السودان: الموقعون على الاتفاقية الإطارية يشرعون في مناقشة القضايا المؤجلة

«الحرية والتغيير»: نسعى لتحقيق أكبر توافق قبل الاتفاق النهائي

الموقعون على الاتفاقية الإطارية من قادة الجيش والمعارضة المدنية يلوحون بالوثائق في 5 ديسمبر (كانون الأول) 2022 (أ.ف.ب)
الموقعون على الاتفاقية الإطارية من قادة الجيش والمعارضة المدنية يلوحون بالوثائق في 5 ديسمبر (كانون الأول) 2022 (أ.ف.ب)
TT

السودان: الموقعون على الاتفاقية الإطارية يشرعون في مناقشة القضايا المؤجلة

الموقعون على الاتفاقية الإطارية من قادة الجيش والمعارضة المدنية يلوحون بالوثائق في 5 ديسمبر (كانون الأول) 2022 (أ.ف.ب)
الموقعون على الاتفاقية الإطارية من قادة الجيش والمعارضة المدنية يلوحون بالوثائق في 5 ديسمبر (كانون الأول) 2022 (أ.ف.ب)

أعد تحالف المعارضة السوداني، الموقع على الاتفاق الإطاري مع الجيش، خطة جديدة لمرحلة ما بعد التوقيع، تهدف إلى تحقيق أكبر توافق وطني تمهيداً للتوقيع النهائي. وتتضمن الخطة إجراء اتصالات محلية وإقليمية، وتكوين لجان للتشاور مع أصحاب المصلحة على القضايا المرجأة من الاتفاق الإطاري، وعقد ورش ومؤتمرات لشرح الاتفاق لكافة قوى الثورة، كما يتضمن النشاط سلسلة زيارات لخمس دول مؤثرة في الإقليم.
وقال مصدر مسؤول في التحالف الحاكم السابق «الحرية والتغيير» لـ«الشرق الأوسط»، أمس، إن المكتب التنفيذي للتحالف أجاز خطته لمرحلة ما قبل التوقيع النهائي، وتضمنت تكوين لجان للتشاور مع أصحاب المصلحة على القضايا المرجأ البت فيها إلى مرحلة ما بعد الاتفاق الإطاري، وشكلت لجاناً فنية متخصصة لذلك.
وأوضح المصدر أن اللجان ينتظر أن تبحث القضايا المرجأة في الاتفاق الإطاري، بهدف تحقيق إجماع وحشد أكبر مشاركة بين مكونات المجتمع وقوى الثورة، وذلك عن طريق عقد لقاءات وورش متخصصة، يشارك فيها أصحاب الاختصاص العلمي والمهني.
وحدد المجلس مسؤولين من بين أعضائه لرئاسة لجان التشاور، وهي: لجنة برئاسة ياسر عرمان تتناول مع المعنيين قضايا السلام وتنفيذ اتفاقية سلام جوبا، ولجنة أخرى تجري مشاورات بشأن ملف شرق السودان برئاسة كمال البولاد، ولجنة للتعامل مع القضايا الأمنية والعسكرية برئاسة طه عثمان إسحاق، ولجنة تفكيك نظام الثلاثين من يونيو برئاسة عمر الدقير، ولجنة العدالة والعدالة الانتقالية.
وقال المصدر إن هذه اللجان المعنية ستتكون من مختصين ومعنيين بالملفات المحددة، بهدف تحويل خلاصاتها إلى قضايا تحظى بجماهيرية وشعبية واسعة، وتحويلها إلى قضايا مجمع عليها بكافة سبل التشاور والحوار، بما في ذلك إعداد ورش ومؤتمرات ومنتديات.
وحسب المصدر، فإن المكتب التنفيذي أجاز سلسلة زيارات إلى خمس دول مؤثرة في الإقليم، لإبلاغها بتطور الأوضاع في البلاد، وهي: مصر، والمملكة العربية السعودية، وجنوب السودان، ودولة الإمارات العربية المتحدة، وإثيوبيا، لكنه لم يحدد موعداً لتلك الزيارات ولا الذين سيقودونها.
