رئيس منصة «ترابط»: نمو المصرفية المفتوحة 3 أضعاف في الشرق الأوسط

المؤيد قال لـ«الشرق الأوسط إن 800 شركة تقنية مالية ناشئة تتنافس في المنطقة باستثمار 15.5 مليار دولار

وستفتح فرصاً جديدة للنمو (الشرق الأوسط)
وستفتح فرصاً جديدة للنمو (الشرق الأوسط)
TT

رئيس منصة «ترابط»: نمو المصرفية المفتوحة 3 أضعاف في الشرق الأوسط

وستفتح فرصاً جديدة للنمو (الشرق الأوسط)
وستفتح فرصاً جديدة للنمو (الشرق الأوسط)

أفصح عبد الله المؤيد، الرئيس التنفيذي لبوابة «ترابط»، المنصة العربية المالية للمصرفية المفتوحة، عن أن المصرفية المفتوحة باتت خياراً استراتيجياً مع تنامي عملية التحول الرقمي ضمن استراتيجية بلدان المنطقة نحو المدفوعات الرقمية والمجتمع اللانقدي، مفصحاً عن نمو المصرفية عبر التقنيات المالية في منطقة الشرق الأوسط ثلاثة أضعاف في وقت يتزايد فيه عدد الشركات الناشئة العاملة في القطاع الواعد.
ويلفت المؤيد إلى أن المصرفية المفتوحة تأتي في سياق أهمية التطورات الجارية لا سيما أن عدد مستخدمي الهاتف الذكي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بلغ ما نسبته 80% من السكان فيما أكثر من 90% في دول منطقة الخليج العربي، مشيراً إلى أن الخدمات المصرفية المقدمة للفئة الشبابية الملمّة باستخدام التكنولوجيا لا تزال غير كافية.
وقال المؤيد في حوار مع «الشرق الأوسط» إن هناك فرصاً واسعة لاستخدام منتجات وخدمات مصرفية مع جيل يستخدم تطبيقات الهاتف الجوال وتقنيات التحول الرقمي من أجل إدارة شؤونهم المالية. تفاصيل أخرى ترتبط بمفهوم المصرفية المفتوحة ومستقبلها وتقديرات حجمها وأبرز العوامل التي تحث على التوجه نحو هذا النوع من المصرفية في متن الحوار التالي:

- مفهوم المصرفية المفتوحة
يوضح المؤيد: «تستخدم المصرفية المفتوحة نموذجاً لتبادل البيانات بالتوافق مع كل الجهات المعنية من خلال واجهة برمجة التطبيقات (API) يتم إنشاؤها على كتل برمجية تعمل على تمكين التواصل وتبادل المعلومات بين الجهات المالية والأطراف الثالثة، ما يزيد من مستوى الشفافية المالية، ويسهم في تقديم المنتجات والخدمات المالية الأرقى للمستهلك النهائي، وتختلف هذه المقاربة كثيراً عن النهج التقليدي في المصرفية والمعزول عن البيانات، حيث تبقى بيانات المستخدم بغالبيتها غير مستخدمة، ومحفوظة فقط في قاعدة بيانات البنك».
ولفت إلى أن إعادة القدرة للمستهلك على التحكم بشكل كبير في الخدمات المالية في صلب مفهوم المصرفية المفتوحة، إذ هي من خلال استقصائها لمؤشرات محددة في بيانات المستخدم، تجري عملية تحويلية للخدمات المالية التقليدية إلى عروض مالية شخصية، ما يزيد من مستوى الوعي المالي للمستخدم ومن عافيته المالية.
وأشار إلى أن من أفضل الأمثلة على استخدامات نهج البيانات المفتوحة هي خدمة «تجميع الحساب»، أما على صعيد المدفوعات، فالتحويلات التي تتم عبر المصرفية المفتوحة عن طريق تطبيق لطرف ثالث تقدم قيمة مضافة لكل من العميل والتاجر، حيث تقوم واجهة برمجة التطبيقات بربط الطرف الثالث مباشرةً بالتطبيق المصرفي للعميل، وغالباً ما يستخدم في هذا تكنولوجيا الاستدلال البيولوجي أو تقنيات أخرى للتثبت من التوثيق المضمون، وتكون هذه التحويلات خالية من مخاطر الاحتيال أو سرقة بيانات البطاقة، وذلك بسبب عدم الحاجة لإدخال معلومات حساسة، كما أنها أسرع وأسهل من التحويلات التقليدية.
ويضيف رئيس منصة «ترابط»، أن المرونة، والشفافية، والأمان، والسرعة في استخدام الخدمات المالية هي سمات رئيسية في حلول المصرفية المفتوحة، وتصب جميع هذه الابتكارات في مصلحة العميل، وتفتح الفرص أمام الشركات الناشئة في خدمات التكنولوجيا المالية، كما توفر للمؤسسات المالية مجالات جديدة للنمو.

