غيراردو فيلوني لـ «الشرق الأوسط»: من الصعب على أي مصمم أحذية عدم التأثر بروجيه فيفييه

مصمم الدار الحالي كان أول من لعب على أشكال الكعوب وأضاف الزخرفات والترصيعات عليها

غيراردو فيلوني يرسم تصاميمه في مكتبه الخاص
غيراردو فيلوني يرسم تصاميمه في مكتبه الخاص
TT

غيراردو فيلوني لـ «الشرق الأوسط»: من الصعب على أي مصمم أحذية عدم التأثر بروجيه فيفييه

غيراردو فيلوني يرسم تصاميمه في مكتبه الخاص
غيراردو فيلوني يرسم تصاميمه في مكتبه الخاص

لم يُصدق غيراردو فيلوني نفسه عندما فُتحت له أبواب دار «روجيه فيفييه» مصمماً فنياً في عام 2018. كان هذا أقصى أحلامه. فمؤسس الدار الذي تُوفي عام 1998، كان مُلهمه طوال سنوات عمله مع «ميوميو» و«برادا» و«هيرميس» و«ديور». أسأله ما إذا شعر بالوجل أمام مسؤولية إكمال مسيرة قُدوته، فيجيب أن الأمر كان سريالياً في البداية «وسهلاً في الواقع، لأني كنت قد حفظت إرثه عن ظهر قلب خلال سنوات عملي مع (ديور) تحديداً». يشرح عندما يرى علامة الاستغراب على وجهي: «نعم، فما لا يعرفه كثير من المتابعين للموضة، أن علاقة فنية طويلة ربطت كلاً من كريستيان ديور وروجيه فيفييه، وكان أحدهما يُكمل الآخر، إن صحَ القول. فعندما طرح كريستيان تشكيلته الثورية (ذي نيولوك) في الخمسينات من القرن الماضي، فإن فيفييه ساهم فيها بنسبة 20 في المائة، لأنّ الصورة التي رسمها السيد ديور لامرأة خارجة لتوِها من شظف الحياة خلال الحرب العالمية الثانية لم تكن لتكتمل من دونه. هو من استبدل الكعب المربع الخشن الذي كان سائداً في الأربعينات بالكعب المدبب (ستيليتو) بشكله الهندسي المعاصر، الأمر الذي أضفى على اللوك الجديد مزيداً من الأنوثة». يتابع غيراردو بنفس الحماس: «الشيء نفسه حدث مع تشكيلة (ذي موندريان) لإيف سان لوران في السبعينات. فقد ابتكر لها خصيصاً (الإبزيم) والكعب العريض والمنخفض ليواكب العصر وتطوراته، من دون أن يُفقد المرأة أنوثتها. لهذا يمكنني أن أقول؛ إن روجيه فيفييه كان سابقاً لأوانه. لم يكن مجرد صانع أحذية، بل كان مُبدعاً بكل ما تحمله الكلمة من معاني الاختراع والابتكار».

من مجموعته الأخيرة لربيع وصيف 2023

على مدى نحو 25 عاماً من العمل مع بيوت أزياء عالمية، كان فيلوني يؤمن بأن هناك مدرستين فقط في عالم تصميم الأحذية. الأولى يقودها الإيطالي سالفاتوري فيراغامو، وتتميز بالعملية، والثانية يقودها الفرنسي روجيه فيفييه وهي أكثر فنية. وحسب قوله، فإنه ليس المعجب الوحيد، أو بالأحرى المتأثر الوحيد، بالأخير، «فمانولو بلانيك واحد ممن استلهموا من فيفييه. حتى أمينة معادي». يضيف شارحاً: «أنا لا أعني أنها تتعمد تقليده، بل تخاطر أفكار وصور مترسخة في اللاوعي، إضافة إلى أن الإرث الذي خلّفه فيفييه غني بدرجة لا يمكن معها تجنُب التأثر به بشكل أو بآخر. هو من بدأ فكرة اللعب بأشكال الكعوب وإضافة الزخرفات والترصيعات على الأحذية».

