هل قدمت إنجلترا ما يكفي للمنافسة على الفوز بكأس العالم؟

المنتخب الإنجليزي يضع على نفسه ضغوطاً هائلة من خلال التوقعات المبالَغ فيها والحديث عن ضرورة الفوز باللقب

جيرو وهدف فوز فرنسا وسط مدافعي إنجلترا (أ.ف.ب)
جيرو وهدف فوز فرنسا وسط مدافعي إنجلترا (أ.ف.ب)
TT

هل قدمت إنجلترا ما يكفي للمنافسة على الفوز بكأس العالم؟

جيرو وهدف فوز فرنسا وسط مدافعي إنجلترا (أ.ف.ب)
جيرو وهدف فوز فرنسا وسط مدافعي إنجلترا (أ.ف.ب)

هذه المرة، لم يتعرض المنتخب الإنجليزي للخسارة بسبب المهارة الفائقة للاعبين من أمثال أندريا بيرلو أو توماس مولر أو مسعود أوزيل، ولم يحصل أي لاعب على بطاقة حمراء، ولم يخسر كالمعتاد بركلات الترجيح، أو أمام منتخب ضعيف مثل آيسلندا، ولم يتراجع الأداء بشكل ملحوظ في شوط المباراة الثاني، أو يتعرض خط الوسط للانهيار! باختصار، لا يمكن أن نقول إن الهزيمة أمام فرنسا في الدور ربع النهائي لكأس العالم على ملعب البيت كانت بسبب أشياء من هذا القبيل؛ لأن هناك إجماعاً تاماً على أن المنتخب الإنجليزي لعب بشكل جيد.
من الرائع أن تلعب إنجلترا بشكل جيد أمام فرنسا، خاصة أن المنتخب الإنجليزي عوّدنا على تقديم مستويات جيدة منذ بضع سنوات. ومع ذلك، كانت النتيجة هي نفسها التي حققها المنتخب الإنجليزي بقيادة روي هودجسون في عام 2012، والتي حققها تحت قيادة سفين غوران إريكسون ثلاث مرات، والتي حققها أيضاً عندما خسر أمام الأرجنتين بقيادة دييغو أرماندو مارادونا في 2010، وأمام ألمانيا في 1994، ويجعلنا هذا نطرح السؤال التالي: هل الأشياء التي ذكرناها سابقاً مهمة حقاً؟
يتعلق هذا السؤال في الأساس بشكل الأداء الذي تقدمه إنجلترا هذه الأيام، وإلى أي مدى تعمل إنجلترا حقاً على الفوز بالبطولات؟ وكيف نريد قياس النجاح والفشل؟ وهل توقعاتنا من هذا المنتخب منطقية أم مبالَغ فيها؟ في الحقيقة، يتعين علينا جميعا كمشجعين أن نجيب عن هذه الأسئلة، وليس فقط اللاعبين والمديرين الفنيين والمسؤولين ووسائل الإعلام. هناك إجماع في الوقت الحالي على أنه يتعين علينا ألا نوجه أصابع الاتهام لأحد أو ننتقم من أنفسنا، وأن نتخلى عن أفكار التغيير وضخ دماء جديدة، وأن نشيد بكل بساطة بالمنتخب الإنجليزي وبما قدمه ضد منتخب فرنسا الذي كان أفضل بفارق ضئيل. ربما يكون إدراكنا لذلك بمثابة تقدم في حد ذاته. وربما لم يكن وصول المنتخب الإنجليزي لدور الثمانية سيئاً، وربما يكون كافياً، بل وربما يكون جيداً!