ووقع المدنيون والعسكريون في الخامس من الشهر الحالي اتفاقاً إطارياً مستنداً على التفاهمات بين الطرفين على مسودة الدستور الانتقالي الذي أعدته اللجنة التسييرية لنقابة المحامين السودانيين، ووجد تأييداً كبيراً من قوى سياسية، فيما عارضته قوى سياسية أخرى ذات طابع يساري، وبينها الحزب الشيوعي وحزب البعث ولجان المقاومة.
ونص الاتفاق على خروج العسكريين من العملية السياسية، وتكوين حكومة انتقالية مدنية كاملة، وأن تختار قوى الثورة رئيسي دولة ووزراء بكامل الصلاحيات، على أن يذهب العسكريون إلى مجلس «أمن ودفاع» يترأسه رئيس الوزراء المدني. بيد أن الاتفاق أرجأ حسم خمس قضايا رئيسية، وهي قضايا الإصلاح الأمني والعسكري، والعدالة والعدالة الانتقالية، واتفاق السلام الموقع في جوبا، وتفكيك نظام 30 من يونيو 1989، وأعطى قضية شرق السودان وضعية خاصة ينتظر أن تبحث مع المعنيين من الإقليم.
كما واجه تحالف «الحرية والتغيير» عقب الاتفاق تعقيدات جديدة، تمثلت بخروج حزب «البعث العربي الاشتراكي» عن التحالف، وقوله بعدها إن توقيع الاتفاق لن يحقق أهداف الثورة، وأنه يشرعن الانقلاب ويطيل أمده، ويربك المشهد السياسي ويضعف وحدة قوى ثورة ديسمبر.
وعقب توقيع الاتفاق سارعت مجموعات كبيرة إلى إعلان رغبتها في الالتحاق بالاتفاقية الإطارية، تجاوز عددها الأربعين تنظيماً وحزباً وحركة، بعضها محسوب من أنصار نظام الرئيس المعزول عمر البشير، وهو ما عدته «الحرية والتغيير» محاولة لـ«إغراق» الاتفاق تحت مزاعم تحقيق أكبر قدر من التوافق.
من جهة أخرى، علمت «الشرق الأوسط» أن أطراف الاتفاق الإطاري كانت قد عقدت أول من أمس اجتماعاً مشتركاً ضم ممثلين عن «الحرية والتغيير»، والآلية الدولية الثلاثية، وقائد الجيش، وقائد «الدعم السريع»، لبحث التطورات التي أعقبت توقيع الاتفاق الإطاري.


مقالات ذات صلة

الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

شمال افريقيا الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

كثَّفت المملكة العربية السعودية، جهودَها الدبلوماسية لوقف التصعيد في السودان، إلى جانب مساعداتها لإجلاء آلاف الرعايا من أكثر من مائة دولة عبر ميناء بورتسودان. وأجرى وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، أمس، اتصالات هاتفية، مع الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، ووزير الخارجية الجيبوتي محمود علي يوسف، بحث خلالها الجهود المبذولة لوقف التصعيد العسكري بين الأطراف السودانية، وإنهاء العنف، وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين، بما يضمن أمنَ واستقرار ورفاه السودان وشعبه.