يحترم فيلوني فلسفة فيفييه بأن الحذاء جزء لا يتجزأ من موضة العصر

كان الحذاء الرياضي أول تصميم أبدعه فيلوني عام 2018. زيَّنه بإبزيم الدار المشهور وبأحجار كريستال براقة لبَّت حاجة المرأة إلى حذاء مريح، وفي الوقت ذاته أنيق، خلال جائحة «كورونا». لم يعكس الحقبة التي صممه فيها فحسب، بل أيضاً عكس شخصيته الشابة وروحه الرياضية. نجاح التصميم تجارياً أثلج صدره وضمن مكانته. يُبرر سعادته بهذا النجاح قائلاً: «نحن لسنا فنانين، بل مصممين، علينا أن نُبدع ونبيع في الوقت ذاته. إنها معادلة صعبة، لكنها غير مستحيلة إذا اجتهدنا في تطوير أنفسنا. فالماضي مهْما كان رائعاً وغنياً هو مجرد أرشيف قد نستلهم منه لكن لا نستنسخه، وعدا أن الزمن يتغير فإن التقنيات والأذواق وأسلوب الحياة هي أيضاً تتغير».

رغم إدراكه أن التنوع ضروري لمخاطبة كل الأذواق  فإن كعب «الكيتن» هو المفضل لديه حتى الآن

كان اللقاء في فندق الريتز بالدوحة؛ حيث حلَّ غيراردو فيلوني ضيفاً على «فاشن تراست أرابيا» عضواً في لجنة تحكيم كانت «مهمتها غربلة 24 مرشحاً لجوائز عام 2022، ثم اختيار 5 فائزين منهم فقط». يُعلِق بحماس غامر: «كم كنت مُنبهراً بتصاميم هؤلاء المصممين الشباب، وكم تأثرت، وأنا أستمتع إلى تجاربهم وأحلامهم. أعادوني إلى بداياتي عندما كنت شاباً في مقتبل العمر، أحلم بتحقيق ذاتي».

كانت الدار أول من لعب على هندسية الكعوب وزيّنتها بالأحجار والنجوم

لكن فيلوني لم يكن مثلهم بحسب اعترافه. كان أكثر حظاً وجد الطريق أمامه مُعبداً. كان والده يملك مصنعاً للأحذية ويتعامل مع بيوت أزياء كبيرة، مثل «برادا»، و«هيرميس» و«غوتشي» وغيرها. يقول: «بالفعل شعرت وأنا أسمع قصص هؤلاء الشباب ومعاناتهم، كم أنا محظوظ لسببين. الأول لأن والدي ساعدني في وقت كان فيه كثير من العوائل ترفض عمل أبنائها في مجال الموضة، على أساس أنها مهنة لا تُغني من جوع. طبعاً الآن اختلف الأمر واكتشف الجميع أنها قد تكون جد مُربحة في حال النجاح فيها. والثاني أن الظروف كانت مواتية بالنسبة لي، بينما لا يزال على أغلب هؤلاء الشباب مواجهة كثير من التابوهات الاجتماعية لكي ينجحوا في ممارسة حقهم في اختيار مسارهم المهني». عوض أن يشجعه والده على إكمال دراسته الجامعية، نصحه بالعمل معه. يقول غيراردو ضاحكاً: «لم يكن أباً بالمعنى التقليدي للآباء الإيطاليين الذي يحلمون بحصول أبنائهم على شهادات جامعية في الطب أو الهندسة وغيرهما من التخصصات. ففي عمر 18 عاماً، كنت متحمساً للالتحاق بالجامعة لدارسة الهندسة المعمارية، عرض عليّ أن أنسى الأمر وأن أعمل في مصنعه».

