إردوغان يهاجم المعارضة... وينتقد محاولة «تسييس» الحكم على إمام أوغلو

اليونان توعدت بـ«رد قاسٍ» حال المساس بسيادتها في بحر إيجه

متظاهرون يحتجون على الحكم القضائي ضد إمام أوغلو في إسطنبول الخميس (رويترز)
متظاهرون يحتجون على الحكم القضائي ضد إمام أوغلو في إسطنبول الخميس (رويترز)
TT

إردوغان يهاجم المعارضة... وينتقد محاولة «تسييس» الحكم على إمام أوغلو

متظاهرون يحتجون على الحكم القضائي ضد إمام أوغلو في إسطنبول الخميس (رويترز)
متظاهرون يحتجون على الحكم القضائي ضد إمام أوغلو في إسطنبول الخميس (رويترز)

في أول تعليق له على الحكم الصادر بحبس رئيس بلدية إسطنبول المنتمي إلى حزب «الشعب الجمهوري» المعارض، أكرم إمام أوغلو، سنتين و7 أشهر و15 يوماً، وحظر نشاطه السياسي، هاجم الرئيس التركي رجب طيب إردوغان المعارضة، ووصفها بـ«الفاشية»، لاعتراضها على قرار المحكمة واعتباره «قراراً مسيّساً».
في الوقت ذاته، ردّت اليونان على تهديدات إردوغان الأسبوع الماضي بضرب أثينا بالصواريخ الباليستية، حال استمرت فيما سماه «تسليح» جزر ذات وضع غير عسكري في بحر إيجه. وأكد الجيش اليوناني أن الرد على أي محاولة للمساس بسيادة البلاد سيكون «قاسياً».
وقال إردوغان، أمام تجمع لأنصار حزب «العدالة والتنمية» الحاكم في مدينة ماردين جنوب البلاد، السبت، إن الحكم الصادر بحق رئيس بلدية إسطنبول الكبرى أكرم إمام أوغلو هو «حكم ابتدائي لم يتم حسمه بعد، وستتم إحالته لمحكمة الاستئناف والمحكمة العليا (النقض). وإذا كان هناك نقص في القرار سيتم تعديله»؛ مشيراً إلى أنه لم يتم فرض أي حظر سياسي. وأضاف إردوغان أنه لا علاقة للمسألة بالجدل السياسي؛ بل بإهانة أعضاء المجلس الأعلى للانتخابات.
وهاجم أحزاب المعارضة، قائلاً: «لسوء الحظ، نتعامل منذ فترة طويلة مع أنواع من ممثلي العقلية التي خلَّفتها فاشية الحزب الواحد التي لا تستطيع عمل شيء إلا الكذب والافتراء والتشويه».
وتابع إردوغان: «تلك العقلية الفاشية نفسها تقف وراء العاصفة التي فجرها قرار محكمة في الأيام الأخيرة... في الواقع النقاش لا علاقة له بي أو بأمتنا... المسألة كلها عبارة عن إدانة شخص بتهمة إهانة هيئة قضائية (المجلس الأعلى للانتخابات)... لا يوجد سجال أو صراع على خدمة الناس... عندما ننظر إلى ما قيل بعد قرار المحكمة، نضحك من جهة ونحزن من جهة أخرى... أنا لا أصدر الأحكام... أنا لا أقول، الدستور هو الذي يقول».
واستطرد: «وفقاً لدستورنا، يؤدي القضاة واجباتهم بشكل مستقل. لست أنا الذي يقول، وإنما المادة 138 من الدستور هي التي تقول... ليس مفروضاً أن نحب أو نقبل كل قرار، فهناك عديد من قرارات المحاكم التي انتقدناها؛ لكن هذا لا يعطي أي شخص الحق في إهانة القضاة وعدم الاعتراف بقرار المحكمة... قضينا حياتنا في النضال ضد المحظورات... وجدنا الحل دائماً في اللجوء إلى الشعب، وجدناه في الإرادة الوطنية».