شمال افريقيا «أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

نقلت سفينة «أمانة» السعودية، اليوم (الخميس)، نحو 1765 شخصاً ينتمون لـ32 دولة، إلى جدة، ضمن عمليات الإجلاء التي تقوم بها المملكة لمواطنيها ورعايا الدول الشقيقة والصديقة من السودان، إنفاذاً لتوجيهات القيادة. ووصل على متن السفينة، مساء اليوم، مواطن سعودي و1765 شخصاً من رعايا «مصر، والعراق، وتونس، وسوريا، والأردن، واليمن، وإريتريا، والصومال، وأفغانستان، وباكستان، وأفغانستان، وجزر القمر، ونيجيريا، وبنغلاديش، وسيريلانكا، والفلبين، وأذربيجان، وماليزيا، وكينيا، وتنزانيا، والولايات المتحدة، وتشيك، والبرازيل، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وهولندا، والسويد، وكندا، والكاميرون، وسويسرا، والدنمارك، وألمانيا». و

«الشرق الأوسط» (جدة)
شمال افريقيا مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

بعد 3 أيام عصيبة قضتها المسنة السودانية زينب عمر، بمعبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان، وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على غر

شمال افريقيا الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

أعلنت الأمم المتحدة، الخميس، أنها تحتاج إلى 445 مليون دولار لمساعدة 860 ألف شخص توقعت أن يفروا بحلول أكتوبر (تشرين الأول) المقبل من القتال الدامي في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع. وأطلقت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين هذا النداء لجمع الأموال من الدول المانحة، مضيفة أن مصر وجنوب السودان سيسجّلان أكبر عدد من الوافدين. وستتطلب الاستجابة للأزمة السودانية 445 مليون دولار حتى أكتوبر؛ لمواجهة ارتفاع عدد الفارين من السودان، بحسب المفوضية. وحتى قبل هذه الأزمة، كانت معظم العمليات الإنسانية في البلدان المجاورة للسودان، التي تستضيف حالياً الأشخاص الفارين من البلاد، تعاني نقصاً في التمو

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شمال افريقيا الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

وجّه الصراع المحتدم الذي يعصف بالسودان ضربة قاصمة للمركز الرئيسي لاقتصاد البلاد في العاصمة الخرطوم. كما عطّل طرق التجارة الداخلية، مما يهدد الواردات ويتسبب في أزمة سيولة. وفي أنحاء مساحات مترامية من العاصمة، تعرضت مصانع كبرى ومصارف ومتاجر وأسواق للنهب أو التخريب أو لحقت بها أضرار بالغة وتعطلت إمدادات الكهرباء والمياه، وتحدث سكان عن ارتفاع حاد في الأسعار ونقص في السلع الأساسية. حتى قبل اندلاع القتال بين طرفي الصراع في 15 أبريل، عانى الاقتصاد السوداني من ركود عميق بسبب أزمة تعود للسنوات الأخيرة من حكم الرئيس السابق عمر البشير واضطرابات تلت الإطاحة به في عام 2019.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)

​رئيس «أطباء بلا حدود» لـ«الشرق الأوسط»: حرب السودان تخلف صدمات نفسية سيئة

نساء وأطفال بمخيم زمزم للنازحين بالقرب من الفاشر شمال دارفور (رويترز)
نساء وأطفال بمخيم زمزم للنازحين بالقرب من الفاشر شمال دارفور (رويترز)
TT

​رئيس «أطباء بلا حدود» لـ«الشرق الأوسط»: حرب السودان تخلف صدمات نفسية سيئة

نساء وأطفال بمخيم زمزم للنازحين بالقرب من الفاشر شمال دارفور (رويترز)
نساء وأطفال بمخيم زمزم للنازحين بالقرب من الفاشر شمال دارفور (رويترز)

قال رئيس منظمة «أطباء بلا حدود»، كريستوس كريستو، إن كثيراً من النساء وأطفالهن يعانون من صدمات نفسية سيئة جراء الحرب الدائرة في السودان، مشيراً إلى أن بعض الأطفال الذين لا تتعدى أعمارهم بضعة أشهر تعرضوا لإصابات بالذخيرة الحية في مناطق الرأس والصدر.