ساوثغيت وكين... مَن يواسي مَن؟ (إ.ب.أ)

وهذا هو السبب في أن الهزيمة أمام فرنسا كانت مثيرة للغاية على العديد من المستويات. ولو كنت تحاول إيجاد الأعذار للمنتخب الإنجليزي، فما أكثرها! فيمكنك أن تقول إنه كان يلعب أمام أحد أفضل المنتخبات في العالم، إن لم يكن الأفضل بالفعل، وأن المدير الفني للمنتخب الإنجليزي غاريث ساوثغيت اختار التشكيلة المناسبة، ولعب بشجاعة وبشكل هجومي، وأن المنتخب الإنجليزي قدم أداءً جيداً ووصل إلى دور الثمانية بعدما حقق نتائج جيدة أيضاً في دور المجموعات ودور الستة عشر.
ويمكنك أن تقول أيضاً إن إنجلترا لم ترتكب أخطاء فادحة كان من الممكن تجنبها، وإنه لم تكن هناك انشقاقات أو خلافات بين اللاعبين خارج الملعب، وإن سوء الحظ وقرارات التحكيم غير المناسبة لعبا دوراً كبيراً ضد إنجلترا. وحتى نقطة التحول الرئيسية في المباراة جاءت عندما أهدر النجم الأبرز للمنتخب الإنجليزي هاري كين ركلة جزاء كان من الممكن أن تغير نتيجة للقاء!
لقد فعلت إنجلترا كل شيء بشكل جيد هنا، لكنها خسرت في نهاية المطاف. لكن يجب أن نشير إلى أن التوقعات المبالغ فيها بشأن ما يمكن أن يقدمه المنتخب الإنجليزي لا تأتي من فراغ، فهناك من يخلق أجواء عاطفية مبالغاً فيها حول الفريق، وبالتالي يكون هناك شعور على مستوى اللاوعي العميق بشأن ما سيكون عليه رد الفعل في حال تحقيق النجاح أو الفشل. لقد تحدث لاعبون سابقون في المنتخب الإنجليزي عن كيف كانوا يلعبون في البطولات الكبرى وهم يتخيلون الضجة الهائلة التي سيحدثها الجمهور حتى قبل حدوثها! وبالتالي، يمكن أن نطرح السؤال التالي: هل كان لدى لاعبي المنتخب الإنجليزي وغاريث ساوثغيت الرغبة الكافية للفوز بلقب كأس العالم؟ وهل كانت لديهم الرغبة نفسها التي لدى النجم الأرجنتيني ليونيل ميسي للفوز بالمونديال؟ صحيح أن المنتخب الإنجليزي يريد أن يفوز بكأس العالم بأي ثمن، لكن السعي لتحقيق ذلك وبذل أقصى جهد ممكن ووجود رغبة حقيقية هي أشياء مختلفة تماماً.
لكن بالطبع هناك أهداف أخرى نبيلة ومشروعة للمنتخب الإنجليزي، مثل التواصل الجيد مع المشجعين، والتعبير عن الذات والشعور بالفخر، لكن الاختلاف الكبير بين إنجلترا وباقي المنتخبات الأخرى يتمثل في أن نحو 95 في المائة من دول العالم تدخل البطولات وهي تسعى للمنافسة وتقديم كل ما لديها والتحسن المستمر وتدع الأمور تسير بشكل طبيعي، لكن المنتخب الإنجليزي يضع على نفسه ضغوطاً هائلة قبل أي بطولة من خلال التوقعات المبالغ فيها والحديث عن ضرورة الفوز باللقب.
