لماذا ترتفع أسعار السلع الأساسية في مصر؟

القمح والأرز والزيوت من أهمها

الدكتور علي المصيلحي وزير التموين والتجارة الداخلية المصري يقود اجتماعاً لمناقشة أسعار السلع (الحكومة المصرية)
الدكتور علي المصيلحي وزير التموين والتجارة الداخلية المصري يقود اجتماعاً لمناقشة أسعار السلع (الحكومة المصرية)
TT

لماذا ترتفع أسعار السلع الأساسية في مصر؟

الدكتور علي المصيلحي وزير التموين والتجارة الداخلية المصري يقود اجتماعاً لمناقشة أسعار السلع (الحكومة المصرية)
الدكتور علي المصيلحي وزير التموين والتجارة الداخلية المصري يقود اجتماعاً لمناقشة أسعار السلع (الحكومة المصرية)

أثار إعلان مصر تحديد «أسعار استرشادية» لعدد من السلع الأساسية، باستثناء الأرز الذي سيكون له سعر «إجباريّ» في محاولة لضبط الأسواق، أسئلة عدة؛ أبرزها عن طبيعة السلع الأساسية التي تهمّ المصريين، ومصدرها، وسبب ارتفاع أسعارها باستمرار.
وأعلن الدكتور علي المصيلحي، وزير التموين والتجارة الداخلية في مصر، أنه «سيجري تشكيل لجنة عليا تضم كلاً من اتحاد الصناعات، واتحاد الغرف التجارية، وجهاز حماية المستهلك؛ لوضع سعر عادل للسلع الاستراتيجية والأساسية بالأسواق، والتي سوف يصل عددها لما بين 10 إلى 15 سلعة».
وقال الوزير، في بيان صحافي، اليوم الأحد، إنه «باستثاء الأرز، لا يوجد تسعير ‏إجباري للسلع، بل سيجري وضع سعر عادل لها طبقاً لتكلفة الإنتاج والمُدخلات ‏الخاصة بها»، كما وجّه مصيلحي بمتابعة «إلزام التجار بوضع السعر على المنتجات بخط واضح، وإمهالهم فرصة أسبوعين لتنفيذ ذلك».
ويُطلق الخبراء على بعض السلع الغذائية المصرية «سلع الأزمات»؛ كونها الأكثر استهلاكاً من المصريين، فضلاً عن أن بعضها يجري استيراده من الخارج بالكامل، أو بنسب كبيرة؛ لوجود فجوة واسعة بين حجم الإنتاج المحلي والاستهلاك.
ومن أبرز السلع الأساسية التي تمثل أزمة للمستهلك المصري، وفقاً للدكتور شريف سمير فياض، أستاذ الاقتصاد الزراعي: «القمح، والذرة، والزيوت، والفول البلدي، فضلاً عن الأرز، والسكر والشاي، والبقوليات مثل الفاصوليا».
وقال فياض، لـ«الشرق الأوسط»، إن «الزيوت تمثل مشكلة كبيرة، إذ إن مصر تنتج فقط نحو 13 % من احتياجاتها، بينما تنتج ما بين 10 إلى15 % من احتياجات الفول البلدي»، مضيفاً: «يجب وضع سعر إجباري لكل تلك السلع، استناداً إلى تكلفة الإنتاج، وتحديد هامش ربح لا يتجاوز 25 %».
وتستورد مصر عدداً من السلع الغذائية لسدّ احتياجات السوق؛ أبرزها القمح من روسيا وأوكرانيا، واللحوم من السودان وإثيوبيا، والذرة من فرنسا وأميركا، والشاي والقهوة والزيوت من دول عدة، منها البرازيل والاتحاد الأوربي وجنوب شرق آسيا.
وبلغت قيمة واردات مصر من اللحوم الحية والمجمدة، خلال الشهور العشرة الأولى من العام الماضي 2021، نحو 1.037 مليار دولار، وفقاً لتقرير لـ«الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء» صدر في مارس (آذار) الماضي، في حين سجلت واردات الشاي والقهوة 448 مليون دولار، وبلغت واردات السكر والعسل الأسود نحو 400 مليون دولار، بينما وصل حجم واردات البقوليات إلى 430 مليون دولار خلال الفترة نفسها.
ووفقاً للتقرير نفسه، بلغت قيمة واردات مصر من الزيوت نحو 1.4 مليار دولار، وهو ما يرى معه الدكتور فياض أن «هامش الربح في الزيوت يصل إلى نحو 60 % من تكلفة الإنتاج؛ نتيجة المغالاة في السعر دون تحديده. وترجع أزمة الزيوت إلى تراجع مساحة زراعة القطن، حيث يُصنع زيت الطعام من بذوره، وتحاول مصر حل المشكلة بالتوسع في زراعة الذرة وعباد الشمس».
ووفق خبراء، يوجد الكثير من السلع الغذائية التي يمكن لمصر تحقيق الاكتفاء الذاتي من خلالها، خلال نحو عامين. وقال الدكتور خيري حامد العشماوي، أستاذ الاقتصاد الزراعي بـ«المركز القومي للبحوث»، لـ«الشرق الأوسط»، إن «تحقيق الاكتفاء الذاتي يتحقق بالاستفادة من الأبحاث العلمية وطرق الزراعة الحديثة. ومن أبرز المنتجات التي تملك مصر إمكانية تحقيق الاكتفاء الذاتي فيها القمح والذرة وفول الصويا والأرز والحبوب»، موضحاً أن «ارتفاع أسعار بعض السلع كثيراً يكون بسبب عدم وجود تسعيرة إلزامية تستند إلى تكلفة الإنتاج».