من البداية أدرك أن امرأة عصره تريد الأناقة والراحة على حد سواء

يُقدر الآن أكثر من أي وقت مضى نظرة والده: «فقد أدرك بحسه التجاري أن صناعة الأحذية تتطور بشكل سريع. لكن الأهم من هذا، أنه كان ذكياً لأنه توسَم فيّ موهبة لم أكن أعرف بوجودها بداخلي في ذلك الوقت». لضمان قبوله، أغراه والده في البداية بالعمل معه خلال فترة الإجازة الصيفية فقط. ابتهج الابن لأنه كان سيحصل على مبلغ من المال قبل التحاقه بالجامعة. لم يكن يتوقع أنه في فترة قصيرة، سيُدمن رائحة الجلود ويستمتع بالتفاعل مع حرفيين من أجيال مختلفة فتحوا عيونه على عالم جديد وشاسع. في وقت وجيز، تغيَّرت صورة المكان ولم يعُد مجرد مصنع أحذية، بل نُقطة انطلاق إلى عالم الموضة الواسع. وهذا ما كان. ما أن اكتسب خبرة كافية حتى انطلق للعمل مع بيوت أزياء عالمية، مثل: «هليموت لانغ» و«برادا» و«ميوميو» و«ديور». طوال هذا الوقت، كان يعتبر «روجيه فيفييه» أكبر المُبدعين في مجاله. زادت قناعته هاته بعد التحاقه بـ«ديور». فعندما غاص في أرشيفها اكتشف الدور الذي لعبه مُلهمه في بلورة شكل «ذي نيو لوك» المفعم بالأنوثة، ومدى عبقريته في ابتكار قوالب جديدة تُدخل السعادة على نفس المرأة. أن يجعل مهمته هو الآخر أن يُسعد المرأة لم يكن صعباً على غيراردو، فهو يتميز بشخصية إيجابية، كما يعشق الألوان والورود والريش، وهو ما يجعله الرجل المناسب في المكان المناسب. الآن جاء الدور عليه لكي يعيد للدار بريقها «وينفش ريشها». وهذا تحديداً ما يقوم به منذ 4 سنوات. فقد زادت الجُرعة حتى لم تفلت التصاميم الرياضية من ميوله الجانحة للترصيع، إما بأحجار الكريستال أو الريش. وفي كل مرة، يزيد الإقبال الذي يترجم في زيادة المبيعات، ما يُشجعه على المزيد. تشكيلته الأخيرة لربيع وصيف 2023 خير مثال على هذا، وما كان جميلاً فيها أن كعوبها، بكل هندسيتها وفنيتها، متوسطة العلُو، ما يجعل تصاميمه إلى الآن تُحقق تلك المعادلة بين الأناقة والراحة. معادلةٌ أتقنها، لأنه ورثها من والده الذي كان كلما صدر تصميم جديد يطلب من زوجته المشي فيه حتى يتأكد أنه مريح.


مقالات ذات صلة

فؤاد سركيس يرسم لوحة ملونة بالالوان والتفاصيل في مجموعته لـ 2025

لمسات الموضة اعتمد المصمم على التفاصيل الجريئة حتى يمنح كل زي ديناميكية خاصة (خاص)

فؤاد سركيس يرسم لوحة ملونة بالالوان والتفاصيل في مجموعته لـ 2025

في أحدث مجموعاته لموسم خريف وشتاء 2025، يعيد المصمم فؤاد سركيس رسم هوية جديدة لمعنى الجرأة في الموضة. جرأة اعتمد فيها على تفاصيل الجسم وتضاريسه. تتبعها من دون…

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة مصممة الأزياء التراثية علياء السالمي (الشرق الأوسط)

علياء السالمي... تحمل تقاليد الماضي إلى الحاضر

من قلب المملكة العربية السعودية؛ حيث تتلاقى الأصالة والحداثة، تبرز مصممة الأزياء التراثية علياء السالمي واحدةً من ألمع الأسماء في عالم تصميم الأزياء.

أسماء الغابري (جدة)
لمسات الموضة كانت روح ماريا تحوم في قصر غارنييه بكل تجلياتها (ستيفان رولان)

من عاشقة موضة إلى مُلهمة

كل مصمم رآها بإحساس وعيون مختلفة، لكن أغلبهم افتُتنوا بالجانب الدرامي، وذلك التجاذب بين «الشخصية والشخص» الذي أثَّر على حياتها.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة لم تحتج الدار يوماً إلى مدير إبداعي يرسم معالمها... لأن «نجمها الأول وعملتها الذهبية» هي أنسجتها (لورو بيانا)

«لورو بيانا»... تحتفل بمئويتها بفخامة تستهدف أصحاب الذوق الرفيع

لم تحتج الدار يوماً إلى مدير إبداعي يقودها ويحدد اتجاهاتها... فشخصيتها واضحة، كما أنها تمتلك نجماً ساطعاً يتمثل في أليافها وصوفها الملكي.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة النجمة المصرية نيللي كريم كما ظهرت في عرض هنيدة الصيرفي (هيئة الأزياء)

الرياض... لقاء الثقافة والأناقة

غالبية العروض في الدورة الثانية من أسبوع الرياض منحتنا درساً ممتعاً في كيف يمكن أن تتمازج الثقافة والهوية بروح الشباب التواقة للاختلاف وفرض الذات.

جميلة حلفيشي (لندن)

«لورو بيانا» تحتل واجهات «هارودز» لتحتفل بمئويتها وإرثها

حوَّلت «لورو بيانا» الواجهات إلى احتفالية بإرثها وحرفييها وأيضاً بالثقافة البريطانية التي تمثلها معلمة مثل «هارودز» (لورو بيانا)
حوَّلت «لورو بيانا» الواجهات إلى احتفالية بإرثها وحرفييها وأيضاً بالثقافة البريطانية التي تمثلها معلمة مثل «هارودز» (لورو بيانا)
TT

«لورو بيانا» تحتل واجهات «هارودز» لتحتفل بمئويتها وإرثها

حوَّلت «لورو بيانا» الواجهات إلى احتفالية بإرثها وحرفييها وأيضاً بالثقافة البريطانية التي تمثلها معلمة مثل «هارودز» (لورو بيانا)
حوَّلت «لورو بيانا» الواجهات إلى احتفالية بإرثها وحرفييها وأيضاً بالثقافة البريطانية التي تمثلها معلمة مثل «هارودز» (لورو بيانا)

مع اقتراب نهاية كل عام، تتسابق المتاجر والمحلات الكبيرة على التفنن في رسم وتزيين واجهاتها لجذب أكبر نسبة من المتسوقين إلى أحضانها. بيوت الأزياء الكبيرة هي الأخرى تتسابق على حجز مكان رئيسي لها على هذه الواجهات لتسليط الضوء عليها وعلى إبداعاتها. فما لا يختلف عليه اثنان أن هذه الواجهات والزينة، بما في ذلك الأنوار التي تُزين الشوارع والساحات، تعد نقطة جذب سياحي تعتمد عليه لندن كل سنة. عادةً ما تبدأ الحجوزات قبل فترة طويلة.

وبما أن محلات «هارودز» معلمة ووجهة سياحية، فإن فرصة العرض فيها لا تقدر بثمن، وبالتالي فهي لا تمنح الفرصة لأيٍّ كان لاحتلال واجهاتها. لكنَّ «لورو بيانا» ليست أياً كان؛ فهي من أهم بيوت الأزياء العالمية حالياً. تصاميمها المترفة تجذب النظر وتحفز حركة البيع في الوقت ذاته، بدليل أنها من بين بيوت أزياء تعد على أصابع اليد الواحدة لا تزال تحقق الأرباح رغم الأزمة التي ألمَت بكثير من الأسماء الشهيرة.

احتلت «لورو بيانا» كل واجهات محلات «هارودز» بمناسبة الأعياد والاحتفالات (لورو بيانا)

هذا العام، أُتيحت لها الفرصة لتجعل 36 نافذة عرض في «هارودز» ملكها الخاص. لم يكن الأمر سهلاً. بدأت العمل عليه منذ أكثر من عام تقريباً ليأتي بصورة تسلط الضوء على تاريخها وإرثها وأيضاً مهارات حرفييها بشكل جيد، وهو ما مثَّلته «ورشة العجائب» Workshop of Wonders. فكرتُها استعراضُ خبراتهم في غزْل الصوف وأساليبهن الخاصة في المزج بين الحرفية والفن. هنا سيستمتع الناظر بقصة تُسرد من زاوية مدهشة تتبع رحلتهم، من المراعي و طرق عيش الخرفان والغزلان الخرفان وكيفية الحصول على المواد الخام وصولاً إلى المنتج النهائي.

