ماكرون مصمم على التواصل مجدداً مع نظيره الروسي رغم الانتقادات

بحسب رؤية مصادر أوروبية في باريس، فإن ثمة «تمنعاً» روسياً لقبول التواصل مع ماكرون والكرملين يرى أن فرنسا لم تعد مؤهلة للعب دور الوسيط لأن مواقفها لم تعد مختلفة عن المواقف الأميركية والأطلسية (أ.ف.ب)
بحسب رؤية مصادر أوروبية في باريس، فإن ثمة «تمنعاً» روسياً لقبول التواصل مع ماكرون والكرملين يرى أن فرنسا لم تعد مؤهلة للعب دور الوسيط لأن مواقفها لم تعد مختلفة عن المواقف الأميركية والأطلسية (أ.ف.ب)
TT

ماكرون مصمم على التواصل مجدداً مع نظيره الروسي رغم الانتقادات

بحسب رؤية مصادر أوروبية في باريس، فإن ثمة «تمنعاً» روسياً لقبول التواصل مع ماكرون والكرملين يرى أن فرنسا لم تعد مؤهلة للعب دور الوسيط لأن مواقفها لم تعد مختلفة عن المواقف الأميركية والأطلسية (أ.ف.ب)
بحسب رؤية مصادر أوروبية في باريس، فإن ثمة «تمنعاً» روسياً لقبول التواصل مع ماكرون والكرملين يرى أن فرنسا لم تعد مؤهلة للعب دور الوسيط لأن مواقفها لم تعد مختلفة عن المواقف الأميركية والأطلسية (أ.ف.ب)

منذ أسابيع، يكرر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أنه ينوي التواصل مجدداً هاتفياً مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وذلك رغم تذمر بعض شركائه الأوروبيين والأميركيين وأخصهم بولندا ودول بحر البلطيق. وفي ساعة متأخرة من ليل أول من أمس، وعقب انتهاء القمة الأوروبية في بروكسل التي قررت فرض حزمة تاسعة من العقوبات على روسيا، عاد ماكرون ليؤكد أنه سيتصل بنظيره الروسي غير آبه للانتقادات التي ستوجه إليه حتماً على غرار التنديد الذي تعرض له عندما تحدث بداية الشهر الحالي، عن ضرورة «توفير ضمانات أمنية لروسيا» في إطار السعي لهندسة أمنية جديدة في أوروبا.
ووفق مصادر أوروبية في باريس، فإن ماكرون يبدو متسلحاً بأمرين: الأول، زيارة الدولة، الثانية من نوعها، التي قام بها إلى الولايات المتحدة الأميركية. ومن واشنطن، أكد ماكرون أنه سعى للحصول على «تفويض جماعي» للحديث مع بوتين. والثاني، المؤتمران اللذان استضافتهما باريس في 13 الحالي، الأول دولي والثاني ثنائي فرنسي - أوكراني من أجل توفير الدعم لكييف.
انطلاقاً من هذه المعطيات وبالنظر لتواصل استهداف المدن الأوكرانية الرئيسية وتركيز القصف على المحطات الكهربائية والبنى المدنية، يريد ماكرون أن يتحرك. ومن بروكسل قال ما حرفيته: «إن المسألة الأكثر إلحاحاً اليوم هي مواصلة الدعوة إلى هدنة في القصف والهجمات بالمسيرات». إلا أنه حرص على التوضيح أن ذلك مطلوب من الجانب الروسي وليس الأوكراني لتجنب «الغموض» في الدعوة إلى هدنة شاملة، لأن ذلك يعني الطلب من الأوكرانيين التوقف عن تحرير أراضيهم المحتلة. وأردف الرئيس الفرنسي: «أعتزم الاتصال بالرئيس بوتين بشأن هذا الموضوع لأنّه من الواضح جدّاً أنّ هذه الهجمات (...) تشكّل في جزء كبير منها جرائم حرب، فهي (تستهدف) بنى تحتيّة مدنية ومدنيين»، مضيفاً أن «هذه ليست طبيعة العملية الخاصة التي شنها بوتين، (أي) الحرب التي شنّها في البداية، التي كانت غزو أراضٍ» أوكرانية.
أما السبب الآخر الذي يدفع ماكرون لمعاودة الاتصال مع بوتين فعنوانه تأمين سلامة المحطات النووية الخمس التي تمتلكها أوكرانيا، وعلى رأسها محطة زابوروجيا التي تستأثر بالاهتمام الدولي والواقعة تحت السيطرة الروسية. وفي هذا السياق، قال ماكرون الذي التقى مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافاييل غروسي، أكثر من مرة في الأسابيع الأخيرة، بخصوص زابوروجيا: «أريد أن نتمكّن من الوصول بشكل كامل إلى سحب الأسلحة الثقيلة والأسلحة الخفيفة والقوات المسلّحة. نحن على وشك الوصول إلى ذلك». بيد أنه امتنع عن الكشف عن مزيد من التفاصيل الخاصة بالمرحلة التي وصلت إليها المباحثات مع الطرف الروسي. ووفق الرئيس الفرنسي، فإن محادثات جرت بين غروسي ووزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، وبدا ماكرون متفائلاً بالتوصل إلى نتيجة إيجابية قريباً. وتجدر الإشارة إلى أن «النجاح الوحيد» الذي حصل عليه ماكرون من بوتين أنه أسهم بإقناعه بتسهيل وصول فريق من الوكالة الدولية في شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، إلى زابوروجيا للتأكد من سلامتها. وبأي حال، أفاد ماكرون بأنه «عندما تنضج الأمور، سأتّصل بالرئيس بوتين لمحاولة المساعدة في إتمام هذه الاتفاقات»، أي وضع اللمسات الأخيرة على الاتفاق.
حتى الساعة، ليس هناك إذن تاريخ محدد للتواصل بين الرئيسين. وبحسب رؤية مصادر أوروبية في باريس، فإن ثمة «تمنعاً» روسياً لقبول التواصل مع ماكرون؛ وذلك لسبيين: الأول، أن الكرملين يرى أن فرنسا لم تعد مؤهلة للعب دور الوسيط، لأن مواقفها لم تعد مختلفة عن المواقف الأميركية والأطلسية بشأن الحرب الروسية على أوكرانيا، وأنها تنشط لشد الخناق الدبلوماسي والاقتصادي على موسكو، بعكس ما كان عليه موقفها في الأشهر الأولى من الحرب. والثاني أن موسكو لم تتردد في التعبير عن حنقها من بث تسجيل مصور لمكالمة هاتفية من 9 دقائق حصلت يوم 20 فبراير (شباط) الماضي، بين ماكرون وبوتين في برنامج وثائقي للقناة الثانية الفرنسية ليل 30 يونيو (حزيران) الماضي. وقال لافروف في 6 يوليو (تموز) بهذا الصدد: «إن الأعراف الدبلوماسية لا تتقبل تسريبات أحادية الجانب لتسجيلات كهذه».
قد يكون الجانب الروسي قد تجاوز هذه المسألة البروتوكولية. لكن السؤال الحقيقي يتناول ما يمكن للرئيس الفرنسي أن يقدمه لنظيره الروسي مقابل التعاون معه، علماً بأن دبلوماسية ماكرون في الملف الأوكراني لم تفضِ إلى أي نتائج إيجابية رغم الدينامية التي تدفع ساكن الإليزيه إلى التحرك المستمر.


مقالات ذات صلة

روسيا تتهم أوكرانيا بقصف مطار عسكري بصواريخ أميركية... وتتوعد بالرد

أوروبا أظهرت الأقمار الاصطناعية أضراراً بمطار عسكري روسي في شبه جزيرة القرم جراء استهداف أوكراني يوم 16 مايو 2024 (أرشيفية - رويترز)

روسيا تتهم أوكرانيا بقصف مطار عسكري بصواريخ أميركية... وتتوعد بالرد

اتهمت روسيا أوكرانيا باستخدام صواريخ بعيدة المدى أميركية الصنع لقصف مطار عسكري، اليوم (الأربعاء)، متوعدة كييف بأنها ستردّ على ذلك عبر «إجراءات مناسبة».

«الشرق الأوسط» (موسكو)
الولايات المتحدة​ رجال إنقاذ يعملون في موقع تعرض فيه مبنى لأضرار جسيمة بسبب ضربة صاروخية روسية أمس وسط هجوم روسيا على أوكرانيا في زابوريجيا11 ديسمبر 2024 (رويترز) play-circle 02:00

أميركا تحذّر روسيا من استخدام صاروخ جديد «مدمر» ضد أوكرانيا

قال مسؤول أميركي إن تقييماً استخباراتياً أميركياً، خلص إلى أن روسيا قد تستخدم صاروخها الباليستي الجديد المتوسط ​​المدى مدمر ضد أوكرانيا مرة أخرى قريباً.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الرئيس الأوكراني زيلينسكي خلال لقائه ترمب في نيويورك الأسبوع الماضي (أ.ب)

ماسك ونجل ترمب يتفاعلان مع صورة تقارن زيلينسكي ببطل فيلم «وحدي في المنزل»

تفاعل الملياردير الأميركي إيلون ماسك ودونالد ترمب جونيور، نجل الرئيس المنتخب دونالد ترمب، مع صورة متداولة على منصة «إكس»

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا ألسنة لهب كثيفة تتصاعد من مبنى مدمر وسيارة محترقة في منطقة زابوريجيا الأوكرانية نتيجة قصف روسي (خدمة الطوارئ الأوكرانية- أ.ف.ب)

4 قتلى و19 جريحاً بضربة روسية على زابوريجيا الأوكرانية

قُتل 4 أشخاص على الأقل وأُصيب 19، الثلاثاء، في ضربة صاروخية روسية «دمَّرت» عيادة خاصة في مدينة زابوريجيا جنوب أوكرانيا، في حصيلة مرشحة للارتفاع.

