يبحث وزير الداخلية الفرنسي، جيرارد دارمانان، في الجزائر منذ أمس، ملفات محاربة الإرهاب والهجرة غير النظامية، و«قضية التأشيرات»، التي تثير خلافاً حاداً بين البلدين منذ أكثر من سنة.
وجاءت الزيارة، التي تنتهي اليوم، تلبية لدعوة من وزير الداخلية الجزائري إبراهيم مراد، حسب صحيفة لوفيغارو الفرنسية. وأكدت مصادر سياسية جزائرية أن الهدف منها «تسوية خلافين مرتبطين ببعضهما: أزمة المهاجرين الجزائريين المقيمين بفرنسا بشكل غير قانوني، وقرار فرنسا خفض عدد التأشيرات الممنوحة للجزائريين إلى النصف».
ويوحي تنقل دارمانان إلى الضفة الجنوبية للمتوسط بغرض بحث هذين الملفين، بأن البلدين أبديا استعداداً للتوصل إلى «حل وسط» يرضيهما معاً. فالجزائر، على الأرجح، لا تمانع في إصدار قنصلياتها بفرنسا تراخيص تسمح بترحيل مهاجرين غير نظاميين، لكن ليس بالعدد الذي يريده دارمانان وهو سبعة آلاف. كما أن الجزائريين متحفظون بشدَّة حول موضوع «الجنسية الحقيقية» للمهاجرين، الذين تريد فرنسا ترحيلهم إلى الجزائر، ولهذا تقترح دراسة هذه المسألة «حالة بحالة».
وكان دارمانان قد صرح في سبتمبر (أيلول) 2021 بأن الممثليات الدبلوماسية الجزائرية ببلاده ترفض إصدار تصاريح لطرد أكثر من سبعة آلاف مهاجر جزائري. وتضمن كلامه بهذا الخصوص إيحاءات بوجود متطرفين بينهم، يشكلون خطراً على الأمن في فرنسا. غير أن الرئيس عبد المجيد تبون ردّ عليه بعد فترة قصيرة، قائلاً إن «موسى دارمانان تفوه بكذبة كبيرة»، مستعملاً الاسم الأوسط للوزير موسى، وهو اسم جده لوالدته، القناص الجزائري الذي حارب بجانب فرنسا في الحرب العالمية الثانية، مؤكداً أن الجزائر «تلقت 94 طلباً بالترحيل فقط، وتمت الموافقة على 21 منها».
وبسبب ما اعتبرته باريس «رفضاً من الجزائر تسلم مهاجريها غير الشرعيين»، اتخذت قراراً فورياً بتقليص حصتها من التأشيرات، وشمل القرار المغرب وتونس أيضاً، على اعتبار أن المشكلة مطروحة أيضاً مع مهاجري البلدين المغاربيين.
وفي أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، صرّحت الوزيرة الأولى الفرنسية إليزابيث بورن، عشية زيارة عمل إلى الجزائر، بأن حكومة بلادها «تجري حواراً مع السلطات الجزائرية لجعل تعاوننا في مجال الهجرة أكثر انسيابية وأكثر فعالية، لأن تعزيز التنقل الشرعي، وإفشال التنقلات السرية يعود بالفائدة المشتركة على بلدينا»، مؤكدة أن «مسألة التأشيرة فعل سيادي»، وأن فرنسا «تسعى إلى هجرة منتقاة للطلاب الجامعيين، والمقاولين والمسؤولين السياسيين، والباحثين والفاعلين الثقافيين والرياضيين، مع صرامة أكبر في محاربة الهجرة غير الشرعية».
وقد أجرت بورن مباحثات مع المسؤولين الجزائريين حول هذه القضية، وغادرت بلادهم من دون أن يفتكوا منها تعهداً بحل ما بات يعرف بـ«أزمة التأشيرات».
وفي نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، صرح الرئيس إيمانويل ماكرون، على هامش «قمة الفرنكفونية» بتونس، بأنه «غير مقبول هذا الرفض واستعادة المهاجرين السريين، خصوصاً أنهم يتسببون في أنشطة غير مشروعة، وتم التثبت من أنهم مزعجون وخطرون على النظام العام»، وكان يشير ضمناً إلى الدول المغاربية الثلاث، وإلى جرائم وقعت بفرنسا الأشهر الماضية، نُسبت لمهاجرين من المغرب العربي.
أما عن التعاون الأمني بين فرنسا والجزائر، فقد تناولت مباحثات دارمانان مع مراد ومسؤولين بالأمن الجزائري الوضع في مالي، وتحركات المتطرفين وتجار السلاح والمهربين بالحدود بين البلدين. كما تم بحث الوضع في ليبيا وتداعيات الأزمة السياسية والأمنية الداخلية على المنطقة، والهجرة غير الشرعية بالبحر الأبيض المتوسط، وتداعياتها على الأمن في أوروبا.
وفي زيارة دارمانان، الذي جاء مرفوقاً بزوجته، جانب «خاص» أيضاً. فبناء على طلبه نظمت له السلطات الجزائرية زيارة إلى مسقط رأس جده موسى واكيد بمحافظة مستغانم (340 كلم غرب العاصمة)، الذي عرف عنه قتاله الشرس إلى جانب الفرنسيين خلال الحرب العالمية الثانية، في الوقت الذي كانت فيه فرنسا تحت الاحتلال النازي.
وزير داخلية فرنسا في الجزائر لحل أزمتي التأشيرة والهجرة السرية
وزير داخلية فرنسا في الجزائر لحل أزمتي التأشيرة والهجرة السرية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة