الهم إنساني في «غدًا نلتقي»

الهم إنساني في «غدًا نلتقي»
TT

الهم إنساني في «غدًا نلتقي»

الهم إنساني في «غدًا نلتقي»

* ما بين أن تطرح الأعمال التلفزيونية قضايا حاسمة تمر بها الأوطان، وأن تخشى طرح القضايا ذاتها درءًا لردات فعل قد تصل إلى حد تجنّب المحطات التلفزيونية عرضه، خيط دقيق يشبه الطريق الخطرة التي تفصل بين مدينتي شاشابوياس وسيلندين في ألبيرو (طريق جبلي ضيق يمتد ألوف الكيلومترات تحفه الوديان والهياكل العظمية لمن سقط فيها).
يهوى بعض صانعي الدراما التلفزيونية التميّز بأعمالهم إما كمضمون أو كمعالجة فنية، وإذا ما استطاعوا الجمع بين المضمون والمعالجة، فكأنما جمع المجد من طرفيه. هذا في مقابل كل تلك الأعمال التي لا تكترث للتميّز، بل لرغبتها في بيع ما تنتجه لأكبر عدد من المحطات والانصراف إلى غيره للعرض في العام المقبل.
وإذ تمر عدد من الدول العربية بأفدح أزماتها وحروبها اليوم، فإن عددًا كبيرًا من فنانيها يصبو لكي يشارك بفنه في أعمال تعكس كل تلك الأسئلة والمضامين والأبعاد المثارة. هنا تبدأ قيادة المشروع إما للسلامة أو للهاوية. فالمطلوب، كشرط غير مكتوب، أن لا يحلل الوضع من وجهة نظر سياسية بحتة. أن لا يتّخذ موقفًا مع أو ضد نظام بلده أو نظام بلد آخر. وأن يبقى حريصًا، إذا ما أراد المرور بسلام، أن ينقل آراء مختلفة يتم غليها بهدوء وبدرجة حرارة معتدلة أو ما دون.
* في عالمنا اليوم ليس هناك مزاح. الجمهور جاهز للانقضاض، كذلك النقاد. وإذا كنا في هذه الزاوية ركّزنا طوال الوقت (أو معظمه) على المعالجات وكيفيتها ومستوياتها، فإن الغالبية انقضت على المضامين تحاكمها محاكمات سياسية، فإذا بمسلسل «أستاذ ورئيس قسم» يلمع «جوخ» النظام الحالي عند البعض، ويسيء إليه عند البعض الآخر، وها هو «حارة اليهود» متهم بمعاداته لليهود عند البعض وبالتزلّف لهم لدى البعض الآخر. و«نادي الشرق» يقول الكثير عن الوضع السوري الحالي، ولو مواربًا، كما يراه متابعون، ولا يقول شيئًا يُذكر لدى متابعين آخرين.
أليس من الغريب أن لا نستطيع النظر إلى عمق الدلالات ونحدد ما إذا كان البرنامج مع أو ضد شيء ما؟ هل يمكن إلا أن يكون أحد الطرفين على حق والطرف الآخر على خطأ؟ وكيف نعلم من هو؟ ثم كيف يمكن لمسلسلاتنا أن تتقدّم إذا لم تصرف الوقت في تحسين خدماتها الفنية للمشاهد. أن تعرف كيف تُكتب وكيف تُنفّذ. وكيف يمكن للنقد أن يرتقي إذا لم يستوعب أهمية الحكم على الفن والشكل قبل المضمون؟
