عصابات تدير إب اليمنية بإشراف حارس زعيم الحوثيين

الميليشيات تستعين بالمسلحين لقمع السكان والتغطية على المنهوبات

ابن عم زعيم الحوثيين يفتتح معرضاً لصور قتلى الجماعة في مدينة إب (إعلام حوثي)
ابن عم زعيم الحوثيين يفتتح معرضاً لصور قتلى الجماعة في مدينة إب (إعلام حوثي)
TT

عصابات تدير إب اليمنية بإشراف حارس زعيم الحوثيين

ابن عم زعيم الحوثيين يفتتح معرضاً لصور قتلى الجماعة في مدينة إب (إعلام حوثي)
ابن عم زعيم الحوثيين يفتتح معرضاً لصور قتلى الجماعة في مدينة إب (إعلام حوثي)

تدير الميليشيات الحوثية المناطق الخاضعة لسيطرتها بالقمع وبقبضة أمنية حديدية لمنع أي انتفاضة شعبية. وسلمت محافظة إب لعصابات القتل والنهب التي جعلتها في طليعة المناطق اليمنية من حيث عدد العصابات ونوعية الجرائم المرتكبة بشكل يومي.
تلك الأعمال في المحافظة التي تبعد (192 كلم جنوب صنعاء) تجري وفق اتهامات يمنية بإشراف الحارس الشخصي لزعيم الميليشيات الذي عين مسؤولا عن الأمن في المحافظة. فمنذ أيام عثر السكان في مديرية حبيش القريبة من مركز المحافظة على جثة امرأة وضعت في كيس ورميت في الطريق المؤدي إلى قرية ذي جبرة، حيث تبين لاحقا أن الجثة لشابة تم تقطيعها بوحشية، ولم تعرف هويتها ولا أسباب هذه الجريمة التي وقعت بعد يوم من نجاة أحد القضاة في مديرية جبلة المجاورة من محاولة اغتيال استهدفته حين كان يستقل سيارته في مركز المديرية.

رعاية رسمية
بعد ساعات على تلك الجريمة والتزام سلطة أمن الميليشيات الصمت، أقدم مجهولون على إحراق سيارة أحد المصورين في مدينة إب عاصمة المحافظة، وذلك بعد يوم من إحراق سيارة ناشط مجتمعي في منطقة لا تبعد سوى أمتار قليلة عن أحد أقسام الشرطة.
وقال سكان إن الجناة منعوا كل من حاول التدخل لإطفاء السيارة المملوكة لشخص يدعى إبراهيم القيفي، وإن الجناة لا يزالون طلقاء.
وأتت هذه الحوادث بعد أيام على دهس موكب القيادي محمد علي الحوثي دراجة نارية ما أدى إلى مقتل أحد ركابها ويدعى عبد الله حيدر في أحد شوارع المدينة وإصابة آخر.
وفي مديرية الظهار إحدى مديريات عاصمة المحافظة شكا السكان من قيام مدير مديرية يريم السابق ناصر العمري بالاستيلاء على أرض تابعة للأوقاف والبناء عليها، مستعيناً بمجاميع من المسلحين وعربات عسكرية، رغم مخاطبة مكتب الأوقاف إدارة الأمن بما حدث.
وقال السكان إن العمري وهو قيادي حوثي شارك في حشد المقاتلين قام بالبناء ليلاً في تلك الأرض دون اعتبار لمكتب الأوقاف أو لإدارة الأمن، مع أن الأرض بحوزة منتفعين وفقا للقانون منذ عشرين عاماً.
ويذكر عبد الكريم، وهو اسم مستعار لشخصية بارزة في المحافظة أن المدينة حولها البلطجية إلى ساحة لممارسة النهب والاعتداء، وعلى مرأى ومسمع من السلطات الحوثية، ويعتقد أن هذا الأمر متعمد بهدف إشاعة الفوضى ومنع أي تحرك شعبي ضد سلطة الميليشيات بعد تنامي الفساد واستباحة أراضي المحافظة من قبل القيادات المتنفذة والبطالة وتوقف الرواتب.
ويوضح في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن تعيين أبو علي الكحلاني مديرا لأمن إب وهو الحارس الشخصي لعبد الملك الحوثي الذي كان يتولى هذه المهمة في الحديدة أثناء العملية العسكرية للقوات المشتركة التي وصلت إلى قرب ميناء الحديدة، وأدارها بقبضة أمنية شديدة، كل هذه المعطيات وفق ما يراه تشير إلى أن إشاعة الفوضى عمل منظم، وأن العصابات تعمل برعاية وإشراف واضح من هذه القيادات.

ساحة للنهب
يقدم قاسم وهو من الشخصيات الاجتماعية في المحافظة تفسيرا مختلفا ويقول إن هذه الفوضى سببها أمران، الأول تسخير الميليشيات لزعماء العصابات لحشد المقاتلين مقابل إطلاق يدهم للنهب والفوضى، الأمر الآخر للتغطية على عملية النهب التي تتم في المرتفعات القريبة من المدينة ومساحات من الأراضي يتم تمليكها لقيادات حوثية قدمت من صعدة وعمران، في محاكاة لما كان يقوم به نظام حكم الأئمة في شمال البلاد قبل الإطاحة به في عام 1962.
يؤكد ناشطون يمنيون أن المحافظة وخلال العامين الأخيرين نال منها العبث والعصابات المدججة بالهمجية والفوضى، مطالبين بوقفة مجتمعية للتصدي لهذه الظاهرة، خاصة وأن المحافظة باتت تتصدر المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين في معدلات الجرائم التي أضحت شبه يومية.
وكانت المدينة ساحة للاشتباكات المسلحة بين قيادي حوثي قادم من محافظة عمران يدعى العرجلي والقيادي الحوثي بندر العسل المعين على رأس هيئة الأوقاف في المحافظة، حيث يدعي الطرفان ملكية أحد المرتفعات الجبلية في جنوب المدينة بالتزامن مع تصارع قادة الميليشيات على مساحات شاسعة من الأراضي في المدينة التي تعد أسعار أراضيها من أغلى المناطق في البلاد.
وبحسب سكان في المدينة فإن هناك عمليات نهب واسعة تقوم بها قيادات من ميليشيات الحوثي قدمت من خارج محافظة إب، حيث يتم مكافأة هؤلاء الذين يحشدون المقاتلين بمساحات من الأراضي في المحافظة التي تعد من أخصب مناطق اليمن وأكثرها مطرا، وفرض ذلك بقوة السلاح.


مقالات ذات صلة

غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

العالم العربي غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

وصف المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الخميس) اللقاء الذي جمعه برئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي في عدن بـ«المثمر والجوهري»، وذلك بعد نقاشات أجراها في صنعاء مع الحوثيين في سياق الجهود المعززة للتوصل إلى تسوية يمنية تطوي صفحة الصراع. تصريحات المبعوث الأممي جاءت في وقت أكدت فيه الحكومة اليمنية جاهزيتها للتعاون مع الأمم المتحدة والصليب الأحمر لما وصفته بـ«بتصفير السجون» وإغلاق ملف الأسرى والمحتجزين مع الجماعة الحوثية. وأوضح المبعوث في بيان أنه أطلع العليمي على آخر المستجدات وسير المناقشات الجارية التي تهدف لبناء الثقة وخفض وطأة معاناة اليمنيين؛ تسهيلاً لاستئناف العملية السياسية

علي ربيع (عدن)
العالم العربي الحوثيون يفرجون عن فيصل رجب بعد اعتقاله 8 سنوات

الحوثيون يفرجون عن فيصل رجب بعد اعتقاله 8 سنوات

في خطوة أحادية أفرجت الجماعة الحوثية (الأحد) عن القائد العسكري اليمني المشمول بقرار مجلس الأمن 2216 فيصل رجب بعد ثماني سنوات من اعتقاله مع وزير الدفاع الأسبق محمود الصبيحي شمال مدينة عدن، التي كان الحوثيون يحاولون احتلالها. وفي حين رحب المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ بالخطوة الحوثية الأحادية، قابلتها الحكومة اليمنية بالارتياب، متهمة الجماعة الانقلابية بمحاولة تحسين صورتها، ومحاولة الإيقاع بين الأطراف المناهضة للجماعة. ومع زعم الجماعة أن الإفراج عن اللواء فيصل رجب جاء مكرمة من زعيمها عبد الملك الحوثي، دعا المبعوث الأممي في تغريدة على «تويتر» جميع الأطراف للبناء على التقدم الذي تم إنجازه

علي ربيع (عدن)
العالم العربي أعداد اللاجئين الأفارقة إلى اليمن ترتفع لمعدلات ما قبل الجائحة

أعداد اللاجئين الأفارقة إلى اليمن ترتفع لمعدلات ما قبل الجائحة

في مسكن متواضع في منطقة البساتين شرقي عدن العاصمة المؤقتة لليمن، تعيش الشابة الإثيوبية بيزا ووالدتها.