مقالات ذات صلة

انخفاض معدل التضخم في تركيا للشهر السادس على التوالي

شؤون إقليمية انخفاض معدل التضخم في تركيا للشهر السادس على التوالي

انخفاض معدل التضخم في تركيا للشهر السادس على التوالي

انخفض معدل التضخّم في تركيا مجدداً في أبريل (نيسان) للشهر السادس على التوالي ليصل الى 43,68% خلال سنة، قبل أقل من أسبوعين على الانتخابات الرئاسية والتشريعية المقررة في البلاد.

«الشرق الأوسط» (أنقرة)
الاقتصاد «النقد الدولي» يدعو البنوك المركزية الأوروبية لعدم التوقف عن رفع أسعار الفائدة

«النقد الدولي» يدعو البنوك المركزية الأوروبية لعدم التوقف عن رفع أسعار الفائدة

قال مدير صندوق النقد الدولي لمنطقة أوروبا اليوم (الجمعة)، إنه يتعين على البنوك المركزية الأوروبية أن تقضي على التضخم، وعدم «التوقف» عن رفع أسعار الفائدة، حسبما أفادت «وكالة الصحافة الفرنسية». وأوضح ألفريد كامر، خلال إفادة صحافية حول الاقتصاد الأوروبي في استوكهولم، «يجب قتل هذا الوحش (التضخم).

«الشرق الأوسط» (استوكهولم)
الاقتصاد كبير الاقتصاديين في «بنك إنجلترا»: على البريطانيين القبول بصعوباتهم المالية

كبير الاقتصاديين في «بنك إنجلترا»: على البريطانيين القبول بصعوباتهم المالية

أكد كبير الاقتصاديين في «بنك إنجلترا»، اليوم (الثلاثاء)، أنه يتعين على البريطانيين القبول بتراجع قدرتهم الشرائية في مواجهة أزمة تكاليف المعيشة التاريخية من أجل عدم تغذية التضخم. وقال هيو بيل، في «بودكاست»، إنه مع أن التضخم نجم عن الصدمات خارج المملكة المتحدة من وباء «كوفيد19» والحرب في أوكرانيا، فإن «ما يعززه أيضاً جهود يبذلها البريطانيون للحفاظ على مستوى معيشتهم، فيما تزيد الشركات أسعارها ويطالب الموظفون بزيادات في الرواتب». ووفق بيل؛ فإنه «بطريقة ما في المملكة المتحدة، يجب أن يقبل الناس بأن وضعهم ساء، والكف عن محاولة الحفاظ على قدرتهم الشرائية الحقيقية».