- عامل النمو
إن التطورات التكنولوجية عاملٌ رئيسي في قيام المصرفية المفتوحة، وفق المؤيد، حيث انتشر النفاذ إلى الإنترنت في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقياً (مينا) بشكل سريع، وأصبح اليوم ما نسبته 93% من سكان المنطقة المقدر عددهم بـ580 مليون، متصلين بالشبكة –وفق ما تفيد به رابطة «جي إس إم» للاتصالات، ومن المتوقع أن يبلغ عدد مستخدمي الهاتف الذكي في منطقة «مينا» ما نسبته 80% من السكان بحلول عام 2025، وأكثر من 90% في دول منطقة الخليج العربي. ولكن المؤيد يستطرد: «لا تزال الخدمات المصرفية المقدمة للفئة الشبابية الملمّة باستخدام التكنولوجيا غير كافية، وهم يترقبون فرصة استخدام منتجات وخدمات مصرفية أفضل... إن هذا الجيل يستخدم تطبيقات الهاتف الجوال أكثر من أي جيل سبقه فلمَ لا نمكّنهم من إدارة شؤونهم المالية عبر جوالاتهم».

- طموح الشركات
والعامل الآخر الذي يدفع بانتشار ونموّ المصرفية المفتوحة -يقول المؤيد- هو طموح الشركات والجهات التنظيمية إلى رفع مستويات الشمول المالي في مجتمعات المنطقة، فالتزام السعودية بتطوير التكنولوجيا المالية ضمن «رؤية السعودية 2030»، وإطار العمل المتقدم للمصرفية المفتوحة في دولة الإمارات ومملكة البحرين، فضلاً عن برامج الاختبار التي تطلقها الجهات التنظيمية عبر دول الشرق الأوسط لاختبار تقنيات المصرفية المفتوحة، هي جميعها جزء من هذه الجهود.

- منظور الواجهات
ويبقى العنصر الرئيسي والأهم للمصرفية المفتوحة من المنظور التقني هي واجهات برمجة التطبيقات، والتي تمثل البنية التحتية للقطاع، وبمثابة الأنابيب التي تنقل البيانات بشكل سلس وآمن بين قواعد بيانات مختلف المؤسسات المعنية.
وأضاف: «تمكّن البنية التحتية لواجهات برمجة التطبيقات بدورها من دمج مختلف التقنيات الناشئة بالقطاع المصرفي، ما يؤدي إلى الابتكار في المنتجات، مثل خدمة (ادخر الآن وادفع لاحقاً)، أو (اشترِ الآن وادفع لاحقاً)، و(محافظ العملات المشفرة)، و(الدفع عبر القطاعات)، و(اعرف عميلك)، وأدوات الإدارة المالية الشخصية، وغيرها الكثير».
إن المزيج المكون من إمكانات التكنولوجيا الحديثة، والطلب من العملاء، والتشريعات التنظيمية التقدمية، أسهم بقوة في الدفع نحو انتشار المصرفية المفتوحة وتعزيزها كقطاع بسرعة، ولذا، فإنه ليس من الغريب النمو المدهش الذي تحققه التكنولوجيا المالية في منطقة «مينا»، مع تأسيس نحو 800 شركة تكنولوجيا مالية ناشئة بلغت قيمتها مجتمعة ما يقارب 15.5 مليار دولار، حسب موقع «ديل روم» خلال العام 2022.