احتجاجات حاشدة
وقضت محكمة جنائية في إسطنبول، الأربعاء الماضي، على رئيس بلدية المدينة الأكبر في تركيا، أكرم إمام أوغلو (52 عاماً)، بالحبس سنتين و7 أشهر و15 يوماً، وفرض حظر على نشاطه السياسي، لإدانته بإهانة الرئيس السابق للمجلس الأعلى للانتخابات، سعدي جوفان، و10 من أعضاء المجلس، بوصفهم بـ«الحمقى» في بيان أصدره عقب قرار إلغاء نتيجة الانتخابات المحلية في إسطنبول وحدها من بين بقية الولايات التركية، بعد أن فاز بها في 31 مارس (آذار) 2019. وأعيدت الانتخابات في 24 يونيو (حزيران) من العام ذاته، ليكرر إمام أوغلو فوزه على منافسه مرشح حزب «العدالة والتنمية» الحاكم، رئيس الوزراء السابق بن علي يلدريم، بفارق ساحق بلغ 800 ألف صوت.
وشهدت إسطنبول تجمعات حاشدة، شارك فيها مئات الآلاف على مدى يومي الأربعاء والخميس، إضافة إلى قادة 6 أحزاب المعارضة، دعماً لإمام أوغلو. واعتبر قرار المحكمة انتهاكاً للديمقراطية. وقالت المعارضة إنه صدر بتوجيه سياسي من حكومة الرئيس رجب طيب إردوغان. كما قوبل بانتقادات حادة من جانب حلفاء تركيا الغربيين.
وأعلن مكتب المدعي العام في إسطنبول، الجمعة، أنه تقدم بالتماس إلى المحكمة لإلغاء الحكم الابتدائي الصادر ضد إمام أوغلو، بسبب وجود بعض الأخطاء والقصور في الحكم، ومخالفته للإجراءات والقانون.
وكرر إردوغان هجومه على أحزاب «طاولة الستة» (الشعب الجمهوري، والجيد، والديمقراطية والتقدم، والمستقبل، والسعادة، والديمقراطي) بسبب عدم إعلان اسم المرشح المنافس له في الانتخابات الرئاسية المقررة مع الانتخابات البرلمانية في 18 يونيو المقبل. وقال إن «المعارضة التي تسمي نفسها (طاولة الستة)؛ لكن عددها غير واضح، يحاول كل شخص يجلس عليها استغلال قرار المحكمة لقلب الطاولة علينا لصالحه، فكل منهم له حساباته الخاصة». وأضاف: «أكرر مرة أخرى من ماردين: تحالف الشعب (يضم حزبي العدالة والتنمية والحركة القومية) أعلن عن مرشحه لانتخابات الرئاسة (إردوغان)، وهو يتحدث في الساحات... يجب أن يخرج قادة (الطاولة) الذين لا يملكون سوى التجمع والتفرق بأجندة خالية ليعلنوا اسم مرشحهم إذا كانت لديهم الجرأة والقدرة على ذلك... دعونا نعرف من سنقاتل».

غضب يوناني
على صعيد آخر، ردت اليونان على تهديد أطلقه إردوغان الأسبوع الماضي بضرب أثينا بصاروخ «تايفون» الباليستي، محلي الصنع، حال واصلت تسليح جزر ذات وضع غير عسكري في بحر إيجه، مؤكدة أن ردها سيكون قاسياً على أي محاولة لتحدي سيادتها على الجزر. وجاء الرد اليوناني على لسان رئيس أركان الجيش، الجنرال كونستانتينوس فلوروس، السبت، في ختام تمرين عسكري أجري في كافالا شمال البلاد، حضره السفير الأميركي في أثينا، جورج تسونيس. وقال إن «رد فعلنا على أي محاولة لتحدي السيادة اليونانية سيكون قاسياً».
وأضاف، حسبما نقلت وسائل إعلام تركية: «نحن نستعد لجميع السيناريوهات، ولدينا خطة للرد على كل سيناريو... اليونان خصم قوي وردها سيكون قاسياً عن الضرورة. والجميع يعرف ذلك؛ الأصدقاء والشركاء والحلفاء وأولئك الذين يعتبرون أنفسهم خصوماً لنا». وتابع: «لا نخاف من أحد... نحن نحترم الجميع، ونتوقع الاحترام من الجميع».
والأحد الماضي، قال إردوغان: «إذا لم تهدأ اليونان، وتتوقف عن الاستفزازات، فإن الطائرات الحربية والمُسيَّرات التركية المسلحة ستضرب أثينا. أصبحنا ننتج صواريخنا بأنفسنا، وهذا أمر يخيف اليونان، فعندما تتحدث عن صاروخ (تايفون) تشعر اليونان بالخوف، وتقول إنه يستطيع ضرب أثينا... يقولون إنه سيضرب أثينا... نعم بالطبع سيضربها، إذا لم تلتزموا الهدوء، إذا حاولتم إرسال أسلحة تحصلون عليها من الولايات المتحدة إلى الجزر (في بحر إيجه) فإن دولة مثل تركيا من المؤكد ألا تقف ساكنة... يجب عليها أن تفعل شيئاً».
بدوره، قال السفير الأميركي في أثينا، في كلمة خلال حفل ختام التمرين العسكري، إن «هناك تحديات إقليمية، واليونان حليف موثوق به نريد العمل معه من أجل الاستقرار والسلام في المنطقة».
في الأثناء، أعلنت وزارة الدفاع التركية أن طائرات حربية تابعة للجيش نفذت، الجمعة، طلعات تدريبية في المجال الجوي الدولي فوق بحر إيجه. وأشارت في بيان إلى أن طائرات مقاتلة ومساندة تابعة لقيادة القوات الجوية أقلعت من قواعد مختلفة، لإجراء مهمة تدريبية في المجال الجوي الدولي فوق بحر إيجه.