ورشة العجائب

تتميز بديكورات متحرّكة ميكانيكية تُجسّد فكرة مسرح الدمى من خلال الآليات التي تحركها وراء الكواليس. أغلبها من الخشب لتعزيز الطابع اليدوي التقليدي. فهذه الورشة تعكس فكرة مفادها أنّ الطبيعة نفسها ورشة من الجمال والتفرد والكمال.

الجنود المجهولون أو الحرفيون أخذوا نصيبهم من الاحتفال باستعراض مهاراتهم أمام الضيوف (لورو بيانا)

تأتي التصاميم هنا مستوحاة من روح عشرينات القرن الماضي، وهي الحقبة التي أبصرت فيها الدار النور، ممّا يعزز الشعور بالعراقة من خلال استخدام القوام الخشبي والألوان الدافئة الممزوجة بلمسات من الذهب المطفي. تملأ المشهد، دمى مرسومة ومحاطة بسحب من الصوف المنسوج يدوياً. هنا أيضاً يُكشف الستار عن مجتمعات الحرفيين الماهرين Masters of Fibers والأماكن الساحرة حول العالم، حيث يعيش الماعز، والألباكا، وحيوان الأيل، والغزال. هنا كل شيء يتأرجح بين الواقع والخيال،

وخلال هذه الفترة، ستفتتح الدار متجرَين جديدَين في «هارودز»؛ الأوّل مخصّص لأزياء الصغار، والآخر للديكور المنزلي، إلى جانب منتجات وتصاميم حصرية تحتفي بتاريخ الدار وبموسم الأعياد.

الواجهة والنوافذ

الجميل في تصميم الواجهات أن التركيز لم يقتصر على عرض تصاميمها بشكل يُغري المتسوقين، بقدر ما جرى التركيز على أخذهم في رحلة ممتعة إلى أماكن بعيدة، لتُعرفهم من أين تُستورد الألياف النادرة قبل أن تتحول إلى رزمٍ قطنية ثم إلى أقمشة فاخرة، يُزيِن بعضها شجرة عيد ميلاد بارتفاع 17 متراً .

... وطبعاً لا تكتمل الإطلالات من دون حقائب تعكس اهتمام الدار بالتفاصيل (لورو بيانا)

صُممت كل نافذة بدقة لتحاكي تحفة فنية تروي مرحلة من تاريخ «لورو بيانا» وقصةً نجمُها الرئيسي أليافٌ وأنسجة خفيفة على شكل رزم تتحرك على حزام ناقل، لتتحوّل إلى قماش من خلال آلية مذهلة، وفي النهاية تتّخذ شكل شجرة عيد ميلاد بطول 17 متراً مزينة بالأقمشة وحلة العيد الفريدة.

نوافذ أخرى، تسرد فصولاً تتناول مواقع ومجتمعات «الحرفيين الماهرين» Masters of Fibers من منغوليا وأستراليا وجبال الأنديز وما بعدها، وصولاً إلى إيطاليا حيث يتم تحويل الألياف والمواد الخام إلى قطع لا تقدر بثمن.

منها ما يحكي قصص صوف الفيكونيا، ونسيج بيبي كشمير، وصوف الملوك وقماش «بيكورا نيراPecora Nera® وغيرها. النوافذ المخصّصة لـصوف الملوك مثلا تركز على عملية البحث عن أفضل المراعي الخضراء لخراف المارينو، وهي عملية تعود بنا إلى أواخر القرن الثامن عشر، حين وصل القبطان جيمز كوك إلى نيوزيلندا وأستراليا، حاملاً معه خراف المارينو لأول مرة. لدهشة الجميع، وجدت هذه الخراف مكانها المثالي، حيث حظيت بعناية مكثفة على يد المربّين المحليين ومنحتهم هذه الخراف بدورها أجود أنواع الصوف في العالم. أمّا نافذة Pecora Nera® فتروي رؤية وإبداع المزارعة النيوزيلندية فيونا غاردنر التي ركّزت على الخراف ذات اللون الداكن تحديداً. صوفها الثمين يتحوّل إلى ألياف طبيعية لا تحتاج إلى صبغات.