- القطاع المصرفي
وحول مدى قبول القطاع المصرفي في الشرق الأوسط والعالم العربي للمصرفية المفتوحة، وما معدل نمو هذا النوع من المصرفية في القطاع المصرفي في المنطقة؟ وما التقديرات والتوقعات فيما يتعلق بالمرحلة التالية؟ يقول المؤيد: «تدرك المصارف في المنطقة الفوائد الناجمة عن المصرفية المفتوحة، فهي تعزز من دورهم الأساسي، كما تمكّنهم من التنافس في القطاع المصرفي كما نعرفه اليوم، وهم ينشطون بالفعل في تحسين عروضهم الرقمية مع التركيز على جعل هذه العروض متمحورة حول رغبة العميل».
ويستطرد: «إن محاولة تحديد معدل واضح للنمو ليست دائماً بالأمر السهل، لأن المصرفية المفتوحة تضم في نطاقها عمليات تطوير كثيرة تشمل التكنولوجيا المالية، والخدمات المالية التقليدية، وقطاعات أخرى مثل قطاع الاتصالات»، مضيفاً: «لكن يمكن تقدير معدل نمو المصرفية المفتوحة عبر النظر إلى قطاع التكنولوجيا المالية في منطقة الشرق الأوسط حيث نما حجمه بثلاثة أضعاف خلال عام 2022، ليبلغ 1.68 مليار دولار مقارنةً بالعام الماضي... كما بلغ حجم الاستثمار برأس المال المغامر في التكنولوجيا المالية نحو 819 مليون دولار خلال الفترة ذاتها... من دون شك، نمت منطقة (مينا) وتطورت لتصبح مركزاً عالمياً للتكنولوجيا المالية خلال الأعوام الأخيرة». وبيَّن أن حالات الاستخدام التي طَغَت على قطاع التكنولوجيا المالية هذا العام –والتي من المتوقع أن تزداد في عام 2023– شملت عمليات السداد الرقمي، والسداد المباشر العابر للحدود، وخدمات «ادخر الآن وادفع لاحقاً»، و«اشترِ الآن وادفع لاحقاً»، وخدمات بيانات الحساب، وبدء الدفع، و«اعرف عميلك»، و«محافظ العملات المشفرة»، وأدوات المصرفية الشخصية.

- المنافسة الخليجية
قد تكون منطقة دول الخليج تباطأت في تبني المصرفية المفتوحة مقارنةً ببعض الدول الغربية، مثل الولايات المتحدة وبريطانيا، كما يشير المؤيد، لكن النظام البيئي للتكنولوجيا المالية في منطقة «مينا» يتطور بسرعة، ومن المحتمل أن يتقدم على مناطق أخرى. تعد المصرفية المفتوحة ظاهرة حديثة نسبياً على مستوى العالم، لكن الميزة التي تصب في صالح دول المنطقة هي أنه يمكننا التعلم من تجارب من سبقنا إن كانت أخطاءً أم إنجازات، مما سيساعدنا على اللحاق سريعاً بهم وحتى تخطيهم.
وأضاف المؤيد: «هناك اهتمام كبير بالمصرفية المفتوحة في منطقتنا، حيث تدفع الرؤية الاقتصادية قدماً بإعداد النماذج التنظيمية الهادفة إلى التشجيع على الابتكار وتيسيره، وتعد البحرين ودولة الإمارات والسعودية الدول البارزة في منطقة (مينا) في هذا المجال، وذلك بفضل الجهات التنظيمية التي تتميز بالنظرة المستقبلية، والتي تحرص على إعداد الخطط وتنفيذها، وتحرز أيضاً مصر والأردن وتونس تقدماً على هذا الصعيد، وهناك ثقة متزايدة من الفاعلين في القطاع بأن المنطقة ستكتسب سمعة جيدة كمركز لتطوير واستخدام التكنولوجيا المالية».

- المنتجات الشخصية
من أبرز العوامل التي تحث على التوجه نحو المصرفية المفتوحة، الطلب المتزايد على المنتجات والخدمات الشخصية، حسب المؤيد. وهو نمط من الخدمات أصبح المستهلكون يتوقعونه من خلال تجربتهم مع خدمات البث التدفقي لمقاطع الأحداث الرياضية والترفيهية والتي تتم عن طريق الاشتراك بتلك الخدمات –أي بمعنى آخر، هي خدمات مدعومة بالخوارزميات التي توصي بمنتجات تتماشى مع تفضيلات المستهلك واحتياجاته، ما يساعده في خياراته وفي ذات الوقت يزيد من أنشطة أعمال الشركة المعنية، ولا شك أن تطوير خدمات مالية مثل «باي بال» هي تجربة تثقيفية حول الإمكانيات الكامنة في مثل تلك التطبيقات. إن فئة الشباب في منطقة «مينا» التي تألف مختلف أنواع التطبيقات كبيرة كنسبة وكماً، وسيكون لهؤلاء الشباب دور محفز على تبني المصرفية المفتوحة بشكل واسع.
ومع وجود 53 مصرفاً مسجلاً في منطقة دول الخليج تقوم بخدمة 45 مليون شخص في بيئة بلغت نسبة انتشار الإنترنت فيها 98%، أصبح المشهد جاهزاً لتطوير حلول قائمة على التكنولوجيا المالية، ما يجعل قطاع المصرفية المفتوحة فرصة مغرية للعمل.