مقالات ذات صلة

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

شؤون إقليمية أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

استبقت تركيا انعقاد الاجتماع الرباعي لوزراء خارجيتها وروسيا وإيران وسوريا في موسكو في 10 مايو (أيار) الحالي في إطار تطبيع مسار العلاقات مع دمشق، بمطالبتها نظام الرئيس بشار الأسد بإعلان موقف واضح من حزب «العمال الكردستاني» والتنظيمات التابعة له والعودة الطوعية للاجئين والمضي في العملية السياسية. وقال المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالين إن بلاده تتوقع موقفاً واضحاً من دمشق حيال «تنظيم حزب العمال الكردستاني الإرهابي» والتنظيمات التابعة له، في إشارة إلى وحدات حماية الشعب الكردية، أكبر مكونات قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، التي تنظر إليها أنقرة على أنها امتداد لـ«العمال الكردستاني» في سوريا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية خصوم إردوغان يتهمونه بـ«مفاوضة» أوجلان في سجنه طلباً لأصوات كردية

خصوم إردوغان يتهمونه بـ«مفاوضة» أوجلان في سجنه طلباً لأصوات كردية

واجه الرئيس التركي رجب طيب إردوغان ادعاءً جديداً من خصومه في المعارضة، بشأن إرساله مبعوثين للتفاوض مع زعيم «حزب العمال الكردستاني» السجين مدى الحياة، عبد الله أوجلان، من أجل توجيه رسالة للأكراد للتصويت لصالحه في الانتخابات الرئاسية المقررة في 14 مايو (أيار) الحالي. وقالت رئيسة حزب «الجيد» المعارض، ميرال أكشنار، إن إردوغان أرسل «شخصية قضائية» إلى أوجلان في محبسه، وإنها تعرف من الذي ذهب وكيف ذهب، مشيرة إلى أنها لن تكشف عن اسمه لأنه ليس شخصية سياسية. والأسبوع الماضي، نفى المتحدث باسم الرئاسة التركية، إعلان الرئيس السابق لحزب «الشعوب الديمقراطية» السجين، صلاح الدين دميرطاش، أن يكون إردوغان أرسل وف

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية دخول تركيا «النادي النووي» مهم... وزوال مخاوف «تشيرنوبل» مسألة وقت

دخول تركيا «النادي النووي» مهم... وزوال مخاوف «تشيرنوبل» مسألة وقت

<div>دفع إقدام تركيا على دخول مجال الطاقة النووية لإنتاج الكهرباء عبر محطة «أككويو» التي تنشئها شركة «روساتوم» الروسية في ولاية مرسين جنوب البلاد، والتي اكتسبت صفة «المنشأة النووية» بعد أن جرى تسليم الوقود النووي للمفاعل الأول من مفاعلاتها الأربعة الخميس الماضي، إلى تجديد المخاوف والتساؤلات بشأن مخاطر الطاقة النووية خصوصاً في ظل بقاء كارثة تشيرنوبل ماثلة في أذهان الأتراك على الرغم من مرور ما يقرب من 40 عاما على وقوعها. فنظراً للتقارب الجغرافي بين تركيا وأوكرانيا، التي شهدت تلك الكارثة المروعة عام 1986، ووقوعهما على البحر الأسود، قوبلت مشروعات إنتاج الكهرباء من الطاقة النووية باعتراضات شديدة في البد</div>

شؤون إقليمية أنقرة: وزراء خارجية تركيا وسوريا وروسيا قد يجتمعون في 10 مايو

أنقرة: وزراء خارجية تركيا وسوريا وروسيا قد يجتمعون في 10 مايو

قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، اليوم الأربعاء، إن اجتماع وزراء خارجية تركيا وسوريا وروسيا قد يُعقَد بموسكو، في العاشر من مايو (أيار)، إذ تعمل أنقرة ودمشق على إصلاح العلاقات المشحونة. كان جاويش أوغلو يتحدث، في مقابلة، مع محطة «إن.تي.في.»