قطع حصرية لـ«هارودز»

احتفالاً بالذكرى المئوية للدار وأسلوبها المتميز بالفخامة الهادئة، تم طرح مجموعة جاهزة للرجال والنساء، حصرياً في «هارودز». كان من الطبيعي أن تستمد إيحاءاتها من الأناقة البريطانية الكلاسيكية مطعَّمة بلمسات مستوحاة من الفروسية وأنماط المربعات، إضافةً إلى اللون الأخضر الأيقوني الخاص بـ«هارودز» و ألوان أخرى مستوحاة من أجواء العيد، مثل الأحمر والأبيض.

لم تستسهل «لورو بيانا» عملية تزيين 36 نافذة وكانت النتيجة مرآة لتاريخها وإرثها (لورو بيانا)

الإطلالات المسائية للمرأة في المقابل تتميز بفساتين طويلة من الحرير المطرّز يدوياً وفساتين محبوكة بقصات عمودية، إلى جانب قمصان ناعمة مصنوعة هي الأخرى من الحرير تم تنسيقها مع سراويل واسعة بسيطة بعيدة عن التكلّف. تضيف أحذية الباليه المسطحة المصنوعة من المخمل الأسود، والصنادل ذات الكعب العالي المطرزة بزهور الشوك الذهبية، لمسة نهائية راقية.

من جهته يتألق رجل «لورو بيانا» في كل المناسبات الرسمية والاحتفالات الموسمية، بفضل التشكيلة الواسعة من البدلات الرسمية.

متجران مؤقتان

سيجد زائر «هارودز» كل ما يطمح إليه من أزياء أو إكسسوارات مصنوعة من أجود أنواع الألياف (لورو بيانا)

بهذه المناسبة خصصت الدار متجرَين مؤقّتَين من وحي الأعياد. الأول في الباب 6، ويشمل عناصر مستوحاة من ورش العمل والأقمشة المطرّزة. تتوسطه طاولة عمل من الجلد مضاءة بمصباح علوي، بالإضافة إلى عجلة صناعية كبيرة تعرض المنتجات الجلدية والإكسسوارات. يمكن للزوّار هنا العثور على تشكيلة حصرية من ربطات العنق والقبّعات المصنوعة من الكشمير الفاخر للأطفال، والصوف، وقماش التويل الحريري بألوان هادئة أو مزيّنة بزخارف تحمل رموز الدب وزهرة الشوك وغيرها. أما للمنزل، فتتوفر تماثيل خشبية للماعز والألباكا، بالإضافة إلى نسخ محشوة منها على قواعد خشبية. وقد جرى تخصيص زاوية خاصة لإدخال اللمسات الشخصية على وشاح Grande Unita الأيقوني، حيث يمكن للعملاء تطريز الأحرف الأولى من أسمائهم.

استلهمت الدار الإيطالية كثيراً من التصاميم من الأجواء البريطانية العريقة... من الأشكال والقطع إلى الألوان (لورو بيانا)

أما المتجر الثاني بباب 9، فخُصّص لفنّ تقديم الهدايا وتجربة حصرية يمكن حجزها لمزيد من المتعة. تبدأ بتعريف الضيوف بعالم الحرف اليدوية، من خلال أشجار الأعياد المغلّفة بالصوف والكشمير، وحيوانات محشوة على شكل الماعز، والألباكا، وحيوان الأيل، والغزال، بالإضافة إلى رؤوس أقلام على شكل حيوانات. وتتجلّى بهجة موسم الأعياد في كرة الثلج المصنوعة من الخشب والزجاج التي تضم ماعز الكشمير محاطاً بحبّات الثلج المتطايرة. يستضيف هذا المتجر أيضاً ورشة عمل تُتيح للضيوف اختبار مهاراتهم في الحرف اليدوية أو تعلّم كيفية صنع زينة العيد وتغليف نماذج خشبية بالصوف.

تستمر فعاليّات Workshop of Wonders حتّى الثاني من يناير (كانون الثاني) 2025، وتُشكّل جزءاً مهماً وأساسياً من احتفالات الدار بعيدها المئة حول العالم، وبذكرى تأسيسها عام 1924 على يد بييترو لورو بيانا.