- المصرفية السعودية
ويضيف المؤيد: «تتصف المصرفية المفتوحة في السعودية هذا العام بالتقدم السريع على صعيدي نظامها البيئي والابتكار التنظيمي، فمن خلال متابعته لتجربة بريطانيا في المصرفية المفتوحة واستخلاصه الدروس منها، قام البنك المركزي السعودي (ساما) باتخاذ خطوات جريئة خلال الشهور الماضية، بدءاً بسن تشريعات تنظيمية مسهبة وشاملة، وتوجيه خدماته المالية نحو الابتكار، ومن المتوقع أن يتم قريباً إنشاء جهاز لمنح التراخيص لخدمات معلومات الحساب (AIS) وبدء الدفع (PIS)».
ويستطرد: «تتمثل إحدى المميزات الرئيسية في بيئة التجريبية التنظيمية لـ(ساما) في أنه مفتوح لمقدمي طلبات التكنولوجيا المالية على الصعيدين المحلي والدولي من خلال نهج (المفتوح دائماً) بدلاً من النهج القائم على المجموعة»، مضيفاً أن ذلك «يتيح مزيداً من المرونة لمن يتقدمون لتجربة حلولهم، للتقديم عندما يكونون مستعدين... كما قام البنك المركزي السعودي بتصميم إطار عمل ليتم تنفيذه ضمن مخطط (رؤية السعودية 2030)... ومع إطلاق مبادرة (فنتك السعودية)، تم إنشاء منصة قوية هدفها دعم مجتمع رواد أعمال تكنولوجيا المال في المملكة، وزاد عدد الشركات الناشئة العاملة في التكنولوجيا المالية في السعودية بنسبة 37% ليبلغ عددها 81 شركة في عام 2021. بوابة (ترابط) معنية جداً بسوق المملكة، وهي تساعد الفاعلين في الخدمات المالية فيها كمزود للبنية التحتية للمصرفية المفتوحة، ومن أولوياتنا دعم السياسات الاقتصادية في المملكة، لما فيها من فائدة للمستهلك السعودي، وللتجار، وللمصارف، ولشركات التكنولوجيا المالية. في وقت سابق هذا العام، أعلنّا عن شراكات رئيسية مع بنوك سعودية ونواصل التطلع إلى العمل بشكل وثيق مع البنوك والشركات التكنولوجيا المالية لتمكين النظام البيئي».
لقد أعلنت المملكة عن عزمها على استبدال الدفع الإلكتروني بالنقدي بنسبة 70% لمجمل التعاملات المالية بحلول عام 2030 وهذا ما يمكن لتطبيقات المصرفية المفتوحة المساهمة بتحقيقه من خلال تمكينها الدفع الفوري والمباشر بين بنك وبنك آخر، مزيلةً بذلك أي أوجه قصور قد تطرأ خلال إنجاز عملية الدفع. وكشف البنك المركزي السعودي مؤخراً عن أن عدد عمليات الدفع الإلكتروني قد تخطى لأول مرة في السعودية عدد عمليات الدفع النقدي، ما يشهد على التقدم السريع الذي تحققه السعودية في توجهها نحو الرقمنة المالية.

- العمل في الخليج
يزيد المؤيد: «نحن نعمل بشكل وثيق مع الجهات التنظيمية في منطقة (مينا)، كما أننا متفائلون جداً بمسار تنمية القطاع من المنظور التنظيمي، فإن عدد الشركات الناشئة، والتمويل المتوفر، ووضوح المسار التنظيمي، جميعها قد تحسنت بشكل سريع، ومع قيام كل من البحرين ودولة الإمارات والمملكة العربية السعودية وعمان ومصر –وحالياً البنك المركزي في الكويت– بسن تشريعات تنظيمية مستقبلية النظرة، فضلاً عن توفيرهم حوافز لتطوير وتنفيذ التقنيات الممكّنة، مثل واجهات برمجة التطبيقات، أصبح دور دول الخليج في المساهمة بثورة المصرفية المفتوحة واضحاً».
ويضيف: «إن المراقبين الذين يقللون من شأن سرعة نمو قطاع التكنولوجيا المالية الذي تقوده الجهات التنظيمية في الخليج، والميزات الديموغرافية للمنطقة، وثقافة ريادة الأعمال، والبيئة الداعمة للأعمال، سيتخلفون عن أولئك القادرين على إدراك القوة المتنامية للتكنولوجيا المالية في المنطقة، فضلاً عن أن جودة أطر عمل المصرفية المفتوحة، والتي تحظى بميزة المتحرك الثاني، والتي يتم تطويرها عبر الاستفادة من تجارب رائدي هذا القطاع، ستكون أيضاً عاملاً مهماً».