«الشرق الأوسط» (أنقرة)
شؤون إقليمية «أككويو» تنقل تركيا إلى النادي النووي

«أككويو» تنقل تركيا إلى النادي النووي

أصبحت تركيا رسمياً عضواً في نادي الدول النووية بالعالم بعدما خطت أولى خطواتها لتوليد الكهرباء عبر محطة «أككويو» النووية التي تنفذها شركة «روسآتوم» الروسية في ولاية مرسين جنوب البلاد. ووصف الرئيس التركي رجب طيب إردوغان خطوة تزويد أول مفاعل من بين 4 مفاعلات بالمحطة، بـ«التاريخية»، معلناً أنها دشنت انضمام بلاده إلى القوى النووية في العالم، مشيراً إلى أن «أككويو» هي البداية، وأن بلاده ستبني محطات أخرى مماثلة. على ساحل البحر المتوسط، وفي حضن الجبال، تقع محطة «أككويو» النووية لتوليد الكهرباء، التي تعد أكبر مشروع في تاريخ العلاقات التركية - الروسية.


«هدنة غزة»: مساعٍ للوسطاء لإنجاز اتفاق في ظل «ضغوط وعراقيل»

فلسطينيون يتفقّدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يتفقّدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
TT

«هدنة غزة»: مساعٍ للوسطاء لإنجاز اتفاق في ظل «ضغوط وعراقيل»

فلسطينيون يتفقّدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يتفقّدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)

مساعٍ تتوالى للوسطاء بشأن إبرام هدنة في قطاع غزة، كان أحدثها في القاهرة، وهو ما يفتح تكهنات عديدة بشأن مستقبل الاتفاق المنتظر منذ نحو عام عبر جولات سابقة عادة «ما تعثرت في محطاتها الأخيرة».

«حماس» بالمقابل تتحدث عن سعيها لـ«اتفاق حقيقي»، عقب تأكيد أميركي رسمي عن «مؤشرات مشجعة»، وسط ما يتردد «عن ضغوط وعراقيل»، وهي أحاديث ينقسم إزاءها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» بشأن مستقبل الاتفاق بغزة، بين من يرى أن «الصفقة باتت وشيكة لأسباب عديدة، بينها الموقف الأميركي، حيث دعا الرئيس المنتخب دونالد ترمب للإفراج عن الرهائن في 20 يناير (كانون أول) المقبل»، وآخرين يتحدثون بحذر عن إمكانية التوصل للهدنة في «ظل شروط إسرائيلية بشأن الأسرى الفلسطينيين، وعدم الانسحاب من القطاع، قد تعرقل الاتفاق لفترة».

وفي ثالث محطة بعد إسرائيل، الخميس، وقطر، الجمعة، بحث مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان، السبت، في القاهرة، مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، «جهود الجانبين للتوصل إلى اتفاق لوقف لإطلاق النار وتبادل المحتجزين في غزة»، وسط تأكيد مصري على «أهمية التحرك العاجل لإنفاذ المساعدات الإنسانية إلى القطاع، و(حل الدولتين) باعتباره الضمان الأساسي لتحقيق السلام والاستقرار في الشرق الأوسط»، وفق بيان صحافي للرئاسة المصرية.

سوليفان، بحث الجمعة، في قطر، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، مستجدات الأوضاع في غزة، حسب بيان صحافي لـ«الخارجية القطرية»، عقب زيارته إسرائيل، وتأكيده في تصريحات، الخميس، أنه «يزور مصر وقطر؛ لضمان سد ثغرات نهائية قبل التوصل إلى صفقة تبادل»، لافتاً إلى أن «وقف إطلاق النار واتفاق الرهائن من شأنهما أن يؤديا إلى تحرير المحتجزين وزيادة المساعدات المقدمة إلى غزة كثيراً».

عبد الفتاح السيسي خلال استقبال جيك سوليفان في القاهرة (الرئاسة المصرية)

وبالتزامن أجرى وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، الجمعة، محادثات في أنقرة مع الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، ونظيره هاكان فيدان، وأكد وجود «مؤشرات مشجعة»، وطالب بـ«ضرورة أن توافق (حماس) على اتفاق ممكن لوقف إطلاق النار»، مطالباً أنقرة باستخدام «نفوذها» عليها للموافقة.

الخبير في الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، الدكتور سعيد عكاشة، يرى أن «المساعي لا بد أن تكون موجودةً عادة باعتبار أنها تحول بين حدوث انفجار أو تحتويه، وليس بالضرورة يعني هذا الحراك الدبلوماسي التوصل لشيء؛ إلا في ضوء شروط معينة تلزم الطرفين بتقديم تنازلات».

