- الفيلم: بينوكيو جديد يختلف عن كل فيلم سابق
Guillermo del Toro›s Pinocchio
أنيميشن | الولايات المتحدة
المكسيك - 2022 | ★★★★
وقع المخرج المكسيكي الأصل غويلرمو دل تورو في غرام الحكايات الغرائبية منذ أن كان صبياً صغيراً. وإحدى أكثر تلك الحكايات قرباً إلى قلبه تلك التي وضعها الروائي الإيطالي كارلو كولليدي قبل 140 سنة بعنوان «بينوكيو». قصّة ذلك الولد الذي كلما كذب طال أنفه ليدل عليه.
طبيعي أن يحلم دل تورو بتحقيق فيلم عن ذلك الشغف منذ أن بدأ ينجز الأفلام. طبيعي أكثر أن يتحقق هذا الحلم بكل هذا الشغف على النحو الرائع والبديع الذي تطالعنا به الشاشة اليوم.
«بينوكيو حسب غريلرمو دل تورو» (العنوان الكامل للفيلم) هو إنجاز مهم ينفرد عن كل ما تم إنتاجه من أفلام سابقة والتي كان آخرها فيلم حققه في هذه السنة ذاتها الأميركي روبرت زميكيس لحساب «ديزني»، لكنه لم ينل ما توخّاه من نجاح جماهيري أو نقدي. اختيار دل تورو نوع الأنيميشن (بنظام ستوب - موشن الذي كان النظام السائد قبل عصر المنجزات الإلكترونية والذي ينص على التحريك لقطة لقطة) ما هو إلا تجسيد لرؤيته للشخصية وللعالم الذي عاشه بخياله ولكيف يريد أن يراه ماثلاً من جديد.
فيلم دل تورو، كونه رساماً، يتمتع بحرية استيعاب خيال واسع ولو أنه ما زال ملتصقاً بالحكاية ذاتها. أب حزين (ديفيد برادلي) لفقدانه ابنه إثر غارة جوية (تبدأ الأحداث خلال الحرب العالمية الأولى) يجد في مخلوق من الخشب بديلاً. المخلوق، بينوكيو (يؤديه بطلاقة وعفوية الصبي غريغوري مان)، كلما كذب كَبُر أنفه. يحاول الأب حثّه على عدم الكذب (والفيلم لا يبني على هذه التفعيلة إلا القليل من المفارقات). لكن صاحب سيرك يختطف بينوكيو ويستغله لتأدية استعراضاته التي يجني منها كثيراً من المال.
يحاول الأب استعادة بينوكيو الذي يتمتع بالقدرة على العودة للحياة كلما مات، هذا قبل أن يبتلع وحش بحري الأب والصرصار (إيوان مكروغر) الذي نسمع الحكاية بتعليقه الصوتي من حين لآخر. لاحقاً ما يجد بينوكيو نفسه في داخل الوحش مع أبيه قبل أن يجد الجميع طريقاً للنجاة. لإسدال الستار على هذه الفترة ينتقل بينوكيو إلى الآخرة، حيث يعلن أنه لا يمانع التحوّل إلى آدمي انقاذاً لأبيه من الحزن الذي داهمه من جديد. كل هذا تحت جناح الفاشية الإيطالية خلال الحرب العالمية الثانية وحكم موسيليني (نراه في مشهدين). رغبة المخرج دل تورو الحديث في السياسة في مجمل كما في «متاهة بان» (Pan›s Labyrinth) و«عمود الشيطان الفقري» (The Devil›s Backbone) و- على الأخص - «شكل الماء» (The Shape of Water مشهودة.
هنا، كحاله في تلك الأفلام، نجد الرغبة ممتزجة جيداً ولو أن بعض المشاهد تقريرية وذات حوار تعليمي. كما أن مشاهد الوحش الذي يبتلع بينوكيو ما زال يبدو دخيلاً، رغم أن فن الرسم فيه لا يقل إتقاناً عما يسبقه أو يتبعه.
يفعّل المخرج الأجواء الداكنة على نحو اعتاده بنجاح. موسيقى ألكسندر دسبلا تمنح الفيلم ما يحتاجه من بعد فني. هذه الموسيقى أفضل من الأغاني التي تملأ النصف الأول من الفيلم أساساً بكلماتها الواهية وألحانها المفتعلة. ما هو أفضل تمحور الفيلم هو ثِيمات الرغبة في الانتماء بحثاً عن الإنسان وبحث بينوكيو عن أب، وبحث الأب عن صبي يخلف ذاك الذي فقده.
ضعيف ★ وسط ★★ جيد ★★★
ممتاز ★★★★ تحفة ★★★★★