- حماية البيانات
وعن سؤال حول ما حجم التحدي الذي تواجهه المصرفية المفتوحة على صعيد حماية البيانات المصرفية في الوقت الذي تعصف فيه الهجمات السيبرانية وبرامج الاحتيال المتقدمة بالقطاع المالي؟ يقول المؤيد: «قد يتبادر لذهن البعض أن تسمية (المصرفية المفتوحة) لها دلالة عكس ما هو مقصود بها، لكنها في الحقيقة توفر للمستهلك مستوى أعلى من الأمن والأمان ضد الاحتيال، ذلك لأن المصرفية المفتوحة تستخدم نظام حماية يتطلب موافقة المستخدم على مشاركة البيانات، ويحصر المشاركة فقط مع جهات نظامية معتمدة، كما يتطلب الامتثال لقوانين حماية بيانات المستهلك، والتي يتم تحديثها وتقويتها باستمرار».
وزاد: «أما فيما يتعلق بالسداد عن طريق المصرفية المفتوحة، فالجهات الوسيطة تتم إزالتها من عملية الدفع (حيث يكون التعرض لمخاطر عمليات الاحتيال في أعلى مستوياته)، كما تزيل المصرفية المفتوحة مخاطر سرقة بيانات بطاقات الائتمان أو الخصم عند إدخال البيانات، وتجدر الإشارة إلى أن الحد من مخاطر عمليات الاحتيال هي ميزة متضمنة في بنية المصرفية المفتوحة بحكم تكاملها السلس مع شركات التكنولوجيا المالية والمصارف».
وحسب المؤيد، «لحُسن الحظ أن رواد تكنولوجيا المصرفية المفتوحة، خصوصاً في بريطانيا والولايات المتحدة، كانوا قد قطعوا شوطاً وهم يختبرون تقنيات مختلفة عن طريق التجربة والخطأ للتوصل إلى الحلول المطلوبة، وبالنتيجة تم قبول ما تُعرف اليوم بواجهات برمجة التطبيقات على أنها أفضل الحلول وأكثرها فاعلية خصوصاً على مستوى الجودة والأمان، والفاعلية ليس لها إلّا أن تزداد مع اعتماد الواجهات على نطاق واسع كمعايير في الصناعة».
ويضيف: «في الحقيقة فإن أي منصة رقمية هي عُرضة للهجمات السيبرانية، لذا فمن الضروري ضمان اعتماد أفضل معايير الأمن والأمان لربط أي منصة تلعب دور بوابة لتبادل البيانات، ولطالما كان تركيزنا في بوابة (ترابط)، ولا يزال، ينصبّ على هذا الجانب من منتجنا، ولهذا نستخدم أكثر تقنيات واجهات برمجة التطبيقات تقدماً في المنطقة لضمان مستوى الأمان الذي يتوقعه عملاؤنا».

- أول ترخيص
وقال: «شكّلت شراكتنا التي تم الإعلان عنها مؤخراً مع مختبر التمويل المفتوح التابع لمركز دبي المالي العالمي، خطوة مهمة في مسار اختباراتنا لحلول المصرفية المفتوحة، ومن جهة أخرى أكد لنا حصولنا على أول ترخيص يُمنح في دولة الإمارات لمنصة نظامية لتزويد خدمات المصرفية المفتوحة، مدى اهتمام المصارف بالتعاون في مجال تطوير التكنولوجيا المالية... لا شك أن المقاربة التي تقوم على مفهوم (البيانات المفتوحة) لن تقف عند حدود المصرفية والتعاملات وعمليات الدفع، بل ستنمو بذاتها نحو (التمويل المفتوح)، ما سيجعلها تطوِّر حلول تكنولوجيا مالية لأغراض معاشات التقاعد، والرهون، والقروض، والتأمين، والاستثمار، وقد أصبحت بالفعل أوائل مثل هذه الحلول العابرة للقطاعات قيد التطوير من خلال مشاريع التعاون القائمة حالياً لاستكشاف فاعليتها في قطاع الاتصالات، والخدمات العامة، والنقل، والصحة».
ولفت إلى أنه بات بالإمكان –من خلال التعاون بين المصارف وشركات التكنولوجيا المالية– تطوير حالات استخدام جديدة تخدم العميل، فضلاً عن توفير خدمات مفيدة لكل الأطراف، فمقومات الابتكار والسهولة والمرونة التي تقوم عليها التكنولوجيا المالية تتكامل مع متطلبات التنمية لدى المصارف، مما يؤدي إلى خلق موارد دخل موثوقة لشركات التكنولوجيا المالية من جهة، ويؤكد امتلاك القطاع المصرفي حلولاً مبتكرة تضعه في صدارة السوق من جهة أخرى.

- بوابة «ترابط»
هل يمكنك أن تصف لنا ما وظيفة بوابة «ترابط» كمنصة للمصرفية المفتوحة؟ يجيب المؤيد: «إن صناعة الخدمات المالية في الشرق الأوسط قد بدأت لتوّها بتطبيق الكثير من الخدمات الشخصية التي أصبحت متاحة بفضل التكنولوجيا والتشريعات التنظيمية الجديدة. تم إطلاق بوابة (ترابط) في عام 2017 بهدف سد الثغرة في البنية التحتية لكي تسمح بتطوير منتجات وخدمات مالية مبتكرة، فالمؤسسات المالية التقليدية لا تزال تقدم منتجات وخدمات بمفهوم (قياس واحد للجميع)، في زمن تتوفر فيه بيانات لا تُحصى يمكن استغلالها لتحسين تجربة العميل والارتقاء بها».
وزاد: «المصرفية المفتوحة تعيد القدرة على التحكم بشكل كبير في الخدمات المالية إلى المستهلك وهي في صلب مفهوم المصرفية المفتوحة، فهي من خلال استقصائها لمؤشرات محددة في بيانات المستخدم تجري عملية تحويلية للخدمات المالية التقليدية بشكل يجعلها توفر له عروضاً مالية شخصية، ما يزيد من مستوى الوعي المالي للمستخدم وعافيته المالية.
نحن نزوّد المصارف وشركات التكنولوجيا المالية والتجار بالبنية التحتية الخاصة بالبيانات والدفع، مما يتيح لهم بناء الجيل القادم من المنتجات والتجارب المالية، وتقوم منصتنا بتوفير الرابط الذي يسمح بتدفق البيانات وإنجاز عمليات الدفع بين هذه الجهات الثلاثة».
وقال: «نعمل معهم كشركاء، فنحن نبني مجتمعاً أو نظاماً بيئياً، حيث يتمكن الجميع فيه من الاستفادة: المصارف، وشركات التكنولوجيا المالية، والتجار، والمستهلكين... نجعل الأمر يسيراً على المصارف أن يشاركوا ويكشفوا عن بياناتهم لإنجاح سير العمليات من دون المسّ بالتشريعات التنظيمية، كما نعمل على تمكين شركات التكنولوجيا المالية والتجار من إنشاء الحلول القابلة للتوسع من جانبهم، وذلك من خلال منحهم النفاذ إلى قاعدة بيانات واسعة على نطاق المنطقة ومسارات الدفع، ويتم هذا بإجراء عملية دمج بسيطة واحدة مع واجهة برمجة التطبيقات».


مقالات ذات صلة

وزير الصناعة السعودي: هيئة المساحة ستلعب دوراً محورياً في السنوات الـ25 المقبلة في التعدين

خاص الأمير سعود ووزير الصناعة خلال حفل الهيئة (إمارة منطقة مكة المكرمة)

وزير الصناعة السعودي: هيئة المساحة ستلعب دوراً محورياً في السنوات الـ25 المقبلة في التعدين

تلعب هيئة المساحة الجيولوجية في السعودية دوراً حيوياً في الكشف عن مخزونات الأرض من الفلزات، التي تشمل الذهب والزنك والنحاس.

سعيد الأبيض (جدة)
الاقتصاد جانب من العاصمة السعودية الرياض (واس)

صفقات «جسري» السعودية تتخطى 9.3 مليار دولار

أعلنت السعودية توقيع 9 صفقات استثمارية بقيمة تزيد على 35 مليار ريال (9.3 مليار دولار)، ضمن «المبادرة الوطنية لسلاسل الإمداد العالمية (جسري)».

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد ولي العهد في أثناء توقيعه على الميزانية العامة للدولة لعام 2025 (واس)

مجلس الوزراء السعودي يقر ميزانية الدولة للعام المالي 2025

أقر مجلس الوزراء السعودي برئاسة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، ميزانية العام المالي 2025، التي تتوقع إيرادات بقيمة 1.184 تريليون ريال.

الاقتصاد منظر عام للعاصمة السعودية الرياض (أ.ف.ب)

السعودية الأولى عربياً والـ20 عالمياً في مؤشر «البنية التحتية للجودة للتنمية المستدامة»

حققت السعودية المركز الأول على المستوى العربي ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والمركز الـ20 عالمياً، وفق مؤشر البنية التحتية للجودة للتنمية المستدامة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد خلال لقاء الوزير الخطيب عدداً من المستثمرين ورواد الأعمال في الأحساء (حساب الوزير على منصة إكس)

دعم السياحة في محافظة الأحساء السعودية بمشاريع تتجاوز 932 مليون دولار

أعلن وزير السياحة السعودي أحمد الخطيب دعم السياحة بمحافظة الأحساء، شرق المملكة، بـ17 مشروعاً تتجاوز قيمتها 3.5 مليار ريال وتوفر أكثر من 1800 غرفة فندقية.