وعلاوة على ذلك، فإن الجدل المثار حالياً حول مستقبل ساوثغيت يلخص كل ذلك. ولنضرب مثلاً على ذلك بمنتخب المغرب، الذي وصل إلى الدور نصف النهائي لكأس العالم بمدير فني تولى قيادته قبل أربعة أشهر فقط، فهذا لا يعني أن كل شيء يجب أن يحدث وفق عملية شاملة للتطوير والتعلم، ففي بعض الأحيان يكون كل ما تحتاج إليه هو لاعبين يلعبون بحماس شديد لمدة أربعة أسابيع فقط، بعيداً عن الخطط طويلة الأمد!
ربما يكون ساوثغيت هو الرجل المناسب للقيام بذلك، وربما لا يكون الرجل المناسب ويجب البحث عن مدير فني جديد، على غرار ما حدث مع المنتخب الإنجليزي للسيدات. فعلى الرغم من التطوير الواضح الذي أحدثه كل من مارك سامبسون وفيل نيفيل، فقد تطلب الأمر التغيير والاعتماد على سارينا ويغمان حتى يتمكن المنتخب الإنجليزي للسيدات من الصعود إلى منصة التتويج.
لكن الشيء الأكثر أهمية حقاً، هو أن تكون لديك مجموعة من اللاعبين القادرين على اتخاذ القرارات المناسبة بأنفسهم على أرض الملعب، وقادرون على حسم الأمور ونتائج المباريات واستغلال أنصاف الفرص عندما تتاح لهم. ويجب أن نشير هنا إلى التأثير الهائل للمدير الفني الإيطالي كارلو أنشيلوتي – الذي يمكن وصفه بملك مباريات خروج المغلوب - على أداء منتخب فرنسا في كأس العالم الحالية؛ نظراً لأن ستة لاعبين من منتخب فرنسا الحالي لعبوا تحت قيادته في باريس سان جيرمان أو ريال مدريد (سبعة لاعبين إذا أضفنا كريم بنزيمة، الذي كان ضمن قائمة المنتخب الفرنسي ثم استبعد بعد تعرضه للإصابة).
على النقيض من ذلك، فإن صاحب التأثير الأكبر على المنتخب الإنجليزي هو جوسيب غوارديولا، وبالتالي كان المنتخب الإنجليزي يعتقد أن الاستحواذ على الكرة والتحكم في زمام المباراة واللعب بشكل متوازن هي الأمور التي ستساعده على تحقيق الفوز في نهاية المطاف. ربما ستحصل إنجلترا على لقب البطولة لو لعبت ضد فرنسا في مسابقة دوري من 38 مباراة، لكن فرنسا، كما هو الحال مع أنشيلوتي، تجيد اللعب في المباريات الإقصائية التي تُلعب مرة واحدة فقط!
ربما تكون الأمور أسهل بالنسبة لمنتخب مثل البرازيل، الحاصل على لقب المونديال خمس مرات من قبل ويدخل أي بطولة وهو المرشح الأول للفوز بها، أو حتى بالنسبة لمنتخب صغير مثل ويلز ليس لديه ما يخسره ويلعب من دون أي ضغوط، لكن الوضع مختلف تماماً مع المنتخب الإنجليزي الذي يدخل أي بطولة وسط حالة من الارتباك الشديد بسبب العديد من الأشياء المتناقضة - التراث الاستعماري، وثروة وقوة الدوري الإنجليزي الممتاز، والقبلية المحلية، وغيرها من الأمور الأخرى. ربما تكون الأمور ضبابية بعض الشيء، أو تعتمد بشكل أكبر على العوامل النفسية، لكن السؤال الأساسي الذي يتعين علينا أن نطرحه هو: ما الذي نريده بالفعل؟