* أحد المسلسلات التي لم نتناولها بعد هنا، لكن الوقت حان لذلك، هو «غدًا نلتقي» (lbc ومحطات أخرى). دراما من إخراج رامي حنا وتأليفه مع إياد أبو الشامات وبطلة كلاريس بشّار ومكسيم خليل وفاتن شاهين وعبد المنعم عمايري.
بين المسلسلات القليلة التي تتحدّث عن الهجرة بسبب الحرب السورية، هذا أفضلها. مرّة أخرى ليس لأسباب سياسية، فهو ينأى بنفسه عن اتخاذ مواقف مباشرة لا فائدة منها، بل لأسباب فنية أولاً.
إخراج رامي حنا مُمارس بخطّة تستخدم الكثير من المشاهد المتوسّطة والقريبة لشخصياتها عوض المشاهد المتوالية التي تخفق في مؤازرة النص. هذا الاستخدام يتيح لتلك المشاهد أن تتبلور عاطفيًا وحميميًا فإذا بها تتواصل بلغة فنية جيّدة لا مع الجمهور المتابع فقط، بل مع ما تحاول طرحه. والتكرار يصبح منوالاً والمنوال يتحوّل إلى أسلوب عرض وهو ما تفتقر إليه مسلسلات كثيرة.
الآن نأتي إلى ذلك الطرح.
منذ مطلع المسلسل، وحتى حلقته الخامسة والعشرين وهو يفتح صفحات في مأساة المواطنين المهاجرين من قراهم ومدنهم بسبب الحرب الدائرة. لا يهاجم النظام ولا يهاجم المعارضة، ولا يتقرب منهما أيضًا. بديله الثابت وحتى الحلقة المذكورة هو تقديم شخصيات حيّة وواقعية تعاني مما وجدت نفسها فيه. تلك الحرب الدائرة لا تقع في كوكب آخر، لكن قربها أو بعدها لا يخفف من وقعها على الشرائح البشرية التي يقدّمها المسلسل، ومع تقديمها يسمح لنفسه بتقديم أوضاعها الاجتماعية والعاطفية من دون أن تطغى تلك الأوضاع على الوضع الإنساني الرئيس.
لذلك تأتي المشاهد القريبة لتقرّب كذلك المسافة بين هذه الشخصيات الحائرة في حاضرها ومستقبلها والمشاهد في دارته.
تلك الشخصيات وجدت نفسها في لبنان (تم التصوير في منطقة بنت جبيل) تصارع جبهات داخلية فيما بينها (عواطف اللحظة) وجبهات خارجية (الوضع السائد) وتسأل عما سيليه: هل تعود إلى سوريا؟ وإذا عادت، هل تعود إلى حيث جاءت لتعيش تحت سقف النظام الذي هربت منه أو إلى موقع آخر تحتله المعارضة؟ هل تمضي شمالاً حتى تبلغ تركيا وتلجأ إليها؟ اختيارات أحلاها مرّ في هذه الأزمة الطاحنة التي ليس للمواطن العادي ذنب سوى أنه كان حيّا عندما اندلعت.
كان يمكن للمسلسل أن يأتي أفضل من الناحية التقنية الصرفة. كادراته، مثلاً، ليست دائمًا دقيقة. الكاميرا الديجيتال المستخدمة لا تبدو كما لو كانت تستطيع التصوير جيّدًا عند استخدام النور الطبيعي أو الإضاءة الليلية. لكن ما يعانيه المسلسل في هذا النطاق يعوّضه في نطاق المعالجة العامّة (تلك المسافات القريبة عاطفيًا وبصريًا من مواضيعها) والتمثيل الجيد كما - وعلى الأخص - الحوار الذي لا يبعثر أي كلمة.



الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
TT

الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)

في السنوات الأخيرة، أثّر الذكاء الصناعي على المجتمع البشري، وأتاح إمكانية أتمتة كثير من المهام الشاقة التي كانت ذات يوم مجالاً حصرياً للبشر، ومع كل ظهور لمهام وظيفية مبدعةً، تأتي أنظمة الذكاء الصناعي لتزيحها وتختصر بذلك المال والعمال.
وسيؤدي عصر الذكاء الصناعي إلى تغيير كبير في الطريقة التي نعمل بها والمهن التي نمارسها. وحسب الباحث في تقنية المعلومات، المهندس خالد أبو إبراهيم، فإنه من المتوقع أن تتأثر 5 مهن بشكل كبير في المستقبل القريب.

سارة أول روبوت سعودي يتحدث باللهجة العامية

ومن أكثر المهن، التي كانت وما زالت تخضع لأنظمة الذكاء الصناعي لتوفير الجهد والمال، مهن العمالة اليدوية. وحسب أبو إبراهيم، فإنه في الفترة المقبلة ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير آلات وروبوتات قادرة على تنفيذ مهام مثل البناء والتنظيف بدلاً من العمالة اليدوية.
ولفت أبو إبراهيم إلى أن مهنة المحاسبة والمالية ستتأثر أيضاً، فالمهن التي تتطلب الحسابات والتحليل المالي ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير برامج حاسوبية قادرة على إجراء التحليل المالي وإعداد التقارير المالية بدلاً من البشر، وكذلك في مجال القانون، فقد تتأثر المهن التي تتطلب العمل القانوني بشكل كبير في المستقبل.
إذ قد تتمكن التقنيات الحديثة من إجراء البحوث القانونية وتحليل الوثائق القانونية بشكل أكثر فاعلية من البشر.
ولم تنجُ مهنة الصحافة والإعلام من تأثير تطور الذكاء الصناعي. فحسب أبو إبراهيم، قد تتمكن التقنيات الحديثة من إنتاج الأخبار والمعلومات بشكل أكثر فاعلية وسرعة من البشر، كذلك التسويق والإعلان، الذي من المتوقع له أن يتأثر بشكل كبير في المستقبل. وقد تتمكن أيضاً من تحديد احتياجات المستهلكين ورغباتهم وتوجيه الإعلانات إليهم بشكل أكثر فاعلية من البشر.
وأوضح أبو إبراهيم أنه على الرغم من تأثر المهن بشكل كبير في العصر الحالي، فإنه قد يكون من الممكن تطوير مهارات جديدة وتكنولوجيات جديدة، تمكن البشر من العمل بشكل أكثر فاعلية وكفاءة في مهن أخرى.

الروبوت السعودية سارة

وفي الفترة الأخيرة، تغير عالم الإعلان مع ظهور التقنيات الجديدة، وبرز الإعلان الآلي بديلاً عملياً لنموذج تأييد المشاهير التقليدي الذي سيطر لفترة طويلة على المشهد الإعلاني. ومن المرجح أن يستمر هذا الاتجاه مع تقدم تكنولوجيا الروبوتات، ما يلغي بشكل فعال الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير.
وأتاحت تقنية الروبوتات للمعلنين إنشاء عروض واقعية لعلاماتهم التجارية ومنتجاتهم. ويمكن برمجة هذه الإعلانات الآلية باستخدام خوارزميات معقدة لاستهداف جماهير معينة، ما يتيح للمعلنين تقديم رسائل مخصصة للغاية إلى السوق المستهدفة.
علاوة على ذلك، تلغي تقنية الروبوتات الحاجة إلى موافقات المشاهير باهظة الثمن، وعندما تصبح الروبوتات أكثر واقعية وكفاءة، سيجري التخلص تدريجياً من الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير، وقد يؤدي ذلك إلى حملات إعلانية أكثر كفاءة وفاعلية، ما يسمح للشركات بالاستثمار بشكل أكبر في الرسائل الإبداعية والمحتوى.
يقول أبو إبراهيم: «يقدم الذكاء الصناعي اليوم إعلانات مستهدفة وفعالة بشكل كبير، إذ يمكنه تحليل بيانات المستخدمين وتحديد احتياجاتهم ورغباتهم بشكل أفضل. وكلما ازداد تحليل الذكاء الصناعي للبيانات، كلما ازدادت دقة الإعلانات وفاعليتها».
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للذكاء الصناعي تحليل سجلات المتصفحين على الإنترنت لتحديد الإعلانات المناسبة وعرضها لهم. ويمكن أن يعمل أيضاً على تحليل النصوص والصور والفيديوهات لتحديد الإعلانات المناسبة للمستخدمين.
ويمكن أن تكون شركات التسويق والإعلان وأصحاب العلامات التجارية هم أبطال الإعلانات التي يقدمها الذكاء الصناعي، بحيث يستخدمون تقنياته لتحليل البيانات والعثور على العملاء المناسبين وعرض الإعلانات المناسبة لهم. كما يمكن للشركات المتخصصة في تطوير البرمجيات والتقنيات المرتبطة به أن تلعب دوراً مهماً في تطوير الإعلانات التي يقدمها.