محمد ناصر (عدن)
العالم العربي كيانات الحوثيين المالية تتسبب في أزمة سيولة نقدية خانقة

كيانات الحوثيين المالية تتسبب في أزمة سيولة نقدية خانقة

فوجئ محمود ناجي حين ذهب لأحد متاجر الصرافة لتسلّم حوالة مالية برد الموظف بأن عليه تسلّمها بالريال اليمني؛ لأنهم لا يملكون سيولة نقدية بالعملة الأجنبية. لم يستوعب ما حصل إلا عندما طاف عبثاً على أربعة متاجر.

محمد ناصر (عدن)
العالم العربي تحذيرات من فيضانات تضرب اليمن مع بدء الفصل الثاني من موسم الأمطار

تحذيرات من فيضانات تضرب اليمن مع بدء الفصل الثاني من موسم الأمطار

يجزم خالد محسن صالح والبهجة تتسرب من صوته بأن هذا العام سيكون أفضل موسم زراعي، لأن البلاد وفقا للمزارع اليمني لم تشهد مثل هذه الأمطار الغزيرة والمتواصلة منذ سنين طويلة. لكن وعلى خلاف ذلك، فإنه مع دخول موسم هطول الأمطار على مختلف المحافظات في الفصل الثاني تزداد المخاطر التي تواجه النازحين في المخيمات وبخاصة في محافظتي مأرب وحجة وتعز؛ حيث تسببت الأمطار التي هطلت خلال الفصل الأول في مقتل 14 شخصا وإصابة 30 آخرين، كما تضرر ألف مسكن، وفقا لتقرير أصدرته جمعية الهلال الأحمر اليمني. ويقول صالح، وهو أحد سكان محافظة إب، لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف، في ظل الأزمة التي تعيشها البلاد بسبب الحرب فإن الهطول ال

محمد ناصر (عدن)

​تنسيق عربي - أميركي لحلحلة الأزمة السودانية

شاحنة تحمل مسلحين سودانيين تابعين للجيش يوم الاثنين في ولاية القضارف شرق البلاد (أ.ف.ب)
شاحنة تحمل مسلحين سودانيين تابعين للجيش يوم الاثنين في ولاية القضارف شرق البلاد (أ.ف.ب)
TT

​تنسيق عربي - أميركي لحلحلة الأزمة السودانية

شاحنة تحمل مسلحين سودانيين تابعين للجيش يوم الاثنين في ولاية القضارف شرق البلاد (أ.ف.ب)
شاحنة تحمل مسلحين سودانيين تابعين للجيش يوم الاثنين في ولاية القضارف شرق البلاد (أ.ف.ب)

كشف مصدر مصري مسؤول لـ«الشرق الأوسط» عن جهود عربية - أميركية جديدة لدفع جهود التهدئة في السودان. وقال المصدر، الذي طلب عدم ذكر اسمه، إن دول «السعودية ومصر والإمارات تعمل مع الولايات المتحدة، على التنسيق على أمل حلحلة الأزمة السودانية».

وأفاد المصدر المصري بأن «اجتماعاً ضم مسؤولين من الدول الأربع، استضافته السعودية نهاية الأسبوع الماضي، ناقش دفع الجهود المشتركة؛ لتحقيق انفراجة بالأزمة».

وسبق أن شاركت الدول الأربع في اجتماعات «جنيف»، التي دعت لها واشنطن لإنهاء الحرب بالسودان، منتصف أغسطس (آب) الماضي، إلى جانب ممثلين عن الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي، غير أنها لم تحقق تقدماً، في ظل مقاطعة الحكومة السودانية المحادثات.

غير أن المصدر المصري، قال إن «اجتماع السعودية، الذي عقد يومي الخميس والجمعة الماضيين (ليس امتداداً لمبادرة جنيف)، وإن الآلية الرباعية الحالية هي للدول صاحبة التأثير في المشهد السوداني، وتستهدف دفع الحلول السلمية للأزمة». ورجح المصدر «انعقاد اجتماعات أخرى؛ لدفع جهود الدول الأربع، نحو وقف الحرب، وإيصال المساعدات الإغاثية للمتضررين منها».