ووفق عكاشة، فإن هناك طرفاً إسرائيلياً يشعر حالياً وسط المفاوضات بأنه يتحدث من مركز قوة بعد تدمير نحو 90 في المائة من قدرات «حماس»، ويتمسك بشروط «مستحيل أن تقبلها الحركة»، منها عدم خروج أسماء كبيرة في المفرج عنهم في الأسرى الفلسطينيين، ويضع مطالب بشأن الانسحاب من القطاع.

بالمقابل يرى المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، أن ثمة اختلافاً تشهده المحادثات الحالية، خصوصاً في ظل مساعٍ مكثفة من الوسطاء وإصرار الإدارة الأميركية حالياً على بذل جهود كبيرة للضغط على «حماس» وإسرائيل ليسجل أن الصفقة أبرمت في عهد الرئيس جو بايدن، فضلاً عن وجود مهلة من ترمب لإتمام الهدنة.

ويعتقد أن نتنياهو قد يناور خلال الأسبوعين الحاليين من أجل تحصيل مكاسب أكبر، وقد يزيد من الضربات بالقطاع، ويمد المفاوضات إلى بداية العام المقبل لتدخل المرحلة الأولى من الهدنة قبل موعد تنصيب ترمب، كما اشترط سابقاً.

إخلاء سكان مخيمي النصيرات والبريج للاجئين خلال العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة (إ.ب.أ)

وأفادت «القناة الـ13» الإسرائيلية، الجمعة، بأن الحكومة كشفت عدم حدوث أي اختراق جدي في مسألة إبرام صفقة تبادل أسرى مع «حماس»، مؤكدة وجود كثير من الخلافات، لافتة إلى أنه تم إبلاغ وزراء المجلس الوزاري المصغر (الكابينت) قبل أيام بأن الحركة معنية بالوقت الحالي بإبرام صفقة، وأن هناك تغييراً في موقفها.

أما «حماس»، فأصدرت بياناً، السبت، في ذكرى تأسيسها الـ37، يتحدث عن استمرار «حرب إبادة جماعية متكاملة الأركان، وتطهير عرقي وتهجير قسري وتجويع وتعطيش، لم يشهد لها التاريخ الحديث مثيلاً»، مؤكدة انفتاحها على «أيّ مبادرات جادة وحقيقية لوقف العدوان وجرائم الاحتلال، مع تمسّكها الرَّاسخ بحقوق شعبنا وثوابته وتطلعاته، والتمسك بعودة النازحين وانسحاب الاحتلال وإغاثة شعبنا وإعمار ما دمَّره الاحتلال وإنجاز صفقة جادة لتبادل الأسرى».

رد فعل امرأة فلسطينية على مقتل أحد أقاربها في غارة إسرائيلية بدير البلح بوسط قطاع غزة (رويترز)

وباعتقاد مطاوع، فإن «مجزرة النصيرات وغيرها من المجازر التي قد تزيد كلما اقتربنا من اتفاق تستخدم ورقة ضغط إسرائيلية على (حماس)، ليعزز نتنياهو مكاسبه بتلك العراقيل والضغوط»، فيما يرى عكاشة أن الحركة في ظل «عراقيل إسرائيل» لن تغامر بالمتبقي من شعبيتها وتقدم تنازلات دون أي مقابل حقيقي.

ولا يحمل الأفق «احتمال إبرام اتفاق قريب إذا استمرت تلك الشروط أو العراقيل الإسرائيلية، ولو ضغطت واشنطن»، وفق تقدير عكاشة، لافتاً إلى أن «بايدن تحدث أكثر من مرة سابقاً عن اقترب الاتفاق من الإنجاز ولم يحدث شيء».

وبرأي عكاشة، فإنه يجب أن يكون لدينا حذر من الحديث عن أن المساعي الحالية قد توصلنا لاتفاق قريب، ولا يجب أن يكون لدينا تفاؤل حذر أيضاً، لكن علينا أن ننتظر ونرى مدى جدية إسرائيل في إبرام الاتفاق المطروح حالياً أم لا كعادتها.

غير أن مطاوع يرى أن المؤشرات والتسريبات الإعلامية كبيرة وكثيرة عن قرب التوصل لاتفاق، وهناك عوامل كثيرة تقول إنها باتت قريبة، موضحاً: «لكن لن تحدث الأسبوع المقبل، خصوصاً مع مناورة نتنياهو، فقد نصل للعام الجديد ونرى اتفاقاً جزئياً قبل تنصيب ترمب».