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم المغرب: حزب معارض ينسق مع اتحاد عمالي لمواجهة تداعيات غلاء الأسعار

المغرب: حزب معارض ينسق مع اتحاد عمالي لمواجهة تداعيات غلاء الأسعار

أعلن كل من «حزب التقدم والاشتراكية» المغربي (معارضة برلمانية)»، و«الاتحاد المغربي للشغل»؛ أعرق اتحاد عمالي في المغرب، التنسيق بينهما في ظل الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية الصعبة التي يعاني منها المواطنون في ظل موجة الغلاء. وقال بيان مشترك للهيئتين، صدر الثلاثاء إثر اجتماع بين قيادتيهما، إنه جرى الاتفاق على تشكيل لجنة مشتركة بينهما لتتبع «التنسيق الثنائي في جميع المبادرات المستقبلية» التي تروم الدفاع عن قضايا الطبقة العاملة المغربية وعموم المواطنات والمواطنين. واتفق الطرفان أيضاً على التنسيق داخل البرلمان بغرفتيه في جميع القضايا «دفاعاً عن مصالح العمال وكافة الجماهير الشعبية».

«الشرق الأوسط» (الرباط)
الاقتصاد تكهنات حول تخفيض قيمة الجنيه تشغل المصريين

تكهنات حول تخفيض قيمة الجنيه تشغل المصريين

يترقب المصريون تقارير دولية وتصريحات لمسؤولين اقتصاديين، يعتبرها مراقبون مؤشراً محتملاً على إقدام البلاد على خفض جديد لقيمة الجنيه، خلال الفترة المقبلة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

«الجنائية الدولية»: ديسمبر للمرافعات الختامية في قضية «كوشيب»

علي عبد الرحمن الشهير بـ«علي كوشيب» المتهم بجرائم حرب في إقليم بدارفور (موقع «الجنائية الدولية»)
علي عبد الرحمن الشهير بـ«علي كوشيب» المتهم بجرائم حرب في إقليم بدارفور (موقع «الجنائية الدولية»)
TT

«الجنائية الدولية»: ديسمبر للمرافعات الختامية في قضية «كوشيب»

علي عبد الرحمن الشهير بـ«علي كوشيب» المتهم بجرائم حرب في إقليم بدارفور (موقع «الجنائية الدولية»)
علي عبد الرحمن الشهير بـ«علي كوشيب» المتهم بجرائم حرب في إقليم بدارفور (موقع «الجنائية الدولية»)

مع اقتراب دفع المحكمة الجنائية الدولية بـ«المرافعات» الختامية في قضية السوداني علي عبد الرحمن، الشهير بـ«علي كوشيب»، المتهم بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في إقليم بدارفور، وصف الدفاع المتهم كوشيب بأنه «كبش فداء» قدّمته الحكومة السودانية للتغطية على المتهمين الرئيسيين، وهم: الرئيس المخلوع عمر البشير، ووزيرا «الدفاع» وقتها عبد الرحيم محمد حسين، و«الداخلية» أحمد هارون.

وقالت المحكمة الجنائية، في «ورشة عمل» عقدتها للصحافيين السودانيين في العاصمة الكينية كمبالا، الجمعة، إن المحكمة قررت تقديم المرافعات الختامية في قضية المدعي العام ضد علي محمد علي عبد الرحمن، الشهير بـ«علي كوشيب»، في الفترة من 11 إلى 13 ديسمبر (كانون الأول) 2024، بمقر المحكمة في مدينة لاهاي الهولندية.

ويواجه عبد الرحمن 31 تهمة تتعلق بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية يُزعم أنها ارتُكبت في إقليم بدارفور السودان، خلال الفترة بين أغسطس (آب) 2003، وأبريل (نيسان) 2004، بمناطق مكجر وبندسي ودليج وكدوم بوسط دارفور.

مطالب بتسليم البشير وهارون

وقال المستشار بمكتب المدعي العام داهيرو سان آنا، عبر تقنية مؤتمر فيديو من لاهاي، إن مكتبه يحقق في أحداث دارفور الناجمة عن الحرب الحالية، وإنه كلف فريقاً يقوم بجمع المعلومات في دارفور يتعلق بالقضايا الجديدة، في جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، يتحدث الناس أنها تحدث في الإقليم المضطرب، وبنهاية التحقيقات سيجري تقديم طلبات لقضاة المحكمة لتوجيه اتهامات.

عمر البشير خلال محاكمته بالفساد يونيو 2019 (رويترز)

وأوضح أن المتهمين الرئيسيين؛ الرئيس السابق عمر البشير، ووزير دفاعه وقتها عبد الرحيم محمد حسين، ووزير داخليته أحمد محمد هارون، لا يزالون دخل السودان. وأضاف: «وفقاً لقرار مجلس الأمن الدولي، يجب تسليمهم للمحكمة، وهو التزام لا يزال قائماً». وتابع أن انقلاب 25 أكتوبر (تشرين الأول) 2021 الذي قاده الجيش صعب الأوضاع المتعلقة بتسليم المتهمين.

