟ أم أن المواطن اللبناني ليس له قيمة عند هؤلاء، علماً أن عملية الدهس حصلت قبل حادثة مقتل الجندي الآيرلندي». وأشار جشي إلى «أن البعض في لبنان وعند وقوع أي حادثة سواء كانت صغيرة أم كبيرة، تكون التهم لديه جاهزة، لأنها تشكل بالنسبة إليهم مصدراً للارتزاق».
وجاء كلامه في وقت تتصاعد الانتقادات لـ«حزب الله» بوصفه الطرف الذي يتمتع بنفوذ في منطقة الجنوب. وتزامن ذلك مع اتهامات للحزب بالقيام بنشاط وتعديات في أراضٍ تابعة لبلدة حدودية تسكنها أغلبية مسيحية في جنوب لبنان هي بلدة رميش. وقال عضو تكتل «الجمهورية القوية» النائب غياث يزبك أمس: «بين اغتيال جندي يونيفيل وتجريف رميش، (حزب الله) المرتبك من المتغيرات يقول: حيث أوجد من خلال السلاح والديموغرافيا هو لي وحدي، مِن تومات نيحا إلى القمّوعة في عكار مروراً بالبقاع ولاسا والضاحية، وحيث الدولة بتنوعها أنا الآمر الناهي وليسقط الطائف والجمهورية». وكان يشير إلى قرى وبلدات ينشط فيها الحزب ومناصروه.
وكان النائب السابق في حزب «القوات اللبنانية»، إيلي كيروز، قال في بيان إن «الوكيل الشرعي» للمرشد الأعلى الإيراني في لبنان الشيخ محمد يزبك هاجم القوات الدولية «بعد التعديل الذي أزعج (حزب الله) والذي أدخلته الأمم المتحدة على مهام قواتها بموجب القرار 2650». وأضاف «لا بد من التذكير لأن الشيء بالشيء يُذكر، أن الكتيبة الإسبانية في الجنوب هوجمت بعبوة ناسفة قتلت خمسة جنود وجرحت آخرين بعد أشهر قليلة من صدور القرار 1701 في عام 2006». وأضاف متحدثاً عن ملف بلدة رميش: «أعبّر عن تضامني مع أهالي رميش الجنوبية حيال ما تتعرض له وللمرة الثانية من استباحة وتهديدات وتعديات على يد عناصر من (حزب الله)، في ناسها وأملاكها وأحراجها على مرأى ومسمع القوى الأمنية اللبنانية وفي منطقة خاضعة للقرار الدولي 1701». وقال إن «(حزب الله) وجرياً على عادته، يستمر في التصرف بالجنوب وبأهالي الجنوب خلافاً لمنطق الدولة والقرار 1701 وصيغة العيش المشترك». وسأل: «هل يريد (حزب الله) العودة إلى منطقه في الثمانينات عندما أراد تهجير مسيحيي مشغرة بسبب قربها من الجبهة مع إسرائيل وبذريعة قيامها من العدو مقام الثغر؟». ورأى كيروز أن «ما حصل في العاقبية ورميش يندرج في إطار مسلسل منهجي يعتمده (حزب الله) لاستجرار الفتنة وتبرير وجود سلاحه بحجج واهية»، مضيفاً أن «هذه الأحداث المفتعلة تصب كلها في خانة إصراره على تقويض الدولة والمؤسسات وصولاً إلى استكمال ضرب علاقات لبنان الدولية بعد تخريب علاقاته العربية».


مقالات ذات صلة

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

المشرق العربي رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

تُوفّي الموسيقار اللبناني إيلي شويري، عن 84 عاماً، الأربعاء، بعد تعرُّضه لأزمة صحية، نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث فارق الحياة. وأكدت ابنته كارول، لـ«الشرق الأوسط»، أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعلم به العائلة، وأنها كانت معه لحظة فارق الحياة.