وأضاف في تصريح خاص لـ«الشرق الأوسط»، أننا إزاء أسوأ أزمة إنسانية شهدتها المنظمة على الإطلاق... آلاف الأسر تفرقت، خرج أفرادها من دون أن يحملوا شيئاً، أحياناً كانوا حفاة ويسيرون على أقدامهم، ومن الصعوبة أن يتم توفير المساعدات لهم من الغذاء والمياه والأدوية، يبدو هذا الأمر مستحيلاً في بعض أجزاء البلد.

سودانيون فارُّون من منطقة الجزيرة السودانية يصلون إلى مخيم زمزم للنازحين (أ.ف.ب)

ورأى أن «الحرب تعد مشكلة حقيقية للنساء والأطفال تحديداً... أجرينا في أحد المستشفيات العاملة بالعاصمة الخرطوم فحوصات لنحو 4200 امرأة وطفل، ووجدنا أن ثلثهم يعاني من سوء التغذية الحاد، وهذا القياس يدل على أن كل الذين أجريت لهم فحوصات، يعانون من سوء التغذية المتوسط والحاد بدرجات متفاوتة».

وأوضح أن «واحداً من كل 6 جرحى يعالجون في المستشفى ذاته، يعاني من أمراض مصاحبة... لدينا أطفال لا تتعدى أعمارهم شهوراً تعرضوا لإصابات بالرصاص في الرأس أو الصدر، وللأسف في بعض الأحيان لا تتوفر المواد الطبية اللازمة لعلاجهم، في ظل حالة الحصار على المستشفى، ومنع وصول المعونات الطبية إليه».

الوضع في دارفور

وكشف الرئيس الدولي لمنظمة «أطباء بلا حدود»، كريستوس كريستو، عن ارتفاع نسبة حالات الإصابة بسوء التغذية وسط النساء الحوامل والمرضعات والأطفال الرضع في إقليم دارفور (غرب البلاد)، «وهو ما يتسبب في الوفيات لأسباب بسيطة يمكن علاجها لو توفرت الإمدادات الطبية».

امرأة وطفلها في مخيم زمزم للنازحين قرب الفاشر شمال دارفور بالسودان (أرشيفية - رويترز)

وقال إن «نسبة انتشار أمراض سوء التغذية وفقر الدم أعلى بكثير من قدرة فرقنا على علاجها».

وأضاف كريستو: «في أغسطس (آب) الماضي، أجرينا فحوصات لنحو 30 ألف طفل في عمر سنتين وأقل، حيث أثبتت أن ثلث هذا العدد يعاني من سوء تغذية حاد».

وكشف تقرير سابق لمنظمة «أطباء بلا حدود» في فبراير (شباط) الماضي عن وفاة طفل كل ساعتين في «مخيم زمزم» للنازحين في ولاية شمال دارفور.

ووفقاً للمنظمة، فإن الصراع في إقليم دارفور «أخذ طابعاً عرقياً، وعلى وجه الخصوص أحداث العنف التي جرت في ولاية غرب دارفور، وأدت إلى مقتل الآلاف ولجوء أكثر من 500 ألف شخص إلى تشاد».

وتجاوزت نسبة وفيات الأمهات في جنوب دارفور منذ مطلع العام الحالي التي سجلتها مرافق «أطباء بلا حدود»، 7 في المائة، وبينت الفحوصات التي أُجريت لرصد سوء التغذية بين الأطفال، معدلات هائلة تتجاوز عتبات الطوارئ.

وحض كريستو المجتمع الدولي «على بذل مزيد من الجهود للضغط على الأطراف المتحاربة للسماح بمرور المساعدات الإنسانية العاجلة؛ لتوفير الغذاء والدواء للآلاف من المدنيين في السودان».

وعالجت فرق «أطباء بلا حدود» أكثر من 4214 إصابة ناجمة عن العنف، بما في ذلك الأعيرة النارية وانفجارات القنابل، وشكلت نسبة الأطفال دون سن الخامسة عشرة، 16 في المائة منهم.