وقال داهيرو إن تسليم المتهمين يقع على حكومة السودان التي تَعلم مكان المتهمين. وتابع: «سألناهم، العام الماضي، ولم يعطونا معلومات، وقالوا إنهم يحققون في مكان وجود أحمد هارون». واستطرد: «التحقيقات مع كوشيب أشارت إلى ضلوع هارون في كل الجرائم المرتكبة بواسطة كوشيب، وطالبنا بتسليمه ليحاكَم الرجلان معاً، لكن هذا لم يحدث».

وعادت قضية تسليم أحمد محمد هارون إلى الواجهة مجدداً، بعد تصاعد الصراعات داخل حزب البشير «المؤتمر الوطني»، وانتخاب الرجل رئيساً للحزب، رغم التهم الموجهة له من قِبل المحكمة الجنائية الدولية، والاتهامات التي يواجهها في القضاء المحلي.

مئات الأشخاص يفرون يومياً من دارفور إلى مخيم أدري الحدودي في تشاد هرباً من الحرب (رويترز)

وبإطاحة حكم الرئيس عمر البشير، يواجه الرجال الثلاثة المحاكمة باتهامات تتعلق بتدبير انقلاب 1989، تصل عقوبتها للإعدام. وعقب اندلاع الحرب، في 15 أبريل، خرج هارون ومتهمون آخرون من السجن، ولا يعلم مكان وجودهم، بينما لا تزال السلطات تقول إن البشير وحسين لا يزالان قيد الحبس، دون أن تكشف عن مكان حبسهما.

اتهامات لحكومة السودان

بدوره، قال المتحدث باسم المحكمة، فادي العبد الله، إن المحكمة لا تستطيع توسيع نطاق اختصاصها إزاء الجرائم التي يزعم أن قوات «الدعم السريع» ترتكبها في مناطق جديدة من السودان؛ لأن السودان ليس عضواً في ميثاق روما المكون للمحكمة الجنائية الدولية، وأن اختصاصها يقتصر على قرار مجلس الأمن 1593 الصادر في 2005، الذي أحال الوضع في دافور للمحكمة.

واتهم محامي المتهم سيريل لاوشي، في إفادته، للصحافيين، «حكومة السودان» بأنها قدمت كوشيب «كبش فداء» للتستر على المتهمين الرئيسيين. وقال: «جاء ممثل السودان، وقال: خذوه وحاكموه، فهذا هو الشخص الذي يجب أن تجري محاكمته، على الرغم من وجود المتهمين الرئيسيين؛ عمر البشير ومساعديْه وزيري الدفاع والداخلية».

وأرجع محامي كوشيب تأخير إجراءات المحاكمة إلى عدم مثول المتهمين الآخرين، وأضاف: «كان يمكن أن تسير الإجراءات بشكل يحقق العدالة، بحضور المتهمين». وأقر المحامي لاوشي بوقوع الجرائم موضوع المحاكمة، وطالب بجبر ضرر الضحايا، بقوله: «للمجني عليهم الحق في جبر الضرر، بغض النظر عن إدانة كوشيب أو تبرئته، وحق الضحايا لن يتأثر بكونه مجرماً أو غير مجرم».

صورة من الدمار الذي خلّفه القتال في الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور (أرشيفية - أ.ف.ب)

ووفقاً للمتحدثين باسم محكمة لاهاي، فإن مكتب المدعي العام والممثلين القانونيين للضحايا، وهيئة الدفاع سيدلون بمرافعاتهم الختامية، في الوقت المحدد، أمام الدائرة الابتدائية الأولى المكونة من القاضية جوانا كورنر «قاضية رئيسة»، والقاضيتين راين ألابيني غانسو وألتيا فيوليت أليكسيس.

وبدأت محاكمة كوشيب أمام الدائرة الابتدائية الأولى، في 5 أبريل 2022، على أثر تسليمه نفسه للمحكمة في يونيو (حزيران) 2020، واستجوبت المحكمة، خلال التقاضي، 56 شاهداً، وقفلت قضية الادعاء في 5 يونيو 2023، وينتظر أن تستمع المحكمة إلى مرافعتَي الاتهام والدفاع الختاميتين، قبل اتخاذ قرار بشأن الرجل المحبوس لدى المحكمة في لاهاي.