المشرق العربي القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

وجّه المجلس التأديبي للقضاة في لبنان ضربة قوية للمدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، عبر القرار الذي أصدره وقضى بطردها من القضاء، بناء على «مخالفات ارتكبتها في إطار ممارستها لمهمتها القضائية والتمرّد على قرارات رؤسائها والمرجعيات القضائية، وعدم الامتثال للتنبيهات التي وجّهت إليها». القرار التأديبي صدر بإجماع أعضاء المجلس الذي يرأسه رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، وجاء نتيجة جلسات محاكمة خضعت إليها القاضية عون، بناء على توصية صدرت عن التفتيش القضائي، واستناداً إلى دعاوى قدمها متضررون من إجراءات اتخذتها بمعرض تحقيقها في ملفات عالقة أمامها، ومخالفتها لتعليمات صادرة عن مرجع

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن فرص انتخاب مرشح قوى 8 آذار، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «باتت معدومة»، مشيراً إلى أن الرهان على الوقت «لن ينفع، وسيفاقم الأزمة ويؤخر الإصلاح». ويأتي موقف جعجع في ظل فراغ رئاسي يمتد منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث فشل البرلمان بانتخاب رئيس، وحالت الخلافات السياسية دون الاتفاق على شخصية واحدة يتم تأمين النصاب القانوني في مجلس النواب لانتخابها، أي بحضور 86 نائباً في دورة الانتخاب الثانية، في حال فشل ثلثا أعضاء المجلس (86 نائباً من أصل 128) في انتخابه بالدورة الأولى. وتدعم قوى 8 آذار، وصول فرنجية إلى الرئاسة، فيما تعارض القوى المسيحية الأكثر

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

جدد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، تأكيد موقف المملكة من الاستحقاق الرئاسي اللبناني بوصفه «شأناً سياسياً داخلياً لبنانياً»، حسبما أعلن المتحدث باسم البطريركية المارونية في لبنان بعد لقاء بخاري بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، بدأ فيه السفير السعودي اليوم الثاني من جولته على قيادات دينية وسياسية لبنانية. وفي حين غادر السفير بخاري بكركي من دون الإدلاء بأي تصريح، أكد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض، أن بخاري نقل إلى الراعي تحيات المملكة وأثنى على دوره، مثمناً المبادرات التي قام ويقوم بها في موضوع الاستحقاق الرئاسي في سبيل التوصل إلى توافق ويضع حداً للفراغ الرئا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

تأتي جولة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية في سياق سؤالها عن الخطوات المطلوبة لتفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان بانتهاء ولاية رياض سلامة في مطلع يوليو (تموز) المقبل في حال تعذّر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أن تحرك السفيرة الأميركية، وإن كان يبقى تحت سقف حث النواب على انتخاب رئيس للجمهورية لما للشغور الرئاسي من ارتدادات سلبية تدفع باتجاه تدحرج لبنان من سيئ إلى أسوأ، فإن الوجه الآخر لتحركها يكمن في استباق تمدد هذا الشغور نحو حاكمية مصرف لبنان في حال استحال عل

محمد شقير (بيروت)

المشهد الأخير لحرب إسرائيل على لبنان: تصعيد لرسم «صورة النصر»

TT

المشهد الأخير لحرب إسرائيل على لبنان: تصعيد لرسم «صورة النصر»

صورة للدخان الناجم عن 20 غارة إسرائيلية استهدفت الضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ب)
صورة للدخان الناجم عن 20 غارة إسرائيلية استهدفت الضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ب)

يتسابق كل من «حزب الله» وإسرائيل لرسم صورة الانتصار أمام جمهوره في الساعات الأخيرة للحرب، فيحاول الطرفان تحقيق المكاسب العسكرية والمعنوية أمام جمهوره قبل ساعات من إعلان وقف إطلاق النار المتوقع، ليبقى السؤال؛ لمن ستكون الطلقة الأخيرة في هذه الحرب التي أوقعت آلاف القتلى والجرحى في لبنان ودمّرت آلاف المنازل وهجّرت أكثر من مليون نازح، معظمهم لا يعرف الوجهة التي سيسلكها بعد وقف آلة الحرب؟!

وكانت الحرب بين إسرائيل و«حزب الله»، التي أعلنها الأخير تحت عنوان «إسناد غزة» في 8 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 قد اتخذت منحى تصعيدياً في 23 سبتمبر (أيلول) 2024 بقرار من تل أبيب، لتتوسع وتشمل كل الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية لبيروت، أي بشكل أساسي المناطق المحسوبة على «حزب الله» والطائفة الشيعية، واستمرت بالوتيرة نفسها لمدة أكثر من شهرين، قبل أن يبدأ العمل جدياً على وقف إطلاق النار قبل نحو أسبوعين.