أوروبا صورة مركبة تابعة للوكالة الدولية للطاقة الذرية تعرضت لأضرار بسبب غارة بطائرة مسيرة على طريق في منطقة زابوريجيا في أوكرانيا 10 ديسمبر 2024 (رويترز)

مسيّرة تستهدف مركبة لوكالة الطاقة الذرية قرب محطة زابوريجيا النووية في أوكرانيا

قال مدير الطاقة الذرية إن مركبة تابعة للوكالة تعرضت لأضرار جسيمة بسبب هجوم بمسيرة على الطريق المؤدي إلى محطة زابوريجيا للطاقة النووية في أوكرانيا، الثلاثاء.

«الشرق الأوسط» (كييف)

إردوغان يتحدث عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

TT

إردوغان يتحدث عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أنّ الصومال وإثيوبيا توصلتا، أمس الأربعاء، في ختام مفاوضات جرت بوساطته في أنقرة إلى اتفاق "تاريخي" ينهي التوترات بين البلدين الجارين في القرن الأفريقي.

وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة، قال إردوغان إنّه يأمل أن يكون هذا "الاتفاق التاريخي الخطوة الأولى نحو بداية جديدة مبنية على السلام والتعاون" بين مقديشو وأديس أبابا.

وبحسب نص الاتفاق الذي نشرته تركيا، فقد اتّفق الطرفان على "التخلّي عن الخلافات في الرأي والقضايا الخلافية، والتقدّم بحزم في التعاون نحو رخاء مشترك". واتّفق البلدان أيضا، وفقا للنص، على العمل باتجاه إقرار ابرام اتفاقيات تجارية وثنائية من شأنها أن تضمن لإثيوبيا وصولا إلى البحر "موثوقا به وآمنا ومستداما (...) تحت السلطة السيادية لجمهورية الصومال الفدرالية". وتحقيقا لهذه الغاية، سيبدأ البلدان قبل نهاية فبراير (شباط) محادثات فنية تستغرق على الأكثر أربعة أشهر، بهدف حلّ الخلافات بينهما "من خلال الحوار، وإذا لزم الأمر بدعم من تركيا".

وتوجّه الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي إلى أنقرة الأربعاء لعقد جولة جديدة من المفاوضات نظمتها تركيا، بعد محاولتين أوليين لم تسفرا عن تقدم ملحوظ. وخلال المناقشات السابقة التي جرت في يونيو (حزيران) وأغسطس (آب) في أنقرة، أجرى وزير الخارجية التركي هاكان فيدان زيارات مكوكية بين نظيريه، من دون أن يتحدثا بشكل مباشر. وتوسّطت تركيا في هذه القضية بهدف حل الخلاف القائم بين إثيوبيا والصومال بطريقة تضمن لأديس أبابا وصولا إلى المياه الدولية عبر الصومال، لكن من دون المساس بسيادة مقديشو.

وأعرب إردوغان عن قناعته بأنّ الاتفاق الذي تم التوصل إليه الأربعاء، بعد ثماني ساعات من المفاوضات، سيضمن وصول إثيوبيا إلى البحر. وقال "أعتقد أنّه من خلال الاجتماع الذي عقدناه اليوم (...) سيقدّم أخي شيخ محمود الدعم اللازم للوصول إلى البحر" لإثيوبيا.

من جهته، قال رئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه "لقد قمنا بتسوية سوء التفاهم الذي حدث في العام الماضي... إثيوبيا تريد وصولا آمنا وموثوقا به إلى البحر. هذا الأمر سيفيد جيراننا بنفس القدر". وأضاف أنّ المفاوضات التي أجراها مع الرئيس الصومالي يمكن أن تسمح للبلدين "بأن يدخلا العام الجديد بروح من التعاون والصداقة والرغبة في العمل معا".

بدوره، قال الرئيس الصومالي، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه إنّ اتفاق أنقرة "وضع حدا للخلاف" بين مقديشو وأديس أبابا، مشدّدا على أنّ بلاده "مستعدّة للعمل مع السلطات الإثيوبية والشعب الإثيوبي". وإثيوبيا هي أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان لا منفذ بحريا له وذلك منذ انفصلت عنها إريتريا في 1991.