«الشرق الأوسط» (الأحساء)

الرسوم الجمركية تهدد النمو الاقتصادي... و«المركزي الأوروبي» يحذّر من تداعيات الحرب التجارية

مبنى «البنك المركزي الأوروبي» في فرنكفورت بألمانيا (رويترز)
مبنى «البنك المركزي الأوروبي» في فرنكفورت بألمانيا (رويترز)
TT

الرسوم الجمركية تهدد النمو الاقتصادي... و«المركزي الأوروبي» يحذّر من تداعيات الحرب التجارية

مبنى «البنك المركزي الأوروبي» في فرنكفورت بألمانيا (رويترز)
مبنى «البنك المركزي الأوروبي» في فرنكفورت بألمانيا (رويترز)

أشار صناع السياسة في «البنك المركزي الأوروبي»، يوم الثلاثاء، إلى أن أسعار الفائدة بمنطقة اليورو ستستمر في الانخفاض، مع القضاء على التضخم إلى حد كبير، في حين أن النمو الاقتصادي الضعيف، الذي قد يتفاقم بسبب الرسوم الجمركية الأميركية، قد يصبح القضية الكبيرة التالية التي تواجه المنطقة.

وخفض «المركزي الأوروبي» أسعار الفائدة 3 مرات هذا العام، ويتوقع المستثمرون تخفيضات أخرى في كل اجتماع لـ«لجنة السياسة» حتى يونيو (حزيران) المقبل على الأقل، مع تجنب المنطقة ركوداً آخر، وفق «رويترز».

وفي هذا السياق، قال رئيس «البنك المركزي»، البرتغالي ماريو سينتينو، إن الاقتصاد يواجه ركوداً، محذراً بأن «المخاطر تتراكم نحو الهبوط»، مشيراً إلى أن الرسوم الجمركية التي هدد الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب بفرضها تشكل تهديداً إضافياً.

وحذر سينتينو أيضاً بأن تأخر «البنك المركزي الأوروبي» في خفض أسعار الفائدة قد يزيد من خطر انخفاض التضخم إلى ما دون المستوى المستهدف.

من جانبه، أوضح نائب رئيس «البنك المركزي الأوروبي»، لويس دي غيندوس، أن النمو أصبح الشغل الشاغل للبنك، مشيراً إلى أن الرسوم الجمركية قد تؤدي إلى ظهور دورة مدمرة من الحروب التجارية.

وقال دي غيندوس لصحيفة «هلسنغن سانومات» الفنلندية: «القلق بشأن التضخم المرتفع تحول الآن إلى القلق بشأن النمو الاقتصادي».

وأضاف: «عندما نفرض الرسوم الجمركية، فيجب أن نكون مستعدين لرد فعل من الطرف الآخر، وهو ما قد يؤدي إلى بداية حلقة مفرغة».

وأكد دي غيندوس أن «هذا الأمر قد يتحول في نهاية المطاف إلى حرب تجارية، وهو ما سيكون ضاراً للغاية بالاقتصاد العالمي».

وتابع: «هذا سيؤدي إلى ضعف النمو، وارتفاع التضخم، وتأثير على الاستقرار المالي، في وضع يعدّ خسارة لجميع الأطراف».

وكان ترمب قد أعلن هذا الأسبوع أنه سيفرض رسوماً جمركية كبيرة على أكبر 3 شركاء تجاريين للولايات المتحدة: كندا والمكسيك والصين، فور توليه منصب الرئاسة.

وبشأن تأثير الرسوم الجمركية الأميركية على النمو في أوروبا، فقد قال رئيس «البنك المركزي الفرنسي»، خلال مؤتمر للمستثمرين الأفراد في باريس، إن تأثير التضخم في أوروبا قد لا يكون كبيراً.

وقال فرنسوا فيليروي دي غالهاو: «قد يكون تأثير التضخم محدوداً نسبياً في أوروبا، ولكن أسعار الفائدة طويلة الأجل التي تحددها السوق لديها ميل معين لعبور المحيط الأطلسي».

وأضاف: «لا أعتقد أن هذا سيغير كثيراً بالنسبة إلى أسعار الفائدة قصيرة الأجل في أوروبا، ولكن أسعار الفائدة طويلة الأجل قد تشهد تأثيراً انتقالياً».

من جهته، أضاف محافظ «البنك المركزي الفنلندي»، أولي رين، تحذيراً بخصوص النمو، متوقعاً أن يظل النشاط الاقتصادي ضعيفاً مع انتعاش بطيء، وهو ما قد يدفع «البنك المركزي الأوروبي» إلى خفض سعر الفائدة إلى المعدل المحايد الذي لا يعوق النمو الاقتصادي، بحلول أوائل الربيع المقبل.