تصعيد متدرج وساعات صعبة على اللبنانيين

ومع بدء ملامح التوافق على الحلّ الذي يرتكز بشكل أساسي على قرار مجلس الأمن 1701، رفع الطرفان راية التصعيد في المشهد الأخير للحرب مستفيدين من الساعات الأخيرة «لتحقيق الإنجازات» العسكرية والسياسية.

ومنذ بدء الحديث عن تقدم في مفاوضات وقف إطلاق النار، شهدت المواجهات تصعيداً غير مسبوق، بحيث ارتكبت إسرائيل مجزرة في منطقة البسطة القريبة من وسط بيروت، صباح السبت، أدت إلى مقتل 29 شخصاً، وكانت المواجهات أكثر حدّة يوم الأحد بإطلاق «حزب الله» أكثر من 300 صاروخ باتجاه مستوطنات الشمال حيث سُجل سقوط جرحى، ووصل منها إلى تل أبيب، معيداً بذلك تفعيل معادلة «تل أبيب مقابل بيروت»، في موازاة الغارات والقصف المتنقل بين الجنوب والبقاع والضاحية التي تعرضت ليلاً لزنار نار عبر استهدافها بأكثر من 11 غارة، ما أدى إلى دمار هائل في المباني.

كذلك، شهدت بلدة الخيام ليلة عنيفة، في استمرارٍ لمحاولة التوغل الإسرائيلية وتفخيخ الجيش للمنازل والأحياء.

وفيما استمر التصعيد يوم الاثنين بارتكاب إسرائيل عدداً من المجازر في البقاع والجنوب، عاش اللبنانيون ساعات صعبة على وقع المعلومات التي تشير إلى تحديد موعد وقف إطلاق النار، وشنّت سلسلة غارات على الضاحية الجنوبية بعد إصدار أوامر إخلاء هي الأكبر من نوعها منذ بداية الحرب ، بحيث طال زنار نار 20 مبنى في الحدث وحارة حريك والغبيري وبرج البراجنة، وقال الجيش الإسرائيلي إنه نفّذ 20 هدفاً إرهابياً خلال 120 ثانية.

 

الدخان يغطي سماء الضاحية الجنوبية لبيروت التي استهدفت الثلاثاء بأكثر من 20 غارة (رويترز)

وفي الجنوب، حيث تدور مواجهات شرسة في محاولة الجيش الإسرائيلي التوغل إلى بلدة الخيام، نشر المتحدث باسمه صوراً لجنود قال إنها عند «نهر الليطاني»، وأشارت المعلومات إلى أن الجنود وصلوا إلى مجرى النهر من دير ميماس، التي دخلوا إليها قبل أيام .

وعلى وقع هذا التصعيد، بدأ الطرفان بترويج فكرة «الانتصار» أمام جمهورهما، فـ«حزب الله» ربط «التقدم في اتصالات وقف إطلاق النار بالصواريخ التي أطلقها السبت على تل أبيب ومستوطنات الشمال»، فيما يقول المسؤولون الإسرائيليون، في «رسالة طمأنة» لسكان الشمال الذين يتخوفون من وجود «حزب الله» على الحدود، إن الدولة العبرية ستتصرف بحزم عند أي خرق، مثل إعادة تسلح الحزب.

 

تحقيق آخر الأهداف لـ«إعلان النصر»

ويربط أستاذ العلوم السياسية في الجامعة اللبنانية الأميركية، الدكتور عماد سلامة، التصعيد العسكري من قبل إسرائيل بالإسراع بتحقيق الأهداف المؤجلة قبل الإعلان عن وقف إطلاق النار، فيما يحاول «حزب الله» عبر إطلاق الصواريخ أن يثبت أن قدراته العسكرية لا تزال قوية وأنه لم يهزم.

ويقول سلامة لـ«الشرق الأوسط»: «في اللحظات الأخيرة قبل وقف إطلاق النار، يسعى كل طرف إلى إعلان النصر كوسيلة أساسية لتسويق التسوية كمكسب، وليس كتنازل أو هزيمة، وهو يهدف إلى تعزيز شرعية الاتفاق أمام القواعد الشعبية والبيئة السياسية لكل طرف، ومحاولة جس النبض المحلي لقياس ردود الفعل وحجم المعارضة المحتملة»، مضيفاً: «هذه الديناميكية تجعل من إعلان النصر أداة تكتيكية لتهيئة الساحة الداخلية والتعامل مع أي تطورات في اللحظات الأخيرة قبل اتخاذ القرار النهائي بشأن وقف الحرب».