مقالات ذات صلة

تألق صلاح يزيد الضغط على إدارة ليفربول قبل موقعة «الديربي» أمام إيفرتون

رياضة عالمية صلاح المتألق يحتفل بعدما سجل هدفين وصنع الثالث في مباراة التعادل مع نيوكاسل (اب )

تألق صلاح يزيد الضغط على إدارة ليفربول قبل موقعة «الديربي» أمام إيفرتون

تقلص الفارق بين ليفربول المتصدر وأقرب مطارديه تشيلسي وآرسنال من تسع نقاط إلى سبع بعد مرور 14 مرحلة من الدوري الإنجليزي الممتاز

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية فابيان هورتسلر مدرب برايتون (د.ب.أ)

مدرب برايتون: سأتعلم من عقوبة الإيقاف... وفولهام متطور

تعهد فابيان هورتسلر مدرب برايتون بأن يتعلم من عقوبة إيقافه بحرمانه من الوقوف في المنطقة الفنية خلال مواجهة فولهام في الدوري الإنجليزي لكرة القدم، غداً الخميس.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية آرسنال يستعد لاستضافة مانشستر يونايتد في كأس إنجلترا (رويترز)

قرعة كأس إنجلترا: آرسنال يصطدم بمانشستر يونايتد في قمة الدور الثالث

ستكون مواجهة آرسنال ومانشستر يونايتد على «استاد الإمارات» أبرز مباريات الدور الثالث من مسابقة كأس إنجلترا.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية أنغي بوستيكوغلو (رويترز)

مدرب توتنهام يريد استعادة بعض المصابين قبل مواجهة بورنموث

يأمل أنغي بوستيكوغلو، المدير الفني لفريق توتنهام الإنجليزي لكرة القدم، الذي يعاني من كثير من الغيابات، أن يستعيد جهود بعض المصابين قبل مواجهة بورنموث.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية كول بالمر (أ.ف.ب)

بالمر لاعب تشيلسي يقول إن تفاهمه مع جاكسون يزداد

قال كول بالمر لاعب وسط تشيلسي، إن تفاهمه مع المهاجم نيكولا جاكسون يزداد، بعدما سجل الثنائي هدفين في الفوز 3-صفر على أستون فيلا، في الدوري الإنجليزي الممتاز.

«الشرق الأوسط» (تشيلسي (المملكة المتحدة))

«البريميرليغ»: بعشرة لاعبين... سيتي يتعادل من جديد

مانشستر سيتي اكتفى بنقطة التعادل أمام مستضيفه كريستال بالاس (رويترز)
مانشستر سيتي اكتفى بنقطة التعادل أمام مستضيفه كريستال بالاس (رويترز)
TT

«البريميرليغ»: بعشرة لاعبين... سيتي يتعادل من جديد

مانشستر سيتي اكتفى بنقطة التعادل أمام مستضيفه كريستال بالاس (رويترز)
مانشستر سيتي اكتفى بنقطة التعادل أمام مستضيفه كريستال بالاس (رويترز)

سجَّل ريكو لويس لاعب مانشستر سيتي هدفاً في الشوط الثاني، قبل أن يحصل على بطاقة حمراء في الدقائق الأخيرة ليخرج سيتي بنقطة التعادل 2 - 2 أمام مستضيفه كريستال بالاس في الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم، السبت.

كما سجَّل إرلينغ هالاند هدفاً لسيتي بقيادة المدرب بيب غوارديولا، الذي ظلَّ في المركز الرابع مؤقتاً في جدول الدوري برصيد 27 نقطة بعد 15 مباراة، بينما يحتل بالاس المركز الـ15.

وضع دانييل مونوز بالاس في المقدمة مبكراً في الدقيقة الرابعة، حين تلقى تمريرة من ويل هيوز ليضع الكرة في الزاوية البعيدة في مرمى شتيفان أورتيغا.

وأدرك سيتي التعادل في الدقيقة 30 بضربة رأس رائعة من هالاند.

وأعاد ماكسينس لاكروا بالاس للمقدمة على عكس سير اللعب في الدقيقة 56، عندما أفلت من الرقابة ليسجِّل برأسه في الشباك من ركلة ركنية نفَّذها ويل هيوز.

لكن سيتي تعادل مرة أخرى في الدقيقة 68 عندما مرَّر برناردو سيلفا كرة بينية جميلة إلى لويس الذي سدَّدها في الشباك.

ولعب سيتي بعشرة لاعبين منذ الدقيقة 84 بعد أن حصل لويس على الإنذار الثاني؛ بسبب تدخل عنيف على تريفوه تشالوبا، وتم طرده.