صورة جماعية بختام اجتماعات جنيف حول السودان في أغسطس الماضي (إ.ب.أ)

ويشهد السودان منذ أبريل (نيسان) 2023 حرباً داخلية، بين الجيش السوداني، و«قوات الدعم السريع»، راح ضحيتها آلاف المدنيين، ودفعت «ما يفوق 10 ملايين سوداني للفرار داخلياً وخارجياً لدول الجوار»، حسب تقديرات الأمم المتحدة.

وعقب اندلاع الحرب، استضافت مدينة جدة العام الماضي، بمبادرة سعودية - أميركية، محادثات بين الجيش السوداني، و«قوات الدعم السريع»، أفضت إلى توقيع «إعلان جدة الإنساني»، الذي نصّ على حماية المدنيين، والمرافق الخاصة والعامة، والامتناع عن استخدامها لأغراض عسكرية. وتتمسك الحكومة السودانية بتنفيذ مخرجات «اتفاق جدة»، قبل الانخراط في أي مفاوضات مباشرة مع «قوات الدعم السريع».

توحيد الجهود

وترى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفيرة منى عمر، أن «توحيد جهود الأطراف الدولية الفاعلة في الأزمة السودانية، سيسهم في تحريك حلول وقف إطلاق النار»، موضحة: «أدى تضارب الرؤى والمسارات الدولية، بسبب كثرة المبادرات والتدخلات التي خرجت من دول أفريقية وإقليمية ودولية، إلى إضعاف أي تحركات لوقف الحرب السودانية».

وقالت لـ«الشرق الأوسط»، إن «التنسيق الرباعي بين مصر والإمارات والسعودية والولايات المتحدة، سيسهم في دفع جهود إيصال المساعدات الإنسانية للمتضررين من الحرب على الأقل بصورة أكثر فاعلية»، مشيرة إلى أن «هناك مناطق مثل الفاشر في دارفور وولاية الجزيرة، تعاني من أوضاع إنسانية مأساوية».

ودعت إلى ضرورة تركيز تحرك الرباعي الدولي على «جهود وقف إطلاق النار، وأعمال الإغاثة، وصياغة خريطة طريق سياسية، تنهي الأزمة السودانية».

سودانيون يتلقون العلاج في مستشفى ميداني أقيم بمدينة أدري التشادية المحاذية للحدود مع السودان أغسطس 2023 (أ.ف.ب)

ويواجه السودان «واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية حالياً»، حسب تقديرات الأمم المتحدة، وأشار مدير عام منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم، إلى أن «أكثر من نصف سكان السودان، يواجه خطر المجاعة والكوارث الطبيعية، مما يؤدي لانتشار الأوبئة»، وخلال زيارته لمدينة بورتسودان، في سبتمبر (أيلول) الماضي، شدّد على أن «الأزمة الإنسانية بالسودان، لا تجد اهتماماً كافياً دولياً».

دول مؤثرة

وباعتقاد الباحث السياسي السوداني المقيم في مصر، صلاح خليل، فإن «تشكيل رباعية من الدول صاحبة التأثير في الساحة السودانية، قد يحرك مسار الحلول السلمية، وتفعيل مسار جدة»، مشيراً إلى أن «توحيد جهود هذه الأطراف، سيسهم في تغيير مسار الأزمة السودانية»، منوهاً بأن «الدول الأربع تؤيد العودة لمسار جدة».

ورجح خليل، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، مشاركة الحكومة السودانية في مسار مفاوضات «الآلية الرباعية حال العودة إلى مسار جدة، ولن تقاطعه كما فعلت في مبادرة جنيف».

وأشار إلى أن «فوز المرشح الجمهوري دونالد ترمب في انتخابات الرئاسة الأميركية، قد يغير من معادلة التأثير الدولي في الحرب داخل السودان».

وكان السفير السوداني في القاهرة عماد الدين عدوي، شدّد على «تمسك بلاده بمسار جدة، بوصفه آلية للتفاوض لوقف الحرب»، وقال في ندوة استضافتها نقابة الصحافيين المصرية نهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إن «بلاده ترفض المشاركة في أي مبادرة أفريقية، إلا بعد عودة عضوية السودان للاتحاد الأفريقي».