من هنا، يرى سلامة أن «هذا الأمر يعكس حاجة كل طرف لتعزيز مواقعه داخلياً ولجم الانتقادات والحفاظ على التأييد السياسي»، موضحاً: «بالنسبة لإسرائيل، يمكنها اعتبار إنجازاتها سبباً لإعلان النصر، حيث حققت أهدافاً عسكرية استراتيجية. منها تدمير البنية التحتية العسكرية لـ(حزب الله)، واغتيال قياداته البارزة، ومنعه من الوجود الفاعل على الحدود مع إسرائيل. كما تمكنت من فصل المسار اللبناني عن القضية الفلسطينية، وإعادة المستوطنين إلى مناطقهم الشمالية بأمان، ما يشير إلى تحقيق كامل أهداف حملتها العسكرية بنجاح. هذا الإعلان يعزز موقف الحكومة الإسرائيلية أمام المعارضة الداخلية ويظهر قوة الردع الإسرائيلية».

أما بالنسبة لـ«حزب الله»، فيقول سلامة: «سيصرّ على أن إسرائيل فشلت في تحقيق أهدافها، حيث لم تتمكن من تدمير قوته العسكرية بالكامل أو وقف الهجمات الصاروخية والمسيرات. كما سيؤكد الحزب أنه نجح في التصدي لأي توغل إسرائيلي في الجنوب، وأجبر إسرائيل على التراجع دون تحقيق أهدافها السياسية أو العسكرية»، مضيفاً: «بالنسبة لـ(حزب الله)، هذا الإعلان ضروري لترسيخ شرعيته أمام بيئته الحاضنة ومؤيديه، وللردّ على الانتقادات التي قد تطوله نتيجة الخسائر التي تكبدها خلال المواجهة»، ويؤكد: «في النهاية، إعلان النصر لكلا الطرفين يعكس أهمية تأطير الأحداث بما يخدم مواقفهما الداخلية والدولية».

الساعات والأيام الأخيرة لحرب «تموز 2006»

يبدو من الواضح أن سيناريو حرب «تموز 2006» يتكرر اليوم، حيث إنه قبيل أيام وساعات من اتفاق وقف إطلاق النار، صعّدت تل أبيب من عملياتها العسكرية، وأطلقت قبل يومين عملية برية حملت عنوان «تغيير اتجاه 11»، وتوغّل الجيش الإسرائيلي عبر إنزال جوي في بلدة الغندورية بقضاء بنت جبيل مقتحماً وادي الحجير، ومنها إلى منطقة جويا (شرق صور)، ما أدى إلى مواجهة شرسة من قبل «حزب الله». وأشارت المعلومات إلى تدمير الحزب 25 دبابة إسرائيلية، إضافة إلى سقوط عدد من الجرحى في صفوف العسكريين.

كذلك، عمدت إسرائيل إلى رمي القنابل العنقودية قبل انتهاء الحرب بيومين فقط بشكل عشوائي، على أهداف غير محددة، ما حال دون القدرة على الحصول على خرائط دقيقة لإزالتها.

وأفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» بأن الطائرات الحربية الإسرائيلية رمت أكثر من 5 ملايين قنبلة، أدت حتى عام 2020 إلى مقتل نحو 58 مواطناً، وجرح نحو 400 آخرين، أصيب كثير منهم بإعاقات وعمليات بتر لأقدامهم، وغالبيتهم فقدوا عيونهم وهم من المزارعين والرعاة.

وفي الساعات الأخيرة لإعلان وقف إطلاق النار، تكثّف القصف الجوي ليشمل بلدات عدة في الجنوب، مستهدفاً مباني وأحياء سكنية، ما أدى إلى سقوط قتلى وجرحى، فيما أمطرت المقاتلات الحربية الضاحية الجنوبية بوابل من الغارات حيث استهدفت ما يعرف بمجمع الإمام حسن السكني، المؤلف من 8 مبانٍ، بأكثر من 20 غارة خلال أقل من دقيقتين، ما أدى إلى مقتل عائلات بأكملها.

في المقابل، أطلق «حزب الله» صواريخه باتجاه شمال إسرائيل، مستهدفاً عدداً من المستوطنات، منها حيفا وكريات شمونة ومسكاف عام.