وعلى الرغم من أن المعدل المحايد ليس رقماً ثابتاً، فإن معظم خبراء الاقتصاد يرون أنه في نطاق بين اثنين و2.5 في المائة، وهو أقل كثيراً من المستوى الحالي لـ«البنك المركزي الأوروبي» البالغ 3.25 في المائة.

ولا يُتوقع أن تتوقف أسعار الفائدة عند المعدل المحايد؛ إذ تتوقع سوق المال أن يهبط سعر الفائدة على الودائع إلى 1.75 في المائة العام المقبل، وهو مستوى من شأنه تحفيز النمو.

وقال رين: «إذا فرضت الولايات المتحدة رسوماً جمركية على منتجات دول أخرى، سواء أكانت بنسبة 10 أم 20 في المائة، وردّ الجميع، فإن جميع الأطراف ستخسر».

وأضاف أنه «في هذه الحالة، فإن الولايات المتحدة ستخسر أكثر؛ لأن الدول الأخرى قد توجه صادراتها إلى أسواق أخرى، في حين ستواجه الشركات الأميركية الرسوم الجمركية نفسها في كل مكان».

في المقابل، انخفض، يوم الثلاثاء، مؤشر رئيسي لتوقعات التضخم بمنطقة اليورو على المدى البعيد في السوق إلى أقل من اثنين في المائة لأول مرة منذ يوليو (تموز) 2022، في دلالة على اعتقاد المستثمرين أن النمو المتعثر قد يؤدي إلى تضخم أقل من الهدف المحدد من قبل «البنك المركزي الأوروبي». وأظهرت بيانات «بورصة لندن» أن مبادلة التضخم الآجلة لمدة 5 سنوات تراجعت إلى 1.9994 في المائة، وهو انخفاض حاد نسبياً مقارنة بأكثر من 2.2 في المائة خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. وتعكس هذه المبادلة توقعات المستثمرين بشأن التضخم خلال فترة الـ5 سنوات التي تبدأ بعد 5 سنوات من الآن.

لماذا يعدّ ذلك مهماً؟

يعدّ «البنك المركزي الأوروبي» محافظاً على تناغم دقيق مع توقعات التضخم لدى المستثمرين والأسر والشركات. ويعتقد كثير من خبراء الاقتصاد أن هذه التوقعات يمكن أن تتحول إلى نبوءة تحقق ذاتها، حيث يزيد المستهلكون من إنفاقهم الآن لتجنب ارتفاع الأسعار في المستقبل أو العكس. في عام 2014، أشار رئيس «البنك المركزي الأوروبي» السابق، ماريو دراغي، إلى مبادلة التضخم لمدة 5 سنوات، التي كانت آنذاك أقل قليلاً من اثنين في المائة، بوصف الأمر مقلقاً لـ«البنك المركزي». ومنذ عام 2022، كان «المركزي الأوروبي» يواجه خطر الانكماش بوصفه مصدر قلق رئيسياً.

ومن المرجح أن يعزز هذا الانخفاض الأخير من التوقعات بشأن خفض أسعار الفائدة من قبل «المركزي الأوروبي».

وانخفض التضخم في منطقة اليورو من أعلى مستوى قياسي بلغ 10.6 في المائة خلال أكتوبر 2022، إلى 1.7 في المائة خلال سبتمبر من هذا العام، قبل أن يرتفع مجدداً إلى اثنين في المائة خلال أكتوبر الماضي. ومن المتوقع إصدار بيانات نوفمبر (تشرين الثاني) يوم الجمعة المقبل. ووفقاً للمحللين، فقد ساهمت عوامل عدة في تهدئة نمو الأسعار، مثل تطبيع سلاسل التوريد التي تأثرت بجائحة «كوفيد19»، وانخفاض أسعار الطاقة بعد الحرب في أوكرانيا، بالإضافة إلى رفع أسعار الفائدة من قبل «البنك المركزي».

كما أظهرت بيانات مسح يوم الجمعة أن نشاط الأعمال في منطقة اليورو تراجع بشكل حاد في نوفمبر الحالي أكثر مما كان متوقعاً، مما زاد من المخاوف بشأن ضعف النمو بالمنطقة.

في هذا السياق، قال كبير خبراء الاقتصاد في «البنك المركزي الأوروبي»، فيليب لين، يوم الاثنين، إن التضخم قد ينخفض إلى ما دون الهدف في حال استمر النمو الضعيف. وأشار لين، في تصريحات نقلتها صحيفة «ليزيكو» الفرنسية، إلى أنه «ينبغي ألا تظل السياسة النقدية مقيدة لفترة طويلة، وإلا فإن الاقتصاد لن ينمو بالقدر الكافي، وأعتقد أن التضخم سيهبط إلى ما دون الهدف».